الخطاب الثقافي التبليغي رقم (28): يملؤها عدلاً
قال تعالى: ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ﴾.
فطر الله تعالى النفوس على حبّ العدل وبغض الظلم. وقد أجمع البشر على اختلاف شرائعهم وقوانينهم، على تمجيد العدل وتقديسه، والتغنّي بفضائله ومآثره، والتفاني في سبيله؛ إذ إنّه سرّ حياة الأمم، وضمان أمنها، وما تلاشت الحضارات وبادت الدول، إلّا بضياع العدل فيها.
وقد أمر به الله تعالى في كتابه الكريم، إذ قال: ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ﴾، وقال أيضاً: ﴿فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى﴾، وحذّر في المقابل من الظلم، وتوعّد الظالمين بالعذاب، قال تعالى: ﴿إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾، ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾، ﴿وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾...
وإنّ تحقيق العدالة الشاملة والقضاء على الظلم، سوف تكون على رأس مهام الإمام المهديّ (عجّل الله تعالى فرجه)؛ إذ إنّه (عليه السلام) يخرج لأجل إصلاح المجتمع بمختلف طبقاته وتوجّهاته، مُحدِثاً تغييراً اجتماعيّاً شاملاً، وقد تكلّم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) على تلك العمليّة الإصلاحيّة، فقال: «منّا مهديّ هذه الأمّة. إذا صارت الدنيا هرجاً ومرجاً، وتظاهرت الفتن، وتقطّعت السبل، وأغار بعضهم على بعض، فلا كبير يرحم صغيراً، ولا صغير يوقِّر كبيراً، فيبعث الله عند ذلك مهديَّنا، التاسع من صلب الحسين، يفتح حصون الضلالة، وقلوباً غفلاً، يقوم في الدين في آخر الزمان كما قمتُ به في أوّل الزمان، ويملأ الأرض عدلاً كما مُلِئت جوراً».
ويؤكِّد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) هذه السمة في شخصيّة الإمام المهديّ (عليه السلام)، ويجعلها ركيزةً في دوره، فيقول أيضاً: «المهديّ من وُلدي، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، أشبه الناس بي خَلقاً وخُلُقاً، تكون به غيبة وحيرة تضلّ فيها الأمم، ثمّ يُقبِل كالشهاب الثاقب، يملؤها عدلاً وقسطاً، كما مُلِئت جوراً وظلماً».
يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه): إمام زماننا (عجّل الله تعالى فرجه) هو مظهر عدل الله سبحانه، ونحن نعلم جيّداً أنّ أهمّ الخصوصيّات التي يُوصَف بها (عجّل الله تعالى فرجه) وأبرزها، والتي وردت في الأدعية والزيارات والروايات، هي خصوصيّة العدالة: «يملأ الله به الأرض قسطاً وعدلاً».