ومن أهم الخصائص الّتي يجب على المبلّغ الدّيني امتلاكها:
حسن الظنّ بالناس:
قال الإمام علي(عليه السلام): "من حَسُنَ ظنُّه بالناس حازَ منهم
المحبّة"[1].
المراد من حُسْنِ الظنِّ بالناس: النظرة الحسنة تجاههم وتجاه من حوله. الاعتقاد
الحَسَن بهم. رؤية الناس أهلًا للطهارة والمحبّة. حسن الظنّ مقابل سوء الظنّ والنظر
السلبي تجاههم[2].
قيمةُ حُسْن الظنّ:
إنَّ حسنَ الظنِّ بالناس من أفضل الصّفات الإنسانيّة ومن أرقى المواهب
الإلهيّة، التي هي أساس صفاء الباطن وعلوّ الإيمان والفكر[3].
وإنَّ كلّ من أحسن الظنّ بالناس فأظهر محاسنهم وتجاهل عيوبهم، هو ذو أصل طاهر وعملٍ
راجح.
بناءً على هذا، وبقدر الإمكان، لا تُسىء الظنّ بإخوانك المسلمين، واحمل أقوالهم
وأفعالهم على المحمل الحسن دائمًا، كما ورد في الرواية عن الإمام علي(عليه السلام)
حيث قال: "ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك منه ما يغلبك، ولا تظنَّن بكلمةٍ خرجت
من أخيك سوءًا وأنت تجد لها في الخير محملًا"[4].
وعنه أيضًا أنّه قال: "من عرف من أخيه وثيقة دين وسداد طريق، فلا يسمعنَّ فيه
أقاويل الناس..."[5].
ما لا يُحسن الظنّ به[6]:
1- "إذا استولى الفساد على الزمان وأهله، ثمّ أحسن الظنّ رجلٌ برجلٍ فقد
غرر"[7]. إنّ الأصل في البيئة الصالحة تقريبًا، هو حسن الظنّ، وأما في البيئة
الفاسدة فالأصل فيها هو سوء الظنّ.
2- لا يمكن التعاطي بحسن الظنّ في المسائل الأمنيّة والاستخباريّة المرتبطة بمصير
المجتمع وأمنه، بل لابدّ من مراقبة جميع التحرّكات المشبوهة والتحقيق في أمرها.
3- في مواجهة العدو ينبغي عدم الوثوق به والإسراع في حسن الظنّ به، ومن الممكن أن
يبادر إلى الصلح وإظهار المحبّة وتغيير التعاطي، لذا لا ينبغي في هذا المورد حُسْنُ
الظنّ به والاعتماد عليه مباشرةً بل لا بدَّ من احتمال أنَّ كلَّ تصرفاته لأجل
المكر والخديعة والتحايل وبناءً على هذا الأصل قال الإمام علي(عليه السلام) لمالك
الأشتر: "ولكن الحذر كلُّ الحذر من عدوّك بعد صلحه، فإنَّ العدو ربما قارب ليتغفَّل
فَخُذْ بالحزم واتّهم في ذلك حسن الظنّ..."[8].
[1] ترجمة ميزان الحكمة (الطبعة
الفارسية)، ج7، ص3395.
[2] مقتبس من "فرهنـﮓ فارسى معين" (المعجم الفارسي معين)؛ لغت نامه دهخدا (قاموس
دهخدا)، مصطلح "حسن الظن".
[3] انظر، أخلاق در قرآن (الأخلاق في القرآن)، ج3، ص333. (بتصرف).
[4] ترجمة ميزان الحكمة (الطبعة الفارسية)، ج7، ص3393.
[5] م.ن.
[6] مقتبس من: أخلاق در قرآن (الأخلاق في القرآن)، مكارم الشيرازي، ج3، ص334- 336 (بتصرف).
[7] نهج البلاغة، مقطع من الحكم 114؛ انظر أيضاً. ترجمة ميزان الحكمة (الطبعة
الفارسية)، ج7، ص3399- 3401.
[8] نهج البلاغة، مقطع من الرسائل53، (عهد الأشتر.