* الهدف: التأكيد أنّ الرسالة تتطلّب العمل الدؤوب وأنّ الوهن والضعف والكسل والتقاعس من الأمراض التي تفسد المجتمع وتسلبه قوّته.
* تصدير الموضوع: ممّا ورد في الدعاء: "اللهم إنّي أعوذ بك من الكسل والجبن والبخل والغفلة والذلّة والقسوة والعيلة والمسكنة"1
مقدّمة
والكسل هو ترك العمل لعدم الإرادة، وهو غير ما لو تركه لعدم القدرة فيكون ذلك لعجز وليس لكسل.
وممّا روي عن مولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام في خطبةٍ تعدّ فيها ما أنعم الله على المجتمع برسوله الأكرم فتقول أنّه نقله: "من الكسل إلى الحياة الجدّيّة" وكأنّ الكسل يستبطن اللهو والحياة العبثيّة.
محاور الموضوع
من مصاديق الكسل
الكسل في العبادة: وقد عدّها القرآن الكريم صفةً لأهل النفاق حيث قال: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللهَ إِلاَّ قَلِيلاً﴾2.
الكسل في أداء التكليف: سواء التكليف السياسيّ أو العسكريّ أو سواهما، وهذا ما رأيناه في بعض من استنصرهم الحسين عليه السلام فلم ينصروه، بل حاولوا الهروب والتملّص من بيعته والإنضواء تحت لوائه.
ونلاحظ ذلك من مطاوي حديثه عندما يقول: "ألا ترون إلى الحقّ لا يعمل به وإلى الباطل لا يتناهى عنه"3.
وقد حدّثنا القرآن الكريم أنّ الكسل والتقاعس لن يضرّ الرسالة وإنّما يضرّ صاحبه إذ قال تعالى: ﴿إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ﴾4.
الكسل في العمل: وذلك بالتقصير في واجباته والمهام الملقاة على عاتقه، وتأخير حقوق الناس والتلاعب بأوقاتهم وتضييعه وقته وأوقات الآخرين وسوى ذلك من الأمور التي تشكّل استهتاراً بحقوق الآخرين، والتي توعّد الله تعالى مرتكبيها بأشدّ العذاب.
من موجبات الكسل
التواكل: وأبرز مثال على التواكل ما حدث في أتباع مسلم بن عقيل (رضوان الله عليه) عندما أشاع النظام الأمويّ تهديداته بقتل كلّ من ناصر مسلم. تقول الرواية: إنّ المرأة كانت تأتي إبنها وأخاها فتقول: إنصرف الناس يكفونك5.
وعبارة "الناس يكفونك" هي عين التواكل.
الخوف: وفي الرواية نفسها يبرز الخوف كعامل آخر من العوامل حيث تكمل الرواية بالقول: ويجيء الرجل إلى ابنه وأخيه فيقول: غداً يأتيك أهل الشام6.
عدم تحمّل المسؤوليّة: قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ﴾7.
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من أصبح وأمسى ولم يهتمّ بأمور المسلمين فليس بمسلم"8.
عاقبة الكسل والتقاعس
قال تعالى: ﴿إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾9.
ومن نتائجه التقاعس عن النهوض إلى معاظم الأمور، وكفايات الخطوب وتحمّل المشاقّ والمتاعب في المجاهدة في الله ولله، والفتور عن القيام بالطاعات الفرضيّة والنفليّة الذي من ثمرته قسوة القلب وظلمة السريرة.
* زاد عاشوراء, نشر جمعية المعارف الاسلامية الثقافيّة , الطبعة التاسعة: تشرين الأول 2010م - 1431هـ/ ص:166
1- مصباح المتهجّد، ص143.
2- النساء 142.
3- العوالم الامام الحسين، ص222.
4- التوبة، 40.
5- العوالم الإمام الحسين، ص199.
6- تاريخ الطبريّ، ج5، ص371.
7- الأنبياء 16.
8- الكافي، ج2، ص163.
9- التوبة، 39.