يروي لنا القرآن الكريم قصّة النبيّ موسى (عليه السلام) حينما عاد ومعه الألواح، ورأى حادثة العجل قد وقعَت، فيقول تعالى على لسان نبيّه موسى (عليه السلام): ﴿قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا﴾[1]، لقد وعدكم اللهُ أن يحسّن لكم حياتكم ويصلحها، ﴿أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ العَهْدُ﴾، فهل طال عليكم الأمد؟ هل انقضى الزمن الذي كان ينبغي أن يُنجَز فيه الوعد الإلهيّ، حتّى رحتم تتبرّمون هكذا؟ انتظِروا إذًا، واصبِروا، وسوف يُنجِز الله وعدَه.
إنّ حُسن الظنّ بالله تعالى أمرٌ ضروريّ، وسوء الظنّ بالوعد الإلهيّ، كما القول: «لماذا لم يحصل؟ ولماذا لم يحصل؟» أمرٌ مذمومٌ جدًّا.
في الآيات ﴿أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدتُّمْ أَن يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّكُمْ﴾. أنا أحتمل أنّ آية ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا﴾[2] تشير إلى هذا الشيء: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ﴾[3]، ربّما كانت إشارة إلى أنّهم كانوا يضغطون ويصرّون عليه دائمًا، أنْ «لماذا لم يحصل كذا؟ ولماذا لم يحصل كذا؟». وهذا حتمًا، يعود إلى ما بعد النجاة من أيدي فرعون، لكنّ الأمر كان على هذا النحو حتّى قبل النجاة من أيدي فرعون: ﴿قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا﴾[4]، كانوا يعترضون على النبيّ موسى بأنّ الأذى لا يزال يطالنا، حتّى من بعد ما جئتنا؛ أي إنّ الاعتراضات والإشكالات الإسرائيليّة التي تَرِد ويتكلّمون عنها، هي حقيقةً من هذا القبيل، فيجب أن نحذر من أن نُصاب بها، ولا نفقد حسن ظنّنا بالله.
(من كلامٍ للإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، بتاريخ 14/03/2019م)
[1] سورة طه، الآية 86.
[2] سورة الأحزاب، الآية 69.
[3] سورة الصفّ، الآية 5.
[4] سورة الأعراف، الآية 129.