الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات
كلمة سماحة الإمام الخامنئي دام ظلّه في مؤتمر محبّي أهل البيت (ع)
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

كلمة سماحة الإمام الخامنئي دام ظلّه في مؤتمر محبّي أهل البيت (ع) 23/11/2017م

بسم الله الرحمن الرحيم[1]


والحمد لله رب العالمين، والصّلاة والسّلام على سيّدنا ونبينا أبي القاسم المصطفى محمّد، وعلى آله الطيّبين الطاهرين، وصحبه المنتجبين، ومن تبِعهم بإحسان إلى يوم الدّين.

أيُّها الإخوة الأعزّاء، أيّتها الأخوات العزيزات !أهلًا وسهلًا بكم، نرحّب بكم جميعًا من صميم القلب. أنتم هنا في بيتكم وبين إخوانكم؛ إنّنا ننظر بهذه النّظرة لإخواننا المسلمين في أيّ مكان من العالم؛ نحن إخوة، نعتبركم إخواننا، وقد أثبتنا -بتوفيق الله وعونه- مشاعرنا الأخويّة بشكل عمليّ أيضًا.

محبّتهم (عليهم السّلام) محور الاتّحاد
إنّ موضوع هذا المؤتمر هو محبّة أهل البيت (عليهم السّلام)، إنّه موضوعٌ بالغ الأهميّة. حبّ أهل البيت لا يختص بجماعةٍ معينةٍ في الإسلام؛ كلّ المسلمين يحبّون أهل بيت الرسول، كلّ المسلمين يودّون أهل بيت الرسول. كان هناك عددٌ محدودٌ وقليل جدًا في التّاريخ اسمهم النّواصب، وحتّى هؤلاء أيضًا من المحتمل أن تكون دوافعهم دوافع سياسيّة، وليست دوافع دينيّة بالمعنى الحقيقي للكلمة؛ لكنّ قاطبة المسلمين منذ صدر الإسلام الأوّل وإلى اليوم يُعتبرون محبّين لأهل البيت. حسنًا، هذه الجملة بحدّ ذاتها هي درس لنا؛ والدّرس هو أنّه يمكن إيجاد إجماع بين المسلمين بواسطة محبّة أهل البيت؛ يمكن جعل هذه المحبّة محورًا للاتّحاد والاتّفاق بين المسلمين. كما إنّ الوجود المبارك لرسول الإسلام وسيلة ومِحْور للوحدة بين المسلمين، وكما إنّ القرآن والكعبة الشريفة مِحْور للاتّحاد بين المسلمين، يمكن لمحبّة أهل البيت أيضًا أن تكون محورًا لاتّحاد المسلمين وتقريب قلوبهم من بعضهم البعض.

وأقولها لكم أيّها الإخوة الأعزّاء؛ إنّ العالم الإسلامي اليوم بأمسّ الحاجة إلى هذا الاتّحاد والتّعاطف. إنّ جسد العالم الإسلامي اليوم جريح؛ لقد استطاع أعداء الإسلام - من خلال إشعال الحروب والخلافات- إفشال المسلمين، وإيقاع التّنازع فيما بينهم وإشغالهم بعضهم ببعض، وبقاء أعدائهم في أمن وأمان. يعيش الكيان الصّهيوني الغاصب حال الأمان في منطقة غرب آسيا، فيما يخوض المسلمون في دماء بعضهم البعض! هذه حقيقة وواقع قائم في الوقت الحاضر؛ وهو من فعل أعداء الإسلام، إنّه من فِعْل أمريكا، ومن فِعْل الصهيونيّة الدوليّة، ومن فعل أتباعهم وأعوانهم في هذه المنطقة. يجب أن نعترف بكلّ أسف بأنّ هناك داخل الأمّة الإسلاميّة والحكومات الإسلاميّة نفسها، من يقوم بما تريده أمريكا والصّهيونية، ويتكفّل بنفقاته، ويوفّر مقدماته، فيصبح أداةً لهم؛ من أجل ماذا؟ من أجل جرح جسم الأمّة الإسلاميّة. في مثل هذه الأوضاع والظّروف، فإنّ اتّحاد الأمة الإسلامية أوجب الواجبات؛ يجب أن نجتمع حول بعضنا.

إنّ محبّة أهل البيت لها جذورها القرآنيّة، وجذورها في الأحاديث الشريفة؛وهي ليست بالأمر الجديد. الحديث المتّفق عليه بين المذاهب الإسلامية وهو حديث الثَّقلَين «اِنّي‌ تارِك‌ فيكمُ الثَّقَلَينِ كتابَ اللهِ وعِترَتي اَهلَ بَيتي فَاِنَّهُما لَن يفتَرِقا حَتَّى يرِدا عليّ الحَوض»[2] مع أنه يعلّمنا اتبّاع أهل البيت، لكنّ الاتّباع دون المحبّة لا معنى له، وإذن فالمحبّة أيضًا تُفهم من هذا الحديث. حينما يرِد في القرآن الكريم: «إنَّما يريدُ اللهُ لِيذهِبَ عَنكمُ الرِّجسَ أهلَ البَيتِ ويطَهِّرَكم تَطهيرًا»[3]، فإنّ هذا الطّهر والنّقاء الّذي أراده الله تعالى في أهل البيت يستدعي هذا العشق والمحبّة الّتي يُكنّها المسلمون لأهل البيت؛ إذن، هذه المحبّة تصبح وسيلة لاتّحاد المسلمين.

فلسطين مفتاح الانتصار
تكمن مصلحة أعداء الإسلام في جرّ الحروب إلى داخل العالم الإسلامي، وقد أشعلوا الحروب للأسف. لقد وُقّفنا وصمدنا بوجه مؤامرة العدو هذه وسنواجهها دومًا. وأقولها لكم،نحن نؤمن بأنّنا بتوفيق الله تعالى وإرادته ومشيئته وبإذنه، سننتصر على أعدائنا في هذه المواجهة.

إنّ فلسطين اليوم هي قضية العالم الإسلامي الأولى. كلّ من يفهم ويدرك قضية فلسطين بصورة صحيحة، يقرّ بأنّها قضيّة العالم الإسلامي الأولى. إنّ قضية فلسطين مفتاح الانتصار على أعداء الإسلام، وهي أهم قضيّة في العالم الإسلامي اليوم. لماذا؟ لأنّ فلسطين بلد إسلامي، وقد غصبوه وانتزعوه من أهله. ليس الكلام عن غصب قرية أو مدينة، إنّما احتلّ العدو بلدًا وجعله مقرًّا للإخلال في أمن بلدان هذه المنطقة. يجب مقاومة هذه الغدّة السرطانيّة. ولكم أن تلاحظوا الآن؛ كيف أن شخصًا يكتسي لباس الإفتاء الديني، يفتي بأنّ قتال الصهيونية حرام وبأنّه لا يجوز مساعدة الجماعة الفلانية الّتي تناضل ضدّ الصهيونية! إنّها فاجعة حقًا؛ أنْ يعمل البعض في العالم الإسلامي ضدّ مصالح الإسلام بهذه الصّورة، وتكون لهم علاقاتهم الوديّة مع الأعداء، وذلك تمامًا بخلاف النّص القرآني الصريح بأنّ المؤمنين «اَشِدّآءُ عَلَى الكفّارِ رُحَمآءُ بَينَهُم»[4]، فهؤلاء «أشداء على المسلمين» و«رحماء مع الكفار»؛ علاقاتهم مميّزة وجيّدة معهم، لكن انظروا ما الذي يفعلونه بالمسلمين من بثٍّ للخلافات وزرعٍ لشجرة "داعش" الخبيثة وأمثال "داعش" في العراق وسوريا وباقي المناطق.

بالطبع، اجتُثّت هذه الشجرة في العراق وسوريا، ولكن لا يمكن الرّكون والثّقة بهم، قد يخلقون مثل هذه الحال في أماكن أخرى، أمريكا لن تكفّ عن معاداة الإسلام. يجب أن نكون يقظين؛يجب أن نحافظ على استعدادنا؛ ينبغي ألّا نغفل ونُفاجأ بشيء. يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في نهج البلاغة: «وَاللهِ لَا أكونُ كالضَّبُعِ تَنامُ عَلىٰ طولِ اللَدم»[5]. يجب أن نكون هكذا، فلا يمكننا أن نخلد إلى النّوم ونغفل ونتجاهل كيد العدو. يجب أن نكون يَقِظين.

على العالم الإسلامي التيقّظ!
لهذه الصّحوة مقتضياتها؛ من مقتضياتها هذه الأخوّة والمحبّة الّتي يجب أن نتحلّى بها. تقتضي هذه المحبّة مكافحة ومواجهة العوامل الّتي تعادي العالم الإسلامي بصراحة، أو الّتي تساعد أولئك الأعداء. يجب أن تحملوا رسالة هذه الرّوحية في البلدان المختلفة، وتحافظوا على جهوزيّة المسلمين للمواجهة والمقاومة. وليس المقصود هو الحرب العسكرية في كلّ الأماكن، إنّما ينبغي أن تعرّفوا أذهان جماهيركم - النّاس الّذين يستمعون لكلامكم - إلى الحقائق الواقعيّة اليوم في العالم الإسلامي. إنّنا بالتّأكيد لن نضع هذا الواجب أرضًا؛ إنّنا لن نترك هذا الواجب، ونحن على ثقة من أنّ الله تعالى سوف يُعينُنا للنّجاح في هذه المهمّة. الّذين خالفوا الآية القرآنيّة القائلة «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ»[6] واتّخذوا أعداء المسلمين وأعداء الإسلام وأعداء الله أصدقاء يبادلونهم المودّة، هم أعداء الإسلام الحقيقيّون في داخل المجتمع الإسلامي.

الحمد لله؛ فالعالم الإسلامي قد تيقّظ اليوم. نحن المسلمين في مختلف البلدان نُشكّل حقيقة عظيمة، نحن حالة حقيقيةٌ مفروضةٌ على الاستكبار والكُفر. يمكن للعالم الإسلامي اليوم الوقوف بوجه الكفر والاستكبار وفرض كلمته وفكرِه. والحمد لله على أنّ هناك في الجغرافيا الإيرانية دولة باسم الإسلام؛ وهي تفخر بأنّها دولة إسلاميّة. بالطّبع، نحن لم نصل بعد إلى كلّ آمالنا في تحقيق حاكميّة الإسلام في البلاد؛ نحن في منتصف الطّريق، لكنّ هدفنا هو تحقيق كلّ الأهداف الإسلامية وتحكيم الشريعة الإسلامية بالكامل. هذا هو هدفنا وسوف نتابع هذا الهدف بتوفيق الله تعالى وإذنه، وسيكون هذا وسيلة للانتصار على أعداء الإسلام؛اليوم هذا واقع قائم وموجود هنا.

..بل أقوى ممّا كنّا نرجو
أيّها الإخوة الأعزّاء، أيّتها الأخوات العزيزات! لقد مضى على تأسيس الجمهورية الإسلامية حوالي أربعين سنة، وقد ناصبتنا أمريكا العداء منذ اليوم الأول وحتّى اليوم، وناصبتنا جبهة الكفر والاستكبار والصهيونية العداء، وتآمرت علينا، واستخدمت كلّ طاقاتها وما استطاعت ضدّنا، لقد مارسوا الحظر الاقتصادي، والهجوم العسكري، وقاموا بأعمال مختلفة، وعلى الرّغم من كلّ هذا فقد تقدّمنا إلى الأمام دائمًا طوال ما يقارب الأربعين عامًا. إنّ تقدُّم الجمهورية الإسلامية في الوقت الرّاهن، بتوفيق من الله، لا يمكن مقارنته بما كانت عليه الأمور قبل ثلاثين سنة أو خمس وثلاثين سنة.

 لقد أرادوا القضاء علينا، فزاد الله تعالى من قوّتنا رغمًا عنهم، ومنحنا القوّة، بل جعلنا أقوى حتّى ممّا كنّا نرجوه ونأمله؛ الجمهورية الإسلاميّة اليوم في منتهى القوّة والقدرة والحمد لله، وهي صامدة. ونحن نقول كلامنا بصراحة ونقف عند كلمتنا، وحيثما استدعت الحاجة تواجدنا، وكلّما استدعت الحاجة لنقدّم المساعدة في مواجهة الكفر والاستكبار، سوف نقدّم مساعدتنا هناك. هذا ما نقوله بصراحة ولا نُحرج من قوله في مواجهة ومجابهة عالم الكفر والاستكبار. إنّنا لا نُعير اهتمامًا لأيّ أحد ولا نسايره، ونقول كلامنا ومكنون قلبنا بصراحة. مثل هذا الواقع قائم اليوم في العالم الإسلامي، ونأمل، بتوفيق من الله، أن يأتي اليوم الّذي تعود فيه فلسطين لأهل فلسطين ويكون شعب فلسطين مالكًا لبلاده، ويعود الّلاجئون الفلسطينيون إلى فلسطين، سيكون ذلك اليوم يوم احتفال وعيد في العالم الإسلامي، وسوف توجّه للاستكبار في ذلك اليوم الضربة الحقيقية الّتي تقصم ظهره، ونحن نسعى ونعمل لأجل هذا وسوف يأتي ذلك اليوم إن شاء الله. أرحب بكم مجدّدًا أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، وأستودعكم الله جميعًا وأتمنّى أن يكون مؤتمركم هذا مؤتمرًا مباركًا إن شاء الله.

والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

[1] في بداية هذا اللقاء الذي أقيم بمناسبة انعقاد مؤتمر «محبّو أهل البيت (عليهم السلام) وقضية التكفيريّين» بطهران في يومي الثاني والعشرين والثالث والعشرين من تشرين الثاني 2017م، تحدّث الدكتور علي أكبر ولايتي الأمين العام للمجمع العالمي للصحوة الإسلامية.
[2] راجع: أمالي الصدوق، ص 415 مع قليل من الاختلاف.
[3] سورة الأحزاب، الآية 33.
[4] سورة الفتح، الآية 29.
[5] نهج البلاغة، تحقيق صبحي الصالح، الخطبة رقم 6، ص53.
[6] سورة الممتحنة، الآية 1.

20-12-2017 | 14-50 د | 1187 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net