الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

العدد 1301- 16شعبان 1439 هـ - الموافق 03أيار2018م
الإنسان خلْقه، ضعفهُ، طغيانهُ

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

الهدف: أخْذ العِبرة من خلق الإنسان، والإشارة لرحمة الله له بسبب ضعفِه، وإقامة الحجّة عليه في طُغيانه

مطلع الخطبة:
الحمد لله ربّ العالمين بارئ الخلائق أجمعين؛ له الحمد، فالحمد حقّه كما يستحقّه، وصلّى الله على من لا نبيّ بعده سيّدنا ومولانا رسول الله محمّد  وعلى آله الطيّبين الطاهرين الهادين المهديّين، وبعد: أيُّها المؤمنون الأفاضل: لقد كرّم الله - عَزَّتْ آلاَؤُهُ - الإنسان وشرّفهُ وفضّلهُ على مخلوقاته، وقال في ذلك :{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ..}[1]، وخلَقَه تعالى في أحسن صورة، وقال:{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ }[2]، وشرّفه بالعقل، وجعل له السمع والبصرَ والفؤاد، فقال عزّ من قائل:{ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[3]، وما أكثر الآيات التي جاءت في الذِّكر الحكيم تتحدّث عن الإنسان، وتدعو إلى التفكُّر في خلْقِه، والأصل الذي خُلق منه، وفَضْل الله سبحانه عليه.

وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ:
معاشِر المؤمنين الكرام: إذا كان العلم المعاصر قد وصَل عبر وسائله المختلفة إلى دقائق كثيرة من أسرار خلق الإنسان، فإنّ أيّ متأمّل لخلقه ابتداءً وانتهاءً؛ لو نظرَ فيما اختصّه الله به من عقلٍ وإرادة، فسيدرك أنّه إنّما خُلِق لأمر عظيم، وقد قال الله عَزَّتْ آلاَؤُهُ: {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ }[4]، وقال تبارك وتعالى:{ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}[5] فاللّه سبحانه وتعالى بقدرته يُعِدّ من ماء الرجل الذي يفتقر إلى الصورة والشكل؛ بعد أنّ يتكامل في ظُلمات المشيمة والرّحم وبطن الأم إلى علَقة، فمُضغة، وعظاماً ولحماً جنيناً ذا حياة، ليخرُج إلى الدنيا، ثمّ يطوي مراحل الهداية والتكامل ليبدأ مسيرته إلى الحق، وفي ذلك يقول الله سبحانه: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}[6].

خُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً:
بلى والله؛ لقد أنشأه الله تبارك وتعالى:"وَلِيداً ويافِعاً، ثُمَّ مَنَحَهُ قَلْباً حافِظاً، ولِساناً لافِظاً، وبَصَراً لاحِظاً، لِيَفْهَمَ مُعْتَبِراً، ويُقَصِّرَ مُزْدَجِراً، حَتَّى إِذَا قَامَ اعْتِدَالُهُ، وَاسْتَوَى مِثَالُهُ نَفَرَ مُسْتَكْبِراً وَخَبَطَ سَادِراً مَاتِحاً فِي غَرْبِ هَوَاهُ[7] كَادِحاً سَعْياً لِدُنْيَاهُ فِي لَذَّاتِ طَرَبِهِ، وَبَدَوَاتِ أَرَبِهِ، ثُمَّ لَا يَحْتَسِبُ رَزِيَّةً وَلَا يَخْشَعُ تَقِيَّةً .."[8].

وهذه العبارات إشارة إلى الجاهل الذي يوظف كلّ إمكاناته ويستفرغ ما بوسعه من أجل الحصول على حطام الدنيا، والتنعُّم بلذّاتها الفانية، وكأنّ هذا هو الهدف الذي خلق من أجله، والحال أنّه يرى مصائب الدنيا ومِحَنِها، فإذا أُصيب بمصيبة تراه وقد أذهَبَ الجزع صبرَه، وأذهلَ عقله، وحال بينه وبين الفهم والإفهام، والقول والإسماع، وفي هكذا مواضع يتجلّى ضعف الإنسان بأوضح صور التجلّي.

أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا:
قد بيّنت آيات عديدة من القرآن الكريم أنّ الإنسان على ضعفه هو مخلوق متسرّع متهوِّر وعجول، وتحدث الله عن يأس الإنسان وبخله، وأنّه إذا مسَّهُ الخير يمنع, وإذا مسَّه الشرُّ يجزع وييأس، ومع عجلته وصفه بارئه، فقال: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا}[9]، ومع جداله كان خصيماً ظلوماً، ومختالاً فخوراً: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ}[10] .

مسكين ابن آدم:
قال الله تبارك وتعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا}[11]، وقال باب مدينة العلم الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام):"مسكين ابن آدم: مكتوم الأجل، مكنون العِلَل، محفوظ العمل. تؤلمه البقّة، وتقتله الشّرقة، وتنتنه العرقة"[12].
ولأنّ الله سبحانه يعلم ضعف الإنسان، فقد جعل له حدّاً يصلُح به، وينال معه ما عند الله، وهو اجتناب كبائر الإثم والفواحش، كما قال سبحانه: {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ}[13]، وقد آتى في هذه الآية الكريمة الغفران عند الغضب بعد الإشارة الخفية إلى سماحة الله مع الإنسان في ذنوبه وأخطائه، ليحبب الله في السماحة والمغفرة بين العباد، وهذا فضل من الله، وسماحة ورحمة بهذا الإنسان، وذلك يوجب الحياء من الله، فالسماحة تُخجل، والعفو يثير في القلب الكريم معنى الحياء من العفو، وفي هذا الشأن العظيم يبيّن لنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عظمة الإنسان الذي يملك نفسه عند الغضب، وذلك من خلال قوله: "ليس الشديد بالصُّرَعة, إنّما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"، ولأن الأشياء تُعرَف بأضدادها، فيمكننا القول أنّ الإنسان الضعيف هو الذي لا يملك نفسه عند الغضب، وهو الذي يجرّ المصائب عليه وعلى أبناء جنسه، فكم من لحظة غضب جرحت العواطف المـُرهَفة، وشحنت النفوس بالأضغان، وفصمَت عُرى الإخاء والمحبّة والتآلف بين الناس، وكم من غضبة زجّت أناساً من الأبرياء في قعر السجون، وعرّضتهم للتلَف، وكم من غضبة أثارت الحروب، وسُفكت الدماء، فذهب ضحيّتها الآلاف من الأبرياء، ولم يجنِ صاحبها إلا العُجب في نفسه، وفي هذا الصدد يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): "ما لابن آدم والعُجب! وأوّله نطفة مذرة، وآخره جيفة قذرة، وهو بين ذلك يحمل العذَرة"[14]؛ أي أنّ بدايته ماء فاسد، ونهايته جيفة متعفّنة قذرة، وهو بينهما يحمل القاذورات والفضلات. فما الذي يُمكن أن يتفاخر به موجود كهذا؟
 
إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى :
روى عبد الله بن عباس فقال:"جاء العاص بن وائل السهمي إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بعظم حائل، فَفْته، فقال: يا محمّد أيبعث الله هذا بعد ما أرم ؟ قال (ص): "نعم يبعث الله هذا يميتك ثمّ يحييك ثمّ يدخلك نار جهنّم"، قال، فنزلت الآيات[15]: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ * وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ * أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ * إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}[16].

مُحي العظام وهي رميم:
لو اجتمع الإنس والجن على أن يأتوا بأحسن من الحجة التي جاءت بها الآيات السابقة، أو بمثلها في ألفاظ تشابهه هذه الألفاظ في الإيجاز ووضع الأدلّة وصحّة البرهان؛ لما قدروا، فإن الله عَزَّتْ آلاَؤُهُ افتتح هذه الحجّة البالغة بقوله: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ}، وكلمة "وَنَسِيَ خَلْقَهُ" فيها ما وفّى بالجواب، وأقام الحجّة وأزال الشُبهة، ولما أراد سبحانه تأكيد الحجّة وتقريرها قال:{ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ }[17]، فاحتج بالإبداء على الإعادة، وبالنشأة الأولى على النشأة الآخرة، إذ كلّ عاقل يعلم -علماً ضرورياً- أنّه لو كان عاجزاً عن الثانية لكان عن الأولى أعجز وأعجز، ثم أتبع ذلك بقوله:{وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ}[18]، فهو عليم بتفاصيل الخلق الأول وجزئيّاته ومواده وصورته، فكذلك الثاني، فإذا كان تام العلم كامل القدرة، كيف يتعذّر عليه أن يُحيي العظام وهي رميم؟

حجّة قاهرة :
ثمّ أكّد الأمر بحجّة قاهرة تضمّنت جواباً عن سؤال آخر يقول: العظام صارت رميماً، وعادت طبيعتها باردة يابسة، والحياة لابدّ أن تكون مادّتها وحاملها طبيعته حارّة رطبة، بما يدل على أمر البعث، ففيه الدليل والجواب معاً، فقال: { الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنْ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ }، فأخبر الباري بإخراج هذا العنصر الذي هو في غاية الحرارة واليبوسة من الشجر الأخضر الممتلئ بالرطوبة والبرودة، والذي يخرج الشيء من ضدّه وتنقاد له مواد المخلوقات وعناصرها، ولا تستعصي عليه، هو الذي يفعل ما أنكره الملحد.

برهان ظاهر:
ثمّ أكّد هذا ببرهان ظاهر، وذلك بأخذ الدلالة من الشيء الأجل الأعظم على الأيسر الأصغر، فإنّ كلّ عاقل يعلم أنّ من قَدِر على هذا الأمر العظيم فهو على ما دونه أكثر اقتداراً، فقال:{ أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ}[19]، فأخبر عَزَّتْ آلاَؤُهُ أن الذي أبدع السماوات والأرض على جلالتها وسعتها، وعظيم خلقها أقدر على أن يحيي عظاماً قد صارت رميماً، فيردّها إلى حالتها الأولى، وقد قال في موضع آخر:{لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}[20]، وقال جل شأنه:{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى }[21].

إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى:
أكّد الباري عَزَّتْ آلاَؤُهُ : أنه فَاعِلٌ لاَ بِمَعْنَى اَلْحَرَكَاتِ وَاَلْآلَةِ؛ أي ليس فعله كغيره الذي يفعل بالآلات والكلفة، ولا يمكنه الاستقلال بالفعل، بل يكفي في خلقه لما يريد أن يخلقه ويكونه نفس إرادته، وقوله للمكون: كن؛ فإذا هو كائن، كما شاء وأراده، ثم ختم هذه الحجّة بإخباره أنّ ملكوت كلّ شيء بيده، فيتصرّف فيه بفعل، وقوله (وإليه ترجعون)

ومن هذا قوله عَزَّتْ آلاَؤُهُ: {أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى * أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى}[22]، فاحتجّ عزّ وجل على أنه لا يترك الإنسان مهملاً عن الأمر والنهي والثواب والعقاب، وأنّ حكمته وقدرته عَزَّتْ آلاَؤُهُ تأبى ذلك أعظم الإباء، وأنّه قضى، فانقضى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ}[23].

لا تكوننّ عبداً لغيرك وقد خلقك الله حرّاً:
من عجائب هذا الإنسان الضعيف أنه إذا أُعطيَ لم يشكر.. وإن أساءَ لم يستغفر؛ وإذا لزِمَتهُ الحُجّة طالب بالتحرُّر "المنفلت من كلّ قيد"، مع عدم حرصه على استعمال أيّ من آليات الحرية التي زوده الله فيها، ولكن من رحمة الله تعالى به أنه قال:" يَا عِبَادِي! كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلا مَنْ هَدَيْتُهُ، فَاسْألونِي الهدى أهْدِكُمْ"[24].

وقال إمام الهدى علي بن أبي طالب (عليه السلام):"وكُن إنساناً كما خلقك الله إنساناً، وإنّ الله لم يخلقك عبداً بل خلقك حرّاً، فلا تكوننّ عبداً لغيرك، وقد خلقك الله حرّاً، فلا تخرج من فطرتك، ولا تخالف ما جبلت عليه، ولا تكوننّ ممّن لا تنفعه العِظة إلاّ إذا بالغت في إيلامه، فإنّ ذلك من خلال البهائم".

وقال حفيده الإمام جعفر بن محمّد الصادق (ع):"إِنَّ الْحُرَّ حُرٌّ عَلى‏ جَمِيعِ أَحْوَالِهِ، إِنْ نَابَتْهُ نَائِبَةٌ[25]. صَبَرَ لَهَا؛ وَإِنْ تَدَاكَّتْ‏[26] عَلَيْهِ الْمَصَائِبُ لَمْ تَكْسِرْهُ؛ وَإِنْ أُسِرَ وَقُهِرَ، وَاسْتُبْدِلَ بِالْيُسْرِ عُسْراً"[27].

ما روي عن الصادق (ع):"العلم أصلُ كلّ حالٍ سَنِيّ ومنتهى كلّ منزلةٍ رفيعة"، ولذلك قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم "طلب العلم فريضة على كلّ مسلم و مسلمة" أي: علم التقوى واليقين، وقال علي (عليه السلام) "اطلبوا العلم ولو بالصين"، فهو علم معرفة النفس، وفيه معرفة الرب عز وجل. قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم "من عرف نفسه، فقد عرف ربّه"[28].

هذا؛ وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه محمّد وآله الطاهرين.


[1]سورة الإسراء، الآية 70.
[2] سورة التين، الآية 4.
[3] سورة النحل، الآية 78.
[4] سورة القيامة، الآية 14.
[5] سورة الذاريات، الآية 21.
[6] سورة المؤمنون، الآيات 12-14.
[7]  وَخَبَطَ سَادِراً مَاتِحاً فِي غَرْبِ هَوَاهُ؛ أي: يستسقي بدلو هواه.
[8] من بيان مولانا الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، يراجع شرح نهج البلاغة، ج6، ص296، طبعة:1، مكتبة آية الله المرعشي النجفي، قم، ومعنى لا يخشع تقيّة؛ أي: خوفاً من اللّه تعالى.
[9] سورة الكهف، الآية 54.
[10] سورة الزخرف، الآية 15.
[11] سورة النساء، الآية 28.
[12] عزّ الدين بن هبة الله، بن محمّد بن محمّد بن أبي الحديد المدائني، شرح نهج البلاغة، ج20، ص62.
[13] سورة الشورى، الآية 37.
[14] الآمدي التميمي، غُرر الحكم، الحكمة 7087.
[15]محمّد بن عبد الله الحاكم النيسابوري، المستدرَك على الصحيحين، ج2، ص466، حديث 3606، طبعة 1، دار الكتب العلميّة، بيروت، وقال:"صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي قائلاً: على شـرط البخاري ومسلم، ورواه ضياء الدين المقدسي، الأحاديث المختارة، ج10، ص87- 88، طبعة 3، دار خضر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت.
[16] سورة يس، الآيات 77-83.
[17] سورة يس، الآية 79.
[18] سورة يس، الآية 79.
[19]سورة يس، الآية 81.
[20] سورة غافر، الآية 57.
[21] سورة الأحقاف، الآية 33.
[22] سورة القيامة، الآيات 36-40.
[23] سورة المؤمنون، الآية 115.
[24] تفسير الإمام العسكري، ص42، باب أعظم الطاعات، طبعة1، مؤسّسة الإمام المهدي (ع)، قم، وصحيح مسلم، ج4، ص1994، باب تحريم الظلم، طبعة دار إحياء التراث العربي، بيروت، وفي أمالي الشيخ الصدوق:"يَا عِبَادِي! كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلا مَنْ هَدَيْتُهُ، يراجع ص101، المجلس الثاني والعشرون، طبعة 6، كتابچى‏، طهران، ومن لا يحضره الفقيه، ج4، ص397، طبعة 2، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم.
[25] ناب الأمر: نزل، و« النائبة»: المصيبة، أي أصابته مصيبة. راجع: لسان العرب، ج 1، ص 774؛ ( نوب).
[26] تَداكَّتْ، أي ازدحمت. راجع: النهاية، ج 2، ص 128؛ لسان العرب، ج 10، ص 426؛ ( دكك).
[27] الشيخ محمد بن يعقوب الكليني، الكافي، ج2، ص89، ، طبعة 4: دار الكتب الإسلامية، طهران.
[28] مصباح الشريعة المنسوب للإمام الصادق (عليه السلام)، ص13، طبعة 2، منشورات مؤسّسة الأعلمي، بيروت .

03-05-2018 | 15-34 د | 2575 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net