الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
«يا لَيتَنا كُنّا مَعهُم»وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَمراقبات

العدد 1636 28 ربيع الأول 1446 هـ - الموافق 02 تشرين الأول 2024 م

والْجِهَادَ عِزّاً لِلإِسْلَامِ

البصيرةمراقباتوَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ

العدد 1635 21 ربيع الأول 1446 هـ - الموافق 25 أيلول 2024 م

أثر التوحيد في مواجهة البلاء - السيدة زينب (عليها السلام) نموذجاً-

العدد 1634 14 ربيع الأول 1446 هـ - الموافق 18 أيلول 2024 م

طَبِيبٌ دَوَّارٌ بِطِبِّه

المصلحة الإلزاميّة للأمّة هي في الوحدة الإسلاميّة
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

العدد 1614 21 شوال 1445 هـ - الموافق 30 نيسان 2024 م

أُولَئِكَ شِيعَةُ جَعْفَرٍ

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين.

إلى مولانا صاحب العصر والزمان (أرواحنا لتراب مقدمه الفداء)، وإلى نائبه وليّ أمر المسلمين الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، وإلى مراجعنا وقادتنا العظام، وإلى الأمّة الإسلاميّة جمعاء، نرفع أسمى آيات العزاء، بذكرى شهادة صادق أهل البيت (عليهم السلام)، في الخامس والعشرين من شهر شوّال.


عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «ويُخرِج اللهُ من صُلبِه -أي صُلب الإمام الباقر (عليه السلام)- كلمةَ الحقّ، ولسانَ الصدق»، فقال له ابنُ مسعود: فما اسمه يا نبيَّ الله؟ فقال له: «جعفر، صادقٌ في قولِه وفِعالِه، الطاعنُ عليه كالطاعنِ عليّ، والرادُّ عليه كالرادِّ عليَّ»[1].

قبسٌ من سيرة الإمام الصادق (عليه السلام)
وُلِد الإمام جعفر بن محمّد الصادق (عليه السّلام) يوم الاثنين، في السابع عشر من شهر ربيع الأوّل في المدينة المنوّرة سنة 83هـ. وكانت ولادتُه المباركة في اليوم الذي وُلِد فيه رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وهو يومٌ عظيم البركة. أبوه الإمام محمّد الباقر (عليه السلام)، وأمّه الجليلة المكرّمة فاطمة، المكنّاة بأمّ فروة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر، التي رُوِي في حقّها عن الإمام الصادق (عليه السلام): «كانت أمّي ممّن آمنَت واتّقَت وأحسنَت، والله يُحبّ المحسنين»[2]. وكان يُقال للإمام الصادق (عليه السلام) ابن المُكرَّمة[3]. وبعد شهادة أبيه الإمام الباقر (عليه السلام) تسلّم الإمامة بوصيّة من والده، واستمرّت إمامته 34 سنة تقريباً، من سنة 114هـ حتّى شهادته في سنة 148هـ.

لُقّب الإمام (عليه السلام) بألقابٍ عدّة، منها: الصابر، الفاضل، الطاهر، الصادق، وهو أشهرها. أمّا كنيته فأبو عبد الله، وهي الأشهر، وأبو إسماعيل.

وقد وُلِد للإمام الصادق (عليه السلام) عشرة أولاد من الذكور والإناث.

وقبل شهادته المباركة، أوصى إلى ابنه الإمام الكاظم (عليه السلام) بالإمامة من بعده. وكانت شهادته في شهر شوّال سنة 148هـ مسموماً على يد المنصور، وهو ابن خمسٍ وستّين سنة، ودُفن في جوار آبائه الطاهرين في البقيع في المدينة المنوّرة.

قَبَسٌ من عبادته ومكارم أخلاقه
لقد كان الأئمّة (عليهم السلام) يحملون روح العفو والتسامح تجاه الناس عموماً، حتّى مع أعدائهم ومبغضيهم والمتصدّين لهم بالأذى، وممّا ورد في عفوه الإمام الصادق (عليه السلام) وكرم أخلاقه وتسامحه أنّ رجلاً أتاه (عليه السلام) فقال: إنّ فلاناً ابنَ عمّك ذكرَكَ، فما ترك شيئاً من الوقيعة والشتيمة إلّا قاله فيك، فقال أبو عبد الله (عليه السلام) للجارية: إيتيني بوضوء، فتوضّأ ودخل، فقلتُ في نفسي: يدعو عليه، فصلّى ركعتين، فقال: «يا ربِّ، هو حقّي قد وهبتُه، وأنت أجود منّي وأكرم، فهَبْهُ لي، ولا تؤاخذه بي، ولا تُقايسه»، ثمّ رقّ، فلم يزلْ يدعو، فجعلتُ أتعجّب[4].

أمّا في عبادته (عليه السلام)، فهم أهل بيت النبوّة، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، ولقد رُوي عن مالك بن أنس -فقيه المدينة وفقيه أهل السنّة وإمامهم في ذلك العصر- في الإمام الصادق (عليه السلام) قوله: ... وكان رجلاً لا يخلو من ثلاث خصال: إمّا صائماً، وإمّا قائماً، وإمّا ذاكراً، وكان من عظماء العبّاد، وأكابر الزهّاد الّذين يخشَون الله عزّ وجلّ، وكان كثيرَ الحديث، طيّبَ المجالسة، كثيرَ الفوائد، فإذا قال: «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله)» اخضرّ مرّةً، واصفرّ أخرى حتّى يُنكرَه من يعرفه. ولقد حججتُ معه سنةً، فلمّا استوَت به راحلته عند الإحرام، كان كلّما همّ بالتلبية انقطع الصّوت في حلقه، وكاد أن يخرّ من راحلته، فقلتُ: قل يابن رسول الله، ولا بدّ لك من أن تقول، فقال: «يابن أبي عامر، كيف أجسر أن أقول: لبّيك اللهمّ لبّيك، وأخشى أن يقول عزّ وجلّ لي: لا لبّيك ولا سعدَيك»[5].

مواجهة الظلم والظالمين
لقد كان هذا الإمام العظيم حريصاً جدّاً على تربية مجموعةٍ خاصّة وإعدادها، تكون جاهزةً للتضحية، ومستعدّةً للمواجهة وتحمّل المخاطر، ومن ميزات هذه المجموعة أنّها لم تكن منحصرةً في مكانٍ معيّن، بل كانت شبكةً منتشرةً في أرجاء العالم الإسلاميّ، يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه): «ومن الأمور التي أؤكّد وأصرّ عليها، أنّه كان هناك شبكة تنظيميّة عظيمة وحزبٌ كاملٌ يُدار من قِبَل الإمام الصادق (عليه السلام) في أرجاء العالم الإسلاميّ كلّه، وكانت هذه الشبكة تتحمّل مسؤوليّة الأنشطة الواسعة والمثمرة المتعلّقة بقضيّة الإمامة في الكثير من المناطق النائية لدولة المسلمين، وخصوصاً في نواحي العراق العربيّ وخراسان. ولهذا، فإنّ موضوع التشكيلات السرّيّة في ساحة الحياة السياسيّة للإمام الصادق (عليه السّلام) وللأئمّة الآخرين أيضاً، هو من أهمّ فصول هذه الحياة والسيرة الجيّاشة، وفي الوقت نفسه من أكثرها غموضاً وإبهاماً»[6].

لقد ربّى الإمام الصادق (عليه السلام) هذه المجموعة على مواجهة الظلم والظالمين، وأعدَّهم إعداداً خاصّاً ومميَّزاً، وممّا ورد في ذلك أنّ المنصور العبّاسيّ كان يراقب تحرّكات الإمام (عليه السلام) والشيعة في المدينة بدقّة، وكان له جواسيس ينظرون إلى من اتّفقَت شيعةُ جعفر (عليه السلام) عليه، فيضربون عنقه[7]، وكان الإمام الصادق (عليه السلام) يمنع أصحابه من التعاون والتعامل مع الجهاز الحاكم.

وقد دخل عليه رجل من أصحابه يوماً، فقال له: أصلحك الله! إنّه ربّما أصاب الرجل منّا الضيق والشدّة، فيُدعى إلى البناء يبنيه، أو النهر يَكْرِيه[8] أو المُسنَّاةِ يُصلحُها، فما تقول في ذلك؟

فقال (عليه السلام): «مَا أُحِبُّ أَنِّي عَقَدْتُ لَهُمْ عُقْدَةً، أَوْ وَكَيْتُ لَهُمْ وِكَاءً[9]، وإِنَّ لِي مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا[10]، لَا ولَا مَدَّةً بِقَلَمٍ؛ إِنَّ أَعْوَانَ الظَّلَمَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي سُرَادِقٍ مِنْ نَارٍ، حَتَّى يَحْكُمَ اللَّه بَيْنَ الْعِبَادِ»[11].

كما وكان يحذّر الفقهاء والمحدّثين من الانتماء إلى الحكومة، ويقول: «الفقهاء أُمناء الرسل، فإذا رأيتم الفقهاء قد ركبوا إلى السلاطين، فاتّهموهم»[12].

وكتب أبو جعفر المنصور إلى الإمام (عليه السلام) يسأله: لِم لا تغشانا كما يغشانا سائرُ الناس؟ فأجابه: «ليس لنا ما نخافُكَ من أجله، ولا عندكَ مِن أمر الآخرة ما نرجوكَ له، ولا أنت في نعمةٍ فنُهنِّئُكَ، ولا تراها نقمةً فنُعزّيكَ بها، فما نصنع عندك؟!»، قال: فكتب إليه: تصحبُنا لتنصحَنا، فأجابه: «مَن أراد الدنيا لا ينصحُكَ، ومّن أراد الآخرةَ لا يصحبُكَ»، فقال المنصور: والله، لقد ميّز عندي منازل الناس، مَن يريد الدنيا ممّن يريد الآخرة، وإنّه ممّن يريد الآخرةَ لا الدنيا[13].

شيعة جعفر
نعم، لقد سعى الإمام الصادق (عليه السلام) -كما جميع الأئمّة (عليهم السلام)- إلى بناء الجماعة الصالحة، الّتي تحمل الصفات الإسلاميّة المُكوِّنة للشخصيّة الإيمانيّة، والذين عُرِفوا بشيعة جعفر بن محمّد (عليه السلام)، وقد حدّد الإمام الصادق والأئمّة (عليهم السلام) ما ينبغي أن يكون عليه شيعتُهم من صفاتٍ ومزايا، وبيّنوها في روايات عديدة، منها ما عن الإمام الصادق (عليه السلام): «إِيَّاكَ والسَّفِلَةَ! فَإِنَّمَا شِيعَةُ عَلِيٍّ مَنْ عَفَّ بَطْنُه وفَرْجُه، واشْتَدَّ جِهَادُه، وعَمِلَ لِخَالِقِه، ورَجَا ثَوَابَه، وخَافَ عِقَابَه، فَإِذَا رَأَيْتَ أُولَئِكَ، فَأُولَئِكَ شِيعَةُ جَعْفَرٍ»[14].


[1] الخزّاز القمّيّ، كفاية الأثر، ص83.
[2] الشّيخ الكلينيّ، الكافي، ج1، ص472.
[3] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج47، ص151.
[4] الشيخ عليّ الطبرسيّ، مشكاة الأنوار في غرر الأخبار، ص380.
[5] الشيخ الصدوق، الأمالي، ص234.
[6] الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، إنسان بعمر 250 سنة، ص301.
[7] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج1، ص351.
[8] في القاموس كرى النهر: استحدث حفره.
[9] الوِكاء: الخيط الذي يُشدُّ به الصرّة والكيس وغيرها.
[10] اللابة: الحرَّة، وهي أرض ذات حجارةٍ سود، كأنّها أُحرِقَت بالنار، وقوله (عليه السلام): لابتَيها؛ أي لابتَي المدينة؛ لأنّها ما بين حرّتين عظيمتين تكتنفانها.
[11] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج5، ص107.
[12] الإربليّ، كشف الغمّة في معرفة الأئمّة، ج2، ص399.
[13] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج47، ص184.
[14] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج2، ص233.

30-04-2024 | 14-17 د | 1331 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net