الخطاب الثقافي التبليغي رقم (21): يا مولانا يا صاحب الزمان (عجل الله تعالى فرجه)
لا يقتصر اعتقادنا بإمام زماننا (عج الله تعالى فرجه) على كونه إماماً حياً وأنه سيظهر في آخر الزمان ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً. فاعتقادنا به يتضمن تفاصيل أخرى من أبرزها أن غيابه عنا لا يعني عدم تأثيره في مسارات حياتنا. فالإمام الحي له تأثير تكويني، وهو واسطة الإله بين السماء والأرض. ونجد في كلمات الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام) ما يشير إلى ذلك، منها: عن أبي جعفر عليه السلام قال: (لو أن الإمام رفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها، كما يموج البحر بأهله).
والرواية الثانية التي تشير إلى تأثيره في حياتنا ومواكبته لما يحدث معنا هي الرواية الصادرة عن الإمام الصادق (عليه السلام)، حيث قال: لا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجة الله فيها، ولولا ذلك لم يعبد الله، قال سليمان: فقلت للصادق (عليه السلام): فكيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟ قال (عليه السلام): كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب).
بل إنه (عجل الله تعالى فرجه) قريب منا وإن كنا لا نستطيع رؤيته، وهو أنيسنا وناصرنا والمشفق علينا طالما أنه هو حجة الله وإمام الزمان. وقد ورد عن الرضا (عليه السلام) قوله: الإمام الأنيس الرفيق، والوالد الشفيق، والأخ الشقيق، والأم البرة بالولد الصغير، ومفزع العباد في الداهية النآد. الإمام أمين الله في خلقه، وحجته على عباده وخليفته في بلاده، والداعي إلى الله، والذاب عن حرم الله).
انطلاقاً من التأسيس السابق، علينا أن نثق بمؤازرة صاحب الأمر لنا في مجمل الأحوال، وخصوصاً في أوقات المحن الكبيرة كالحروب وطغيان الجبابرة واستكبارهم على المستضعفين من المؤمنين. ومؤازرته غير منفصلة عن مؤازرة الله عز وجل لعباده المؤمنين، فهو عجل الله تعالى فرجه مظهر رحمة الله ومن وسائط فيضه ومدده في هذه الأرض.
وحتى تبلغ هذه المؤازرة الغيبية مداها وكمالها فهي تحتاج إلى جهود حثيثة من المؤمنين ليتمكنوا من الاستفادة منها وليكونوا لائقين باستقبالها. وسيكونون لائقين بالمؤازرة الغيبية من خلال: الجهاد والصبر والتضحية والتمسك بالأمل وتعميق الإيمان بالغيب والأخذ بأسباب القوة وعدم اليأس من روح الله، على أن يكون كل ذلك في سبيل الله.
حينما نقوم بهذه الخطوات فإن المؤازرة الغيبية ستتجسد في كل ما نقوم به. وهذا مفاد قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾