الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات
أسرار الموفقيّة من وجهة نظر الإمام عليّ عليه السلام (1) - محمد سبحاني
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

مقدّمة
الإنسان موجود يبحث عن الكمال، وقد وضعت كافّة الإمكانيّات بين يديه للوصول إلى هذا الكمال. ﴿وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ1. وأمّا وجود جميع هذه الإمكانيّات بين يدي الإنسان فذلك لأنّ الإنسان يقطع مراتب الكمال بشكل صعوديّ وبإمكانه الوصول إلى توفيقات متعدّدة في الابعاد الماديّة والمعنويّة.

والوصول إلى الأهداف والمقاصد المطلوبة وتذوّق طعم الموفقيّة العذب، يتوقَّفانِ على وجود ظروف وعوامل، يمكن من خلالها الوصول إلى تلك الأهداف بشكل أفضل. سنشير في هذا المقال إلى مجموعة من العوامل التي تساعد في الموفقيّة من وجهة نظر الإمام عليّ عليه السلام.

1ـ التوفيق الإلهيّ

إنّ كلّ إنسان يحتاج للقيام بالأعمال، إلى عناية وتوفيق من الله تعالى ربّ العالمين فما لم يشمله لطف الله، لن يوفّق في القيام بالأعمال، وكلّ سعي غير مؤيّد بالتوفيق الإلهيّ، لن يحمل معه أيّ فائدة.

يقول الإمام عليّ عليه السلام: "لا ينفع اجتهاد بغير توفيق"2.
من جهة أخرى كلّ إنسان يحتاج إلى مرشد للوصول إلى هدفه، ليرافقه على امتداد الطريق. والتوفيق الإلهيّ أكبر مرشد يرافق الإنسان نحو الأمور الحسنة والأعمال المطلوبة. يقول الإمام عليّ عليه السلام: "لا قائد خير من التوفيق"3.

وكان سفراء الله لا يعتقدون باستغنائهم عن التوفيق الإلهيّ، بل كانوا يطلبونه من الله تعالى في كافّة الأحوال. جاء في القرآن الكريم على لسان شعيب: ﴿وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ4. وكتب الإمام عليّ عليه السلام في الجواب عن رسالة إلى معاوية: ﴿وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ5.

نعم يحتاج التوفيق الإلهيّ إلى العمل والسعي، فما لم يكن هناك عمل، فليس من المناسب طلب التوفيق من الله تعالى. جاء عن الإمام الرضا عليه السلام: "من سأل الله التوفيق ولم يجتهد فقد استهزأ بنفسه"6.

2 ـ التديّن والتقوى

إنّ الأساس الأوّل للفلاح هو إطاعة الله والتديّن. بمجرّد أن ظهر الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بين الناس وأعلن عن بعثته طلب منهم قول "لا إله إلّا الله" ليفلحوا. وقد طلب الإمام عليّ عليه السلام من الله المعافاة في الدين فقال: "نسأله المعافاة في الأديان كما نسأله المعافاة في الأبدان"7.

التديّن والتقوى الإلهيّان من جملة العوامل التي تساعد الإنسان في الوصول إلى الآمال الدنيويّة والأخرويّة والحصول على التوفيق. يقول الإمام عليّ عليه السلام في هذا الخصوص: "فإنّ تقوى الله مفتاحُ سدادٍ، وذخيرةُ معادٍ، وعتقٌ من كلّ ملكةٍ، ونجاةٌ من كلّ هلكةٍ"8.

يتحدّث الإمام عليّ عليه السلام حول دور التقوى والتديّن في وصول الإنسان إلى الأهداف ورفع المشكلات:
"فمن أخذ بالتقوى عَزَبَتْ عنه الشدائد بعد دُنوّها، واحلولت له الأمور بعد مرارتها وانفرجت عنه الأمواج بعد تراكمها، وأَسْهَلَتْ له الصِّعاب بعد إنصابها، وهطلت عليه الكرامة بعد قُحوطها وتحدَّبَتْ عليه الرحمة بعد نفورها، وتفجّرت عليه النِّعم بعد نضوبها ووبَلَتْ عليه البَرَكة بعد إرذاذها"9.

3ـ الاستفادة من الفرص

تحصل عند الإنسان في حياته العديد من الفرص التي يمرّ عليها مرور الكرام نتيجة الجهل وعدم المعرفة. الفرص تمضي كالسحاب الربيعيّ10، فإذا مضت فلن تترك إلّا الغصص والحسرات11. وإذا التفت الإنسان إلى الموفقيّات التي يحصل عليها، أدرك أنّ لكلّ شيء وقتاً محدّداً وأجلاً معيّن12. فيستفيد من هذه الفرص أحسن وأفضل استفادة.

إنّ الاستفادة المناسبة من الفرص المتوفّرة والقيام بعمل اليوم فوراً وعدم تركه للغد والحساسية اتجاه ثواني العمر، من جملة العوامل التي تؤدّي إلى موفقيّة الإنسان في كافّة المجالات، سواء في المسائل الاجتماعية ـ السياسية أو المسائل المعنويّة.

يذكّر الإمام عليّ عليه السلام بعدّة نقاط حول سرّ هذه الموفقيّة.
أ ـ ضرورة الاستفادة من الفرص بشكل حسن
يقول الإمام عليّ عليه السلام: "كل مُعَاْجَلٍ يسأل الإنظار وكلّ مؤجَّل يتعلّل بالتسويف"13. فلينتبه الذين لم يفقدوا الفرص بعد وليكونوا طالبين لها كالصيّادين الماهرين.

ب ـ ضرورة العمل أيّام الفراغ وسلامة الجسم.

يقول الإمام عليّ عليه السلام: "فَلْيَعْمل العامل منكم في أيّام مُهْلِهِ قبل إرهاق أجله وفي فراغه قبل أوان شغله وفي متنفَّسه قبل أن يؤخذ بكظمه"14.

ج ـ العمل للاستفادة الكبرى من الفرص

هناك القليل من الفرص التي تحصل للإنسان في حياته، فإذا أحسن الاستفادة منها، عاش العمر في ظلالها. لذلك يجب الاستفادة قدر المستطاع من الفرص التي تحصل، فاليوم الذي يمضي لا يعود على الإطلاق.

يقول الإمام عليّ عليه السلام في هذا الخصوص: "بادروا بالأعمال عمراً ناكساً أو مرضاً حابساً أو موتاً خالساً"15.

4ـ محبّة الأقارب

العائلة أوّل تجمّع تتشكّل فيه شخصيّة الإنسان، وهي ذات أهميّة خاصّة. والأبوان اللذان يشكلان النواة المركزيّة لتربية الأولاد، يشكلان مجموعة عظيمة من الأقارب. والعائلة تقوم بدورٍ مهمّ في إيجاد فضاء مناسب يؤدّي إلى تفتّح استعدادات أعضائها. يشبّه الإمام عليّ عليه السلام الأقارب بالأجنحة التي تساعد الإنسان للارتقاء نحو الأهداف العالية، لا بل عدم وجودها يمنع الإنسان من الارتقاء إليها. يقول الإمام عليه السلام: "وأكرم عشيرتك فإنّهم جناحك الذي به تطير وأصلُكَ الذي إليه تصير ويدك التي بها تصول"16.

ويقول عليه السلام حول الدور الأساسيّ لهذا المحيط الدافئ في إيصال الإنسان إلى كلّ موفقيّة: "أيّها الناس إنّه لا يستغني الرجل وإن كان ذا مال عن عترته ودفاعهم عنه بأيديهم وألسنتهم وهم أعظم الناس حيطة من ورائه وألمُّهم لشعثه وأعطفهم عليه عند نازلة إذا نزلت به"17.

5 ـ العمل والسعي

تحتاج مواجهة المشاكل والانتصار عليها، إلى إرادة حديدية ليتمكّن الإنسان الاستفادة الكبرى من القوى الدفينة فيه. ليس المطلوب تكبيل اليدين إذ لا يُعدّ هذا مهارة، بل كان العظماء يعملون ويسعون فتمكّنوا من فتح القمم العالية.

السعي والعمل من جملة العوامل التي تساعد الإنسان في الوصول إلى أهدافه. يدعو الإمام عليّ عليه السلام الجميع إلى العمل والاجتهاد ويقول: "فعليكم بالجِدّ"18. لماذا، لأنّ "لا يدرك الحقّ إلا بالجِدّ"19 ويوصي الإمام عليّ عليه السلام ابنه الإمام الحسن المجتبى عليه السلام قائلاً: "فاسع في كدحك"20 والدليل على ذلك أنّ كلّ من سعى في طلب شيء وجده. "من طلب شيئاً ناله أو بعضه"21.

ويشجّع الإمام عليه السلام الأشخاص على العمل والسعي ويضرب لهم الأمثال التي تشكّل دروساً، في ذلك يقول عليه السلام : "انظروا إلى النملة في صغر جثّتها... كيف دبّت على أرضها وصبّت على رزقها تنقل الحبّة إلى جحرها وتُعِدُّها في مستقرّها، تجمع في حرّها لبردها وفي وردها لصدرها"22 ونشاهد الإمام عليه السلام يدعو ابنه الإمام الحسن عليه السلام إلى الجهاد والعمل: "وجاهد في الله حقّ جهاده ولا تأخذك في الله لومة لائم"23.

تعتمد السيرة العمليّة للإمام عليّ عليه السلام وبشكل أساسيّ على العمل والاجتهاد سواء في الأعمال والنشاطات السياسية أو في النشاطات الاجتماعيّة. ويجب على كلّ من يدّعي أنّه من أتباع الإمام، التأسّي به ليبذل كلّ جهده في العمل والسعي فيستفيد من حياته أفضل استفادة فيمهد الطريق أمامه للموفقيّة.

* من كتاب روضة المبلغين (3)، سلسلة روضة المبلغين، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.


1- سورة الجاثية، الآية: 13.
2- غرر الحكم، الرقم 4002، مركز الاعلام الإسلامي، قم 1366 الطبعة الأولى.
3- بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج1، ص94، الحديث 34.
4- سورة هود، الآية: 88.
5- نهج البلاغة، الرسالة 28.
6- بحار الأنوار، ج75، ص356، الحديث 11.
7- نهج البلاغة، الخطبة 99.
8- المصدر نفسه، الخطبة 230.
9- المصدر نفسه، الخطبة 198،
10- "الفرصة تمر مرَّ السحاب فانتهزوا فرص الخير"، نهج البلاغة، الحكمة 21.
11- "اضاعة الفرصة غصة"، نهج البلاغة، الحكمة 118.
12- فإن لكل شيء مدة وأجلاً، نهج البلاغة، الخطبة 190.
13- نهج البلاغة، الخطبة 285.
14- المصدر نفسه، الخطبة 86.
15- المصدر نفسه، الخطبة 230.
16- نهج البلاغة، الرسالة 31.
17- المصدر نفسه، الخطبة 23.
18- المصدر نفسه، الخطبة 230.
19- المصدر نفسه، الخطبة 29.
20- المصدر نفسه، الرسالة 31.
21- المصدر نفسه، الحكمة 386.
22- المصدر نفسه، الخطبة 185.
23- المصدر نفسه، الرسالة 31.

01-06-2015 | 14-57 د | 3823 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net