الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
«يا لَيتَنا كُنّا مَعهُم»وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَمراقبات

العدد 1636 28 ربيع الأول 1446 هـ - الموافق 02 تشرين الأول 2024 م

والْجِهَادَ عِزّاً لِلإِسْلَامِ

البصيرةمراقباتوَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ

العدد 1635 21 ربيع الأول 1446 هـ - الموافق 25 أيلول 2024 م

أثر التوحيد في مواجهة البلاء - السيدة زينب (عليها السلام) نموذجاً-

العدد 1634 14 ربيع الأول 1446 هـ - الموافق 18 أيلول 2024 م

طَبِيبٌ دَوَّارٌ بِطِبِّه

المصلحة الإلزاميّة للأمّة هي في الوحدة الإسلاميّة
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

العدد 1622 19 ذو الحجة 1445 هـ - الموافق 26 حزيران 2024 م

لِلَّهِ الحُجَّةُ البَالِغَةُ

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله وأعزّ المرسلين، سيّدنا ونبيّنا وحبيب قلوبنا، أبي القاسم محمّد، وعلى آله الطيّبين الطاهرين.

قال الله تعالى في كتابه العزيز: ﴿قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ﴾[1].

عن سدير، عن الإمام أبي جعفر الباقر (عليه السلام)، قال: قلتُ له: جُعِلت فداك، ما أنتم؟ قال: «نحن خزّان علم الله، ونحن تراجمة وحي الله، ونحن الحجّة البالغة على مَن دون السماء ومَن فوق الأرض»[2].
إنّ لله تعالى على الناس حُجَّتَين؛ حجّةً ظاهرة وحجّةً باطنة. فأمّا الظاهرة فهي الرسل والأنبياء والأئمّة (عليهم السلام)، وأمّا الباطنة فهي العقول.

لقد اصطفى الله عزّ وجلّ من خلقه أناساً جعلهم منارةً وهدىً لسائر الخلق، ألا وهم رسله وأنبياؤه والأئمّة الأطهار (عليهم السلام)، فكانوا حججه على عباده، وطُرق مرضاته، وأنوار سبيله. واصطفى من بين هؤلاء الحجج الظاهرة خير خلقه وأشرفهم وأكرمهم وأفضلهم وأعزّهم، وهم النبيّ الأعظم (صلّى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام)؛ لما وهبهم الله تعالى من المنازل والمقامات، وخصّهم به من القرب والمكانة، وقد دلّت على ذلك الكثير من الآيات والبراهين والعلامات، فكانوا الحجّة البالغة على خلقه أجمعين.

النصف الثاني من ذي الحجّة
وإنّ في النصف الثاني من شهر ذي الحِجّة محطّاتٍ تاريخيّة وأحداثاً مهمّة وأيّاماً عظيمة وعلاماتٍ حقّة، تدلّ على أفضليّتهم وأشرفيّتهم، بل وعلى ولايتهم؛ في الثامن عشر عيد الغدير الأغرّ، وفي الرابع والعشرين كان يوم المباهلة، وكذلك نزول آية الولاية في أمير المؤمنين (عليه السلام) حين تصدّقه بخاتمه حال الركوع، إذ يقول تعالى: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾[3]، وفي الخامس والعشرين نزول سورة الإنسان، ومن آياتها المشهورة: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾[4]، وقد ذكر المفسِّرون أنّها نزلت في أمير المؤمنين والسيّدة الزهراء والإمامين الحسن والحسين (عليهم السلام)، عندما أوفوا بالنذر، وأطعموا المسكين واليتيم والأسير ما كان لديهم من طعام، برغم شدّة جوعهم.

إنّها أحداث مهمّة وعظيمة في تاريخ الإسلام، نقف عند واحدةٍ منها، للاستفادة من دلائلها، ألا وهي حادثة المباهلة.

قصّة المباهلة
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ * فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾[5].

لقد نزلت هذه الآيات في وفد نجران: العاقب والسيّد ومن معهما، حين قالوا لرسول الله: هل رأيت ولداً من غير ذكر؟ فقرأها عليهم. فلمّا دعاهم رسول الله إلى المباهلة، استنظروه إلى صبيحة غدٍ من يومهم ذلك. فلمّا رجعوا إلى رجالهم، قال لهم الأسقف: انظروا محمّداً في غد، فإن غدا بولده وأهله فاحذروا مباهلته، وإن غدا بأصحابه فباهلوه، فإنّه على غير شيء.

فلمّا كان الغد، جاء النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، آخذاً بيد عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، والحسن والحسين (عليهما السلام) بين يديه يمشيان، وفاطمة (عليها السلام) تمشي خلفه، وخرج النصارى يَقدِمهم أسقفهم، فلمّا رأى النبيَّ (صلّى الله عليه وآله) قد أقبل بمن معه، سأل عنهم، فقيل له: هذا ابن عمّه، وزوج ابنته، وأحبّ الخلق إليه، وهذان ابنا بنته من عليّ (عليه السلام)، وهذه الجارية بنته فاطمة، أعزّ الناس عليه، وأقربهم إلى قلبه.

وتقدّم رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فجثا على ركبتيه. قال أبو حارثة الأسقف: جثا والله كما جثا الأنبياء للمباهلة؛ فرجع ولم يُقدِم على المباهلة، فقال السيّد: أدنُ يا أبا حارثة للمباهلة، فقال: لا، إنّي لأرى رجلاً جريئاً على المباهلة، وأنا أخاف أن يكون صادقاً، ولئن كان صادقاً، لم يحل والله علينا الحول، وفي الدنيا نصرانيّ يَطعَم الماء، فقال الأسقف: يا أبا القاسم، إنّا لا نباهلك، ولكن نصالحك فصالحنا على ما ننهض به...

ورُوي أنّ الأسقف قال لهم: إنّي لأرى وجوهاً، لو سألوا الله أن يُنزِل جبلاً من مكانه لأزاله، فلا تبتهلوا فتهلكوا، ولا على وجه الأرض نصرانيّ إلى يوم القيامة. وقال النبيّ: والّذي نفسي بيده، لو لاعنوني لمُسِخوا قردة وخنازير، ولاضطرم الوادي عليهم ناراً، ولما حال الحول على النصارى حتّى يهلكوا كلّهم! قالوا: فلمّا رجع وفد نجران، لم يلبث السيّد والعاقب إلّا يسيراً، حتّى رجعا إلى النبيّ، وأهدى العاقب له حلّة وعصا وقدحاً ونعلين، وأسلما[6].

دلالات وأضواء
إنّ في هذه الحادثة العظيمة دلالاتٍ وإشاراتٍ عظيمة، جعلَت منها المناسبةَ الأهمّ في العشر الأواخر من شهر ذي الحجّة، نذكر منها:

1. شخصيّات المباهلة
إنّ يوم المباهلة هو يومٌ جاء فيه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بأعزّ الخلق، لقد اختار خير الناس وجاء بهم إلى ساحة المباهلة: «أبناءَنا، نساءَنا، أنفسَنا»، وممّا لا شكّ فيه أنّ هذا الاختيار إنّما كان اختياراً إلهيّاً، وعن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «لو علم الله تعالى أنّ في الأرض عباداً أكرم من عليّ وفاطمة والحسن والحسين، لأمرني أن أباهل بهم، ولكن أمرني بالمباهلة مع هؤلاء، وهم أفضل الخلق، فغلبتُ بهم النصارى»[7].

2. تمييز الحقّ من الباطل وأهمّيّة بيان الحقيقة وتبليغها
يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه): «اختار الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أعزّ الناس، وجاء بهم إلى الساحة للمحاججة الّتي يُراد لها أن تكون مائزاً بين الحقّ والباطل، ومعياراً واضحاً يُعرَض أمام أنظار الجميع. لم يسبق أن أخذ الرسول، في سبيل تبليغ الدين وبيان الحقيقة، أيدي أعزّائه وأبنائه وابنته وأمير المؤمنين -وهو أخوه وخليفته- وأتى بهم إلى وسط الساحة. هكذا هو الطابع الاستثنائيّ ليوم المباهلة؛ أي ما يدلّ على مدى أهمّيّة بيان الحقيقة وإبلاغها. يأتي بهم إلى الساحة بهذه الدعوة ليقول: تعالوا نبتهل، فيبقى منّا من كان على الحقّ، ويحلّ العذابُ الإلهيّ على مَن هو على خلاف الحقّ»[8].

3. مظهر الطمأنينة والاقتدار
يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه): «إنَّ المباهلة -والتي ينبغي إحياءُ ذكراها، وهي حادثة مُهمّة جدّاً- هي في الواقع، مظهرَ الطمأنينة والاقتدار الإيمانيّ، والاعتماد على الأحقّيّة، وهذا هو ما نحتاجه دوماً. اليوم أيضاً، نحن بحاجةٍ إلى هذا الاقتدار الإيمانيّ، وهذا الاعتماد على الأحقّيّة؛ لأنّنا نسير في طريق الحقّ؛ لذلك ينبغي أن نستند ونعتمد على هذا الأمر مقابل عداء الأعداء، وعداء الاستكبار، والحمد لله على أنّنا نعتمد فعلاً»[9].

4. امتداد الرسالة بالولاية
إنّ من أهمّ ما يمكن استفادته من هذه الحادثة العظيمة مسألة امتداد حركة الرسالة بأهل البيت (عليهم السلام)، واستخدام القرآن الكريم في حقّ أمير المؤمنين (عليه السلام) كلمةَ «أنفسَنا»؛ إذ إنّ هذا التعبير بيّن أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) هو الشخصيّة الكاملة المشابهة لشخصيّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في صفاتها وكفاءاتها وكمالاتها، كيف لا؟ وهو (عليه السلام) من رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بمنزلة هارون من موسى (عليهما السلام)، ما خلا النبوّة. وفي هذا التعبير القرآنيّ دلالة واضحة على أهليّة أمير المؤمنين (عليه السلام) وأحقّيّته في خلافة الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله).


[1] سورة الأنعام، الآية 149.
[2] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج1، ص192.
[3] سورة المائدة، الآية 55.
[4] سورة الإنسان، الآية 8.
[5] سورة آل عمران، الآيات 59 - 61.
[6] الشيخ الطبرسيّ، تفسير مجمع البيان، ج2، ص310.
[7] القندوزيّ، ينابيع المودّة لذوي القربى، ج2، ص266.
[8] من كلامٍ له (دام ظلّه)، بتاريخ 13/12/2009م.
[9] من كلامٍ له (دام ظلّه)، بتاريخ 06/09/2018م.

27-06-2024 | 08-33 د | 640 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net