الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
«يا لَيتَنا كُنّا مَعهُم»وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَمراقبات

العدد 1636 28 ربيع الأول 1446 هـ - الموافق 02 تشرين الأول 2024 م

والْجِهَادَ عِزّاً لِلإِسْلَامِ

البصيرةمراقباتوَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ

العدد 1635 21 ربيع الأول 1446 هـ - الموافق 25 أيلول 2024 م

أثر التوحيد في مواجهة البلاء - السيدة زينب (عليها السلام) نموذجاً-

العدد 1634 14 ربيع الأول 1446 هـ - الموافق 18 أيلول 2024 م

طَبِيبٌ دَوَّارٌ بِطِبِّه

المصلحة الإلزاميّة للأمّة هي في الوحدة الإسلاميّة
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

العدد 1617 12 ذو القعدة 1445 هـ - الموافق 21 أيار 2024 م

قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين.

عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الْجِهَادَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، فَتَحَه اللهُ لِخَاصَّةِ أَوْلِيَائِه، وهُوَ لِبَاسُ التَّقْوَى ودِرْعُ الله الْحَصِينَةُ وجُنَّتُه الْوَثِيقَةُ؛ فَمَنْ تَرَكَه رَغْبَةً عَنْه، أَلْبَسَه اللَّه ثَوْبَ الذُّلِّ، وشَمِلَه الْبَلَاءُ، ودُيِّثَ بِالصَّغَارِ والْقَمَاءَةِ، وضُرِبَ عَلَى قَلْبِه بِالأَسْدَادِ، وأُدِيلَ الْحَقُّ مِنْه بِتَضْيِيعِ الْجِهَادِ، وسِيمَ الْخَسْفَ ومُنِعَ النَّصَفَ»[1].

المؤمن عزيزٌ غيرٌ ذليل
إنّ حفظَ كرامة الإنسان وحمايةَ ملكه وأرضه وعرضه، من الأمور الّتي فُطِرت البشريّة عليها، فالله تعالى يأبى للإنسان المذلّة والخضوع والاستكانة، عن الإمام الصادق (عليه السلام): «إنّ الله عزّ وجلّ فوّض إلى المؤمن أمورَه كلَّها، ولم يفوِّض إليه أن يذلَّ نفسه، ألم تسمع لقول الله عزّ وجلّ: ﴿ولِلَّه الْعِزَّةُ ولِرَسُولِه ولِلْمُؤْمِنِين﴾، فالمؤمن ينبغي أن يكون عزيزاً، ولا يكون ذليلاً، يُعزّه اللهُ بالإيمان والإسلام»[2].

ولكي يضمن اللهُ بقاءَ هذا النهج في نفوس البشر، وألّا تنحرفَ فطرتُهم عنه، أوجب عليهم أن يقاوموا ويجاهدوا، وأعدّ لهم ثواباً وجزاءً حسناً، ورفع درجاتٍ مَن قاتل واستشهد في سبيل ذلك، قال تعالى: ﴿لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾[3]، وقال أيضاً: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾[4].

القتالُ خيرٌ
والقتال ليس مطلوباً لذاته، وليس أمراً محبّباً للنفس البشريّة، فالإنسان يميل بطبعه إلى الراحة، ويكره التعرّض لمشاقّ الأمور، والقتال يحمل الكثير من المشاقّ والمخاطر الّتي قد يتعرّض لها الإنسان، إلّا أنّ ذلك يصبح أمراً ضروريّاً، بل ومحبّباً، إذا كان بأمرٍ من الله تعالى، وكانت غايتُه حفظَ النفس وسلامتَها وعزّتَها، قال تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وهُوَ شَرٌّ لَكُمْ واللهُ يَعْلَمُ وأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾[5].

من هنا، فإنّ المقاومةَ تصبح أمراً واجباً وضروريّاً بلحاظ ما يترتّب عليها من آثار ونتائج لها ارتباط ببقاء الأمّة وحفظ عزّتها وكرامتها. وليس بالضرورة أن نتلمّس هذه الآثار والنتائج في المدى القريب، فربّما تكون عمليّةً تأسيسيّةً لمجتمعٍ يحكمه الأمن والسلام، وإنّ لنا في مقاومة الصهاينة والتكفيريّين في لبنان وسوريا والعراق وغيرهم خيرَ شاهد ودليل.

للمقاومة أسسها
إذاً، المقاومة ليست أمراً عبثيّاً أو عشوائيّاً، بل إنّ لها دوافعَها وأسسَها وأهدافَها، وقد بيّن القرآن الكريم ذلك في كثيرٍ من آياته الكريمة، وجعل لنا ضابطةً في عمليّة الجهاد والقتال، ومنها قوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾[6].

فهذه الآية مثلاً تؤسّس لنقاط عدّة في عمليّة القتال والجهاد، منها:
1. إنّ الدفاع والقتال يكون في حال الاعتداء من قِبل العدوّ.
2. إنّ القتال ينبغي أن يكون في سبيل الله تعالى، فهدف المجاهد في جهاده يجب أن يكون إقامةَ الدين وإعلاءَ كلمة التوحيد وحفظَ المسلمين...
3. عدم البدء بالقتال قبل بدء العدوّ؛ إذ إنّ عبارة «وَلا تَعْتَدُوا» تعني لا تعتدوا بقتال مَن لم يبدأكم بقتال.
4. عدم قتال غير المحاربين، فالنهي في «وَلا تَعْتَدُوا» أيضاً، يعني أنّه لا ينبغي لكم الانتقال من قتال المحاربين إلى قتال غيرهم من الّذين لم تُؤمَروا بقتالهم.

إذاً، الإسلام وضع حدوداً معيّنة لدرب الجهاد والمقاومة، وهو الّذي اعتمدَتْه مقاومتُنا في قتال الصهاينة والتكفيريّين على مدى السنوات الطويلة الماضية.

إمّا النصر وإمّا الشهادة
وإنّ أيَّ مقاومة لأيّ عدوّ، لا شكّ في أنّها سوف تكون عرضةً للهزيمة العسكريّة أو للغلبة العسكريّة، ولكن في ميزان الحقّ لا يوجد إلّا الفوز، والفوز هذا إمّا بالنصر والغلبة وإمّا بالشهادة في سبيل الله تعالى، فإنّ الشهادةَ بذاتها ربحٌ وفوز، ولا نعدّها إلّا كذلك، وهذا ما أرشدنا إليه ربّ العزّة والجلال، إذ قال تعالى: ﴿قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ﴾[7]، فالشهادة في سبيله تعالى لا تقلّ مكانةً عن النصر والغلبة.

المقاومة تجسّد قوانين النصر
وهنا ينبغي أن نعلم أنّ النصر والغلبة من السنن الإلهيّة الّتي كتب الله تعالى على نفسه أن يجريَها على مَن يستحقّها، إذ يقول سبحانه: ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾[8].

وقد حدّد الله تعالى في كتابه الكريم سننَ ذلك وقوانينَه؛ ليَعرفَها عبادُه المؤمنون، ويتعاملوا معها على بصيرة، ويسيروا وفق هديها، وهذا ما كانت عليه مقاومتُنا وأبطالُها، منذ أن نشأت وحتّى الساعة، وبذلك كان انتصار أيّار عام 2000 والانتصارات اللاحقة، ومن هذه القوانين:

1. الإيمان بالنصر الإلهيّ: فقد وعد الله المؤمنين بالنصر المبين على أعدائهم؛ وذلك بإظهار دينهم، وإهلاك عدوّهم، وإن طال الزمن، قال تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾[9]، وقال أيضاً: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾[10].

2. التسليم والتوكّل على الله: فالتوكّل على الله مع إعداد القوّة من أعظم عوامل النصر؛ لقوله تعالى: ﴿إِنْ يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكِّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾[11]، ﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾[12]. ولا بدّ في التوكّل من الأخذ بالأسباب الطبيعيّة، كالتخطيط والتدريب ومعرفة العدوّ وخططه وتقنيّاته...

3. الإعداد العسكريّ: فالجهوزيّة القتاليّة، من حيث توفّر العدّة والعتاد والتدريب العسكريّ، تُعدُّ من العوامل المادّيّة المؤثّرة في النصر، وبهذه أمر الله تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ﴾[13].

4. الشجاعة والثبات: من عوامل النصر الثبات عند اللقاء، وعدم الانهزام والفرار.

وإنّ المقاومة الإسلاميّة في لبنان واجهت بشجاعةٍ ورباطة جأش المخطّطات المحلّيّة والعربيّة والعالميّة كلّها، وصمدَت حتّى هزمَت إسرائيل في الميدان، وأسقطَت المشاريع السياسيّة والديموغرافيّة الّتي كانت مقرّرة للمقاومة وأهلها.


[1] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، ص69، الخطبة 27.
[2] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج5، ص63.
[3] سورة التوبة، الآية 88.
[4] سورة العنكبوت، الآية 69.
[5] سورة البقرة، الآية 216.
[6] سورة البقرة، الآية 190.
[7] سورة التوبة، الآية 52.
[8] سورة الحجّ، الآية 40.
[9] سورة غافر، الآيتان 51-52.
[10] سورة المجادلة، الآية 21.
[11] سورة آل عمران، الآية 160.
[12] سورة آل عمران، الآية 159.
[13] سورة الأنفال، الآية 60.

22-05-2024 | 10-06 د | 965 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net