الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1613 14 شوال 1445 هـ - الموافق 23 نيسان 2024 م

غزوةُ أُحد يومُ بلاءٍ وتمحيص

خيرُ القلوبِللحرّيّة قيودٌ من القِيَممراقباتالأيّامُ كلُّها للقدسِسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات
وظيفة علماء الدين مسؤوليّة خطيرة
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق



أوّل ما يخطر على بالي الحديث به في هذا الاجتماع النيّر والمعنويّ، هو ما أشرتُ إليه الآن، من جسامة المسؤوليّة. علماء الدين في الإسلام هم روّاد الإصلاح والرقيّ والتقدُّم. وقد أُلقِيَت هذه المسؤوليّة على عاتق علماء الدين. ما قاله الإمام عليّ (عليه السلام)، وورد في نهج البلاغة: «ومَا أَخَذَ اللَّه عَلَى الْعُلَمَاءِ، أَلَّا يُقَارُّوا عَلَى كِظَّةِ ظَالِمٍ، ولَا سَغَبِ مَظْلُومٍ»[1]، معناه أنّه لا يمكن لعالم الدين اتّخاذ جانب الصمت والحياد حيال الظلم والإجحاف واعتداء الناس بعضهم على بعض. لا معنى للحياد هنا. القضيّة لا تتلخّص بأن نعرض على الناس حكم الشريعة والمسائل الدينيّة؛ مهمّة العلماء مهمّة الأنبياء: «إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاء»[2]. لم تكن مَهَمّة الأنبياء مجرّد عرض المسائل؛ فلو اكتفى الأنبياء بهذا الجانب، واكتفوا ببيان الحلال والحرام للناس، لَما كانت ثمّة مشكلة، ولَما عارضهم أحد. في هذه الآيات الشريفة التي تلاها المقرئ المحترم، بصوته الحسن وتجويده الرائق: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ﴾[3]، لنا أن نتساءل: أيّ تبليغ هذا الذي تندرج فيه خشية الناس، وعلى الإنسان أن لا يخشاهم حينما يبلّغ؟ لو كانت القضيّة تقتصر على بيان جملة أحكام شرعيّة، لَما كان هناك سبب للخوف، بحيث يثني الله -تعالى- على الذين لا يخشون الناس ولا يخشون أحدًا إلّا الله. ما هو سبب التجارب الصعبة التي عاناها الأنبياء الإلهيّون طوال أعمارهم المباركة؟ وما الهدف منها؟ ﴿وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُو﴾[4]. ما هي الرسالة التي ينبغي القتال من أجلها، ويجب تعبئة جنود الله من أجلها، والتقدُّم [التحرّك] بهم؟ هل كانت مجرّد ذكر بضع عبارات في الحلال والحرام وبعض المسائل؟ لقد ثار الأنبياء لإقامة الحقّ والعدل، ومقارعة الظلم والفساد، وتحطيم الطواغيت. ليس الطاغوت ذلك الوثن الذي يعلّقونه على الجدران، أو يضعونه في الكعبة أيّام الجاهلية؛ ذلك الوثن ليس بشيء حتّى يطغى. إنّما الطاغوت هو ذلك الإنسان الطاغي الذي يفرض صنم وجوده على الناس، استنادًا إلى ذلك الصنم المعلَّق على الجدران. الطاغوت هو فرعون، ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ﴾[5]؛ هذا هو الطاغوت. نهض الأنبياء لمحاربة هؤلاء، ومقارعتهم، ووضعوا أرواحهم على الأكفّ، ولم يقعدوا ساكتين عن الظلم والعسف وتضليل الناس. هؤلاء هم الأنبياء، و«الْعُلَمَاء وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاء». إذا كنّا نرتدي ثياب علماء الدين -سواء كنّا رجالًا أم نساء، سنّةً أم الشيعة- فنحن في الواقع، نطلق ادّعاءً كبيرًا، ونقول: إنّنا ورثة الأنبياء! ما هي وراثة الأنبياء هذه؟ إنّها مقارعة كلّ تلك الأمور التي يُعَدّ الطاغوت مظهرها: مقارعة الشرك، والكفر، والإلحاد، والفسق، والفتنة. هذا هو واجبنا. ليس بوسعنا القعود والسكون، والاقتناع بأنّنا عرضنا على الناس بضع مسائل. التكليف لا يرتفع بهذه الأمور. هذه هي الخطوة الأولى.

(من كلام للإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، بتاريخ 13/05/2009م)


[1] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة (خطب الإمام عليّ (عليه السلام))، ص50.
[2] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج1، ص32.
[3] سورة الأحزاب، الآية 39.
[4] سورة آل عمران، الآية 146.
[5] سورة القصص، الآية 4.

05-05-2021 | 22-31 د | 894 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net