الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
«يا لَيتَنا كُنّا مَعهُم»وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَمراقبات

العدد 1636 28 ربيع الأول 1446 هـ - الموافق 02 تشرين الأول 2024 م

والْجِهَادَ عِزّاً لِلإِسْلَامِ

البصيرةمراقباتوَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ

العدد 1635 21 ربيع الأول 1446 هـ - الموافق 25 أيلول 2024 م

أثر التوحيد في مواجهة البلاء - السيدة زينب (عليها السلام) نموذجاً-

العدد 1634 14 ربيع الأول 1446 هـ - الموافق 18 أيلول 2024 م

طَبِيبٌ دَوَّارٌ بِطِبِّه

المصلحة الإلزاميّة للأمّة هي في الوحدة الإسلاميّة
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

العدد 1599 06 رجب 1445 هـ - الموافق 18 كانون الثاني 2024 م

فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق



بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله وأعزّ المرسلين، سيّدنا محمّد، وعلى آله الطيّبين الطاهرين.

إلى مولانا صاحب العصر والزمان (أرواحنا لتراب مقدمه الفداء)، وإلى نائبه وليّ أمر المسلمين الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، وإلى مراجعنا وقادتنا العظام، وإلى الأمّة الإسلاميّة جمعاء، نرفع أسمى آيات التهنئة والتبريك بذكرى ولادة الإمام التاسع من أئمّة أهل البيت (عليهم السلام)، الإمام محمّد الجواد (عليه السلام)، والتي تصادف نهار الاثنين، في العاشر من شهر رجب، سنة 195 للهجرة.

 
قال تعالى في كتابه العزيز: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾[1].

منذ أن خلق اللهُ نبيَّه آدم (عليه السلام)، وأمر ملائكتَه بتعظيمه والسجود له، فأطاعوه وسجدوا، إلّا إبليس أبى واستكبر، عادّاً نفسَه خيراً منه وأفضل، بدأت عداوةُ الشيطان للإنسان، إذ أقسم وتوعّد بأن يسلك طريق العداء لآدم وبنيه، يقول تعالى حكايةً عن لسان إبليس: ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾[2]، بل إنّه طلب من الله تعالى أن يُمهلَه ويطيلَ في عمره لأجل هذه الغاية: ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ﴾[3].

وقد بيّن القرآن الكريم عداوة إبليس لبني آدم بشكل جليٍّ وواضح، فتكلّم عليها مراراً، وفي سورٍ عدّة: ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾[4]، وفي المقابل حذّرت بعض الآياتِ الإنسانَ كثيراً من إبليس وجنوده، مؤكِّدةً ضرورةَ اتّخاذه عدوّاً: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا﴾، ونهَى بعضها الآخر عن اتّباع خطواته واقتفائها: ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾[5]، فيما استنكرت آياتٌ أخرى اتّخاذَه وذرّيتَه أولياءَ من دون الله: ﴿أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ﴾[6].

اليقظة الدائمة
إنّ الأساس في عمليّة الصراع مع هكذا عدوّ هو الحذر والانتباه واليقظة الدائمة، وهذا الأمر لا يقتصر على مرحلة دون أخرى، أو في زمنٍ معيّن أو مدّة معيّنة، بل إنّ هذا الأمر مطلوبٌ دائماً في طول خطّ الحياة التي هي ساحة هذا الصراع في ميادين متنوّعة واتّجاهات مختلفة؛ إذ إنّ الغافل عن عدوّه يمكِّن عدوَّه من أن يستحكم عليه ويبطش به، أمّا مَن يستحضر وجودَ هذا العدوّ دائماً، ويعمل على إعداد العدّة المناسبة، ويكون على جهوزيّة تامّة، لا شكّ في أنّه سيتمكّن من المحاربة، والنجاة من ألاعيب الشيطان وشراكه.

أسلحة المواجهة
سأل هشام بن الحكم الإمامَ الكاظم (عليه السلام): فأيّ الأعداء أوجبهم مجاهدة؟ قال (عليه السلام): «أقربهم إليك، وأعداهم لك، وأضرّهم بك، وأعظمهم لك عداوةً، وأخفاهم لك شخصاً مع دُنوِّه منك، ومَن يحرِّض أعداءَك عليك، وهو إبليس المُوكَلُ بوسواس [من] القلوب، فله فَلْتشتدَّ عداوتُك»[7].

ولا شكّ في أنّ الصراع مع العدوّ، يحتاج إلى أسلحةٍ فعّالةٍ للمواجهة، فكيف إذا كان عدوّاً لا يهدأ، متأهِّباً، مستعدّاً، لا يتكاسل، ولا يتوانى عن تحقيق أهدافه وغاياته؟

ثمّة وسائل وسبل، تساعد الإنسان في صراعه ومجاهدته لإبليس، وتشكّل درعاً حصينةً ضدّ شراكه وحبائله، منها:

1. ذكر الله والاستعاذة به
إنّ من أبرز أهداف إبليس وغاياته أن يُنسيَ الإنسانَ ذكر الله تعالى، يقول عزّ وجلّ: ﴿اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾[8]؛ إذ إنّ ذكرَه تعالى خير الأعمال وأرفع الدرجات، والمُنجي من كلِّ سيّئة، وعن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «لا تختارنَّ على ذكر الله شيئاً؛ فإنّه يقول: ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾[9]، ويقول: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾[10]»[11].

وعليه، يكون ذكر الله تعالى من أهمّ الأسلحة في مجاهدة إبليس، يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): «وأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَحْدَه لَا شَرِيكَ لَه، شَهَادَةً مُمْتَحَناً إِخْلَاصُهَا، مُعْتَقَداً مُصَاصُهَا، نَتَمَسَّكُ بِهَا أَبَداً مَا أَبْقَانَا، ونَدَّخِرُهَا لأَهَاوِيلِ مَا يَلْقَانَا؛ فَإِنَّهَا عَزِيمَةُ الإِيمَانِ، وفَاتِحَةُ الإِحْسَانِ، ومَرْضَاةُ الرَّحْمَنِ، ومَدْحَرَةُ الشَّيْطَانِ»[12].

ومن أهمّ الأذكار في عمليّة الصراع الاستعاذة به تعالى من الشيطان الرجيم، إذ يقول تعالى في كتابه العزيز: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾[13]، ويقول أيضاً: ﴿وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ﴾[14].

2. طول السجود
فالسجود يمثّل أبرزَ مظاهر الخضوع والتذلّل بين يدي الله تعالى، وإنّ «أقرب ما يكون العبدُ من الله عزّ وجلّ، وهو ساجد»[15]، كما عن الإمام الرضا (عليه السلام)، ولا شكّ في أنّ هذا القربَ يؤلم الشيطان، بل هو أشدّ الأعمال عليه، عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «أطيلوا السجود، فما من عملٍ أشدّ على إبليس من أن يرى ابنَ آدم ساجداً؛ لأنّه أُمِر بالسجود فعصى، وهذا أُمِر بالسجود فأطاع في ما أُمِر»[16].

3. زيارة الإخوان في الله وذكر فضائل أهل البيت (عليهم السلام)
عن أبي المَغْرا، قال: سمعتُ أبا الحسن [الإمام الكاظم (عليه السلام)] يقول: «ليس شيءٌ أنكى[17] لإبليسَ وجنودِه من زيارة الإخوانِ في الله، بعضِهم لبعض»، قال: «وإنّ المؤمنَيْن يلتقيان، فيذكران الله، ثمّ يذكران فضلَنا أهلَ البيت، فلا يبقى على وجه إبليس مُضغَةُ لحمٍ إلّا تَخَدَّدَ[18]، حتّى إنّ روحَه لَتستغيث من شدّة ما يجدُ من الألم، فَتَحُسُّ ملائكةُ السماء وخزّانُ الجنان، فيَلعنونَه حتّى لا يبقى مَلَكٌ مُقرَّبٌ إلّا لعنه، فيقعُ خاسئاً حسيراً مدحوراً»[19].

4. القراءة في المصحف ووجوده في البيت
عن الإمام الصادق (عليه السلام): «ليس شيءٌ على الشيطان أشدّ من القراءة في المصحف نظراً، والمصحف في البيت يطرد الشيطان»[20].

وثمّة أعمال أخرى وعديدة تُبعِد الشيطان، وتجعله ضعيفاً، وتنصرنا عليه، عن الإمام الصادق (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام): «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لأصحابه: ألا أُخبركم بشيءٍ، إنْ أنتم فعلتموه تباعد الشيطان عنكم كما تباعد المشرق من المغرب؟ قالوا: بلى، قال: الصوم يسوّد وجهَه، والصدقة تكسر ظهرَه، والحبّ في الله والموازرة على العمل الصالح يقطعان دابرَه، والاستغفار يقطع وتينَه...»[21].

ليس لي فيهنَّ حيلة
لقد تجرّأ إبليس على الله تعالى، وتوعّد بأن يُضلّ عباد الله أجمعين، إلّا قليلاً منهم، يقرّ إبليس بأنّه لا يستطيع إغواءهم: ﴿إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾[22]، ثمّ يؤكّد الله تعالى بأنّه ليس لإبليس سلطانٌ على العباد إلّا مَن اتّبعه منهم، يقول تعالى: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾[23]، بل إنّ الله تعالى أخبرنا بأنّ كيدَه ضعيفٌ: ﴿إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا﴾[24].

لذا، فإنّ باستطاعة العبد أن يتغلّبَ على الشيطان ويجعلَه عاجزاً، لا يقوى على الوصول إليه، ولا يملك حيلةً لإحكام قبضتِه عليه، وقد بيَّنت الروايات بعضَ الأوصاف التي إن تحلّى بها المرء كان لها هذا الأثر، عن الإمام الصادق (عليه السلام): «قال إبليس: خمسة [أشياء] ليس لي فيهنّ حيلة، وسائر الناس في قبضتي: مَن اعتصم بالله عن نيّةٍ صادقة، واتّكل عليه في جميع أموره، ومَن كثُر تسبيحُه في ليله ونهاره، ومَن رضيَ لأخيه المؤمن بما يرضاه لنفسه، ومَن لم يجزع على المصيبة حين تصيبه، ومَن رضيَ بما قسم الله له ولم يهتمَّ لرزقه»[25].



[1] سورة فاطر، الآية 6.
[2] سورة ص، الآية 82.
[3] سورة ص، الآيات 79 - 81.
[4] سورة الأعراف، الآيتان 16 و17.
[5] سورة البقرة، الآية 168.
[6] سورة الكهف، الآية 50.
[7] ابن شعبة الحرّانيّ، تحف العقول، ص399.
[8] سورة المجادلة، الآية 19.
[9] سورة العنكبوت، الآية 45.
[10] سورة البقرة، الآية 152.
[11] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج74، ص107.
[12] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، ص46، الخطبة 2.
[13] سورة الأعراف، الآية 200.
[14] سورة المؤمنون، الآيتان 97 و98.
[15] الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا (عليه السلام)، ج2، ص10
[16] الشيخ الصدوق، علل الشرائع، ج2، ص340.
[17] نكى العدوّ، وفيه نكاية: قتل وجرح.
[18] خدد لحمه وتخدّد: هزل ونقص.
[19] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج2، ص188.
[20] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج89، ص201.
[21] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج 66، ص380.
[22] سورة الحجر، الآية 40.
[23] سورة الحجر، الآية 43.
[24] سورة النساء، الآية 76.
[25] الشيخ الصدوق، الخصال، ص285.

18-01-2024 | 08-55 د | 2845 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net