الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

العدد 1422 – 07 محرم 1442 هـ - الموافق 27 آب 2020م

واجتمعت القلوب على حبِّ الحسين (عليه السلام)

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

واجتمعت القلوب على حبِّ الحسين (عليه السلام)

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين.

أعظم الله أجوركم بمصاب أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) وأهل بيته وأصحابه.

أيّها الأحبّة،

لم تكن ثورةُ الإمام الحسين (عليه السلام) بما تتضمّن من مفاهيم ومبادئ، حكراً على طائفة أو مذهب، بل تتعدّى في أهدافها وشعاراتها كلَّ الأديان والمذاهب؛ ذلك أنّها تحاكي مشاعرَ الإنسان بما هو إنسان، وتحاكي كرامتَه وعزّتَه وحقوقَه.
لهذا، فإنّنا نجد في زمن ما بعد الثورة الحسينيّة المباركة أطيافاً من الناس، وبجميع ميولهم الفكريّة والدينيّة، ينظرون إلى عاشوراء ووقائعها نظرةَ احترام وتقدير، وكم من أناس جذبتهم الثورة هذه، حتّى سلكوا طريقَ الإسلام بعد حين، واستبصروا بنور الإمام الحسين (عليه السلام).

وقد جمعت الثورةُ الحسينيّةُ عدداً من الرجالات الذين كان لهم ميول فكريّة ودينيّة مختلفة قبل عاشوراء، فصبروا وصمدوا مع الإمام (عليه السلام)، وهم يعلمون أنّ موازين القوى المادّيّة والعسكريّة متفاوتة بينهم وبين الأعداء، وإليكم بعض تلك النماذج من أصحابه الأوفياء:

فهذا وهب النصرانيّ الذي انجذب نحو الإمام الحسين (عليه السلام)، حتّى أعلن ولاءَه له في الثورة، وإيمانه بالإسلام، ثمّ استشهد بين يديه (عليه السلام).

وهذا زهير بن القين، الذي كان معروفاً بهواه العثمانيّ، كيف تحوّل إلى حسينيّ ثائر، لم يرَ في الالتحاق بمعسكر الإمام (عليه السلام) إلّا سلوكاً في طريق الحقّ، حتّى ترك ما كان عليه من توجّه سياسيّ وفكريّ، إلى أن استشهد بين يديه (عليه السلام)، وهو القائل: «يابن رسول الله، ووددتُ أنّي قُتِلت، ثمّ نُشِرت، ثمّ قُتِلت، ثمّ نُشِرت، ثمّ قُتِلت، ثمّ نُشِرت، فيك وفي الذين معك مئة قتلة، وأنّ اللهَ دفع بي عنكم أهل البيت»، فقال له ولأصحابه: «جُزيتم خيراً!»[1].

وهذا جون بن حوي، مولى أبي ذرّ الغفاريّ، وقد كان مولى من الموالي العبيد، والذي كان يُنظَر إليه وإلى أمثاله في تلك الحقبة من الزمن نظرة استضعاف واستكانة، إلّا أنّه عايش الإمام الحسين (عليه السلام) ونهل منه الأدبَ وملازمة الحقّ، حتّى التحق به في واقعة الطفّ، وقاتل قتالاً شديداً بين يديه ونال الشهادة في سبيل الله، فتقدّم الإمام (عليه السلام)، ودعا له بهذا الدعاء: «اللهمّ بَيِّضْ وجهَه، وطَيِّبْ ريحَه، واحشُرْه مع محمّدٍ (صلّى الله عليه وآله)، وعَرِّفْ بينه وبين آل محمّد (عليهم السّلام)»[2].

وهذا نصرُ بنُ أبي نَيْزَر، بنِ أصحمة النجاشيّ ملِك الحبشة[3]، وهو بدوره صاحبَ الإمامَ الحسين (عليه السلام) من مكّة إلى المدينة إلى كربلاء، حتّى قاتل واستشهد بين يديه.

وهذا الحرّ بن يزيد الرياحيّ أيضاً، الذي أوكلت إليه مهمّة منع الإمام الحسين (عليه السلام) من المسير، وكان قد وصل إلى كربلاء، فقد وصل به يقينه بأحقّيّة ما يقوم به الإمام (عليه السلام) بأن يخيّر نفسه بين الحقّ والباطل، وبين الجنّة والنّار، كما قال هو (رضوان الله عليه) لأحدهم حين قال له: ما تريد يابن يزيد، أتريد أن تحمل؟... ثمّ قال له: إنّ أمرك لمريب! والله، ما رأيتُ منك في موقف قطّ مثل هذا، ولو قيل لي: من أشجع أهل الكوفة؟ ما عدوتك، فما هذا الذي أرى منك؟! فقال له: «إنّي -واللهِ- أخيّر نفسي بين الجنّة والنّار، فواللهِ لا أختار على الجنّة شيئاً، ولو قُطِّعت وحُرِّقت»[4].

فالسؤال هنا، ما الذي جعل الحرّ يقوم بتغيير موقفه، وهو الذي كان من قادة الجيش المقابل؟

ما الذي جعل زهير بن القين يغيّر موقفه بعد أن مضى ردحاً من الزمن وهو يتّخذ موقفاً مغايراً لموقف الإمام (عليه السلام)؟

ما الذي دفع بجون الذي أمضى حياته مولىً، وكان له أن يعتذر عن إقحام نفسه في معركة لا تتساوى فيها موازين القوى، ومعروفة النتائج؟

أيّها الأحبّة،
إنّ في مثل هذه النماذج العظيمة من أصحاب الإمام (عليه السلام) دليلاً واضحاً على أنّ ثورة الإمام جمعت فئات متعدّدة من أعراق وأديان وتوجّهات سياسيّة وعقديّة مختلفة في حركة الإمام وثورته؛ ذلك أنّهم وجدوا فيها وفي قائدها باباً لسلوك طريق الحقّ.


[1] الشيخ الصدوق، الأمالي، ص220.
[2] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج45، ص23.
[3] قال ابنُ هشام في (السّيرة النّبويّة): «وأمّا النجاشيّ، فاسمٌ لكلّ ملِكٍ يلي الحبشة، كما أنّ كسرى اسمٌ لِمَن مَلَك الفرس، وخاقان اسمٌ لملك التّرك كائناً مَن كان، وبطليموس اسمٌ لِمَن مَلَك يونان، واسمُ هذا النّجاشيّ: أصحمة بن أبجر، وتفسيرُه: عطيّة».
[4] الشيخ المفيد، الإرشاد، ج2، ص99.

27-08-2020 | 04-47 د | 1288 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net