إذا أردت أن تأخذ على عاتقك مسؤولية “تبليغ الدِّين” وحمل رسالته العظيمة. لا بدّ
لك أولاً أن تبدأ بتعليم نفسك، وقبل أن تقوم بتوجيه الآخرين لا بدّ أن تلتزم قبلهم
بالقيم والفضائل. وكما ورد عن أمير المؤمنين(عليه السلام) حيث يقول: “من نصّب
نفسه للناس إماماً فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تأديبُه بسيرته قبل
تأديبه بلسانه؛ ومُعلِّم نفسِه ومؤدِّبها أحقّ بالإجلال من مُعلم الناس ومؤدّبهم”[1].
وسوف نشير هنا إلى أهم الخصائص التي يجب عليك امتلاكها كمبلغٍ ديني، ومن ثم
سنتعرَّض لاحقاً لبيان الوظائف المطلوبة منك[2].
أ- الخصائص
1- الإيمان بمضمون الخطاب
يجب عليك أن تعتقد اعتقاداً جازماً وقطعياً بمحتوى الخطاب الذي تقدِّمه للناس,
وينشأ هذا الاعتقاد من خلال المعرفة التامة والصحيحة بمحتوى الخطاب والهدف منه.
ولذا فإنّ العلوم التي تُريد تبليغها وتعليمها للآخرين لا بدَّ لك أولاً أن تحيط
بها وتكون مستوعباً لها تماماً لئلاّ يبقى لديك أي شبهة وشك في موردها, وفي هذه
الصورة فقط سينفذ كلامك إلى قلوب وأرواح المخاطبين والسَّامعين، وأما إذا كان لديك
شكّ في صحّة الهدف التبليغي أو محتوى الخطاب الذي تقدمه فلا تنتظرنّ قبول المخاطبين
لأي كلمة من الخطاب، ومن جملة الصفات الممتازة التي كان يتميّز بها رسول الله(صلى
الله عليه وآله) الإيمان بما كان يبلِّغه إلى الناس, قال الله تعالى في كتابه
الكريم:
{ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ
رَبِّهِ}[3].
{ النَّبِيِّ الأمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ
وَكَلِمَاتِهِ}[4].
[1] نهج البلاغة،
الحكمة، 73.
[2] إن التحلّي بهذه الصفات حسنٌ لكلّ مسلمٍ ومؤمنٍ ولكنَّها أحسن للمبلغ الديني
لأنه المعلم والمربي والأسوة للأخرين.
[3] سورة البقرة، الآية 285.
[4] سورة الأعراف، الآية 185.