الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

العدد 1546 19 جمادى الثانية 1444 هـ - الموافق 12 كانون الثاني 2023م

فاطمة (عليها السلام) معجزة الإسلام

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين، سيّدنا محمّد، وعلى آله الطيّبين الطاهرين.

إلى مولانا صاحب العصر والزمان (أروحنا لتراب مقدمه الفداء)، وإلى وليِّ أمر المسلمين الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، وإلى الأمّة الإسلاميّة جمعاء، نرفع أسمى آيات التهنئة والتبريك في هذا اليوم الميمون، الذي يصادف ذكرى ولادة سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين، السيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام).

الولادة الطاهرة والعناية الإلهيّة
في هذا اليوم المبارك، في العشرين من جمادى الآخرة، في السنة الخامسة للبعثة، كانت الولادة الميمونة للسيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)، وفي كيفيّة ولادتها يقول المفضّل بن عمر: قلتُ لأبي عبد الله الصادق (عليه السلام): كيف كانت ولادة فاطمة (عليها السلام)؟ فقال: «نعم، إنّ خديجة (عليها السلام) لمّا تزوّج بها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) هجرتها نسوة مكّة، فكنّ لا يدخلن عليها، ولا يسلّمن عليها، ولا يتركن امرأةً تدخل عليها؛ فاستوحشت خديجة (عليها السلام) لذلك، وكان جزعُها وغمُّها حذراً عليه (صلّى الله عليه وآله).

فلمّا حملت بفاطمة، كانت (عليها السلام) تحدّثها من بطنها، وتصبّرها، وكانت تكتم ذلك من رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فدخل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يوماً، فسمع خديجة تحدّث فاطمة (عليها السلام)، فقال لها: يا خديجة، مَن تحدِّثين؟ قالت: الجنين الذي في بطني يحدّثني ويؤنسني. قال: يا خديجة، هذا جبرئيل يخبرني أنّها أنثى، وأنّها النسلة الطاهرة الميمونة، وإنّ الله تبارك وتعالى سيجعل نسلي منها، وسيجعل من نسلها أئمّة، ويجعلهم خلفاءَه في أرضه بعد انقضاء وحيه.


فلم تزل خديجة (عليها السلام) على ذلك، إلى أن حضرت ولادتُها؛ فوجّهت إلى نساء قريش وبني هاشم، أن تعالين لتلين منّي ما تلي النساء من النساء، فأرسلن إليها: أنتِ عصيتِنا، ولم تقبلي قولَنا، وتزوّجتِ محمّداً يتيمَ أبي طالب، فقيراً لا مال له، فلسنا نجيء ولا نلي من أمركِ شيئاً.

فاغتمّت خديجة (عليها السلام) لذلك، فبينا هي كذلك، إذ دخل عليها أربع نسوة سمر طوال، كأنّهنّ من نساء بني هاشم، ففزعت منهنّ لمّا رأتهنّ، فقالت إحداهنّ: لا تحزني يا خديجة، فإنّا رُسل ربِّكِ إليكِ، ونحن أخواتكِ؛ أنا سارة، وهذه آسية بنت مزاحم، وهي رفيقتك في الجنّة، وهذه مريم بنت عمران، وهذه كلثوم أخت موسى بن عمران، بعثنا الله إليكِ لنليَ منكِ ما تلي النساء من النساء، فجلست واحدة عن يمينها، وأخرى عن يسارها، والثالثة بين يديها، والرابعة من خلفها، فوضعت فاطمة (عليها السلام) طاهرةً مُطهّرةً، فلمّا سقطَت إلى الأرض أشرق منها النور حتّى دخل بيوتاتِ مكّة، ولم يبقَ في شرق الأرض ولا غربها موضع إلّا أشرق فيه ذلك النور»[1].

مكانتها وعظمتها
لقد كان لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) سلوكٌ خاصٌّ ومميَّز مع ابنته الزهراء (عليها السلام)، سلوكٌ يدلّ على مدى التبجيل والتقديس لهذه السيّدة العظيمة، وهذا السلوك من سيّد الخلق وأفضلهم لا ينبع عن الروابط العاطفيّة والعلاقات الرحميّة فحسب، بل لا شكّ في أنّ فعلَه (صلّى الله عليه وآله) كاشفٌ عن إرادة الله تعالى ومشيئته، وأنّ حبّه (صلّى الله عليه وآله) وغضبه، إنّما هو حبّ وبغض في الله.

إنّ هذا النوع من المعاملة يكشف عن مدى عظمتها وعلوّ درجتها ومكانتها، إذ يُروى أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، كان إذا قدِم من سفرٍ بدأ بفاطمة (عليها السلام)[2]، وكان إذا دخلت، رحّب بها، وقَبَّل يديها، وأجلسها في مجلسه[3]، وتعليقاً على هذا الأمر يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه): «إنّ تقبيلَ يد فاطمة الزهراء (عليها السلام) من قِبل النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، لا ينبغي أن يُؤخَذ أبدًا على معنىً عاطفيّ؛ فإنّ هذا أمرٌ خاطئٌ جدًّا، فيما لو تصوّرنا بأنّه يُقبّل يدها فقط لأنّها ابنته، ولأنّه يُحبّها. فهل يُمكن لشخصيّةٍ بمثل هذه العظمة، وبمثل تلك العدالة والحكمة، الّتي كانت في النبيّ، يعتمد على الوحي والإلهام الإلهيّ، أن ينحني ليُقبّل يد ابنته؟ كلّا، إنّ هذا أمرٌ آخر وله معنىً آخر؛ إنّه يحكي عن أنّ هذه الفتاة وهذه المرأة، عندما ترحل من هذه الدنيا في عمر 18 أو 25 -قيل 18 وقيل 25- تكون في أوج الملكوت الإنسانيّ وشخصًا استثنائيًّا»[4].

مزاياها في كلام المعصومين (عليهم السلام)
لقد جاء في الحديث عن الإمام الصادق (عليه السلام): «إنّما سُمّيت فاطمة؛ لأنّ الخلقَ فُطِموا عن معرفتها»[5]، لذا فإنّه من الصعوبة بمكان إدراك حقيقتها (عليها السلام)، ومعرفة ما كانت عليه من العظمة والمكانة المعنويّة، وفي ذلك يقول الإمام الخمينيّ (قُدِّس سرّه): «إن ّمقامَ هؤلاء الأولياء أسمى وأرفعُ من أن تنالَ آمالُ أهلِ المعرفة أطرافَ كبرياءِ جلالهم وجمالهم، وأن تبلغَ خطواتُ معرفةِ أهلِ القلوبِ ذروةَ كمالهم»[6]، ولكن يبقى لنا في كلام أهل العصمة (عليهم السلام) بصيصُ أملٍ في محاولة الاقتراب من حدود المعرفة، عبر ما وصل إلينا من مضامين عالية ومعاني راقية تتكلّم على شيء من مزاياها وصفاتها (صلوات الله عليها)، نذكر منها:

1. سيّدة نساء العالمين، عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «وأمّا ابنتي فاطمة، فإنّها سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين، وهي بضعة منّي، وهي نور عيني، وهي ثمرة فؤادي، وهي روحي الّتي بين جنبَي، وهي الحوراء الإنسيّة»[7].

2. أفضل نساء أهل الجنّة، عن الحسن بن زياد العطّار، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): قول رسول الله: «فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة»، أسيّدة نساء عالمها؟ قال: «ذاك مريم، وفاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة من الأوّلين والآخرين»[8].

3. مفطومة بالعلم، عن الإمام الباقر (عليه السلام): «والله، لقد فطمها اللهُ بالعلم»[9].

4. كمال الإيمان، عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «لم يكمل من النساء إلّا أربع: آسية بنت مزاحم امرأة فرعون، ومريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمّد (صلّى الله عليه وآله)»[10].

5. الطهارة والعصمة، عن ابن عبّاس، قال: إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) كان جالساً ذات يوم، وعنده عليّ وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، فقال: «اللهمّ، إنّك تعلم أنّ هؤلاء أهل بيتي، وأكرم الناس عليّ؛ فأحبِب مَن أحبّهم، وأبغِض مَن أبغضهم، ووالِ مَن والاهم، وعادِ مَن عاداهم، وأعِن مَن أعانهم، واجعلهم مطهَّرين من كلِّ رجس، معصومين من كلِّ ذنب، وأيّدهم بروح القدس»[11].

6. كفؤ أمير المؤمنين (عليه السلام)، عن الإمام الصادق (عليه السلام): «لولا أنّ الله تبارك وتعالى خلق أمير المؤمنين (عليه السلام) لفاطمة، ما كان لها كفؤٌ على ظهر الأرض، من آدم ومن دونه»[12].

الزهراء (عليها السلام) معجزة الإسلام
إنّ ما كانت عليه هذه السيّدة العظيمة من الكمال الإنسانيّ، وفي مدّة زمنيّة قصيرةٍ جدّاً، يثير الدهشة، ويحيّر الألبابَ والعقول، كيف استطاعَت امرأةٌ شابّةٌ، وُلِدتَ قبل الهجرة بثماني سنوات، واستشهدت في السنة الحادية عشرة للهجرة، أن تكتسب تلك المكانة الرفيعة والدرجة العظيمة، وفي تلك الظروف الصعبة؟! يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه): «إنّها لَمعجزة الإسلام، وإنّها فاطمة الزهراء (عليها السلام)، الّتي نالَت مقاماً رفيعاً، وباتَت سيّدةَ نساء العالمين على الرغم من سنوات عمرها القصير، وفاقَت جميع النساء عظمةً وقدسيّةً في تاريخ الإنسانيّة؛ فما هي تلك الطاقة؟ وما هي تلك القوّة الباطنيّة العميقة الّتي استطاعَت خلال مدّةٍ قصيرةٍ أن تجعل من هذا الإنسان محيطاً لا حدودَ له من المعرفة والعبوديّة والقداسة والكمال المعنويّ؟! إنّ هذه بحدِّ ذاتها هي معجزة الإسلام»[13].


[1] الشيخ الصدوق، الأمالي، ص691.
[2] المصدر نفسه، ص305.
[3] الشيخ الطوسيّ، الأمالي، ص400.
[4] الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، إنسان بعمر 250 سنة، ص143.
[5] فرات الكوفيّ، تفسير فرات الكوفيّ، ص581.
[6] الإمام الخمينيّ (قُدِّس سرّه)، الأربعون حديثاً، ص597.
[7] الشيخ الصدوق، الأمالي، ص175.
[8] المصدر نفسه، ص187.
[9] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج1، ص460.
[10] الشيخ الطبرسيّ، تفسير مجمع البيان، ج10، ص65.
[11] الشيخ الصدوق، الأمالي، ص574.
[12] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج1، ص461.
[13] من كلامٍ له (دام ظلّه) بتاريخ 04/07/2007م.

12-01-2023 | 17-21 د | 840 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net