الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1608 10 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 21 آذار 2024 م

أحسنُ الحسنِ

ثلاثُ حسراتٍكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في محفل الأنس بالقرآن الكريمنداء الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) بمناسبة حلول العام 1403هـ.ش. وعيد النوروزصوم الجسد وصوم النفسمراقباتمراقباتشهر الفُرصكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء أعضاء مجلس خبراء القيادةكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في يوم التشجير وأسبوع الموارد الطبيعيّة
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

منبر المحراب-السنة العشرون العدد 1070-22 محرم 1435 هـ-26 تشرين الثاني 2013 م
ما يهوّن على الإنسان المصائب

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

محاور الموضوع

تمهيد
إذن لا بدّ من المصائب
ما يهون المصائب
ما من بلية إلا ولله فيها نعمة تحيط بها .
الإيمان بنعمة البلاء وبمصيبة الرخاء
كرامة الله نهاية بدايتها بلاء.
المؤمن مبتلى على قدر حبه.
البلاء والتكامل.
التأسي بما حصل في كربلاء.

الهدف:
بيان العوامل التي تساعد المبتلى على تحقيق المعاناة عنه وانتقاله الى مرحلة الرضا.

تصدير:
﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ1

تمهيد:
إن المصائب والبلايا التي تصيب العباد منها ما هو نتيجة طبيعية لأفعالهم ومنها ما هو إمتحان وإختبار لرفع درجاتهم، فالأول إنما يكون بسبب ما تقترفه الأيدي وتجترحه الجوارح من سيئات فيصيبهم الله عزَّ وجلّ بألوان المصائب وقد أشار إليه القرآن: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ2 وكذلك أشار أمير المؤمنين عليه السلام بقوله "إن الله يبتلي عباده عند الأعمال السيئة بنقص الثمرات، وحبس البركات، وإغلاق خزائن الخيرات، ليتوب تائب ويقلع مقلع ويتذكر متذكّر، ويزدجر مزدجر"3 وهذا القسم سيكون خارج البحث، وسيتم التركيز على النحو الثاني وهو أنَّ الله ليتعاهد عبده المؤمن بالبلاء إختباراً من أجل أن يرفع درجته فعن الإمام الباقر عليه السلام قال "المؤمن يبتلى بكل بلية ويموت بكل ميتة إلا أنه لا يقتل نفسه"4

إذن لا بدَّ من المصائب:
التلازم بين إيمان العبد وبلائه تلازم غير منفك وعليه فليس بمقدوره أن يرده بل عليه التكيف مع البلاء والمصائب وبعبارة أخرى عليه أن يربي نفسه على تحملها والفحص عن الأمور التي يهون عليه حينما تعيبه وأما الدليل على الملازمة فمن الكتاب قوله تعالى: ﴿مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ5 ﴿وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ * أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ6 وقوله تعالى ﴿وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُم7

وأما من السنّة الشريفة ما عن سدير الصيرفي قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام هل يبتلي الله المؤمن فقال عليه السلام : "وهل يبتلى إلا المؤمن؟ حتى أن صاحب ياسين" قال "يا ليت قومي يعلمون " كان مكنعاً، قلت وما المكنّع؟ قال: كان به جذام".8
وبمقتضى الملازمة المذكورة فإذا لم يصب الإنسانَ البلاءُ فلينظر في أعماق نفسه وليتطلع إلى حقيقة علاقته بالله سبحانه وتعالى إذ لعله لا إيمان له ولربما هو بعيد عن الله مبغوض عنده، يقول الله تعالى: ﴿وَلَوْلَا أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِّن فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ9 وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "لا حاجة لله فيمن ليس له في ماله وبدنه نصيب".10 وعن علي بن الحسين عليه السلام قال: "إني لأكره أن يعافى الرجل في الدنيا ولا يصيبه شيء من المصائب"11 ومن جوامع الكلم ما روي عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام قوله: "كفى بالسلامة داءاً"12.

ما يهون عن الإنسان المصائب

1- ما من بلية إلا ولله فيها نعمة تحيط بها:
عندما يقف العبد على حقيقة امتحان الله له ويكون على بصيرة من أمره لا يهون عليه تحمل المصائب فحسب بل يصبر وربما يصل الأمر لبعضهم إلى الرضا بما يواجهه من بلاءات ومصائب يصور لنا الشهيد مطهري في كتابه العدل الإلهي بأن البلاء الإلهي هو لطف الله خفي فهو كحبة الجوز ظاهره القشور القاسية إلا أنه يحتوي على ما فيه فائدة ونفع للإنسان وقد أشار إلى هذا المعنى الإمام العسكري عليه السلام حيث قال "ما من بلية إلا ولله فيها نعمة تحيط بها"13 وبالرجوع إلى الآيات الشريفة في الكتاب الكريم فإننا نقف على الكثير من مصاديق اللطف المذكور فعلى سبيل المثال قوله تعالى: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا14 ومن السنة فعن علي عليه السلام : "لتبلبلنّ بلبلة، ولتُغَربلنَّ غربلة، حتى يعود أسفلكم أعلاكم، وأعلاكم أسفلكم، وليسبقن سباقون كانوا قصرّوا وليقصرنّ سباقون كانوا سبقوا"15 وعنه أيضا عليه السلام : "ولكن الله يختبر عباده بأنواع الشدائد ويتعبدهم بأنواع المجاهد ويبتليهم بضروب المكاره إخراجاً للتكبر من قلوبهم وإسكاناً للتذلل في نفوسهم وليجعل ذلك أبواباً إلى فضله"16

2- نعمة البلاء ومصيبة الرخاء:
لو آمن العبد بأن ما يصيبه من بلاءات وما يحلّ عليه من رزايا ومصائب بأنها نِعَمٌ إلهية وليست نقم، وأنه يستبشر حين يواجه المصيبة ويستوحش عند تأخرها، لكان ذلك دليل على عمق إيمانه بربه ووفق للإطلاع على خفايا الأمور، وهنا يقول مولانا الإمام الكاظم عليه السلام "لن تكونوا مؤمنين حتى تعدّوا البلاء نعمة والرخاء مصيبة وذلك أن الصبر عند البلاء أعظم من الغفلة عنه الرخاء"17 ويقول أمير المؤمنين عليه السلام: "إذا رأيت ربك يوالي عليك البلاء فاشكره وإذا رأيت يتابع عليك النعم فاحذره"18

3- كرامة الله نهاية بدايتها بلاء:
بلوغ الدرجات العليا لا تحصل سدى ولا تتحقق لأحد عبثاً بل لا يبلغها إلا الصابرون ولا ينال الكرامات الإلهية إلا الفائزون بعد الاختبار والامتحان فهذا ابراهيم الخليل عليه السلام لم يبلغ درجة الإمامة إلا بعد إبتلائه بكلمات من ربه فلما أتمهنّ قال له الله تعالى ﴿إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا19 وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "ما كرم عبد على الله إلا إزداد عليه البلاء"20 وعن مولانا الإمام الصادق عليه السلام : "قال ما أثنى الله تعالى عن عبد من عباده من لدن آدم عليه السلام الى محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلا بعد إبتلائه ووفاء حق العبودية فيه، فكرامات الله في الحقيقة نهايات بداياتها البلاء"21.

4- المؤمن مبتلى على قدر حبه:
تصف الروايات بأن مثل المؤمن كمثل كفة الميزان، فكلما زيد في إيمانه زيد في بلائه ومعنى ذلك إذا تباطأت عنه النقم فليعلم أنه قد نقص في دينه وليكن همنا ملاقاة الله ولا خطيئة علينا ولا نبالي في الدنيا بما يصيبنا، وهكذا فليثبت الإنسان على طاعة ربه وطاعة أولياءه وليتزود من حبه لهم حتى ولو تجلبب بالبلاء، لأن المؤمن يبتلى على قدر حبه وإلى ذلك أشارت الروايات فقال مولانا الباقر عليه السلام : "يبتلى المرء على قدر حبه"22 وهكذا قال عليه السلام : "لرجل من أصحابه حين قال له والله إني لأحبكم أهل البيت عليه السلام قال عليه السلام فاتخذ البلاء جلبابا فوالله إنه لأسرع إلينا وإلى شيعتنا من السيّل في الوادي، وبنا يبدأ البلاء ثم بكم، وبنا يبدأ الرخاء ثم بكم"23.

5- البلاء والتكامل:
من يتدبر بما مرّ من آيات وروايات وفيما لم يتم ذكره هنا يجد أن العبد له طريق تكاملي إلى الله سبحانه وتعالى وأن لا يبلغ الدرجة العليا بعد ترك السفلى إلا فوزه بالإمتحان وبناء عليه فإن طريق الكمال مملوء بالبلاءات والمصائب ولذا فكان أشد الناس بلاءاً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل وقد أشار الإمام الصادق عليه السلام إلى ذلك بقوله عليه السلام :"إن أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم اللذين يلونهم ثم الأمثل فالأمثل"24 وكذلك يدل عليه ما جاء في مطلع دعاء الندبة حيث قال: "اللهم لك الحمد على ما جرى به قضائك في أوليائك الذين أستخلصتهم لنفسك ودينك إذ اخترت لهم جزيل ما عندك من النعيم المقيم الذي لا زوال له ولا اضمحلال".
وأما بالنسبة للمؤمن فكذلك يجري عليه نفس القانون المذكور وهو أنه لا يتكامل إلا بعد إبتلائه وقد أشار إليه الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: "إن العبد لتكون له المنزلة من الجنة فلا يبلغها بشيء من البلاء حتى يدركه الموت ولم يبلغ تلك الدرجة فيشدد عليه عند الموت فيبلغها"25

6- التأسي بما جرى في كربلاء:
من العوامل الأساسية التي تساعد المبتلى على تخفيف ما أصابه أن يعيش ما جرى في كربلاء وليتخذ من أسماءها وشخصياتها قدوة له وأسوة يقتدي بها فإنها تخفف عن مصائبه وربما لم يعد يشعر بها لعظمة ما حصل في كربلاء فرزية عظمت على أهل السماء قبل أن تتعاظم على أهل الأرض ومن تلك المواطن التي يقف عليها ما جرى على مولانا الإمام زين العابدين عليه السلام لا سيما صبره على شماتة الأعداء وهو مقّبّل وقُيّد بسلاسل الحقد والبغض إلا أنهم لم يتمكنوا من إسكاته عن جرائمهم وفضحهم أمام البعيد والقريب من جملة ذلك ما جاء في بعض الأخبار أنه لما حُمل علي بن الحسين عليه السلام إلى يزيد بن معاوية فأوقف بين يديه، قال له يزيد لعنه الله ﴿وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ فقال مولانا علي بن الحسين عليه السلام ليست هذه فينا إن فينا قول الله عزوجل: ﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا26 - وعن الإمام الصادق عليه السلام عن قول الله تعالى وما أصابكم من مصيبة قال عليه السلام : "أرأيت ما أصاب علياً وأهل بيته هو بما كسبت أيديهم؟ وهم أهل طهارة معصومين؟! قال .... إن الله يخص أوليائه بالمصائب ليأجرهم عليها من غير ذنب".27

آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


1- قران كريم / سورة الحديد 22
2- قران كريم / سورة الروم 41
3- بحار الانوارج9- ص76, ونوادر الراوندي ح1-ص 143 .
4- بحار – ح 81-ص196
5- قران كريم / سورة ال عمران 179
6- قران كريم / سورة ال عمران 141-142
7- قران كريم / سورة ال عمران 154
8- بحار ح 67- ص 241 .
9- قران كريم / سورة الزخرف 33
10- بحار- ج67-ص 174
11- بحار –ج 82- ص 176
12- بحار – ج 81- ص174
13- بحار – ج 78-ص 260
14- قران كريم / سورة الكهف7
15- بحار ج 5- ص 218 .
16- شرح النهج ح13- ص 156 .
17- بحار الانوار – ج 67/ ص 237
18- غرر الحكم
19- قران كريم / سورة البقرة 124
20- بحار ج 96- ص 28 .
21- بحار ج 67- ص 231 .
22- بحار ج 67- ص 236
23- بحار – ج 67 –ص 238
24- الكافي –ج 2-ص 252 .
25- بحار –ج 82-ص 167 .
26- نوادر الراوندي ج 5- ص 247 .
27- بحار الانوار –ج 81- ص 180 .

14-12-2013 | 15-39 د | 4031 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net