الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات
الصاحب بن عبّاد
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

هو إسماعيل بن عبّاد بن العباس بن أحمد بن إدريس الملقّب بـ "الصاحب "و "كافي الكفاة "، والمكنى بأبي القاسم، الطالقاني الأصفهاني ، كان من نوادر الدهر علماً وفضلا وتدبيراً وجودة رأي . أديب ولغوي من الكبار.ولي الوزارة (18) سنة، لمؤيد الدولة وأخيه فخر الدولة البويهيين. طويل الباع نافذ الأمر 3، عالم ماهر شاعر أديب محقق متكلم عظيم الشأن جليل القدر في العلم والأدب والدين والدنيا 4، من أعلام القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي، ولد سنة ( 326 هـ = 938م ) ( ت 385هـ = 995م ) .

شخصيّته

تربى ابن عبّاد على الكرم والأخلاق الحميدة، وكان من أسرة موسرة، ورث الوزارة عن أبيه، يقول عنه أبو سعيد الرستمي

ورث الوزارة كابراً عن كابرٍ                         موصولة الأسنـاد بالأسنـادِ
يـروي عن العبـاس عبّـادٌ                               وزارته، وإسماعيلُ عن عبّادِ

مائدة رمضان
اعتاد السخاء منذ حداثة سنّه بما كانت أمّه تعطيه وهو صغير كل يوم ديناراً ودرهماً ليتصدّق بهما على أول فقير يلقاه في طريقه إلى المسجد الذي كان يدرس فيه كانت داره لا تخلو في كل ليلة من ليالي شهر رمضان من ( ألف نفس ) مفطرة فيها، وكانت صلاته وصدقاته وقرباته في هذا الشهر تبلغ مبلغ ما يطلق منها في جميع شهور السنة .

معاملة الخدم باللطف والكرم
من لطائف كرم الصاحب أنه مرض بالإسهال وهو بالأهواز، فكان إذا أقام من على الطست ترك إلى جانبه عشرة دنانير حتّى لا يتبرم به الخدم، فكانوا يودون دوام علته، ولما عوفي تصدّق بنحو خمسين ألف دينار .

جزاء المحسنين
لا شك أن الإحسان لا يضيع بين الله والناس؛ لذلك يقول الصاحب أنه مُدِح بـ ( مائة ألف قصيدة ) بين عربية وفارسية، ومن هؤلاء الذين مدحوه من أرباب الفضل خمسمائة من أرباب الدواوين كالشريف الرضي وأبي إسحاق الصابي وابن حجاج، وابن سكرة، وابن نباتة، وغيرهم كثير، وقد أثنى عليه كتّاب معاصرون له، وقد بالغ في مدحه كل من ذكره بعد وفاته من الأدباء والمؤرخين، حتّى أن عالماً كأبي حيان التوحيدي لمّا اجترأ على إنكار فضله في كتابه "مثالب الوزيرين "ما حصل له إلا نكبة .

بل زاد على هذا القول ابن خلّكان حين تحدث عن كتاب مثالب الوزيرين بقوله:"ما ملكه أحد إلا وانعكست أحواله، ولقد جرّبتُ ذلك، وجربّه غيري على ما أخبرني من أثقُ به ".ولعلّ القارئ يستغرب قول ابن خلكان هذا، غير أننا إذا تتبعنا أمثال هذه الحكايات المنسوجة حول الكتب والأعمال الإبداعية شعراً ونثراً، لوجدنا الكثير في كتب القدماء، منها على سبيل المثال، ما اشتهر عندهم من أن مقامات الحريري لا تدخل بيتاً إلا ويدخله الفقر، وأن نونية ابن زيدون ( أضحى التناني بديلاً من تدانينا ) ما حفظها أحد إلا ومات غريباً!!، ربما تقف العوامل النفسية أو الدعائية وراء هذه الظاهرة، على كلّ، فقد اشتهر الصاحب بين أهل زمانه في العلم والفضل والأدب؛ لذلك قال عنه الثعالبي في يتيمة الدهر:ولولاه ما قامت للفضل في دهرنا سوق .

العالم الفقيه
وقد وصفه المولى محمد تقي المجلسي في حواشي نقد الرجال بأنه:من أفقه فقهاء أصحابنا المتقدمين والمتأخرين، وإن كان كلما يذكر من العلم والفضل فهو فوقه، وأنه رئيس المتحدثين والمتكلّمين.وقرنه ولده المولى محمد باقر المجلسي صاحب البحار بالخليل بن أحمد الفراهيدي إذ قال:هذان الرجلان كانا من الإمامية وهما علمان في اللّغة والعروض والعربية .

حلاوة الإسلام
سمع ابن مردويه الصاحب يقول:من لم يكتب الحديث لم يجد حلاوة الإسلام .وقد سمع الصاحب الأحاديث عن الإصبهانيين والبغداديين والرازيين، وحدّث، وكان يحثّ على طلب الحديث وكتابته .

فقه اللّغة
وكان عالما باللّغة وألف فيها كتابه العظيم المحيط في عشر مجلدات وجوهر الجمهرة وهو معدود من الثقات في رواية اللّغة.وقد جعله الثعالبي أحد أئمّة اللّغة الذين اعتمد عليهم في كتابه ( فقه اللّغة )أمثال:الليث والخليل بن أحمد وسيبويه وخلف الأحمر وثعلب والأصمعي وابن الكلبي وابن دريد .

إسلام لا شعوبية
لم يتعصب الصاحب لأصله الفارسي في زمن انتشار الحركة الشعوبية، فإنه عربي الدين والأدب، وقد كان حبّه للإسلام واطّلاعه على علوم الدين وأعجابه بأدب العرب غالباً على عصبيته لأصله، فهو يحبّ العرب ويبغض الشعوبيّة .قال عنه السيّد محسن الأمين قدس سره: فالصاحب من أعلام القرن الرابع، جمع بين الوزارة والكتابة، والسيف والقلم، وكان صدراً في العلم والأدب وغاية في الكرم وجلالة القدر، وفرداً في الرياسة وكثرة الفضائل .

نقش خاتمه

كان للصاحب خاتمان، الأول نقش عليه:"على الله توكّلتُ، وبالخمس توسلتُ "، وعلى الخاتم الثاني نقش:"شفيع إسماعيل في الآخرة، محمدٌ والعترة الطاهرة "مما جعل الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا عليه السّلام يدعو للصاحب قوله: "وجعل الله شفعاءه الذين أسماؤهم على نقش خاتمه ".

التشيع والاعتزال
ان الاعتزال ـ فيما يبدو ـ حركة فكرية تحاول أن تعيد للعقل دوره الطبيعي المغيّب في دهاليز الجبريين الذين اقتاتوا "مضائر "الأمويين، وأمثالهم المصابين بداء الوثنية المقنّعة في نسبتهم التجسيم إلى الله سبحانه وتعالى؛ لذلك استوعبت حركة الاعتزال مذاهب شتى، تعددت بتعدد اتجاهاتهم المذهبية والسياسية والجغرافية. لذلك نُسب الصاحب بن عبّاد إلى الاعتزال الشيعي، والقاضي عبدالجبار إلى الاعتزال السنّي، ولا نستغرب ما جاء في معاهد التنصيص من كون الصاحب ( شيعياً..كآل بويه معتزلياً ) ولم يستغرب ذلك السيّد الأمين معللاً ذلك بأن الاعتزال "لا ينافي التشيّع؛ لأن المراد موافقة المعتزلة في بعض العقائد المعروفة "كالعدل والتوحيد، وقد نفى الشيخ المفيد صحة نسبة كتاب في الاعتزال للصاحب ـ وربما فيه ما ينافي مذهب أهل البيت عليهم السّلام؛ لذلك قال المفيد عن هذا الكتاب أنه "نُسِب إليه وليس هو له ".

شهادة الشيخ الصدوق

قرأ الشيخ الصدوق قصيدتين للصاحب بن عبّاد يتشوق بهما إلى زيادة الإمام الرضا عليه السّلام، فكانتا سبباً في تأليفه كتاب عيون أخبار الرضا عليه السّلام، يقول في إحداهما

يا زائراً سائراً إلـى طـوسِ                مشهدِ طهـرٍ وارض تقديـسِ
أبلغْ سلامي الرضا وحطّ على             أكرم رمسٍ لخيـر مرمـوسِ


وفي مقدمة كتابه، قدّم الشيخ الصدوق هذه الشهادة في حق الصاحب بن عبّاد فقال عنه:"لم أجد شيئاً أكثرَ عنده وأكثر موقعاً لديه من علوم أهل البيت عليهم السّلام؛ لتعلقه ـ أدام الله عزّه ـ بحبلهم واستمساكه بولايتهم واعتقاده بفرض طاعتهم وقوله بإمامتهم، وإكرامه لذريتهم، وإحسانه إلى شيعتهم ".

حمل 400 جمل
رُوي أن الصاحب بن عبّاد قال:"أنفذ إليّ أبو العباس تاش الحاجب رقعة في السّر بخط صاحبه نوح بن منصور ملك خراسان، يريدني فيها الانحياز إلى حضرته، ليلقي إليّ مقاليد مملكته، ويعتمدني لوزارته، ويحكمني في ثمرات بلاده. فكان فيما اعتذرت به من تركي امتثال أمره، ذكر طول ذيلي، وكثرة حاشيتي وضمنتي، وحاجتي لنقل كتبي خاصة إلى أربعمائة جمل. فما الظنّ بما يليق بها من تجمّل مثلي ". قال أبو الحسن البيهقي:"بيت الكتب الذي بالري على ذلك دليل، بعدما أحرق منه السلطان محمود بن سبكتكين، فإني طالعت هذا البيت فوجدت فهرست تلك الكتب عشر مجلدات ".

مؤلفات الصاحب

1 ـ الوقف والابتداء،
2 ـ المحيط في اللّغة (10 مجلدات)،
3 ـ أسماء الله تعالى وصفاته،
4 ـ في علم الكلام،
5 ـ ديوان رسائله ( 10 مجلدات )،
6 ـ الكافي في الرسائل،
7 ـ رسالة في فنون لكتابة والرسائل،
8 ـ التذكرة للأصول الخمسة،
9 ـ الزيدية،
10 ـ الأنوار،
11 ـ التعليل،
12 ـ الإقناع في العروض،
13 ـ جوهرة الجمهرة ( مختصر جمهرة ابن دريد )،
14 ـ الوزراء،
15 ـ الكشف عن مساوئ المتنبي،
16 ـ الشواهد،
17 ـ القضاء والقدر،
18 ـ الإمامة،
19 ـ الأعياد وفضائل النيروز،
20 ـ مقالة في تفضيل السيّد عبدالعظيم الحسني المدفون بالري وثواب زيارته،
21 ـ الإبانة عن مذهب أهل العدل بحجج القرآن والعقل،
22 ـ نهج السبيل في الأصول،
23 ـ أخبار أبي العيناء،
24 ـ نقض العروض،
25 ـ تاريخ الملك واختلاف الدول،
26 ـ الفصول المهذبة للعقول،
27 ـ سفينة ( كشكول )،
28 ـ عنوان المعارف وذكر الخلائف ( مختصر يشتمل على ذكر النبيّ صلّى الله عليه وآله ) ومن خوطب بالخلافة بعده إلى المطيع العباسي الذي كان في زمانه،
29 ـ رسالة في الطب،
30 ـ ديوان شعره .
ولا شك أن هذه العناوين تشير إلى مدى موسوعية الصاحب وثقافته المتنوّعة.

الصاحب ناقداً

في رسالة الكشف عن مساوئ المتنبي ينعى على أبي الطيب استعماله الغريب والوحشي فيقول:"وأطمّ ما يتعاطاه التفاضح بالألفاظ الفاخرة والكلمات الشاذة، حتى كأنه وليد خباء أو غذي لبن ولم يطأ الحضر ولم يعرف المدر ". ويقول أيضاً: "كنت أعجب من كلام أبي يزيد البسطامي في المعرفة وألفاظه المعقدة وكلماته المبهمة حتى سمعت قول شاعرنا في صفة الفرس:"سَبوح لها منها عليها شواهدُ... "وقال في بعض الفاظه:"لو وقع في عبارات الجَنيد والشبلي لتنازعته المتصوّفة دهراً بعيداً ".

عام وفاته

جاء في اليتيمة:"لما بلغت سنوه الستين واعترته آفة الكمال وانتابته أمراض الكبر، جعل ينشد

أرى الشيب ضيفاً لم أرده                       ولكن لا أطيق لـه مـردّا
تردّى مَنْ رداءٌ للردّى فيه                       دلي،لٌ بـه يومـاً تـردّى


وفاته

لما توفي أُغلقت له مدينة الري واجتمع الناس على باب قصره ينتظرون خروج جنازته، وحضر مخدومه فخر الدولة وسائر القواد وقد غيّروا لباسهم، فلما خرج نعشه إلى الباب على أكتاف حامليه للصلاة عليه، قام الناس بأجمعهم إعظاماً وصاحوا صيحة واحدة، وقبّلوا الأرض وخرقوا ثيابهم ا ولطموا وجوههم، وقبلوا الأرض وخرقوا ثيابهم ولطموا وجوههم، وبالغوا في البكاء والنحيب عليه جهدهم، وابتدر الديلم إلى تقبيل الأرض قدام جنازته ثم حملت إلى موضع الصلاة وصلّى عليه أبو العباس الضبي ( الذي تولى الوزارة بعده ) ومشى فخر الدولة أمام جنازته، وقعد للعزاء أياماً، وبعد أن صلوا عليه علقوا نعشه بالسلاسل في سقف بيت ورفعوه عن الأرض إلى أن حُمل إلى أصبهان ودفن هناك . فرثاه كثير من الشعراء.

قال أحدهم

مضى صاحب الكافي ولم يبق بعده                   كريم يروّي الأرضَ فيضُ غمامِـهِ
فقدناه لمّـا تـمّ واعتـمّ بالعـلـى                          كـذاك خسوفُ البدر عنـد تمامِـهِ

ورثاه الشريف الرضي

أكذا المنونُ تُقنطِـر الأبطـالا                              أكذا الزمان يضعضع الأجيالا!
أكذا تُصاب الأُسْد وهي مدلـة                             تحمي الشبول وتمنع الأغيالا..


مؤلفات حول الصاحب
ذُكر الصاحب في كثير من الكتب والمؤلفات الأدبية والتاريخية والموسوعات والفهارس، ومما أُلّف حوله خصيصاً

1-أخبار الصاحب بن عبّاد / الشيخ محمد علي الزاهدي الأصفهاني ( 1103 ـ 1181 هـ ) ذكره صاحب الذريعة .
2-الإرشاد في أحوال الصاحب بن عبّاد، رسالة كتبها السيّد أحمد الحسني القوباني سنة 1259هـ، طبعت في طهران مع كتابه "محاسن أصفهان ".
3-الصاحب بن عبّاد.. حياته وأدبه / محمد حسن آل ياسين، طبع.
4-الصاحب بن عبّاد / خليل مردم بك. طبع 35.

مكانته الأدبية
يقول الدكتور محمود البستاني:"إن هذا الشاعر، هو اسم برز في ميدان الرسائل والنثر الفني التأليفي ( الإبداعي والوضعي ) يُعدّ في طليعة الأدباء الذين قرضوا فاعليتهم على عصور الأدب العربي، مضافاً إلى موقعه الاجتماعي حيث كان وزيراً، فيما سحب هذا الموقع آثاره على المناخ الأدبي، نظراً لما يستتليه من تفجير لنشاطات أدبية تفرضها طبيعة العلاقات بينه وبين الأدباء الآخرين:

وأيضاً قوله

بحبّ عليّ تزول الشكـوك                      وتسمو النفوسُ ويعلو النَّجارُ
فأيـن رأيـتَ عـدواً لـه                           ففي أصله نسـب مستعـارُ
فـلا تعـذلـوه على فعلـه                          فحيطان دار أبيـه قصـارُ


وقوله كذلك

قد قلت قولاً صادقاً بيّنـاً                           وليست النفـس به آثمـة
لكل شيء فاضلٍ جـوهرٌ                          وجوهر الناس بنو فاطمة


كما تجد أن شعر الصاحب بسيط سهل ليس فيه إغراب ولا تعقيد لفظي أو معنوي؛ مما جعل الصغير قبل الكبير والعام قبل الخاص، يترنم بأشعاره التي تنبض بالحبّ الصادق لمحمد وآله الطيبين الطاهرين، مدحاً ورثاءً وانتصاراً لهم ولشيعتهم بحيث تشكل القضية الأساسية في ديوانه. وقد اشتهر الصاحب بحبّه للمحسنات البديعية فكثرت الجناسات في شعره ونثره، وكثيراً ما تبرز الثقافة القرآنية والحديثية في شعره المنتمي انتماءً شديداً إلى النبيّ وآله عدل الكتاب، مثلاً يقول عن الغِيبة:إحذر الغيبة فهْي الفسق لا رجعة فيهِ إنما المغتاب كالآكل من لحـم أخيـهِ,وهو اقتباس من قوله تعالى:﴿ولا يغتبْ بعضُكم بعضاً أيحبّ أحدُكم أن يأكل لحمَ أخيه مَيْتاً فكرهتموه (الحجرات:12).

والصاحب حلو الروح، كثير النوادر والنكات الأدبية، وكلنا سمع أو قرأ قصة قاضي قمّ الشهيرة مع الصاحب بن عبّاد حيث كتب له أيها القاضي بقمّ قـد عزلناك فقمْ وعندما وصل كتاب الصاحب إلى القاضي قال إلى جلسائه:والله ما عزلَتْني إلا السجعة.

11-01-2011 | 06-16 د | 2418 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net