الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
«يا لَيتَنا كُنّا مَعهُم»وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَمراقبات

العدد 1636 28 ربيع الأول 1446 هـ - الموافق 02 تشرين الأول 2024 م

والْجِهَادَ عِزّاً لِلإِسْلَامِ

البصيرةمراقباتوَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ

العدد 1635 21 ربيع الأول 1446 هـ - الموافق 25 أيلول 2024 م

أثر التوحيد في مواجهة البلاء - السيدة زينب (عليها السلام) نموذجاً-

العدد 1634 14 ربيع الأول 1446 هـ - الموافق 18 أيلول 2024 م

طَبِيبٌ دَوَّارٌ بِطِبِّه

المصلحة الإلزاميّة للأمّة هي في الوحدة الإسلاميّة
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

العدد 1600 13 رجب 1445 هـ - الموافق 25 كانون الثاني 2024 م

فاسلُك معَ عليّ

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله وأعزّ المرسلين، سيّدنا محمّد، وعلى آله الطيّبين الطاهرين.

إلى مولانا صاحب العصر والزمان (أرواحنا لتراب مقدمه الفداء)، وإلى نائبه وليّ أمر المسلمين الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، وإلى مراجعنا وقادتنا العظام، وإلى الأمّة الإسلاميّة جمعاء، نرفع أسمى آيات التهنئة والتبريك بذكرى ولادة أمير المؤمنين، وصيِّ رسول ربِّ العالمين، الإمام عليِّ بنِ أبي طالبٍ (عليه السلام)، في الثالث عشر من شهر رجبٍ الأصبّ.


عن عبد الله بن عبّاس، قال: كنّا جلوساً عند رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فقال: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى آدَمَ فِي عِلْمِهِ، وَإِلَى نُوحٍ فِي سِلْمِهِ، وَإِلَى إِبْرَاهِيمَ فِي حِلْمِهِ، وَإِلَى مُوسَى فِي فَطانَتِهِ، وَإِلَى دَاوُودَ فِي زُهْدِهِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا»، قال: فنظرنا، فإذا عليُّ بنُ أبي طالب قد أقبل، كأنَّما ينحدرُ من صبَب[1]-[2].

هو رجلٌ عاش لله تعالى، يغضب لغضبه، ويرضى لرضاه، يحبّ فيه، ويبغض فيه، أوّل الناس إسلاماً، وأعظمهم جهاداً، قسيم الجنّة والنار، فيه يقول رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «إنّ اللهَ جعل لأخي عليٍّ فضائلَ لا تُحصى كثيرة، فمَن ذكر فضيلةً من فضائله، مُقِرّاً بها، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر»[3].

وإنّ انتماءَنا لأمير المؤمنين (عليه السلام) وولايتَنا له، يفرضان علينا أن نقتديَ به، ونهتديَ بهديه، ونترجمَ حبَّنا له ومودَّتَنا في سلوكنا وأفعالنا، يقول رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لعمّار بن ياسر: «يا عمّار، إذا رأيتَ عليّاً سلك وادياً، وسلك الناسُ وادياً غيرَه، فاسلُك مع عليٍّ ودعِ الناس؛ إنّه لن يُدَلِّيَك في ردىً، ولن يخرجَك من الهدى»[4]، فلا بدّ من العيش مع أمير المؤمنين (عليه السلام) في عقولنا وقلوبنا وسلوكنا، في اليقين وقوّة العقيدة والمبدأ، وفي العبادة والعلاقة بالله تعالى، في الخلق العظيم والسلوك القويم. وفي ما يأتي نعرض نماذج من حياته المباركة.

اليقين والتوكّل على الله
كان أمير المؤمنين (عليه السلام) قائداً لأهل اليقين بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، متوكِّلاً على الله تعالى توكّلاً كاملاً، يعلم أنّ اللهَ معه، وحافظُه، وأنّ الأمرَ كلَّه بيده سبحانه، عن الإمام الصادق (عليه السلام): «كان قنبر غلامُ عليٍّ، يحبّ عليّاً (عليه السلام) حبّاً شديداً، فإذا خرج عليٌّ (صلوات الله عليه) خرج على أَثرِه بالسيف، فرآه ذات ليلة، فقال: يا قنبر، ما لك؟ فقال: جئتُ لأمشيَ خلفك يا أمير المؤمنين، قال: ويحك! أمِن أهلِ السماء تحرسني أو من أهلِ الأرض؟ فقال: لا، بل من أهلِ الأرض، فقال: إنّ أهلَ الأرض لا يستطيعون لي شيئاً إلّا بإذن الله من السماء، فارجِع، فرجع»[5].

العبادة والعلاقة بالله تعالى
أمّا في عبادته وعلاقته بالله تعالى، يبيّن الإمام زين العابدين (عليه السلام)، الذي كان يصلّي في اليوم والليلة ألفَ ركعة، تلك الدرجةَ الرفيعةَ لأمير المؤمنين (عليه السلام) في عبادته، إذ كان (عليه السلام) يدعو بصحيفة أمير المؤمنين (عليه السلام)، ينظر في شيءٍ منها، ثمّ يضعها بين يديه، ويقول: «ومَن يقوى على عبادةِ عليّ؟!»[6].

وإلى منهجه العباديّ الملتَزَم يُشير الإمام الباقر (عليه السلام)، قائلاً: «وما ورد عيه أمران، كلاهما لله رضا، إلّا أخذ بأشدِّهما على بدنِه»[7]. وقد أشار أمير المؤمنين (عليه السلام) نفسُه إلى هذا الأمر، إذ قال: «وإِنَّمَا هِيَ نَفْسِي أَرُوضُهَا بِالتَّقْوَى، لِتَأْتِيَ آمِنَةً يَوْمَ الْخَوْفِ الأَكْبَرِ»[8]. وفي حديث ضرار بن ضمرة لمعاوية بن أبي سفيان حول شخصيّة الإمام (عليه السلام) تجسيد لهذه الحقيقة، فممّا جاء في حديثه: «كان والله صوّاماً بالنهار قوّاماً بالليل»[9].

لقد باع أميرُ المؤمنين (عليه السلام) نفسَه لله، وذاب فيه حبّاً، يقول (عليه السلام) في دعاء كميل: «فَهَبْنِي يا إِلهِي وَسَيِّدِي وَمَوْلايَ وَرَبِّي، صَبَرْتُ عَلى عَذابِكَ، فَكَيْفَ أَصْبِرُ عَلى فِراقِكَ؟!»[10].

إنّه يرى الحياة ساحةً للسباق إلى الله عزّ وجلّ والوصولِ إلى جواره: «حَتَّى أَسْرَحَ إِلَيْكَ فِي مَيادِينِ السابِقِينَ، وأُسْرِعَ إِلَيْكَ فِي البارِزِينَ، وَأَشْتاقَ إِلى قُرْبِكَ فِي المُشْتاقِينَ، وَأَدْنُوَ مِنْكَ دُنُوَّ المُخْلِصِينَ، وَأَخافَكَ مَخافَةَ المُوقِنِينَ، وَأَجْتَمِعَ فِي جِوارِكَ مَعَ المُؤْمِنِينَ»[11].
وعندما كان يسجد وينسجم في صلاته، كان يُخيّل للّذي يمرّ عليه أنّه ميّت، حتّى أنّ أبا الدرداء يقول بعد حديثٍ طويلٍ يصف فيه صلاتَه (عليه السلام) ومناجاتَه: فأتيتُه، فإذا هو كالخشبة الملقاة، فحرّكتُه فلم يتحرّك، وزويتّه[12] فلم ينزوِ، فقلتُ: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، مات والله عليُّ بنُ أبي طالب. قال: فأتيتُ منزلَه مبادراً أنعاه إليهم، فقالت فاطمة (عليها السلام): «يا أبا الدرداء، ما كان من شأنه ومن قصّته؟» فأخبرتُها الخبر، فقالت: «هي والله -يا أبا الدرداء- الغشيةُ التي تأخذه من خشية الله»، ثمّ أتَوه بماءٍ فنضّحوه على وجهه، فأفاق[13].

الخلق العظيم والسلوك القويم
أمّا في خُلُقِه (عليه السلام)، فلقد كان قبساً من خُلق رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، الذي تربّى في حجره وشبّ على مائدة مكارم أخلاقه، كان قدوةً في ذلك مع صديقه وعدوّه، وقد أدّب على ذلك شيعتَه، ودعا إلى الحقّ أعداءه.
وإنّ من أبرز مكارم أخلاقه حلمَه (عليه السلام)، وكظمَه للغيظ، ومقابلتَه الإساءةَ بالصفح والإحسان، ولقد قصدَه أبو هريرة، والذي كان معروفاً بانحرافه عنه، وبغضه له، فسأله حوائجَه، فقضاها، فعاتبه أصحابُه على ذلك، فقال (عليه السلام): «إنّي لأستحي أن يغلبَ جهلُه علمي، وذنبُه عفوي، ومسألتُه جودي»[14].

وكان عبد الله بن الزبير يشتمه على رؤوس الأشهاد، وخطب يوم البصرة، فقال: قد أتاكم الوغدُ اللئيمُ عليُّ بنُ أبي طالب، وكان عليٌّ (عليه السلام) يقول: «ما زال الزبيرُ رجلاً منّا أهل البيت، حتّى شّب عبد الله»، فظفر به يوم الجمل، فأخذه أسيراً، فصفح عنه، وقال: «اذهب، فلا أَرَيَنَّك»، لم يزده على ذلك[15].

وإنّ من عظيم عفوه وصفحه، لمّا ملك عسكرُ معاوية عليه الماء، وأحاطوا بشريعة الفرات، وقالت رؤساء الشام له: اقتلهم بالعطش كما قتلوا عثمانَ عطشاً، سألهم عليٌّ (عليه السلام) وأصحابُه أن يشرعوا لهم شربَ الماء، فقالوا: لا والله، ولا قطرة، حتّى تموتَ ظمأً كما مات ابنُ عفّان، فلمّا رأى (عليه السلام) أنّه الموتُ لا محالة، تقدّم بأصحابه، وحمل على عساكر معاوية حملاتٍ كثيفةً، حتّى أزالهم عن مراكزهم بعد قتلٍ ذريعٍ، سقطت منه الرؤوسُ والأيدي، وملكوا عليهم الماء، وصار أصحابُ معاوية في الفلاة، لا ماءَ لهم، فقال له أصحابُه وشيعتُه: امنعهم الماءَ يا أمير المؤمنين، كما منعوك، ولا تسقِهم منه قطرة، واقتلهم بسيوف العطش، وخذهم قبضاً بالأيدي، فلا حاجةَ لك إلى الحرب، فقال: «لا والله، لا أكافِئُهم بمثل فعلِهم، افسحوا لهم عن بعض الشريعة، ففي حدِّ السيفِ ما يُغني عن ذلك»[16].

حبُّ أميرِ المؤمنين (عليه السلام)
في الختام، إنّ هذه المحبّة وهذه الولاية التي تُترجَم بالعمل والسلوك، لها آثار بالغة ونتائج عظيمة، بيّنتها الروايات والأحاديث الشريفة، منها:

1. الأمن والإيمان: عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السلام): «ألا مَن أحبّكَ حُفّ بالأمن والإيمان، ومَن أبغضكَ أماته الله ميتة الجاهليّة»[17].

2. قبول الأعمال وإجابة الدعاء: عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «مَن أحبّ عليّاً قَبِل اللهُ منه صلاتَه وصيامَه وقيامَه، واستجاب دعاءَه»[18].

3. غفران الذنوب: عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «حُبُّ عليٍّ يأكل الذنوب كما تأكل النار الحطب»[19].

4. المنفعة عند الموت: عن الإمام الباقر (عليه السلام): «أنفع ما يكون حبُّ عليٍّ لكم، إذا بلغت النفس الحلقوم»[20].

5. براءة من النار، وجواز على الصراط: عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «ألا ومَن أحبَّ عليّاً، كتب الله له براءة من النار، وجوازاً على الصراط، وأماناً من العذاب»[21].


[1] الصبب: ما انحدر من الأرض أو الطريق.
[2] الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ص25.
[3] الموفّق الخوارزميّ، المناقب، ص32.
[4] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج38، ص32.
[5] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج2، ص59.
[6] القاضي النعمان المغربيّ، شرح الأخبار، ج3، ص272.
[7] الشيخ الصدوق، الأمالي، ص356.
[8] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، ص417، الكتاب 45.
[9] ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، ج1، ص371.
[10] الشيخ عبّاس القمّيّ، مفاتيح الجنان، ص130.
[11] المصدر نفسه، ص133.
[12] زويتُ الشيء: جمعته وقبضته.
[13] الشيخ الصدوق، الأمالي، ص138.
[14] ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، ج1، ص380.
[15] ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج1، ص23.
[16] المصدر نفسه.
[17] الموفّق الخوارزميّ، المناقب، ص39.
[18] المصدر نفسه، ص72.
[19] علي بن يونس النباطيّ، الصراط المستقيم، ج1، ص198.
[20] القاضي النعمان المغربيّ، دعائم الإسلام، ج1، ص72.
[21] الشيخ الصدوق، فضائل الشيعة، ص4.

24-01-2024 | 10-52 د | 2519 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net