ومن أهم الخصائص الّتي يجب على المبلّغ الدّيني امتلاكها:
معرفة الزمان والمكان
قال الإمام الصادق(عليه السلام): "العالِم بزمانه لا تهجُم عليه اللوابس"[1].
معرفة الزمان والمكان تعني؛ تحديد الموقع المناسب؛ وتشخيص الموقع والمقام والمحل،
العمل في كلّ زمان ومكان بما يقتضيه[2]؛ مقتضى الزمان والمكان أي ما يقتضيه محيط
المجتمع والحياة[3].
إنّ معرفة الأوضاع المناسبة وشرائط الزمان والمكان يُعدّ من جملة العوامل المؤثِّرة
في التبليغ. ولهذه الشرائط مفهومٌ واسعٌ وشاملٌ وكليّ بدءاً من المسائل الجغرافيّة
والثقافيّة والسياسيّة والمسائل الراهنة اليومية، وكذلك القضايا البعيدة الأمد.
ولهذا، فإنَّ عرض المطالب والمسائل في الموقع المناسب، سيؤدّي إلى مزيد من القبول
بها والإقبال عليها، وبالتالي مع عدم توفُّر الشرائط المناسبة فلن يكون لها التأثير
المطلوب.
فعلى سبيل المثال، من المناسب جدّاً في شهر محرّم التحدّث عن حياة الإمام
الحسين(عليه السلام) وفلسفة ثورتِه وشهادتِه.
وأمّا في مناسبة مولد النبيّ (صلّى الله عليه وآله) فإنّ الحضور على استعدادٍ تامٍّ
لاستماع حديثٍ حول حياة النبيّ(صلّى الله عليه وآله) وسيرتِه وفلسفة النبوّة و...
وأحياناً قد يطرح المبلّغ موضوعاً صائباً وصحيحاً، إلّا أنّه ولعدم ملاحظته شرائط
الزمان والمكان فلن يكون لتبليغه وكلامِه الأثرَ المطلوب[4].
وفي توصيةٍ من الإمام الصادق(عليه السلام) يقول فيها:
"لا يتكلَّم أحدكم بما لا يعنيه، وليدع كثيراً من الكلام فيما يعنيه حتى يجد له
موضِعاً, فرُبَّ متكلّمٍ في غير موضعه جنى على نفسه بكلامه"[5].
وحول معرفة الزمان والمكان من المفيد الالتفات إلى هذه التوصيات والعمل بها:
1.بناءً على الوظيفة والمسؤوليّة التي حملتها على عاتقك، اسعَ لأن تكون أعرف الناس
بزمانِك.
2.قُم بمطابقة وملائمة أساليب التبليغ ووسائله ومحتواه مع حاجات المخاطبين
وتساؤلاتهم.
3.استفد من الوسائل والأساليب الحديثة في التبليغ والإعلام نظير الوسائل التصويريّة
والكومبيوتر...
4.ليكُن لباسك وشكلك الظاهري بحسب المناسب والمتعارف في محيطك وزمانك.
5.استشارة العلماء العارفين والمجرِّبين.
6.المعاملة الودِّية والحُبيّة مع كلِّ طبقات المجتمع وأصناف الناس.
[1]الكافي، ج1، ترجمة وشرح مصطفوي، ص31.
[2]انظر: فرهنـﮓ فارسى معين (المعجم الفارسي معين)، لغت نامه دهخدا (قاموس دهخدا)،
مادة موقع شناسى (تشخيص الموقع).
[3]إنّ الدهر والمحيط والاجتماع من صنع الإنسان، وهو غير مصونٍ عن الخطأ دائماً،
ولهذا فإنّ وظيفة الإنسان لا تنحصر فقط في مجاراة الزمان والأفكار والعادات
والتقاليد الموجودة فيه، بل لا بدّ من تنظيمها وإصلاحها أيضاً، وعليه فإنّه يجب
مجاراة الزمان في تقدُّمه وتطوّره، وكذلك مواجهة الانحراف والفساد عند حصوله.
انظر، (موسوعة آثار الشهيد مطهري) ج3، ص186- 187 (بتصرف).
[4]جنك فرهنـﮕـي عليه إنقلاب إسلامى (الحرب الثقافيّة ضدّ الثورة الإسلاميّة)،
ص126-128 (بتصرفٍ وتلخيص)
[5] تبليغ در قرآن وحديث، ص 213، (التبليغ في القرآن والحديث).