الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

منبر المحراب

العدد 1233 - 13 ربيع الثاني 1438 هـ - الموافق 12 كانون الثاني 2017م
فكّر بالخير وانوِه

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

تصدير:
 عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): "احصد الشر من صدر غيرك بقلعه من صدرك"[1].
 
الأهداف:
بيان معنى الحكمة وكيفية التأثير في الآخرين، من حيث إصلاح ما في نفوسهم من شرور.
 
المحاور:
- حب الخير وبغض الشر فطرة
- إستفادات من الحكمة.
- أطلب الإصلاح.
- إبدأ بنفسك
- كيف نقلع الشر من صدورنا.
- خاتمة.
 
مقدمة: حب الخير وبغض الشر فطرة:
هذه الحكمة المروية عن سيد الحكماء وأفصح البلغاء الإمام علي(عليه السلام) هي من غرر حكمه ودرر كلمه، ومن أبلغ مواعظه، ومن أجملها معنى وأخصرها متناً. تحمل دعوة لإصلاح العلاقات بين الناس، وبنائها على أساس متين، لتثمر محبة في القلوب والثقة بين النفوس واجتماعاً في غاية الصلاح بين أبناء آدم.

ولعل هذه الحكمة من أجمل ما نقل عنه من حديث وفيها إشارة لطيفة ودلالة بيّنة تعلّم ذا القلب الواعي أن الإنسان فطر طيباً محباً للخير راغباً فيه يتمنى عموم الخير، لكن ثمة أموراً قد تعطل أو تعوق مؤثرية هذه الفطرة، ليمارس ما يضادها من عمل ويحمل ما يباينها من صفات وأخلاق، قد يستدرجه إليها ما يشعر به من شرور في صدور معاشريه من بني آدم. إذ يكفي دلالة على ذلك أن النفوس لو كانت غير ذلك أي محبة للشر لما رفضته واقعاً عليها من غيرها من الأنفس بل إن بغض الشر وحب الخير بالوجدان تعرف فطريته، حيث لا تجد فرداً أو جماعة في مواجهة أخصامها إلا وتدعي أنها تحب الخير وتريده وتدعي كذلك أن أخصامها شريرون لا يحبون الخير ولا يرغبون به ولا أقل من أنهم لا يعملون بنية خيّرة.
 
استفادات من الحكمة:
إن هذه الحكمة بالتأمل بها قليلاً نجدها داعية للمودة بين العباد وتصف الطريق لإزالة موانع كسب ودّ بعضهم لبعض، لتعمل المحبة عملها بجذب بعضهم إلى بعض إلى ظل سقف الإلفة والصداقة والتعاون والتراحم ومن ما يستفاد من هذه الحكمة:
 
1- أطلب إصلاح الآخرين:
فهذه الحكمة واضحة في القول لمن يعاني من شرور بعض إخوانه، في أن لا يكون همه في أن يكفوا عن أعمال شريتهم فيه وإنما ليكن همه كهموم الأنبياء والأولياء وهو استصلاحهم، وليكن همه ليس تحولهم من عمل الشر إلى عمل الخير بل محاولة النفوذ إلى دواخل نفوسهم بتغيير ما في صدورهم من شرور، وإزالته من عالم ما قبل ظهورها على ساحة العمل ليأمن وغيره من الشرور.
 
 2- إبدأ بنفسك:
إن هذه الحكمة تصرح أن من أراد أن يقوم بمهمة إصلاح النفوس أو الإصلاح بين النفوس عليه أن يخلي قلبه من نية الشر ليحسن قوله ويجمل فعله وبالتالي ليوفق للتي هي أحسن والتي هي أقوم.
فطريق التأثير في الآخرين تبدأ بخطوة انتزاع الشر من النفس، وإلا فلا يمكن أن يصدّق الآخرون أنه يريد الصلاح فحاله تنبئ عن خلاف قوله وفعله؛ ونستطيع القول إن من يحمل الضغينة ونية الشر في قلبه من الصعب أن يوفق في إيجاد الكلام الصائب والقول السديد فعلى قول مولى الموحدين على الإنسان أن يعمل إلى تنقية قلبه من أدنى تلوث بنية الشر. وإلا كان من المخاطبين بقوله تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}[2].
بل إن الحكمة لا تقول عليك أن تكون في نفس مستوى الخير الذي تطلبه من الآخر كي تؤثر فيه، إذ إنها تريد القول إن أردت أن لا يظهر الشر من أخيك وهو معنى الحصد الذي يتعلق بأعلى النبتة، عليك أن تقلعه من جذوره من نفسك. وهذا يعني أن الإنسان إذا أراد شيئاً من الصلاح والخير من الآخرين عليه أن يكون متقدماً عليهم بخطوات وسيأتي بيان ذلك فيما يلي.
 
3- كيف نقلع الشر من صدورنا:
إن الصدور يشار بها غالباً إلى القلوب وبالتالي فقلع الشر من الصدر هو قلعه من القلب، والقلب محل المعارف والعقائد والمشاعر، والعواطف والأحاسيس والظنون والشكوك وكذلك التفكر والتعقل والارادة وما يرافق ذلك من الامور التي هي من وظائف القلب كالنوايا والتمنيات وغيرها فقلع الشر من الصدر له وسائل منها:

1- تعويد القلب على التفكر بالخير:
فالقلب لديه قوة التفكر فإن منعه صاحبه من التفكر إلا بالخير فلن يخطر فيه خاطر إلا بخير، وإن حاول الشيطان أن يلقي فيه ما هو شر عرف صاحب القلب أن هذه بضاعة هذا الخبيث فيلفظها من نفسه ويطهر منها قلبه هذا من جهة ومن جهة ثانية سوف لن يصعب على الإنسان عندما يعوّد قلبه على التفكر بالخير أن يجد وسيلة من وسائل الخير لإصلاح نفسه وإصلاح الغير. وسيكون العمل الذي ينتج عن تفكره والنية والإرادة النابعة من قلبه في الخير. أوليس قد قال تعالى:{قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً}[3]
 
2- لا تنوِ إلا خيراً:
روي عن الإمام الرضا(عليه السلام): "لا قول إلا بعمل ولا عمل إلا بنية، ولا نية إلا بإصابة السنة".[4]
وقد بينت الروايات أن الأعمال بالنيات فإن كانت النية خيراً  كان العمل خيراً وهذه الرواية تقول إن النية والعمل لا يكونان خيراً وصالحين ومرضيين عند الله تعالى إلا إذا كانا شرعيين أو ما عبرت عنه بأنه وفق السنة المطهرة وتعاليم الدين الحنيف على أن النية الشريرة بمجردها كاشف صدق لصاحبها عن خبث نفسه وعفونة قلبه فيما نية الخير كاشف صدق عن نقاوة النفس وطهارة القلب ولذا فإن الروايات تؤكد على ذلك ومنها ما جاء عن الإمام الباقر(عليه السلام):"نية المؤمن أفضل من عمله، وذلك لأنه ينوي من الخير ما لا يدركه، ونية الكافر شر من عمله وذلك لأن الكافر ينوي الشر، ويأمل من الشر ما لا يدركه".[5]
 
3- لا تتمنّ إلا خيراً:
كما يجب علينا التخلص من الأفكار الشريرة واجتثاثها من القلب، وأن نعود أنفسنا على ألا نفكر إلا ما فيه لله رضا، وكما أنه علينا أن تكون نوايانا صالحة ووفق السنة المطهرة ليكون القلب نظيفاً نقياً من الغل والغش والمكر والحيلة والخديعة وكل مافيه شر.
كذلك علينا أن نعود هذه الأنفس على أن لا تتمنّى إلا الخير ولا تحب إلا الخير لغيرها كما تحبه وتتمناه أنفسنا لأنفسنا.
وهذا ما حدثنا عنه رسول الله(صلى الله عليه وآله الطاهرون صلوات الله عليهم).
فقد جاء عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوله :"لا تمني إلا في خير كثير".[6]
وقال كذلك: "من تمنّ شيئاً هو لله تعالى رضا لم يمت من الدنيا حتى يعطاه"[7]
وعن الإمام علي (عليه السلام): "إذا تمنى أحدكم فليكن مناه في الخير وليكثر فإن الله واسع كريم".[8]
 
خاتمة:
عن أبي بصير قال: دخل رجلان على أبي عبد الله (عليه السلام) في مداراة بينهما ومعاملة فلما أن سمع كلامهما قال: " أما إنه ما ظفر أحد بخير من ظفر بالظلم، أما إن المظلوم يأخذ من دين الظالم أكثر مما يأخذ الظالم من مال المظلوم، ثم قال: "من يفعل الشر بالناس فلا ينكر الشر إذا فُعل به، أما إنه إنما يحصد ابن آدم ما يزرع، وليس يحصد أحد من المر حلواً ولا من الحلو مراً. فاصطلح الرجلان قبل أن يقوما".[9]
أيها الإنسان إذا كنت تحب الخير فاقلع الشر من قلبك تستدرج الخير من النفوس الأخرى ولا أقل من أن تأمن شرها فما من إنسان إلا وله شيء من الحياء والوفاء في المعاملة بالمثل فمن تعامله بالخير لن يظل معاملاً لك بالشر إذ لا بد أن يكفّ يوماً عن ذلك أو يصبح مبادلاً لك ما قدمته في معاملتك له بالحسنى حياءً من أن يبدر منه من السوء لقاء ما يبدر منك من الإحسان.


[1] بحار الأنوار، العلامة المجلسي-ج72.
[2] سورة البقرة، الآية:44
[3] سورة الإسراء، الآية:84.
[4] المعتبر، المحقق الحلي،ج1، ص139.
[5] وسائل الشيعة (آل البيت)-الحر العاملي-ج1،ص54.
[6] جامع أحاديث الشيعة، السيد البروجردي، ج17،ص58.
[7] جامع أحاديث الشيعة، السيد البروجردي، ج17،ص58.
[8] جامع أحاديث الشيعة، السيد البروجردي، ج17،ص58.
[9] بحار الأنوار، العلامة المجلسي،ج72،ص328.

13-01-2017 | 14-24 د | 2573 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net