الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1613 14 شوال 1445 هـ - الموافق 23 نيسان 2024 م

غزوةُ أُحد يومُ بلاءٍ وتمحيص

خيرُ القلوبِللحرّيّة قيودٌ من القِيَممراقباتالأيّامُ كلُّها للقدسِسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات

العدد 1572 24 ذو الحجة 1444 هـ - الموافق 13 تموز 2023م

صدقة تُطهِّرُهم

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله وأعزّ المرسلين، سيّدنا ونبيّنا وحبيب قلوبنا، أبي القاسم محمّد، وعلى آله الطيّبين الطاهرين.

عن الإمام الباقر (عليه السلام): «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): ما آمن بي من بات شبعانَ، وجاره جائع، قال: وما من أهل قرية، يبيت فيهم جائعٌ، ينظر الله إليهم يوم القيامة»[1].

أسبوع الصدقة
إنّ مبدأ التعاطف والتراحم، هو مبدأ إنسانيّ، يتذوّق به المجتمع حلاوة الطمأنينة والسلام، ويسعد أفراده باستشعار روح التعاون والإيثار، وعموم الصفاء والوئام، وشياع التلاحم والرخاء، فيغدو بذلك بنياناً مرصوصاً يشدّ بعضه بعضاً. وبإغفاله يضعف المجتمع ويشقى، وتسوده نوازع الحسد والحقد والبغضاء والكيد...

من أجل ذلك، دعت الشريعة الإسلاميّة إلى السخاء والبذل والعطف على البؤساء والمحرومين، واستنكرت على المجتمع أن يتضوّر بعض أهله جوعاً وحرماناً، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «مَن أصبح لا يهتمّ بأمور المسلمين، فليس بمسلم»[2].
وقد جسّد أمير المؤمنين الأبعاد الإنسانيّة لقيمة التعاون والتراحم، المتمثّلة بإيتاء الزكاة في حال الركوع، وذلك بتصدّقه (سلام الله عليه) بخاتمه، في الرابع والعشرين من شهر ذي الحجّة، وقد نزلت في ذلك الآية القرآنيّة الكريمة: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾[3].

وعملاً بهذه السنّة الحسنة، واقتداءً بأمير المؤمنين (عليه السلام)، كان الأسبوع الأخير من شهر ذي الحجّة أسبوعاً للصدقة.

أنواع الصدقات وأبعادها الإنسانيّة
اهتمّ الإسلام بالصدقة مبيّناً أصنافها وأنواعها، والتي غالباً ما يكون لها أبعاد اجتماعيّة أو إنسانيّة لها ارتباط بالمتصدِّق أو المتصدَّق عليه، وفي الحالتين تنعكس على تربية الإنسان وتوجيهه، نذكر منها:

1. الصدقة الخفيّة: وهي أقرب إلى الإخلاص من المُعلَنة، يقول جلّ وعلا: ﴿إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِىَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتؤْتُوهَا الفُقَرَاءِ فَهُوَ خَيرٌ لَّكُمْ﴾[4].

2. الصدقةُ حال الصحّة والقوّة: فهي أفضل من الوصيّة بها بعد الموت أو حال المرض والاحتضار، كما في قوله (صلّى الله عليه وآله) عندما سُئل: أيّ الصدقة أفضل؟ فقال: «أن تَصدَّق، وأنت صحيح شحيح، تأمل البقاء وتخاف الفقر»[5].

3. بذل الإنسان ما يطيقه مع القلّة والحاجة: عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: قلتُ له: أيّ الصدقة أفضل؟ قال: «جهد المُقِلّ[6]، أما سمعتَ قولَ الله عزّ وجلّ: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾[7]»[8].

4. الصدقة على القريب: أوصى أهل البيت (عليهم السلام) بالعطف على العيال، والترفيه عنهم، عن الإمام الكاظم (عليه السلام): «إنّ عيال الرجل أُسرَاؤه، فمن أنعم الله عليه نعمة، فليوسِّع على أُسرَائه، فإن لم يفعل أوشك أن تزول عنه تلك النعمة»[9].

5. الصدقة على الجار: وقد أوصى به الله سبحانه بقوله: ﴿وَالْجَارِ ذِي القُرْبَى وَالْجَارِ الجُنُبِ﴾[10].

6. النفقة في الجهاد في سبيل الله: فإنّه من أعظم ما بُذلت فيه الأموال، وقد أمر الله بذلك في غير موضع من كتابه الكريم، ومن ذلك قوله سبحانه: ﴿انفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَموَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذَلِكُمْ خَيرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾[11]، وقال سبحانه مبيّناً صفات المؤمنين الكُمَّل الذين وصفهم بالصدق: ﴿إِنَّمَا المُؤمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَم يَرتَابُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾[12].

7. الصدقة الجارية: وهي ما يبقى بعد موت العبد، ويستمرّ أجره، عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلّا من ثلاث: علم ينتفع به، أو صدقة تجري له، أو ولد صالح يدعو له»[13].

الأبعاد التربويّة للتصدّق
للصدقة العديد من الأبعاد التربويّة الذاتيّة، نشير إلى بعدين لهما صلة مباشرة أو غير مباشرة بالعديد من مجالات الحياة وشؤونها، وقد عدّتهما الشريعة من الخصال التي ينبغي أن يتربّى المؤمن عليها، هما: الإيثار والكرم.

1. الإيثار: وهو أسمى درجات الكرم، وأرفع مفاهيمه، ولا يتحلّى بهذه الصفة المثاليّة النادرة، إلّا من بلغ قمّة السخاء، فجاد بالعطاء، وهو بأمسّ الحاجة إليه، وقد كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يُؤثِر على نفسه البؤساء والمُعْوِزين، فيجود عليهم بماله وقوته، ويظلّ طاوياً، وربّما شدّ حجر المجاعة على بطنه مواساةً لهم، عن أمير المؤمنين (عليه السلام): «ما شبع النبيّ (صلّى الله عليه وآله) من خبز برّ ثلاثة أيّام حتّى مضى لسبيله»[14].

وهكذا كان أهل بيته (عليهم السلام) في كرمهم وإيثارهم، فعن الإمام الصادق (عليه السلام): «كان أمير المؤمنين (عليه السلام) أشبهَ الناس طعمةً برسول الله (صلّى الله عليه وآله)؛ كان يأكل الخبز والخلّ والزيت، ويُطعِم الناس الخبز واللحم»[15].

2. الكرم: وهو بذل المال أو الطعام أو أيّ نفع، عن طيب نفس، وهو من أشرف السجايا، وأعزّ المواهب، وأخلد المآثر. وناهيك في فضله أنّ كلّ نفيس جليل يوصَف به، ويُعزى إليه، قال تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ﴾[16]، ﴿وَجَاءهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ﴾[17]؛ لذلك أشاد أهل البيت (عليهم السلام) بالكرم والكرماء، ونوّهوا بهما، فعن الإمام الصادق (عليه السلام): «أتى رجلٌ النبيَّ (صلّى الله عليه وآله)، فقال: يا رسول الله، أيّ الناس أفضلهم إيماناً؟ فقال: أبسطهم كفّاً»[18].

وفي أمير المؤمنين وأهل بيته (عليهم السلام)، نزلت الآية الكريمة: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا﴾[19].


[1] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج2، ص668.
[2] المصدر نفسه، ج2، ص163.
[3] سورة المائدة، الآية 55.
[4] سورة البقرة، الآية 172.
[5] الشيخ الطوسيّ، الأمالي، ص398.
[6] أي قدر ما يحتمله حال القليل المال.
[7] سورة الحشر، الآية 9.
[8] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج4، ص19.
[9] الشيخ الصدوق، الأمالي، ص527.
[10] سورة النساء، الآية 63.
[11] سورة التوبة، الآية 14.
[12] سورة الحجرات، الآية 15.
[13] الفتّال النيسابوريّ، روضة الواعظين، ص11.
[14] الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا، ج2، ص70.
[15] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج6، ص328.
[16] سورة الواقعة، الآية 77.
[17] سورة الدخان، الآية 71.
[18] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج4، ص40.
[19] سورة الدهر، الآية 89.

13-07-2023 | 12-51 د | 7591 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net