التاريخ: 3 رجب
ولد الامام الهادي عليه السلام في المدينة المنورة في الثالث من رجب حيث أشرق نور هدايته في قلوب المؤمنين وعمّ فضله العالمين.
نسبه الشريف
- والده: الإمام أبو جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام الملقب بالجواد والتقي.
- أمه: أم ولد يقال اسمها سمانة المغربية كانت تعرف بالسيدة وتكنى بأم الفضل.
- ألقابه: النجيب، المرتضى، الهادي، النقي، العالم، الفقيه، الأمين، المؤتمن، الطيب، المتوكل والعسكري.
شهادته: استشهد الإمام الهادي عليه السلام مسموماً يوم الاثنين لثلاث بقين من جمادي الآخرة عام 254 هـ في سامراء.
إثبات إمامته
وردت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليهم السلام خصوصاً أحاديث كثيرة تؤكد على إمامة الإمام الهادي عليه السلام منها:
قال ابن الصباغ: "قال صاحب الإرشاد: كان الإمام بعد أبي جعفر أبنه أبا الحسن علي بن محمد لإجتماع خصال الإمامة فيه ولتكامل فضله وعلمه وإنه لا وارث لمقام أبيه سواه ولثبوت النص عليه من أبيه".
روى الصدوق بإسناده عن عبد الواحد بن محمد العبدوس العطارة قال:
"حدثنا علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري، قال: حدثنا الصقر بن أبي دلف قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الرضا عليه السلام يقول: "إن الإمام بعدي أبني علي، أمره أمري، قوله قولي، وطاعته طاعتي....".
قال أمية بن علي القيسي: "قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام: من الخلف بعدك؟ قال عليه السلام: "أبني علي".
فضائله ومناقبه
نشأ الإمام الهادي عليه السلام وترعرع في ظل أبيه الإمام الجواد عليه السلام وارث علوم أهل البيت عليهم السلام وحامل معارف الرسالة والداعي إلى كلمة الهدى، مما جعله يكتسب صفات حميدة وأخلاقاً عظيمة وعلماً وحكمة يضيق المجال بالتحدث عن كل منها إلا اننا سنذكر بعضاً مما أورده الإعلام عن فضائله عليه السلام.
- قال ابن الصباغ المالكي يصف الإمام الهادي عليه السلام مستشهداً بكمال الدين بن طلحة الشافعي: "وأما مناقبه فقال الشيخ كمال الدين بن طلحة: فمنها ما حل في الآذان محل جلالها باتصافها واكتناف اللآلئ اليتيمة بأصدافها وشهد لأبي الحسن علي الرابع أن نفسه موصوفة بنفائس اوصافها وانه نازل في الدرجة النبوية في دار أشرافها وشرفات أعرافه".
- وصفه الطبرسي بقوله: "ولقبه النقي والعالم والفقيه والأمين والطيب".
- تحدث عبد الحي بن العماد الحنبلي عن صفات الإمام الهادي عليه السلام فقال: "أبو الحسن علي بن محمد بن الرضا بن الكاظم موسى بن جعفر الصادق العلوي الحسني المعروف الهادي كان فقيهاً إماماً متعبد".
مراحل حياته
إقامته في يثرب
كان أبو الحسن عليه السلام مقيماً في يثرب التي هي مسقط راسه وبلد آبائه وقد انصرف إلى إشاعة العلم وتهذيب الأخلاق وتربية الناس بالآداب الإسلامية، وقد أتخذ الجامع النبوي مدرسة له لهذا أتحف به العلماء والفقهاء والرواة فكانوا ينهلون من معين علومه العذبة، فأصبح مصدراً خصباً لأهل العلم والمعرفة.وكان يعطف على الفقراء والمعوزين فيمدهم بما يحتاجونه ولم يقتصر بره فقط على الأمور المادية بل شمل جميع مناحي حياتهم، فلقد كان يواسيهم في السراء والضراء يعود مرضاهم ويشيع جنائزهم ويعطف على الصغير والكبير فيهم فأخلصوا له كأعظم ما يكون الأخلاص، والتفت حوله قلوبهم ومشاعرهم فأقام في أعماق قلوبهم ونفوسهم.
رحيل الامام إلى سامراء
بقي الإمام الهادي عليه السلام في المدينة مدة عشرين عاماً أحبه الناس واجتمعوا إليه والتف حوله طلاب العلم والعلماء كما تقدم.إلا أن خوف المتوكل من سيطرة الإمام ومن ان تقوى شوكته كان يخضعه للرقابة الدائمة إلى أن وشى به عبد الله بن محمد والي المدينة المنورة آنذاك إلى المتوكل.ووصل نبأ الوشاية إلى الإمام فأوعز إلى المتوكل رسالة يبدي فيها تظلمه وافتراء عبد الله عليه، فما كان من المتوكل إلا ان أرسل إلى الإمام عليه السلام رسالة يدعوه فيها إلى القدوم إلى سامراء واعداً إياه بتكريمه وتعظيمه وان يدنيه منه.وأرسل بطلبه يحيى بن هرثمة مع ثلاثمئة من جنده يقول له في الرسالة: "أما بعد: فإن أمير المؤمنين، عارف بقدرك، راع لقرابتك، موجب لحقك، مؤثر من الأمور، فيك وفي أهل بيتك، ما يصلح الله به حالك وحالهم، ويثبت من عزك وعزهم، ويدخل الأمن عليك وعليهم، يبغي بذلك رضا ربه وأداء ما فرض عليه فيك وفيهم....".
قدم يحيى بن هرثمة إلى المدينة إمتثالاً لأمر المتوكل فداهم منزل الإمام عليه السلام ولم يجد فيه إلا مصاحف وكتب أدعية وكتب للعلم فعظم الإمام في عين يحيى فراح يتولى خدمته بنفسه ويحسن عشرته خصوصاً بعد أن أوصاه كلاً من إسحاق بن ابراهيم الطاهري والي بغداد ووصيف التركي.بعد وصولهم إلى سامراء أخبر يحيى المتوكل بحسن سيرة الإمام وسلامة طريقه وورعه وزهده وأخبره عما لقيه في منزله، فلم يكن من المتوكل إلا أن أحسن إليه وأعظمه وأكرمه بالرغم مما يكنه المتوكل للإمام من حقد دفين وكره عميق.
بداءً من تلك المرحلة عاش الإمام الهاديQ أصعب أيام حياته إذ أن المتوكل جعله تحت الإقامة الجبرية محاطاً برقابة مشددة تحصي عليه أنفاسه، إلا أن تبجيل الناس له والتفافهم حوله أثار في المعتز العباسي المخاوف والهواجس ففضل أن يتخلص منه، وهكذا سوّلت له نفسه.فدسّ له السم فاستشهد على ما استشهد عليه آباؤه الكرام سلام الله عليهم أجمعين وله من العمر ما يناهز الواحد والأربعين سنة.
* زاد المناسبات - المركز الإسلامي للتبليغ، ط1: كانون الثاني 2009م - 1430هـ، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية، ص: 93-98.