الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
«يا لَيتَنا كُنّا مَعهُم»وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَمراقبات

العدد 1636 28 ربيع الأول 1446 هـ - الموافق 02 تشرين الأول 2024 م

والْجِهَادَ عِزّاً لِلإِسْلَامِ

البصيرةمراقباتوَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ

العدد 1635 21 ربيع الأول 1446 هـ - الموافق 25 أيلول 2024 م

أثر التوحيد في مواجهة البلاء - السيدة زينب (عليها السلام) نموذجاً-

العدد 1634 14 ربيع الأول 1446 هـ - الموافق 18 أيلول 2024 م

طَبِيبٌ دَوَّارٌ بِطِبِّه

المصلحة الإلزاميّة للأمّة هي في الوحدة الإسلاميّة
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

العدد 1586 03 ربيع الثاني 1445 هـ - الموافق 19 تشرين الأول 2023 م

إِن يَنصُرْكُمُ اللهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله وأعزّ المرسلين، سيّدنا محمّد، وعلى آله الطيّبين الطاهرين.

إلى مولانا صاحب العصر والزمان (أرواحنا لتراب مقدمه الفداء)، وإلى نائبه وليّ أمر المسلمين الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، وإلى مراجعنا وقادتنا العظام، وإلى الأمّة الإسلاميّة جمعاء، نرفع أسمى التهنئة والتبريك بذكرى ولادة الإمام الحسن العسكريّ (عليه السلام)، كما نعزّيهم بشهداء فلسطين والشهداء الذين قضَوا على طريق فلسطين، سائلين المولى أن تكون دماؤهم تباشير النصر الإلهيّ الحاسم والنهائيّ، إنّه سميعٌ مجيب.
 
يقول تعالى في كتابه الكريم: ﴿إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾[1].

وعن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «إنّ الله عزّ وجلّ يباهي بالمتقلِّد سيفَه في سبيل الله ملائكتَه، وهم يصلّون عليه ما دام متقلِّدَه»[2].
 
إنّ بلوغَ الأهداف الكبرى في الحياة، يستلزم تضحياتٍ كبرى مكافئةً لها، ولا ريب في أنّ سموّ الأهداف ونبل الغايات تقتضي سموَّ التضحيات ونبلَها، وإذا كان أشرف التضحيات وأسماها هو ما كان ابتغاءَ رضوان الله تعالى، فإنّ الذودَ عن حياض الدين والدفاع عن مقدّساته يتبوّأ أرفع درجات هذا الرضوان، ثمّ إنّ للتضحيات ألواناً كثيرة ودروباً عديدة، لكن تأتي في ذروتها التضحيةُ بالنفس، وبذل الروح رخيصةً في سبيل الله لدحر أعدائه ونصرة دينه، وهذا ما يعيشه أهل غزّة اليوم في مقاومتهم ضدّ الكيان الغاصب، حيث التضحية بأغلى ما يملكون لحفظ عزّة هذه الأمّة وكرامتها.

فضل الجهاد
إنّ الهدف الأوّل من دخول الحرب والجهاد في الإسلام، هو الفوز بالآخرة، وضمان النصر ليس شرطاً لدخول المعركة، فالمجاهد منتصر في حالتَي الفوز الميدانيّ أو الشهادة، وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة، إذ يقول تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ * يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾[3]، ويقول عزّ وجلّ أيضاً: ﴿لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾[4].

فهذه الآيات الكريمة، تؤكّد أنّ الفوز العظيم والحصول على السعادة الخالدة إنّما يكون بالجهاد، وليس بمتاع الدنيا، وتبشّر المجاهدين بالرحمة والرضوان، والخلود في الجنّة والثواب الجزيل.
 
ولقد جهد رسولُ الله (صلّى الله عليه وآله) وأئمّةُ أهل البيت (عليهم السلام) كلَّ جهدٍ في بيان الفضل العظيم للجهاد والمجاهدين، وتعميق مفهوم هذا المصطلح في نفوس الأمّة، فأشارت الروايات إلى المكانة المرموقة التي يحتلّها الجهاد في سبيل الله بين العبادات الشريفة، فعن أحدهم، عن الإمام الباقر (عليه السلام): «ألا أخبرك بالإسلام؛ أصله وفرعه وذروة سنامه[5]؟»، قلت: بلى، جُعِلت فداك! قال: «أمّا أصله فالصلاة، وفرعه الزكاة، وذروة سنامه الجهاد»[6].

النصرُ من عند الله‏
وبمقتضى الإيمان بأنّ الله تعالى هو المؤثِّر الوحيد في عالم الوجود، ولا يؤثِّر شيء إلّا بإذنه وإرادته، سواء أتعلّق ذلك بالمادّيات أو المعنويّات، فإنّ النصر محصورٌ بيده تعالى، وقد قرَّر جلّ وعلا هذه القاعدة بقوله: ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللهِ﴾[7]، مضافاً إلى الأخذ بالأسباب الظاهريّة، فقد أمرنا الله تعالى أن نأخذ بالأسباب المُفضية إلى تحقيق النصر والغلبة، من خلال إعداد ما أمكن إعداده من خططٍ وتدّربٍ وتجهيزٍ وتهيئة... فقال عزَّ وجلَّ: ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ﴾[8].

مواصفات النصر الإلهيّ
وللنصر الإلهيّ صفاته التي تميّزه عن غيره، نذكر منها:

1. المنصور إلهيّاً لا يُغلَب
وهذا معناه أنّ الذي يكون مُحقِّقاً لأسباب النصر الإلهيّ، يكون منتصراً دائماً في ميادين الجهاد والقتال كلّها، وهذا ما أرشدت إليه الآية الكريمة: ﴿إِن يَنصُرْكُمُ اللهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ﴾[9].

2. نصرٌ وتثبيت
وهو ما نصّت عليه الآية الكريمة: ﴿إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾[10]. فكم من منتصرٍ في التاريخ حقّق الغلبة العسكريّة، لكن ما لبث أن زال ملكه وسلطانه، إذ إنّ نصره لم يتجاوز الجنبة العسكريّة، فانهزمت مبادئه وأخلاقه وثقافته أمام مبادئ غريمه وأخلاقه وثقافته. ويكفي شاهداً على ذلك ما حصل في كربلاء ونهضة الإمام الحسين (عليه السلام)، إذ كانت الغلبة عسكريّاً للطاغية يزيد، أمّا الذي خُلّدت مبادئه، وانتصر فكره، وهيمنت أخلاقه وشعاراته، فهو الإمام الحسين (عليه السلام). فكم من نصرٍ في الظاهر كان هزيمةً في الباطن، وكم من نصرٍ آنيٍّ كان مقدّمةً لهزيمة ماحقة.

3. المدد الغيبيّ
وهو أهمّ ما يميّز النصر الإلهيّ، وقد يحصل بالأسباب المنظورة، كالتوفيق في الوسائل المُفضية إلى إيجاد القوّة والقدرة القتاليّة المُوصِلة إلى النصر، أو الظروف النفسيّة والمعنويّة المساعدة على الانتصار لجهة المؤيّدين، والهزيمة لجهة المخذولين، ووضع الخطط والتكتيكات القتاليّة، مضافاً إلى إنزال الملائكة.

وقد ذكرت الآيات القرآنيّة كيف أمدّ الله تعالى المسلمين في مواجهة قريش بأنواع من المدد الغيبيّ، المعنويّ والمادّيّ، منظور وغير منظور، قال تعالى: ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا﴾[11]، ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ﴾[12]، ﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ﴾[13].

الشهادة تستنزل النصر
وإنّ أهمَّ عنصر من عناصر النصر الإلهيّ وصفاته، هو كونه مؤيّداً من الله بالمدد والتوفيق. وبالتالي، فإنَّ لهذا التأييد والتوفيق والمدد أموراً تستدعيه، وتكون سبباً لاستنزاله، منها الإيمان، وكون القضيّة التي يُقاتَل لأجلها مشروعة، بحيث يصدق عليها عنوان نصرة الله تعالى، ولتحقيق الشرط فلا بدَّ من خلفيّة عقائديّة حقّة، وكون الأهداف إلهيّة، والوسائل مشروعة، ولعلّ ذلك متضمَّنٌ في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾[14]، وقد كشف أمير المؤمنين (عليه السلام) عن سرّ الأسرار وركن الأركان في استنزال النصر الإلهيّ، إذ يقول (عليه السلام): «... فَلَمَّا رَأَى اللَّهُ صِدْقَنَا أَنْزَلَ بِعَدُوِّنَا الْكَبْتَ، وَأَنْزَلَ عَلَيْنَا النَّصْرَ حَتَّى اسْتَقَرَّ الْإِسْلَامُ مُلْقِياً جِرَانَهُ، وَمُتَبَوِّئاً أَوْطَانَهُ»[15].

فالصدق الذي يعني بالدرجة الأولى الثبات في ميادين الجهاد، وتحمّل مشاقّه وآلامه وتَبعاته ونتائجه ما يشهد بِصدق الانتماء إلى هذا الدين، فالاستعداد للتضحية والفداء هو أبرز مظاهر الصدق العقائديّ والعاطفيّ، ولا تجد كبذل النفوس واسترخاص الدماء أمراً يُنبى‏ء عن هذا الصدق.

ولذا، كانت الشهادة بهذا المعنى أهمَّ شاهدٍ على الصدق والثبات، وأفضل وسيلة لاستنزال المدد الغيبيّ، والنصر الإلهيّ، من جهة الشهداء الذين أَقدموا على الموت راغبين مشتاقين لم تُرهبهم بوارق السيوف، ومن جهة مَن يبقى بعدهم ويتحمّل ألم فقدهم، ويرى تقطّع أوصالهم ومع ذلك يتّبع خطواتهم، ويقتفي أثرهم، لينالَ مقامهم ومنزلتهم ويلحق بهم؛ قال الله تعالى: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا﴾[16].

وإنّ ما يُقدّم اليوم من دماء وتضحيات وشهادة على أرض فلسطين، ضدّ هذا الكيان الغاصب، خير شاهدٍ ودليل على أحقّيّتهم ومظلوميّتهم، وعلى ضرورة إبادة هذا الكيان الغاصب والقضاء عليه، وعلى أنّ النصر الإلهيّ والنهائيّ سيكون لهذه الدماء الطاهرة والمظلومة.

إنّ استشهاد الأطفال والنساء والرجال، على الرغم من ألمه ومرارته، لكنّه يُظهر قوّة هذه المقاومة وهذا الشعب الحاضن والمشارك لها، ولا شكّ في أنّ ذلك سيؤدّي إلى النصر الكامل إن شاء الله.


[1] سورة التوبة، الآية 111.
[2] المتّقي الهنديّ، كنز العمّال، ج4، ص338.
[3] سورة التوبة، الآيات 20 - 22.
[4] سورة التوبة، الآيتان 88 و89.
[5] والسنام هو المكان المرتفع في ظهر الجمل، وهي أعلى نقطة في الظهر، والتشبيه بالسنام في الرواية، بل وذروة السنام، واضح في تبيان مكانة الجهاد في رأس هرم الشريعة.
[6] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج2، ص24.
[7] سورة آل عمران، الآية 126. سورة الأنفال، الآية 10.
[8] سورة الأنفال، الآية 60.
[9] سورة آل عمران، الآية 160.
[10] سورة محمّد، الآية 7.
[11] سورة الأحزاب، الآية 9.
[12] سورة الأنفال، الآية 11.
[13] سورة الأنفال، الآية 12.
[14] سورة محمّد، الآية 7.
[15] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، ص92، الخطبة 56.
[16] سورة الأحزاب، الآية 23.

19-10-2023 | 10-02 د | 7391 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net