الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات
التربية العقلية والخلقية للشباب والناشئة
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

                                         بسم الله الرحمن الرحيم

التربية العقليّة والعلميّة:

قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: "إنّ العلم حياة القلوب من الجهل، وضياء الأبصار من الظلمة، وقوّة الأبدان من الضعف".
وذكر الإمام علي عليه السلام في إحدى مراسلاته: "إنّ قيمة كلّ امرئ وقدره معرفته، إنّ الله تبارك وتعالى يحاسب الناس على قدر ما آتاهم من العقول في دار الدني".

فالإنسان مخلوق عاقل مفكّر، يستطيع أن يدرك الأشياء ويتعلّمها بوعي، ويمكنه الاكتساب وتعلّم المعارف والعلوم بواسطة إدراكه لعالم الطبيعة عن طريق تأمّله في الكون وفيما خلق الله عز ّوجلّ.

وبالعلم والمعرفة تتحدّد شخصيّة الإنسان، وتقوّم قيمته، كما تقدّم في الحديث الذي مرّ ذكره عن الإمام علي عليه السلام.
وقد تصدّرت الأمم والمجتمعات مواقعها في التاريخ، وسادت البشريّة وتزعّمت قيادتها عن طريق العلم والمعرفة، اللذين جلبا لها القوّة والقدرة العسكرية.
وقد أراد الله عزَّ وجلَّ بالعقل الذي وهبه للإنسان أن يصل به إلى العلم والمعرفة والكمال، لينتـفع به وينفع غيره، وأن يكون رحمة للناس كافة.
والله تبارك وتعالى مدح أهل العلم في قرآنه الكريم فقال مبيّناً فضلهم: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ1.
وقال تعالى أيضاً: ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ2.

كما حث رسول الله صلّى الله عليه وآله المسلمين على طلب العلم والمعرفة، فجعلها فريضة وواجباً على كلّ مسلم ومسلمة، إذ قال: "أطلبوا العلم ولو في الصين، فإنّ طلب العلم فريضة على كلّ مسلم".

من هنا نرى أنّ واجب الوالدين ضمن النشاط الأسريّ لهما ووظيقة المعلّم خلال أدائه لواجبه الشريف هو تعريف الأولاد بحياة العلماء وأصحاب المعرفة السابقين، الذين أرسوا قواعد العلم والمعرفة والفضيلة ووسائل الحضارة البشريّة، ونشروا العلم بمختلف صنوفه أينما حلّوا في هذه الدنيا.

وأن يتحدّثوا لهم عن تجاربهم وعلومهم وفضائلهم، بأسلوب قصصيّ شيّق جميل يستميل رغبة الأولاد ويثير فيهم حب الاطّلاع على المجهول، ويرسّخ في أذهانهم ونفوسهم حبّ العلم والمعرفة والاستطلاع والاستكشاف لنشر العلم والمعرفة بين الناس، وتوضيح أثر وأهميّة العلم والعلماء للأولاد.
وأن يشجعوهم على زيارة المتاحف، للتعرّف على ما كان عليه أجدادنا، وكذلك زيارة المعارض الحديثة للاطّلاع على معروضاتها الصناعيّة والعلميّة.
وأن يغرسوا في نفوسهم مطالعة الصحف والمجلات الإسلامية والكتب العلميّة النافعة، فيكون ذلك سبباً في توسيع مداركهم وتنمية عقولهم.
ونرى أن الواجب الذي يفرضه عصرنا الذي نعيش فيه، والتقدّم الهائل والسريع الذي حدث فيه، أن يتم تعليم الأولاد بممارسة الطرق والأساليب والآلات والأجهزة الحديثة للتعلّم واكتساب المعرفة.

والتي منها شبكات "الإنترنت" التي تتفاضل على سائر وسائل التعليم بالسرعة الفائقة، والدقّة المتناهية، وشموليّتها لمختلف المواضيع العلميّة والأدبيّة والثقافيّة وغيرها.

التربية الاجتماعيّة والخلقيّة:
قال الله عزّ وجلّ مادحاً رسوله صلّى الله عليه وآله: ﴿وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ3.
بل أبعد من هذا فإنّه سبحانه وتعالى يشهد ويقرّر لرسوله الأكرم صلّى الله عليه وآله: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ4.
والرسول صلّى الله عليه وآله أيـّد ذلك بقوله: "أدّبني ربّي فأحسن تأديبي" وقال عن نفسه صلّى الله عليه وآله: "بُعثت لأتمّم مكارم الأخلاق".
وبقدر ما يقترن كمال الإنسان وسعادته بحسن خلقه وأدبه، يقترن انحطاطه وشقاؤه بسوء خلقه وغلظة تعامله، وقد ورد عن رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول في هذا: "من ساء خُلقه عذب نفسه".

فنستكشفّ من هذا الحديث النبويّ الشريف: أنّ هناك رابطة وعلاقة وطيدة بين تكوين الإنسان الداخليّ وبين السعادة أو الشقاء اللذين يكتنفانه.
فمثلاً نرى الإنسان الحليم الكاظم لغيظه ومحبّ الخير لغيره كما يحبّه لنفسه، والذي يحمل في قلبه الحبّ والحنان والعطف والرأفة والشفقة على غيره، يكون ذلك كلّه مبعثاً لسعادته وبهجته وسروره واطمئنانه.

وعلى العكس، حيث نجد الإنسان الخبيث اللئيم الشرّير الأنانيّ الحقود على غيره يعاني من هذه العقد النفسيّة، ويؤذي نفسه قبل أن يؤذي غيره، وقد نسب إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، وهو ينصح المؤمن بالصبر وعدم التهوّر في مجابهة أمثال هؤلاء، قوله:
إصبر على مضض الحسودِ         فإنّ صبرك قاتلـــه
كــالنـــار تأكـــل بــعضهــا            إن لم تجد ما تأكلـه


وبما أنّ الإنسان هو مخلوق مجبول على الحياة الاجتماعيّة، لذا نجده يميل إلى الاجتماع بالآخرين، ويحبّ أن يعيش ضمن الجماعة.
وقد جاءت الرسالات الإلهيّة المقدّسة كافة ـ والإسلاميّة خاصّة ـ لتبني المجتمع الإيمانيّ من خلال بناء أفراده، لأن أفرادهم الذين يكوّنون المجتمع، ويتبادلون مع الآخرين من أبناء مجتمعهم العادات والتقاليد والاعتقادات المختلفة.

ونرى الإسلام العزيز يحثّ المسلمين ويشجّعهم على تكوين الروابط الاجتماعيّة البنّاءة.
وقد جعل لها أساليب وممارسات لطيفة تؤدّي إلى الألفة والمحبّة بين أبناء المجتمع الإسلامي، كآداب التحيّة والسلام والمصافحة بين المؤمنين، وتبادل الزيارات، وعيادة المرضى، والمشاركة في تبادل التهاني في الأعياد والمناسبات الدينيّة والاجتماعيّة، والاهتمام بالجار، وتسلية أهل المصائب والشدائد ومشاركتهم في عزائهم لو مات منهم أحد، وغيرها كثير.

ووضع لكلّ منها قواعد وأصولاً تدخل السرور على المسلمين، وتكون لهم عوناً وتهوّن عليهم ما يصيبهم من شرّ وأذى.
و نجد الشريعة الإسلامية تؤكد حتّى في العبادات، على الجانب الاجتماعيّ، كأداء صلاة جماعة حيث يؤكد استحبابها، واجتماع المسلمين لأداء فريضة الحجّ.
كما أن الإسلام يسعي إلى تنظيم علاقة الفرد المسلم بأهل بيته وأقاربه وأصدقائه وجيرانه.

وقد أوصى رسول الله صلّى الله عليه وآله المسلمين باحترام الجار ومؤازرته في حالات الفرح والحزن، واعتباره من الأهل والأقارب، وورد عنه أنه قال: "ما زال جبريل يوصيني بالجار، حتّى ظننتُ أنّه سيورّثه".

فعلى الوالدين والمربّي والمعلّم تشجيع الأولاد على ممارسة الأفعال والنشاطات التي توطّد العلاقة وتطيّبها بين هؤلاء الأولاد وسائر أبناء مجتمعهم.
ويعملون على مراقبتهم وتهذيب أسلوب كلّ ممارسة منها، ومع من يلتقون ويلعبون ويتجوّلون ويدرسون، كي لا يحتكّوا بأفراد تسوء تربيتهم فيأخذون منهم ويتعلّمون ما هو مضر وفاسد وقبيح.

ومرحلة الشباب ـ سيّما فترة المراهقة منها ـ تعتبر من أكثر مراحل حياة الإنسان شعوراً بالغرور والإعجاب بالنفس، والاستخفاف بآراء الآخرين من الكبار.
وقد حذّر الله سبحانه وتعالى من ذلك على لسان لقمان بقوله: ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُور5.
لأنّ الغرور يذهب ببعض الأفراد إلى المباهاة على والديهم، والاستخفاف بهما، والاستخفاف بآرائهما، ؛ لما يكونون عليه من وضع اجتماعيّ أو ثقافيّ غير الذي كان عليه أبواهم.

فيحذرهم الجليل جلّت قدرته من ذلك: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً6.

بل يصل الغرور ببعض الشباب إلى حدّ الاستخفاف بالله سبحانه وتعالى وبالإيمان به وبكتبه وبرسله عليهم السلام.
فَيُنَبِّهُهُم الله عزَّ وجلَّ إلى عظيم خطر ذلك عليهم، ليعودوا إلى رشدهم، ويعودوا إلى ملّتهم، ويستغفرونه ويتوبون إليه تبارك وتعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ * كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ * وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ7.

وإنّ الغرور الذي ينتاب بعض الشباب هو من المشاكل العويصة، ذات الخطورة البالغة على الشابّ نفسه وعلى أهله ومجتمعه.
وهو من المشاكل التي إذا لم تدرك وتعالج وتوضع لها الحلول المناسبة، سوف يحلّ بذلك المجتمع الداهية العظمى والبلاء الشديد.
لذا ينبغي على الآباء والمربّين توعية الشباب وتثقيفهم تربويّاً وأخلاقيّاً وعاطفيّاً، ليجنّبوهم مهابط ومساقط الغرور والإعجاب بالنفس.
كما على البيت والمدرسة ووسائل الإعلام والقانون والمراكز أن يقوموا بتوعية الشباب وتفهيمهم بأنّ فعلهم هذا غير صحيح، وله نتائج سيّئة ووخيمة لهم ولأهلهم وذويهم ومجتمعهم.

حتى نتمكن بذلك أن نحصّن شبابنا بدرع واقٍ من مساوئ الممارسات ومفاسد الأخلاق ومنحرفات الأفكار، ليكون شريحة طيبّة مثمرة نافعة، تستفيد من الإمكانات المتاحة لديها، وتعيش بعزّ وكرامة وسعادة، وتجلب الخير والسعادة والفرح والسرور والبهجة على أهلهم وذويهم ومجتمعهم.
وبذلك يكسبون رضاء الله عزَّ وجلَّ ورضاء رسوله صلّى الله عليه وآله ، فيكسبون خير الدنيا وسعادة الآخرة.

مركز آل البيت عليهم السلام العالمي للمعلومات


1- الزمر: 9
2-الزمر: 18
3-آل عمران: 159
4-القلم: 4
5-لقمان: 18
6-الإسراء: 23 و 24
7- الانفطار: 7 و 13

23-03-2013 | 11-30 د | 1537 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net