بسم الله الرحمن الرحيم
إن إضافة "أيام" إلى "الله" في قوله تعالى: (وذكرهم بأيام الله...)[1] إشارة إلى
الأيام المصيرية والمهمة في حياة الناس، فإنها بسبب عظمتها أضيفت إليها كلمة "الله"،
وكذلك لأن واحدة من النعم الإلهية الكبيرة شملت حال قوم أو أمة، أو إحدى العقوبات
الكبرى أصابت قوما طاغين بالعذاب الإلهي، وقد أراد الله تعالى أن يجعل هذه الأيام
تذكرة باقية للناس.
الروايات الواردة من أهل البيت (عليهم السلام) تشير أنهم فسروا "أيام الله" بأيام
مختلفة، فعن الإمام الباقر (عليه السلام) قال "أيام الله، يوم يقوم القائم (عليه
السلام) ويوم الكرة[2]، ويوم القيامة"[3].
وجاء في تفسير علي بن إبراهيم "أيام الله ثلاثة أيام، يوم قيام المهدي (عليه
السلام) ويوم الموت، ويوم القيامة".
وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال "أيام الله نعماؤه وبلاؤه ببلائه سبحانه"[4].
وكما قلنا سابقا فإن مثل هذه الأحاديث غير دالة على الحصر إطلاقاً، بل هي بيان
لقسم من مصاديقها. وعلى أية حال فتذكر الأيام العظيمة (من أيام النصر أو من أيام
الشدة) له دور مؤثر في يقظة الشعوب، وبالإلهام من هذا النداء السماوي سوف نحيي
الأيام العظيمة في التاريخ الإسلامي، ونخصص لها أياما معينة في السنة لتجديد ذكراها،
لكي نتعلم منها الدروس التي لها أثر مهم في يومنا هذا.
وفي تاريخنا المعاصر - خصوصا في تأريخ الثورة الإسلامية في إيران - توجد أيام
مثيرة جدا والتي هي بحق مصداق ل "أيام الله" ويجب أن نذكرها في كل سنة، وهي التي
امتزجت بذكرى الشهداء، المقاتلين، المجاهدين الكبار، ومن ثم نستلهم منها ونحفظ
ميراثهم الكبير.
وعلى هذا الأساس يجب أن ندخل هذه الأيام العظام ضمن برامج الكتب الدراسية في
مدارسنا، وضمن التعليم والتربية لأبنائنا، ولكي نعلم مسؤوليتنا "وذكرهم" في مقابل
الأجيال القادمة.
لقد أشار القرآن الكريم مرارا إلى " أيام الله " فنسبها لبني إسرائيل مرة، وأخرى
للمسلمين، وذكرهم بأيام النعم والعذاب.
* آية الله الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - بتصرف
[1] - سورة إبراهيم،
الآية 5.
[2] - يوم الكرة - أي يوم الرجعة.
[3] - نور الثقلين، ج 2، 526.
[4] - المصدر السابق.