عَنِ الإمامِ الصادقِ (عليهِ السلامُ) قال: «مَنْ أرادَ أنْ يكونَ في جوارِ نبيِّه صلّى اللهُ عليه وآلِه، وجوارِ عليٍّ وفاطمة، فلا يدعْ زيارةَ الحسينِ بنِ عليٍّ عليه السلام»[1].
تعدّدتِ الرواياتُ الواردةُ في فضلِ زيارةِ الإمامِ الحسينِ (عليهِ السلامُ) في كلِّ وقت، مضافاً إلى الزياراتِ الخاصّةِ به في بعضِ الأوقات. كما وردَ الحثُّ في الرواياتِ على زيارتِه مشيًا، ففي الروايةِ عنِ الإمامِ الصادقِ (عليهِ السلام): «مَن أتى قبرَ الحسين ِعليهِ السلامُ ماشياً، كتبَ اللهُ له بكلِّ خطوةٍ ألفَ حسنة، ومحا عنه ألفَ سيّئة، ورفعَ له ألفَ درجة. فإذا أتيتَ الفراتَ فاغتَسِل، وعلِّقْ نعلَيك، وامشِ حافياً، وامشِ مشيَ العبدِ الذّليل، فإذا أتيتَ بابَ الحائرِ فكبِّرْ أربعاً، ثمّ امشِ قليلاً ثمّ كبِّرْ أربعاً، ثمّ ائتِ رأسَه فقفْ عليه فكبِّرْ أربعاً وصلِّ عنده، واسألِ اللهَ حاجتَك»[2].
وأصبحتْ زيارةُ المشيِ في الأربعينَ باباً من أبوابِ معرفةِ هذا الإمامِ العظيم، يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ (دامَ ظلُّه): «هذه المسيرةُ الأربعينيّةُ هي حقّاً حادثةٌ منقطعةُ النظير، ليس فقط في زمانِنا هذا، بل وعلى مرِّ التاريخ، حيثُ يزدادُ هذا الحراكُ ازدهاراً سنةً بعد سنة. ولهذه الحركةِ الحسينيّةِ دورُها في تنميةِ المعرفةِ بالإمامِ الحسينِ عليهِ السلام، وتطويرِها. لقدْ أصبحتْ زيارةُ «الأربعينَ» ظاهرةً عالميّةً بهذه الحركةِ والمسيرةِ السنويّةِ بين النجفِ وكربلاءَ خصوصاً. وقدْ تسمَّرتْ أعينُ الناسِ في العالمِ عليها، وأضحى الإمامُ الحسينُ عليهِ السلامُ، والمعرفةُ الحسينيّةُ، حالةً دوليّةً عالميّةً بفضلِ هذا الحراكِ الشعبيِّ العظيم».
إنّ الثمرةَ المترتِّبةَ على هذه الزيارةِ السنويّةِ بما تحمِلُهُ مِن مشاركةٍ واسعةٍ هي أنَّها تُشكِّلُ نقطةَ مواجهةٍ لأعداءِ الإسلام، يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ (دامَ ظلُّه): «يعاني العالمُ مِن الظلمِ والفسادِ والدناءةِ واللؤم، وهو بحاجةٍ إلى معرفةِ التحرُّرِ الحسينيِّ والحريّةِ الحسينيّة. كما تُطلَقُ الدعايةُ والإعلامُ في الوقتِ الحاضرِ ضدَّ الإسلامِ والمعارفِ الإسلاميّةِ بمئاتِ الوسائل. ومقابلَ هذا الحراكِ العدائيِّ لجبهةِ الكفرِ والاستكبار، يُمكِنُ لحركةِ المعرفةِ الحسينيّةِ أن تتصدّى بكلِّ قوّة، وتُعرّفُ حقيقةَ الإسلامِ والقرآنِ للعالم. منطِقُ الحسينِ بنِ عليٍّ عليهِما السلامُ هو منطقُ الدفاعِ عن الحقِّ، والصمودُ والثباتُ مقابلَ الظلمِ والطغيانِ والضلالِ والاستكبار».
ومِنْ مشاهدِ الزيارةِ اللافتةِ هو مشاركةُ غيرِ الشيعةِ فيها، يقول الإمام الخامنئيُّ (دام ظلّه): «الإمامُ الحسينُ عليهِ السلامُ هو للإنسانيّة، ونحنُ - الشيعةَ - نفخرُ أنَّنا أتباعُه، لكنَّهُ ليسَ لنا وحدَنا فقط، فالمذاهبُ الإسلاميّةُ وغيرُ الإسلاميّةِ تنضوي تحتَ لواءِ الإمامِ الحسينِ عليهِ السلام؛ إذ يُشاهَدُ في هذِه المسيراتِ العظيمةِ حتّى مَنْ لا يعتنقونَ الدينَ الإسلاميّ، وهذه حالةٌ سوف تستمرُّ إنْ شاءَ الله، وهي آيةٌ عظمى يُظهِرُها اللهُ تعالى، ومؤشِّرُ إرادةٍ إلهيّةٍ على نُصرةِ الأمّةِ الإسلاميّة. وهذا يدلُّ على أنَّ إرادةَ اللهِ تعالى معقودةٌ على نصرِ الأمّةِ الإسلاميّة».
أمّا الواجبُ في هذه الزيارةِ فهو الاستفادةُ القصوى للوصولِ إلى الغاياتِ العظيمةِ والأهداف التي أرادَها الإمامُ الحسينُ (سلامُ اللهِ عليه)، يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ (دام ظلُّه): «ينبغي أنْ نضاعفَ من معاني هذه المراسمِ ومضامينِها باستمرار، فليُخَطِّطْ أهلُ الأفكارِ وأهلُ الثقافةِ وأهلُ الأعمالِ الثقافيّةِ والفكريّةِ لهذه الحركةِ العظيمة»..
[1] ابن قولويه القمّيّ، كامل الزيارات، ص137.
[2] المصدر نفسه، ص133.