الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
«يا لَيتَنا كُنّا مَعهُم»وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَمراقبات

العدد 1636 28 ربيع الأول 1446 هـ - الموافق 02 تشرين الأول 2024 م

والْجِهَادَ عِزّاً لِلإِسْلَامِ

البصيرةمراقباتوَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ

العدد 1635 21 ربيع الأول 1446 هـ - الموافق 25 أيلول 2024 م

أثر التوحيد في مواجهة البلاء - السيدة زينب (عليها السلام) نموذجاً-

العدد 1634 14 ربيع الأول 1446 هـ - الموافق 18 أيلول 2024 م

طَبِيبٌ دَوَّارٌ بِطِبِّه

المصلحة الإلزاميّة للأمّة هي في الوحدة الإسلاميّة
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

العدد 1620 04 ذو الحجة 1445 هـ - الموافق 11 حزيران 2024 م

لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين.

إلى مولانا صاحب العصر والزمان (أرواحنا لتراب مقدمه الفداء)، وإلى وليّ أمر المسلمين الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، وإلى مراجعنا وقادتنا العظام، وإلى الأمّة الإسلاميّة جمعاء، نرفع أسمى آيات العزاء بذكرى شهادة الإمام الباقر (عليه السلام)، في السابع من ذي الحجّة، عام 114هـ.


جاء في كتابه العزيز: ﴿وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ *  لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾[1].

إنّ الحجّ عبادةٌ زاخرةٌ بالأسرار والإشارات، والبيتُ الشريفُ موضعٌ طافحٌ بالبركات الإلهيّة، ومظهرٌ لآيات الحقّ تعالى وبيّناته. وللحجّ أن يرتقيَ بالعبد المؤمن الخاشع المتدبِّر إلى الدرجات المعنويّة، وأن يصنع منه إنساناً سامیاً نورانیّاً، وأن يجعل منه عنصراً ذا بصیرةٍ وشجاعةٍ وإقدامٍ ومجاهدةٍ.

تتكلّم الآيات الكريمة على فريضة الحجّ، معلِّلةً إيّاها بقوله تعالى: ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ﴾، والّذي يبيّن فلسفةَ الحجّ وغايتَه. والمنافع شاملةٌ وعامّة، تضمّ كافّةَ المنافع، من بركاتٍ معنويّة ومكاسبَ مادّيّة، وكلّ عائدٍ فرديّ واجتماعيّ وسياسيّ واقتصاديّ وأخلاقيّ... عن الربيع بن خيثم، قال: شهدتُ أبا عبد الله (عليه السلام)، وهو يُطاف به حول الكعبة في محمل، وهو شديد المرض، فكان كلّما بلغ الركنَ اليمانيّ، أمرهم فوضعوه بالأرض، فأخرج يدَه من كوّة المحمل حتّى يجرَّها على الأرض، ثمّ يقول: «ارفعوني»، فلمّا فعل ذلك مراراً في كلِّ شوط، قلتُ له: جُعِلتُ فداك يابن رسول الله! إنّ هذا يشقُّ عليك، فقال: «إنّي سمعتُ اللهَ عزّ وجلّ يقول: ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ﴾»، فقلتُ: منافع الدنيا أو منافع الآخرة؟ فقال: «الكلّ»[2].

وفي روايةٍ أخرى، يُبيّن الإمام الصادق (عليه السلام) بعضاً من هذه المنافع، فيقول: «قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ (عليه السلام): حُجُّوا واعْتَمِرُوا، تَصِحَّ أَبْدَانُكُمْ، وتَتَّسِعْ أَرْزَاقُكُمْ، وتُكْفَوْنَ مَؤُونَاتِ عِيَالِكُمْ، وقَالَ: الْحَاجُّ مَغْفُورٌ لَه، ومَوْجُوبٌ لَه الْجَنَّةُ، ومُسْتَأْنَفٌ لَه الْعَمَلُ، ومَحْفُوظٌ فِي أَهْلِه ومَالِه»[3].

تقويةً للدين
ولعلّ من أهمّ المنافع وأعظمها، هو أنّ الحجَّ رمزُ بقاء الإسلام، ومنشأ قوّته وحيويّته، عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «فَرَضَ اللَّهُ... الْحَجَّ تَقْرِبَةً لِلدِّينِ»[4]؛ فإنّ الحجَّ عبادةٌ تستلزم الاجتماعَ لأهل الدين في مكانٍ واحدٍ وزمنٍ واحد ولباسٍ واحد، في مشهد تذلّلٍ وخضوعٍ لله عزّ وجلّ، يردِّدون عبارات التلبية والتوحيد، مقرّينَ بالعبوديّة والطاعة له وحدَه دون سواه. وهذا يُعطي مشهدَ قوّةٍ واقتدارٍ وعزّة، وقد نُقِل هذا الحديث عن أمير المؤمنين (عليه السلام) بلفظٍ آخر: «فَرَضَ اللَّه... الْحَجَّ تَقْوِيَةً لِلدِّينِ»[5]؛ أي إنّ الحجّ سببٌ في تقارب الأمّة وتماسكها، الأمر الّذي يؤدّي إلى تقوية الدين وبقائه، وإلى هذا المعنى يشير الإمام الصادق (عليه السلام)، إذ يقول: «لَا يَزَالُ الدِّينُ قَائِماً مَا قَامَتِ الْكَعْبَةُ»[6]، ففي حياةِ الكعبة وبقائها حياةُ الدين الّذي به يحيا الناس؛ ولذلك يشدّد أمير المؤمنين (عليه السلام)، ويحذّر من مغبّة ترك هذه الفريضة العظيمة وإهمالها، فيقول (عليه السلام): «اللَّه اللَّه فِي بَيْتِ رَبِّكُمْ! فَلَا يَخْلُو مِنْكُمْ مَا بَقِيتُمْ»[7].

الحجّ في بعده السياسيّ
من هنا، وفي الوقت الّذي تستبطن فيه مراسمُ الحجّ أخلصَ العبادات وأعمقها، فإنّها تشكّل عرضاً لقدرات الأمّة، وقوّةً في مواجهة المستكبرين، وتخلق يداً واحدةً في مواجهة التحدّيات والتهديدات، يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه): «إنّ إحدى البركات العظيمة للحجّ، والّتي توفر فرصةً مؤاتیةً للشعوب المسلمة المظلومة، هي مراسم البراءة، الّتي تعني التبرّي من كلِّ ما تتّصف به طواغيت کلّ عصر، من قساوةٍ وظلمٍ وجورٍ وبشاعةٍ وفسادٍ، کما تعني الوقوفَ بوجه ما یمارسه مستكبرو العصور من قهرٍ وابتزاز. إنّ البراءةَ من جبهة الشرك والکفر الّتي یمثّلها المستكبرون، وعلی رأسهم أمریکا؛ تعني اليوم البراءةَ من قتل المظلومين... تعني صرخةَ الأمّة الإسلاميّة بوجه الکیان الصهيونيّ قاتل الأطفال، ومَن یقفون وراءه ويدعمونه»[8].

الحجّ جهاد
مضافاً إلى البعد السياسيّ للحجّ، فقد عدّته الرواياتُ جهادَ الضعفاء، فعن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «الحجُّ جهادُ كلِّ ضعيفٍ»[9]، إذ يمكن للشيوخ والنساء الضعيفات المشاركة في الحجّ، ليظهروا عظمةَ الإسلام واتّحادَ المسلمين، فيسهمون في تقوية شوكتهم، وليدخلوا الرعب في قلوب أعداء الإسلام بمشاركتهم في صفوف المصلّين المتراصّة في دوائر تحيط ببيت الله الحرام، وهي توحِّد الله وتكبّره؛ فإنّ ذلك المشهد يُشعِر المسلمين بقوّتهم وعزّتهم، ويبثّ في النفوس روحَ التقوى والجهاد.

ما أكثر الضجيج!
إنّ للعبادة آثاراً عظيمة على الخلق، آثاراً في صلاح الفرد والمجتمع، فهي سبيل سعادة الإنسان ورفعته في الدنيا والآخرة، ولكن هذه الغاية لا تتحقّق إلّا بأن يُعبدَ اللهُ وحدَه، فتكونَ أعمالنا ومناسكنا خالصةً لوجهه سبحانه، قال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ﴾[10]؛ فإذا لم يكن ثمّة إخلاص، ضاع العمل، وكان هباءً منثوراً.

وفي خصوص عبادة الحجّ، جاء عن الإمام الصادق (عليه السلام) في شأن الحُجّاج أنّهم على أصناف، إذ يقول: «الْحُجَّاجُ يَصْدُرُونَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ: صِنْفٌ يُعْتَقُ مِنَ النَّار،ِ وصِنْفٌ يَخْرُجُ مِنْ ذُنُوبِه كَهَيْئَةِ يَوْمَ وَلَدَتْه أُمُّه، وصِنْفٌ يُحْفَظُ فِي أَهْلِه ومَالِه، فَذَاكَ أَدْنَى مَا يَرْجِعُ بِه الْحَاجُّ»[11].

فهذه الرواية تبيّن درجاتِ الاستفادة من هذه العبادة العظيمة، ومع ذلك ثمّة مَن لا يحصل على شيء منها؛ إذ كم من حاجٍّ ليس له من حجّه إلّا المشقّة الجسديّة والماليّة، فيعود من الحجّ كما ذهب إليه، فلا يستفيد روحيّاً أو أخلاقيّاً أو ثقافيّاً...

عن أبي بصير: ... كنّا بالأبطح من مكّة، ورأينا الناس يضجّون إلى الله، قال [أي الإمام الصادق (عليه السلام)]: «يا أبا محمّد، هل تسمع ما أسمع؟»، قلت: أسمع ضجيج الناس إلى الله، قال: «ما أكثر الضجيج والعجيج وأقلّ الحجيج!»[12].


[1] سورة الحجّ، الآيات 26 - 28.
[2] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج5، ص422.
[3] المصدر نفسه، ج5، ص252.
[4] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، ص512، الحكمة 252.
[5] الحلوانيّ، نزهة الناظر وتنبيه الخاطر، ص46.
[6] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج4، ص271.
[7] المصدر نفسه، ج7، ص51.
[8] من نداء الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) لحجاج بيت الله الحرام، بتاريخ 10/08/2019م.
[9] الشيخ الصدوق، الخصال، ص620.
[10] سورة البيّنة، الآية 5.
[11] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج4، ص253.
[12] قطب الدين الروانديّ، الخرائج والجرائح، ج2، ص821.

12-06-2024 | 14-40 د | 745 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net