الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مسؤولي البلاد وسفراء الدول الإسلاميّةكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في خطبتَي صلاة عيد الفطركلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء جمع من الطلّاب الجامعيّينكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في اللقاء الرمضانيّ مع مسؤولي البلادبِهذا جُمِعَ الخَيرُ

العدد 1612 07 شوال 1445 هـ - الموافق 16 نيسان 2024 م

لَا تُطَوِّلْ فِي الدُّنْيَا أَمَلَكَ

العامل الأساس للنصر مراقباتالأيّامُ كلُّها للقدسِسُلوك المؤمِن
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

العدد 1565 05 ذو القعدة 1444 هـ - الموافق 25 أيار 2023م

للهِ العزّةُ ولرسولِه وللمؤمنين

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمّد، وعلى آله الطيّبين الطاهرين.

قال تعالى في كتابه الكريم: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾[1].

قرن اللهُ تعالى عزّةَ الإنسان المؤمن بعزّته وعزّة رسوله (صلّى الله عليه وآله)، وجعل له مكانةً عاليةً، ومقاماً مميّزاً ومختلفاً ومتقدّماً على سائر مخلوقاته؛ إذ إنّه المخلوق العاقل المُدرِك الذي حمّله اللهُ تعالى أمانتَه الكبرى، حين أشفق منها غيرُه من المخلوقات؛ فشرّفه وكرّمه، مبيّناً ذلك في كتابه العزيز؛ إذ يقول: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ﴾[2].

من هنا، كان التأكيد الدائم في الآيات والروايات على حرمة الإنسان المؤمن، وحرمة دمه، وحرمة أذيّته وإذلاله؛ إذ إنّ للنفس الإنسانيّة كرامةً عند الله تعالى، وعلى الإنسان أن يحفظها، فلا يضيّعها بإخراجها عمّا يليق بها من المواضع والمواطن؛ لذا حرّم الله تعالى على الإنسان أن يُقحِم نفسه في المهالك، جسديّةً كانت أم معنويّة، وحذّره من مواضع السوء، وما ذلك إلّا للتأكيد على كرامة النفس الإنسانيّة وعزّتها، بل إنّ كرامة نفس المؤمن عند الله أعظم حرمةً وأعزّ من الكعبة المشرّفة، كما عن الإمام الصادق (عليه السلام): «المؤمن أعظم حرمةً من الكعبة»[3].

لذا، فإنّ من أبرز ما ينبغي للإنسان أن يتنبّه إليه في التعامل مع نفسه، هو أن لا يقحمها في ما يعرّضها للمذلّة والمهانة، وإلى هذا تشير الأحاديث الواردة عن أهل بيت العصمة (عليهم السلام)، فعن الإمام الباقر (عليه السلام): «إنّ الله عزّ وجلّ أعطى المؤمن ثلاث خِصال: العزّ في الدّنيا في دينه، والفلَج (الظفر والفلاح) في الآخرة، والمهابة في صدور العالمين»[4].

وعليه، فلا بدّ للإنسان المؤمن من التحرّز عن الوقوع في ما يذلّه ويُنقص من كرامته، بل لا بدّ من القيام ومواجهة مَن يريد إذلاله وإهانته، كمَن يعيش تحت رهن الظالمين والمعتدين والمحتلّين، وهم يغتصبون حقوقه وأمواله وأملاكه، ويعتدون عليه، وغير ذلك من مظاهر الذلّ الذي تأباها النفوس الكريمة، فعن الإمام الصادق (عليه السلام): «إنّ الله عزّ وجلّ فوّض إلى المؤمن أموره كلّها، ولم يفوّض إليه أن يكون ذليلاً، أما تسمع قول الله عزّ وجلّ: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾؛ فالمؤمن يكون عزيزاً ولا يكون ذليلاً»، ثمّ قال: «إنّ المؤمن أعزّ من الجبل؛ إنّ الجبل يُستَقَلُّ منه بالمعاول، والمؤمن لا يُستَقَلُّ من دينه بشيء»[5].

من مصاديق عزّة النفس
لقد ذكر أهل العصمة (عليهم السلام) لعزّة النفس وغناها مصاديق عديدة، ودلائل كثيرة، ينبغي للإنسان معرفتُها ومراعاتُها والاهتمامُ بها، نذكر منها:

1. تنزيهها عن الدنايا: عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «وأَكْرِمْ نَفْسَكَ عَنْ كُلِّ دَنِيَّةٍ، وإِنْ سَاقَتْكَ إِلَى الرَّغَائِبِ، فَإِنَّكَ لَنْ تَعْتَاضَ بِمَا تَبْذُلُ مِنْ نَفْسِكَ عِوَضاً»[6].

2. ترك القال والقيل: عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «يا كميل، أحسَنُ حلية المؤمن التواضع، وجماله التعفّف، وشرفه التفقّه، وعزّه ترك القال والقيل»[7]، وعن الإمام الكاظم (عليه السلام) لرجلٍ قال له: أوصني، فقال له: «احفظ لسانَك تُعَزّ، ولا تُمكِّن الناسَ من قيادك، فتُذِلَّ رقبتَكَ»[8].

3. اليأس ممّا في أيدي الناس: عن الإمام الصادق (عليه السلام): «قال لقمان: يا بُنيّ، ... فإن أردتَ أن تجمع عزَّ الدنيا، فاقطع طمعَك ممّا في أيدي الناس؛ فإنّما بلغ الأنبياء والصدّيقون ما بلغوا، بقطع طمعهم»[9].

4. طلب الحوائج من دون شكاية: عن النبيّ الأكرم (ص): «اطلبوا الحوائج بعزّة الأنفس»[10]، وقد ورد عن أحدهم أنّه قال: دخلتُ على أبي عبد الله (عليه السلام)، فذكرتُ له بعضَ حالي، فقال: «يا جارية، هاتِ ذلك الكيس، هذه أربعمئة دينار وصلني بها أبو جعفر، فخذها، وتفرّج بها»، قال: فقلت: لا والله، جُعِلتُ فداك! ما هذا دهري[11]، ولكن أحببتُ أن تدعو الله عزّ وجلّ لي، قال: فقال: «إنّي سأفعل، ولكن إيّاك أن تخبر الناس بكلّ حالك، فتهون عليهم»[12].

5. إكرام الآخرين: عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «إنْ مكرمة صنعتَها إلى أحد من الناس، إنّما أكرمتَ بها نفسَك، وزيَّنت بها عِرْضَك، فلا تطلب من غيرِك شُكْرَ ما صَنعتَ إلى نفسك»[13].

6. كفّ الأذى عن الناس: عن الإمام الصادق (عليه السلام): «شرف المؤمن صلاته بالليل، وعزّه كفّ الأذى عن الناس»[14].

إدراك الانتصار
إنّ من أهمّ مصاديق العزّة والكرامة، أن لا يرضخ الإنسان إلى أعدائه، وأن يمنّ الله عليه بالانتصار والغلبة عليهم، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام): «العزّ إدراك الانتصار»[15]. وقد خطب (عليه السلام) في أصحابه، حين غلبهم أصحاب معاوية على شريعة الفرات بصفّين، ومنعوهم الماء، فقال (عليه السلام): «قَدِ اسْتَطْعَمُوكُمُ الْقِتَالَ، فَأَقِرُّوا عَلَى مَذَلَّةٍ وتَأْخِيرِ مَحَلَّةٍ، أَوْ رَوُّوا السُّيُوفَ مِنَ الدِّمَاءِ تَرْوَوْا مِنَ الْمَاءِ؛ فَالْمَوْتُ فِي حَيَاتِكُمْ مَقْهُورِينَ، والْحَيَاةُ فِي مَوْتِكُمْ قَاهِرِينَ»[16].

لقد أورد أميرُ المؤمنين (عليه السلام) هنا خيارين؛ الأوّل هو الاستسلام، وترك القتال، مع ما يلزم منه الإقرار بالعجز، وما يترتّب عليه من الذلّ والهوان، وتأخير المنزلة عن رتبة أهل الشرف والشجاعة؛ والثاني هو القتال، وبه يحصلون على ما مُنعِوا عنه، فالريّ من الماء يلزمه ترويتهم السيوف من الدماء.

ثمّ بيّن (عليه السلام) ماهيّة الموت الواقعيّة والحياة الفعليّة: «الموت في حياتكم مقهورين، والحياة في موتكم قاهرين»، فالموت الفعليّ هو في الذلّ والهوان والقهر المترتِّب على ترك القتال، فإنّ المذلّة وسقوط المنزلة والهضم والاستنقاص عند ذوي العقول موتات متعاقبة. وإنّ الحياة وعدم الموت واقعاً يكون بعدم الخضوع والركون، وبالجهاد والقتال لقهر الأعداء والتغلّب عليهم[17].

25 أيّار يوم عزّة الأمّة
وما انتصار أيّار 2000 إلّا واحدٌ من مصاديق العزّة التاريخيّة التي حقّقتها المقاومة في لبنان، بقيادتها ومجاهديها وشعبها؛ إذ جسّدَت أروع المعارك وأقدسها في مواجهتها العدوان والاحتلال الإسرائيليَّين، وكان السلاح الأقوى في هذه الحرب هو الإيمان والصبر والإرادة والثبات والتوكُّل على الله تعالى، والإخلاص والطاعة له سبحانه، قال تعالى: ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾[18].

يقول سماحة الأمين العامّ السيّد حسن نصر الله (حفظه الله): «عندما نتحدّث عن هذا النصر، عن تحرير الأرض، عن حرّيّة الإنسان، عن كرامة الوطن، عن عزّة الأمّة، يجب أن نتذكّر كلّ أولئك الذين ساهموا في صنع هذا النصر. قبل كلّ شيء، وبعد كلّ شيء، نحن عباد الله، نعلن أمام العالم كلّه، أنّ هذا النصر من الله سبحانه وتعالى... وعندما نأتي إلى الخلائق، لا بدّ أن نذكر أوّلاً الشهداء، كلَّ الشهداء، شهداء المقاومة من حزب الله وحركة أمل والقوى الوطنيّة اللبنانيّة، شهداء الجيش اللبنانيّ والجيش العربيّ السوريّ، شهداء المقاومة الفلسطينيّة. لا بدّ أن نتذكّر النساء والأطفال في قانا والمنصوريّ وسحمر والنبطيّة الفوقا وغيرها. لا بدّ أن نعترف لهؤلاء الشهداء بالفضل الأوّل والأكبر بعد الله سبحانه وتعالى»[19].


[1] سورة المنافقون، الآية 8.
[2] سورة الإسراء، الآية 70.
[3] الشيخ الصدوق، الخصال، ص27.
[4] المصدر نفسه، ص139.
[5] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج5، ص63.
[6] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، ص401، الكتاب 31.
[7] ابن شعبة الحرّانيّ، تحف العقول، ص172.
[8] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج2، ص113.
[9] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج13، ص420.
[10] المتّقي الهنديّ، كنز العمّال، ج6، ص519.
[11] أي ليس هذا عادتي وهمّتي، فإنّ الدهر يُقال للهمّة والعادة.
[12] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج4، ص21.
[13] الواسطيّ، عيون الحكم والمواعظ، ص 154.
[14] الشيخ الصدوق، الخصال، ص6.
[15] الليثيّ الواسطيّ، عيون الحكم والمواعظ، ص44.
[16] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، ص88، الخطبة 51.
[17] راجع: ابن ميثم البحرانيّ، شرح نهج البلاغة، ج2، ص136. (بتصرّف)
[18] سورة الحجّ، الآية 40.
[19] من خطاب سماحة السيّد حسن نصر الله (حفظه الله)، بتاريخ 26/05/2000م.

24-05-2023 | 12-33 د | 5506 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net