الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
«يا لَيتَنا كُنّا مَعهُم»وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَمراقبات

العدد 1636 28 ربيع الأول 1446 هـ - الموافق 02 تشرين الأول 2024 م

والْجِهَادَ عِزّاً لِلإِسْلَامِ

البصيرةمراقباتوَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ

العدد 1635 21 ربيع الأول 1446 هـ - الموافق 25 أيلول 2024 م

أثر التوحيد في مواجهة البلاء - السيدة زينب (عليها السلام) نموذجاً-

العدد 1634 14 ربيع الأول 1446 هـ - الموافق 18 أيلول 2024 م

طَبِيبٌ دَوَّارٌ بِطِبِّه

المصلحة الإلزاميّة للأمّة هي في الوحدة الإسلاميّة
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

العدد 1585 26 ربيع الأول 1445 هـ - الموافق 12 تشرين الأول 2023 م

انصر أخاك

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق



بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله وأعزّ المرسلين، سيّدنا محمّد وعلى آله الطيّبين الطاهرين.

جاء في الرواية عن الإمام الصادق (عليه السلام): «ما من مؤمنٍ يعين مؤمناً مظلوماً، إلّا كان أفضل من صيام شهر واعتكافه في المسجد الحرام، وما من مؤمنٍ ينصر أخاه وهو يقدر على نصرته، إلّا ونصره الله في الدنيا والآخرة، وما من مؤمنٍ يخذل أخاه وهو يقدر على نصرته، إلّا خذله الله في الدنيا والآخرة»[1].
 
قبح الظلم
إنّ العقلَ البشريّ السليم، يدرك حسنَ الأفعال وقبحَها، ويرى الفعلَ الحسنَ علامةً لكمال فاعله، والفعلَ القبيحَ علامةً لنقصان فاعله.

والتاريخ البشريّ يشهد بأنّ الإنسانَ، أيّاً كان دينه ومسلكه وانتماؤه، وأينما حلّ في بقاع الأرض، قادرٌ بنفسه على إدراك قُبح الظلم وحُسن العدل، كما يُدرك بنفسه حسنَ الوفاء بالعهد وقبحَ نقضِه، وحُسَن معونةِ المظلومين ونصرتِهم، وقُبحَ إعانةِ الظالمين ونصرتِهم.

لذا، فإنّ الخروجَ عن هذه القاعدة من قِبل المستكبرين في الماضي والحاضر، وظلم الشعوب وسلب مقدّراتها وعدم إعطائها ما تستحقّه، هو من أجلى مصاديق الظلم والتعدّي والتكبّر، خاصّة وأنّ أساس الظلم في هذه الموارد غالباً ما يكون نابعاً عن احتياجه إلى الظلم لحفظ مصالحه ومشاريعه، وإن كان ذلك على حساب حقوق الشعوب وكراماتها.

التناصر في الإسلام
انطلاقاً من هذه القاعدة، وبناءً على قبح الظلم، وبما أنّ اللهَ تعالى قد جمع الناسَ بالإسلام، وألّف بين قلوبهم بعد أن كانوا متفرّقين، شيعاً وأحزاباً وقبائل، إذ يقول تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً﴾[2]، ثمّة حقوق وواجبات تترتّب على المسلم تجاه الجماعة وتجاه الأمّة ككلّ، فقد ربَّى الإسلامُ أبناءَه على استشعار أنّهم أفراد في مجموعة، وأنّهم أجزاء من هذه الجماعة الكبيرة، فالمسلم بشعوره أنّه جزءٌ من الجماعة يحبّ للأجزاء الأخرى مثلَ ما يحبّ لنفسه، ومن أعظم هذه الحقوق والواجبات وجوبُ التناصر بين المسلمين، عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «يقول الله عزّ وجلّ: وعزّتي وجلالي، لأنتقمّنّ من الظالم في عاجله وآجله، ولأنتقمّنّ ممّن رأى مظلوماً فقدر أن ينصرَه فلم ينصره»[3]، وقد أوصى أميرُ المؤمنين (عليه السلام) ولدَيه الإمامين الحسنَ والحسينَ (عليهما السلام)، فقال: «وكُونَا لِلظَّالِمِ خَصْماً ولِلْمَظْلُومِ عَوْناً»[4]، وقد ورد الحثّ على إعانة المظلوم في العديد من الأدعية والروايات، فعن الإمام زين العابدين (عليه السلام): «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِنْ مَظْلُومٍ ظُلِمَ بِحَضْرَتِي فَلَمْ أَنْصُرْه»[5].

وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): «أحسن العدل نصرة المظلوم»[6]، و«إذا رأيت مظلوماً، فأعِنه على الظالم»[7].

أهمّيّة التناصر في حياة الأمّة
إنّ للتناصر أهمّيّة عظمى في حياة الأمّة، وبدونه يصبح المجتمعُ الإسلاميّ مكشوفاً أمام أعدائه، مُعَرَّضاً للهزيمة؛ وعلى العكس من ذلك، فإنّ التزامَ أبناء المجتمع بنصرة الله، من ناحية ونصرة بعضهم بعضاً من ناحية أخرى، يؤدّي حتماً إلى فوز المسلمين بكلّ خير، وظهورهم على عدوّهم، تحقيقاً لوعد الله عزّ وجلّ: ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ﴾[8]؛ ولهذا عُدَّت النصرة من واجبات كلّ مسلم تجاه أخيه المسلم.

وتكون النصرة بتقديم العون له متى احتاج إليه، ودفع الظلم عنه إن كان مظلوماً، وردعه عن الظلم إن كان ظالماً، تحقيقاً لقول رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً»، قيل: كيف أنصره ظالماً؟! قال: «تحجزه عن الظلم، فإنّ ذلك نصرُه»[9].

وكان ممّا أمر به النبيّ (صلّى الله عليه وآله) أمّته نصرة المظلوم بصرف النظر عن لونه وجنسه، في الرواية عن الإمام الصادق عن أبيه (عليهما السلام): «أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أمرهم بسبع، ونهاهم عن سبع؛ أمرهم بعيادة المرضى، واتّباع الجنائز، وإبرار القسم، وتسميت العاطس، ونصر المظلوم، وإفشاء السلام، وإجابة الداعي...»[10].

وكان يشحذ همم المسلمين، ويحثّهم على نصرة المظلوم، مبيّناً أنّ الجزاءَ سيكون من جنس العمل: «ما مِن أحدٍ يخذل مسلماً في موطنٍ يُنتقَص فيه من عرضه، ويُنتهَك فيه من حُرمته، إلّا خذله الله في موطنٍ يحبّ فيه نصرته، وما من امرئٍ ينصر مسلماً في موطنٍ يُنتقَص فيه من عرضه، ويُنتهَك فيه من حرمته، إلّا نصره الله في موطنٍ يحبّ فيه نصرته»[11].

نصرة فلسطين
في الختام، إنّ الظلم من الأمور القبيحة، والصفات اللئيمة، التي ورد نهيٌ شديدٌ عنه في الشريعة الإسلاميّة، كتاباً وسنّةً، وقد ورد الحثّ على نصرة المظلومين ودعمهم بالكلمة إذا احتاجوها، وبالمال إن احتاجوه، وبالسلاح إن اعتُدي عليهم، وعُدَّت هذه النصرة مواجهة للظالم نفسه، وتعبيراً آخراً عن رفضه وعدم الرضا به، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام): «الرَّاضِي بِفِعْلِ قَوْمٍ كَالدَّاخِلِ فِيه مَعَهُمْ»[12]، وعن الإمام الرضا (عليه السلام): «مَن رضيَ شيئاً، كان كمن أتاه»[13].

وإنّ من أجلى مصاديق الظلم والتعدّي في هذا العصر، هو غصب الكيان الإسرائيليّ لفلسطين والتعدّي على شعبها ومقدّساتها، وتخاذل معظم الحكومات العربيّة والإسلاميّة، وسعي أنظمة الاستكبار لجعل اسم فلسطين طيّ النسيان وحذفها من الذاكرة. لكن -ولله الحمد- ما فعلوه ويفعلونه يأتي بنتائج عكسيّة ويعيد الحياة لقضيّة فلسطين! واليوم، وبعد العمل البطوليّ التاريخيّ الذي تقوم به المقاومة الفلسطينيّة، وبعد هذه الضربة الأليمة والمُذلّة للكيان الغاصب، تعود فلسطين أكثر حياةً وحضوراً في العالم، ويصبح اسم فلسطين أكثر ذكراً على الألسن، وتصير مظلوميّتها واضحة جليّة. من هنا، يجب، وفي هذه الظروف خصوصاً، أن يقف العالم الإسلاميّ كلّه إلى جانب الفلسطينيّين، يساندهم، يدعمهم... يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه): «ينبغي أن يضيّق الشعب والمقاومون والمنظّمات الفلسطينيّة بجهادهم وتضحياتهم الخناقَ على العدوّ الصهيونيّ والولايات المتّحدة. هذا هو السبيل الوحيد، وعلى العالم الإسلاميّ كلِّه أن يساعدَهم. يجب أن تساند الشعوب المسلمة كلُّها الفلسطينيّين وتدعمهم. هذا هو العلاج»[14].


[1] الشيخ الصدوق، ثواب الأعمال، ص148.
[2] سورة آل عمران، الآية 103.
[3] المتّقي الهنديّ، كنز العمّال، ج3، ص505.
[4] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، ص421، الوصيّة 47.
[5] الإمام زين العابدين (عليه السلام)، الصحيفة السجّاديّة، ص166، الدعاء 38.
[6] الليثيّ الواعظيّ، عيون الحكم والمواعظ، ص113.
[7] المصدر نفسه، ص133.
[8] سورة الحجّ، الآية 40.
[9] المتّقي الهنديّ، كنز العمّال، ج3، ص414.
[10] الحميريّ القمّيّ، قرب الإسناد، ص71.
[11] البيهقيّ، السنن الكبرى، ج8، ص167.
[12] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، ص499، الحكمة 154.
[13] الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا (عليه السلام)، ج1، ص247.
[14]  من كلامٍ له (دام ظلّه)، بتاريخ 05/02/2020م.

12-10-2023 | 08-32 د | 6813 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net