الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
مراقباتيجب أن نكون من أهل البصائر ومن الصابرين كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء القيّمين على مؤتمر إحياء ذكرى شهداء محافظة أصفهانفَمَا وَهَنُوا وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا

العدد 1646 08 جمادى الثانية 1446 هـ - الموافق 10 كانون الأول 2024 م

وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ

العدد 1645 01 جمادى الثانية 1446 هـ - الموافق 03 كانون الأول 2024 م

الجهاد ذروة سنام الإسلام

فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع التعبويّين، بمناسبة حلول أسبوع التعبئةإنَّ ‌اللهَ مَعَ الصّابِرينمراقبات
من نحن

 
 

 

التصنيفات

العدد 1642 09 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 12 تشرين الثاني 2024 م

جهاد المرأة ودورها في الأحداث والوقائع

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله وأعزّ المرسلين، سيّدنا محمّد وعلى آله الطيّبين الطاهرين.

إلى مولانا صاحب العصر والزمان (أرواحنا لتراب مقدمه الفداء)، وإلى نائبه وليّ أمر المسلمين الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، وإلى شهيدنا الأقدس سماحة السيّد حسن نصر الله (رضوان الله تعالى عليه)، وإلى مراجعنا وقادتنا العظام، وإلى الأمّة الإسلاميّة جمعاء، نرفع أسمى آيات العزاء بذكرى شهادة سيّدة نساء العالمين السيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)، وبدء الأيّام الفاطميّة بين الثالث عشر من جمادى الأولى والثالث من جمادى الآخرة.

يقول الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾[1].

شراكة وتكامل
إنّ التأمّل بإنصافٍ في مجالات الحياة على اختلاف أبعادها، يستدعي الإقرار بأنّه ثمّة أدوار مباشرة وأخرى غير مباشرة للمكوّنَين الأساسيَّين في هذا المجتمع، الرجل والمرأة، تُسهم بتكاملها مع بعضها في تحقيق إنجازات الأمم والشعوب والمجتمعات، والتحرّر من الاحتلال والتبعيّة، وفي حصول السيادة والاستقلال، وكذلك في تحقيق النموّ والازدهار، وصناعة التقدّم الحضاريّ والمدنيّ في الحياة العامّة. ولا يمكن نسبة الإنجازات على مستوى الأبعاد المختلفة في الحياة العامّة إلى صنفٍ دون آخر؛ فإنّ الرجل والمرأة فردان من نوع واحد، هو الإنسان، وإنّ جميع الآثار المشهودة في صنف الرجل مشهودة في صنف المرأة من غير فرق. نعم، قد يكون ثمّة اختلاف في الشدّة والضعف في بعض الآثار المشتركة. وكذا الأمر في التكامل على الصعيد المعنويّ والروحيّ، والذي يحصل بالإيمان والطاعة وتحقيق مرضاة الله عزّ وجلّ، وقد بيّن القرآن الكريم هذا المعنى وأظهره في قوله تعالى: ﴿أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾.

جهاد المرأة
والمرأة، وإن لم يكن مطلوباً منها أن تقوم بدور جهاديّ في الميدان وسوح القتال، فإنّ أجرها الذي تحصل عليه في عملها الأُسريّ ودورها الاجتماعيّ، لا يقلّ شأناً وأجراً عن دور المجاهد والشهيد في سبيل الله، والشواهد في هذا المجال كثيرة، فهذه أسماء بنت يزيد الأنصاريّة أتَت النبيَّ (صلّى الله عليه وآله)، وهو بين أصحابه، فقالت: بأبي أنت وأمي... إنّ الله بعثك بالحقّ إلى الرجال والنساء، فآمنّا بك وبإلهك الذي أرسلك، وإنّا معشر النساء محصورات، مقصورات، قواعد بيوتكم، ومقضى شهواتكم، وحاملات أولادكم، وإنّكم معاشر الرجال فُضِّلتُم علينا بالجمعة، والجماعات، وعيادة المرضى، وشهود الجنائز، والحجّ بعد الحجّ، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله، وإنّ الرجل منكم إذا أُخرِج حاجّاً أو معتمراً ومرابطاً، حفظنا لكم أموالكم، وغزلنا لكم أثواباً، وربّينا لكم أولادكم، فما نشارككم في الأجر يا رسول الله؟!

... فالتفت النبيّ (صلّى الله عليه وآله) إليها، ثمّ قال لها: «انصرفي أيّتها المرأة، وأَعلِمي مَن خلفكِ من النساء، أنّ حُسن تبعُّل إحداكنّ لزوجها، وطلبها مرضاته، واتّباعها موافقته، تعدل ذلك كلَّه»؛ فأدبرت المرأة، وهي تهلّل وتكبّر استبشاراً[2].

ويعلّق العلّامة الطبطبائيّ (رضوان الله عليه) على هذه الرواية، فيقول: «إنّ الإسلام لم يُهمِل أمر هذه الحرمانات، كحرمان المرأة من فضيلة الجهاد في سبيل الله، دون أن تَدَاركها وجَبَر كسرَها بما يعادلها عنده بمزايا وفضائل فيها مفاخر حقيقيّة، كما أنّه جعل حُسن التبعّل مثلا ًجهاداً للمرأة... لكنّ الظرف الإسلاميّ الذي يُقوِّم الأمور بقِيمها الحقيقيّة، ويتنافس فيه في الفضائل الإنسانيّة المرضيّة عند الله سبحانه... يُقدِّر لسلوك كلِّ إنسان مسلكَه الذي ندب إليه، وللزومه الطريق الذي خطّ له، من القيمة، ما يتعادل فيه أنواع الخدمات الإنسانيّة وتتوازن أعمالها؛ فلا فضل في الإسلام للشهادة في معركة القتال والسماحة بدماء المُهج -على ما فيه من الفضل- على لزوم المرأة وظيفتَها في الزوجيّة»[3].

عندما تدعو الضرورة
إنّ ما تقدّم يلحظ الإسلام فيه المسار الطبيعيّ للحياة، ولكن ذلك لا يعني أنّه عندما تدعو الضرورة، وتحتاج قضيّة كبرى إلى شرائح المجتمع كافّة، أن تظلّ المرأة في بيتها، بل على العكس من ذلك، فإنّ المشاركة الفعّالة للمرأة تمثّل عنصراً أساسيّاً في حماية القضايا الكبرى، وفي وصول المسيرة إلى أهدافها.

ولكن خروج المرأة من بيتها للقيام بالوظائف والأدوار المختلفة، تصاحبه مسؤوليّة كبيرة وحذر شديد لا بدّ من مراعاتهما، يقول الإمام الخمينيّ (قُدِّس سرّه): «يتحتّم على النساء اليوم أداء دورهنّ الاجتماعيّ، والتزاماتهنّ الدينيّة، مع المحافظة على الحياء العامّ؛ ففي ظلّ العفّة العامّة يمارسنَ نشاطاتهنَّ الاجتماعيّة والسياسيّة»[4].

ويقول (قُدِّس سرّه) أيضاً: «مثلما يجب على الرجال المساهمة في القضايا السياسيّة والحفاظ على مجتمعهم، يجب على النساء أيضاً المشاركة والحفاظ على المجتمع. يجب على النساء المشاركة في النشاطات الاجتماعيّة والسياسيّة على قدمِ المساواة مع الرجال، وبالطبع مع المحافظة على الشؤون التي أمر بها الإسلام»[5].

نساء مسلمات في تاريخ الإسلام
وإنّ النظر في التاريخ الإسلاميّ للدعوة النبويّة وما بعدها، يكشف عن الدور السياسيّ والجهاديّ الذي قامت به المرأة في المجتمع الإسلاميّ آنذاك. ولقد كانت السيّدة خديجة (عليها السلام) أوّل امرأة قامت بدور سياسيٍ وجهاديّ واجتماعيّ في الإسلام، إذ كانت أوّل امرأة صدّقت رسولَ الله (صلّى الله عليه وآله)، وآمنت برسالة الإسلام، ثمّ كان لها دور سياسيّ في دعم رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، والدفاع عنه، ونصرة الدعوة، وتحوّل هذا الدور إلى دور جهاديّ في مواجهة كفّار قريش ومشركيها، وتحمّلت الكثير من الأعباء في ذلك، وقد ختمت حياتها في مواجهة غطرسة قريش وجبروتها في شعب أبي طالب (عليه السلام)، عندما حوصرَت مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وقد كان لها (عليها السلام) دور بارز في تقديم الدعم الماليّ للدعوة الإسلاميّة، حتّى قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «ما نفعني مالٌ قطّ مثل ما نفعني مال خديجة»[6].

ومنهنّ السيّدة فاطمة بنت أسد، هذه المرأة المؤمنة بالله تعالى، التي ربّت النبيّ (صلّى الله عليه وآله) واحتضنته، حتّى سمّاها النبيّ (صلّى الله عليه وآله) «أمّي»؛ إذ يُروى عنه (صلّى الله عليه وآله) لمّا توفّيت، أنّه قال: «اليوم ماتت أمّي»، وكفّنها بقميصه، ونزل على قبرها، واضطجع في لحدها، فقيل له: يا رسول الله، لقد اشتدّ جزعك على فاطمة! قال: «إنّها كانت أمّي، إن كانت لَتَجيع صبيانَها وتُشبعني، وتُشعِثُهم وتُدهِنُني، وكانت أمّي»[7].

وكانت من أوائل النساء اللاتي بايعنَ رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فعن الزبير بن العوّام، قال: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يدعو النساء إلى البيعة لمّا أنزل الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾[8]، قال: فكانت فاطمة بنت أسد بن هاشم أوّل امرأة بايعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله)[9].

وهي التي شاركت في حصار الشعب، عندما فرضت قريش حصاراً مطبقاً على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وعلى المسلمين، وهي المرأة التي هاجرت لله ولرسوله (صلّى الله عليه وآله) من مكّة إلى المدينة، عن الإمام الصادق (عليه السلام): «إنّ فاطمة بنت أسد أمّ أمير المؤمنين، كانت أوّل امرأة هاجرت إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) من مكّة إلى المدينة على قدميها، وكانت من أبرّ الناس برسول الله (صلّى الله عليه وآله)»[10].

وكذلك السيّدة الزهراء (عليها السلام)، سيّدة نساء العالمين، هذه المرأة العظيمة التي قدّمت للإسلام الكثير من التضحيات، وكان لها دورٌ فعّال في الحركة السياسيّة والجهاديّة، إذ إنّها لم تكن مجرّد امرأة مؤمنة وتقيّة، بل كانت فاعلة في المجتمع وفي مساره العقديّ والسياسيّ، وما زالت حتّى الآن مصدر إلهام لكلّ حركة إيمانيّة ثوريّة مناهضة للظلم والاستكبار.

لم تقتصر جهودها (عليها السلام) على تثقيف الأفراد فحسب، بل عملت على بثّ الوعي في صفوف الناس واستنهاضهم عندما اقتضت الحاجة ذلك، وخير شاهد على هذا خطبتها التاريخيّة التي ألقتها على مسامع المهاجرين والأنصار في مسجد أبيها رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، والتي دعتهم فيها إلى التمسّك بدين رسول الله (صلّى الله عليه وآله) والتعاليم التي جاء بها من عند الله تعالى، كما حثّتهم على مقارعة الظلم ومقاومة الاستبداد. لقد كانت خطبتها خطبةً عامّة، سياسيّة واجتماعيّة وعقديّة، شملت الظروف والحيثيّات الدقيقة والحسّاسة التي كانت تمرّ فيها الأمّة الإسلاميّة آنذاك.

 ومن مواقفها القياديّة أيضاً، سعيها في توعية الجماهير وإلقاء الحجّة عليهم بعد رحيل رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، إذ كانت تدور على بيوت المهاجرين والأنصار، محاولةً تحريكَ ضمائرهم وحثّهم على نصرة الحقّ وإعلاء كلمة الله.

فهذه النماذج قدوة لنا في الصراع بين الحقّ والباطل، ومواجهة الطغاة في هذا العصر.


[1] سورة آل عمران، الآية 195.
[2] البيهقيّ، شعب الإيمان، ج6، ص421.
[3] العلّامة الطبطبائيّ، الميزان في تفسير القرآن، ج4، ص352 (تلخيص).
[4] مكانة المرأة في فكر الإمام الخمينيّ (قُدِّس سرّه)، ص97.
[5] المصدر نفسه، ص101.
[6] الشيخ الطوسيّ، الأمالي، ص468.
[7] اليعقوبيّ، تاريخ اليعقوبيّ، ج2، ص14.
[8] سورة الممتحنة، الآية 12.
[9] القاضي النعمان المغربيّ، شرح الأخبار، ج3، ص214.
[10] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج1، ص453.a

12-11-2024 | 16-24 د | 143 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net