الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات
التربية
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم


قال الله تبارك وتعالى في محكم كتابه المبين: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا1.
وقال رسول الله صلى الله عليه واله: "إن الله جميل يحب الجمال، ويحبّ أن يرى أثر نعمته على عبده، ويبغض البؤس والتباؤس".
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: "التجمّل مروءة ظاهرة".

إنّ الشريعة الإسلاميّة الغرّاء قد اعتنت بمسألة الجمال والتجمّل والذوق الجميل والحسّ الجميل عناية فائقة، ولقد تحدّث القرآن الكريم عن الجمال والزينة والطيب، وبيّن للإنسان ما في عالم الموجودات من جمال وزينة ولطافة وبداعة، وأنّ له الحقّ في التجمّل والتطيّب والتزيّن والاستمتاع.

وكان الرسول الأكرم وخلفاؤه وأوصياؤه الأئمّة الإثنا عشر "صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين" المثل الرائع والقدوة اللطيفة في الأناقة والتجمّل وسمّو الذوق والتطيّب.
كما وإنّ التربية الذوقيّة والجماليّة والحسّية تربّي لدى الإنسان ـ سيّما الشباب ـ سمّو الذوق الجميل، وتجسّد الحسّ السليم، ولها تأثير عظيم في أنماط السلوك الإنسانيّ والروابط الاجتماعيّة.

وهي أيضاً تفتح الأفق النفسيّ والعقليّ والوجدانيّ لدى الإنسان، وتشدّه إلى مبدع خلائقه ومصوّر جمالها في هذا الوجود، الله عزَّ وجلَّ، الخالق المبدع المصوّر الخبير العليم.
فالجمال والتربية الجماليّة والخيال الخصب والذوق الجميل والحسّ الرقيق يعتبر طريقاً إلى معرفة الخالق جلّت قدرته؛ لأنّ ذلك دليل على عظمته سبحانه، وعلى الارتباط العقليّ والوجدانيّ به تعالى.

فهذا الكون من سماء وأرض كلّ ما فيهما من تناسق وجمال وروعة ونظام وترتيب ما هو إلاّ لوحة فنيّة خلاّبة، ومصدر إلهام فنّي وذوقي وجماليّ.
وقد أكّدت بحوث الفلاسفة الإسلاميّين القيم الإنسانيّة والمثل العليا "الحقّ والخير والجمال"، وجعلتها هدفاً أسمى في هذا الوجود، يسعى المرء لبلوغها، وتحقيق مصاديقها، وبناء الحياة على أساسها.

كما تناول علماء الكلام ـ علماء العقيدة الإسلاميّة ـ وعلماء أصول الفقه والمنطق مسألة الحسن والقبح في الأفعال والأشياء بالبحث والتدقيق العلميّ تفصيلاً، فنفوا عن الله عزَّ وجلَّ القبح وفعل القبيح، وأثبتوا له الحسن والفعل الحسن.
وأقاموا على هذه المبادئ قيماً وأسساً ومفاهيم تشريعيّة لتنظيم السلوك الفرديّ والعلاقات الاجتماعيّة والروابط الإنسانيّة، فجعلوا الحسن والجمال والبداعة واللطف أساساً لبناء الحياة.

ومن نظرة الإسلام العظيم إلى الحسن والجمال يتعيّن على الآباء والمعلّمين والمربّين تأصيل وتعميق هذا الشعور الإنسانيّ اللطيف في نفس الأولاد منذ طفولتهم، وتحبيب الجمال والتجمّل إليهم.

فإنّ تربيتهم على هذه القيم تعني تنمية الذوق اللطيف والحسّ الجماليّ لديهم، وتعمل على تهذيب سلوكهم وأخلاقهم، وإرهاف حسّهم الذوقيّ، وتجذير قدرتهم على التمييز بين الشيء الحسن والآخر القبيح، والتفاعل مع الجمال الماديّ والمعنويّ.

إن تعويد الإنسان منذ نعومة أظفاره على الأناقة والجمال والزينة، والذوق الأدبي والأخلاقيّ، ولمسه للعناية الأسريّة لهذه المظاهر اللطيفة، ومشاهدته آثار الجمال على البيت، من هندسة بنائه وترتيب حديقته، وتنظيم أثاثه، وترتيب الطعام على المائدة، وكذلك استصحابه في التجوال والسفر، وتمتّعه بمشاهدة الطبيعة الجميلة، وانتباهه إلى مواطن الجمال والفتنة، وكذلك غرس الأبوين في نفسه روح التأثر بالمظاهر الجماليّة، كلّ هذه تخلق فيه حساً ذوقيّاً وجماليّاً لطيفاً.

كما وأنّ الإطراء والمدح على اهتمامه بمظهره وقيافته، وعنايته بترتيب لوازمه وأدواته، وتنظيم وتصفيف لعبه، وكذلك تشجيعه على إنتاجاته الفنيّة المرهفـة والذوقيّة مهما كانت بسيطة، كلّ ذلك يعدّ من المحفّزات الضروريّة لتنمية الذوق الجميل والحسّ الفنّي والقدرة الإبداعيّة والأداء الفنيّ الجميل.

كما أنّ نقد وتقبيح مظاهر القبح، وإشعاره بالنفور والتقزّز من المظاهر والمناظر القبيحة والفاقدة للجمال، يكوّن لديه حسّاً نقديّاً وتمييزيّاً، وذوقا سليماً.
ويركّز في نفسه الإقبال على الحسن والجمال من الفعل والقول والسلوك والأشياء، والنفور من أشكال مظاهر القبح والفساد ومعانيهما.

وينبغي أن نربّي أولادنا على أنّ الجمال كما يتجسّد في الموضوعات الحسيّة كالمظهر في اللباس والعطر والحدائق وطراز بناء البيوت وهندسة الشوارع وتخطيط المدن، واللوحات والواجهات الفنيّة. كذلك فإنّ الجمال يتجسّد في القيم الأخلاقيّة العليا، والمثل الأدبيّة السامية الرفيعة، وكذا في الكلمة الطيبّة والمنطق الحسن والكلام المؤدبّ والأسلوب المهذّب والمعاملة الحسنة والمعاشرة الجميلة، وفي فعل الخير واحترام حقوق الآخرين.

وذلك حتى ينشأوا ويكبروا على القيم الأخلاقيّة النبيلة، والتحسّس بالجمال، وتوظيفه في تهذيب السلوك وتسامي الذوق ورفعة الأدب والأخلاق الكريمة.
ولاهتمام الإسلام بالجمال، وطبع شخصيّة الطفل بطابعه، وتوفير العناصر الجماليّة في حياته، تراه قد دعا الناس إلى انتقاء المرضعة الحسنة الوضيئة، وكرّه أن ترضعهم المرأة القبيحة.

فلو أعددنا شبابنا الإعداد الفنيّ والذوقيّ والجماليّ الحسن، فإنّنا في الحقيقة نكون قد أعددنا مجتمعاً إسلاميّاً ذوّاقاً سامياً مرتّباً منظّماً قوّياً، وذلك من مظاهر القدرة والمنعة ومن عناصر الحضارة ومعالم رقيّها.
مركز آل البيت "عليهم السلام" العالمي للمعلومات


1- الكهف: 7

12-02-2014 | 14-27 د | 2137 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net