الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة فضل الدعاء وآدابه

العدد 1642 09 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 12 تشرين الثاني 2024 م

جهاد المرأة ودورها في الأحداث والوقائع

مراقباتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع عائلات شهداء الأمنكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء القيّمين على المؤتمر الوطني لإحياء ذكرى 15 ألف شهيدكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء القيّمين على المؤتمر الوطنيّ لإحياء ذكرى شهداء كرمانشاهمراقبات
من نحن

 
 

 

التصنيفات
الوحدة الثقافية أولا
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

                                               بسم الله الرحمن الرحيم

آلية تطبيق العولمة

تعريف الأُمم المتحدة للعولمة هو: "مزج الاقتصاد والسياسة ونظم الاجتماع والثقافة والسلوك"1، والآلية التي تؤدّي إلى هذه العولمة هي: "إلغاء الحدود وتفكيك الحلقات الوطنية"، والمقصود بالحلقات: الحلقة الأمنية والحلقة الثقافية والحلقة السياسية والحلقة الاقتصادية.

إذن العولمة تزيل الحدود وتذيب السياج القائم بين القوميات والأُمم الختلفة.

من أمثلة الوحدة في العالم الغربي
يمكن دراسة العولمة على صعيد النظرية أو على صعيد التطبيق، وقد ضرب المفكّرون مثالا في الجانب الغربي أو غير الإسلامي على الاتحاد الفيدرالي القائم في الولايات المتحدة الذي يضمّ ما يقارب من خمسين ولاية قائمة على وحدة سياسية وأمنية، أمّا الإتحاد الأوروبي فهو يشكّل وحدة قائمة على الوحدة الاقتصادية وإن كان البعض يرى أنّ الوحدة القائمة في أوروبا ليست قائمة على أساس اقتصادي، وإنّما على أساس ديني مسيحي، ولذلك رفض الاتحاد انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي باعتبار أنّها بلد مسلم.

الأُمم المتحدة لا تشكّل نموذجاً متكاملا للوحدة
المهم أنّ البعض من منظّري العولمة يرى أنّه يمكن تأسيس وحدة على أساس أمني أو اقتصادي، والأُمم المتحدة تشكّل بذرة في تكوين الوحدة في النظام السياسي والأمني، ولذلك حاول البعض إقامة نظام عالمي موحّد باعتبار أنّ الأُمم المتحدة لا تمثّل نظاماً عالمياً موحّداً.

الوحدة الثقافية أوّلا، والمجتمع الإسلامي قائم على وحدة فكرية وعقائدية
والبعض قال: بالوحدة الاقتصادية، وتمثّل منظّمة "الجات" الاقتصادية نموذجاً لهذه الوحدة، والبعض يرى: أنّ الوحدة المنشودة هي الوحدة الثقافية، ولا يمكن لغير هذه الوحدة أن تتحقق إلاّ إذا تحققت الوحدة الثقافية، وذلك لأنّ التوحّد يحتاج إلى قانون، والقانون يندرج تحت مظلّة الثقافية.

وتتكوّن السلطات في الدولة الحديثة: من السلطة القضائية والسلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، والقانون ملف ثقافي، وليس ملفّاً إقتصادياً ولا سياسياً، والفكر هوالذي يتحكّم في شؤون الإنسان، وفي غرائزه وميوله، وهذا ما ينطبق على المجتمع حيث يستطيع الفكر أن يوحّد المجتمع، ولذلك يرى المفكّرون أنّ الوحدة الموجودة عند المجتمع الإسلامي رغم كل المعوّقات والمصاعب، ورغم التمزّق السياسي والأمني والاقتصادي، تعتبر وحدة قويّة جدّاً تستطيع أن تجمع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها; لأنّها قائمة على أساس فكري.

إذن فلسفة القانون وعلم النفس وعلم الاجتماع والبحث العقلي الفلسفي يؤكّد أنّ الوحدة الثقافية ـ بالمعنى الشامل للثقافة الذي يضمّ العقائد والأخلاق والآداب والقانون ـ لابدّ أن تؤثّر على الجانب السياسي والأمني والعسكري والاقتصادي باعتبار أنّ كل هذه الجوانب تتأثّر بالثقافة، لا سيما بالجانب القانوني من الثقافة.

الوحدة العسكرية والاقتصادية تزول بزوال ضغوطها
لا يمكن أن تتحقق هذه الأُمور إلاّ بالجانب الثقافي، وإذا تحققت بالقوّة والضغط فإنّها سرعان ما تتبدّل وتزول، ولذلك حتى الإرهاب العسكري قد يستطيع أن يقهر الجانب الضعيف، ولكن الأمر لا يبقى، بل يزول بمجرد زوال القوّة العسكرية، وهذا ما نراه متمثلا في الشروط التي يمليها صندوق النقد الدولي، ونرى أنّ الدول تستجيب إلى هذه الضغوط طمعاً في المال أو خوفاً من الأزمات المالية، ولكن هذه الأُمور لا تتحرّك في دائرة قناعة تلك الدولة بتلك الشروط التي أملاها صندوق النقد الدولي.

مفهوم الطاعة من نافذة تراث أهل البيت عليهم السلام
وفي تراث أهل البيت عليهم السلام نرى أنّ الطاعة قد تكون ناتجة عن الحب أو عن الطمع أو عن الخوف، والطاعة التي تُبنى على الحب والاقتناع هي الطاعة المثالية والعليا، أمّا الطاعة التي تنتج عن الطمع فهي غير مضمونة شأنها شأن الطاعة المبنيّة على الخوف.

ويمكن تطبيق هذا الحديث على تعامل العبد مع باقي الناس، مع أنّه يتكلّم عن طاعة العبد لربه، حيث يقول الإمام علي عليه السلام: "ما عبدتك خوفاً من نارك، ولا طمعاً في جنّتك، ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك"، وعبارة وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك تدلّل على الحب والاقتناع المبني على الفكر والعلم والوجدان.

وهذا ما نراه في دعاء كميل "فهبني يا الهي وسيّدي ومولاي وربّي، صبرت على عذابك، فكيف أصبر على فراقك، وهبني صبرت على حرّ نارك، فكيف أصبر عن النظر إلى كرامتك، أم كيف أسكن في النار ورجائي عفوك"، الخوف من انقطاع العلاقة مع الله أشدّ عندهمعليهم السلام من نار جهنّم. وعندما خرج الإمام زين العابدين عليه السلام في ليلة باردة، ".. فقال له: جعلت فداك في مثل هذه الساعة على هذه الهيئة إلى أين؟ قال: فقال: إلى مسجد جدي رسول الله صلى الله عليه وآله أخطب الحور العين إلى الله عزّ وجلّ" ، وكان يعني بذلك: التهجّد وطاعة الله.

أهل البيت في صدد بيان درجات الطاعة، وليس التقليل من شأن الطمع والخوف
أهل البيت عليهم السلام ليسوا في صدد نكران الطاعة المبنيّة على الخوف من الله أو التقليل من شأن الاشتياق إلى الجنّة، ولكن في صدد بيان درجات الطاعة، وأنّ جميع هذه الأنواع من العبادات هي عبادات منجيه، وأنّه لابد للنفس البشرية أن تحفز بجاذبية الجنّة ونور انيتها ولطافتها الأثيرية المتلألئة وبهجتها وبهائها وسنائها ونعيمها، كما لا بد من الخوف من النار وعقاربها وزفيرها وشهيقها.

الحب والطمع والخوف أُمور مطلوبة في الإنسان المؤمن
إذن جهة الحب وجهة الخوف وجهة الطمع كل هذه الجهات مطلوبة في الإنسان وإن كان بينها تفاوت، وبيان ذلك: أنّ الإنسان له ثلاثة أبعاد فالفكر يسبح في عالم المعاني، ولا يناسبه جمال البدن، كما لا يناسبه لسع النار، فلابد أن يكون الداعي للفكر في عبادته هو الحب الإلهي وجماله، وهناك البعد السبعي الغضبي في الإنسان، وهذا لا يناسبه إلاّ التخويف من النار لكي نستطيع ترويض هذا الجانب، وهناك غريزة حب التملك وجانب الشهوة الموجود عند الإنسان والتي يناسبها التشويق بالجنّة.

أهل البيت عليهم السلام لا يريدوننا أن نقتصر على الخوف ونترك الحب والطمع وتعبير أهل البيت عليهم السلام عن الذين يعبدون الله خوفاً بأنّها عبادة العبيد، إنّما يريدون بها أنّه إذا اقتصر الإنسان في عبادته لله على دافع الخوف وترك جانب الطمع والحب، فإنّ هذه هي أدنى مرتبة من مراتب العبادة لله إذن فأهل البيت عليهم السلام ليسوا في مقام ذمّ العبادة خوفاً من النار، ولذلك نرى الكثير من النصوص الشرعية، من آيات القرآن الكريم2 وادعية لأهل البيت عليهم السلام3 تحتوي على كلمات مؤثّرة في التخويف من النار.

أهل البيت عليهم السلام في مقام فتح الأُفق أمام الإنسان المؤمن
وإنّما أهل البيت عليهم السلام في مقام فتح الأُفق أمام الإنسان لكي يطّلع على أنواع العبادة الراقية، ويطبّقها جميعاً في حياته، وما قلناه في عبادة العبيد خوفاً من النار ينطبق على عبادة التجار والطمع في الجنّة والأعلى منهما وهو ذلك الذي يشتاق
إلى الجنة ويخاف من النار ويتمتع بالحب الإلهي الذي يمثّل عبادة الأحرار، فتتكامل عبادته في جوانبها الثلاثة.

لابد من وجود الاقتناع والعامل الثقافي في الطاعة والاتباع
النظام العالمي الموحّد لا يستطيع أن يفرض نفسه بالقوّة العسكرية والأساطيل والجيوش، ولا يستطيع أن يفرض نفسه عن طريق الضغط بالقوّة الاقتصادية وبشروط بنك النقد الدولي; لأنّ الطرف المقابل سيتمرّد بمجرد انتهاء هذه القوّة، ولأنّه لا ينطلق من قناعات.

الحرب العراقية الإيرانية كنموذج
وكشاهد على ما نقول: فإنّ الرئيس الأمريكي، ولعلّه بوش الأب، قال: عندما انتهت الحرب البعثية ضدّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتي دامت ثمان سنوات، قال حينها: "لقد أخطأنا في حربنا; لأنّه بالعمل العسكري زاد عدوّنا قوّة، وأنفقنا الكثير واستهلكت طاقاتنا، ولم نصل إلى النتائج المرجوّة"، وكان يطرح في خطابه السنوي بديلا عن الحرب، فقال: "سوف ندخل لهم عن طريق الثقافة، وتغيير الفكر الثقافي، وهي وسيلة أقل تكلفّة، وهي أسلم وأنجع وأنفع وأجدى وأكثر تأثيراً".

وهذا ما يؤكّد أنّ الثقافة هي المقدّمة على الجوانب العسكرية والأمنية والاقتصادية والمالية.
نمتلك الفكر ونفتقد الإعلام، أمّا هم فيمتلكون الإعلام ويفتقدون الفكر القوي ومن هنا نحن نؤكّد على الإعلام الذي هو أداة فتّاكة نفتقدها ويتمتّع بها عدوّنا، وأهم وسيلة آليّة في العولمة وهو آليّة تطبيقية تنجز الوحدة الثقافية، والسلام الثقافي هو الإعلام.

المفكّرون الغربيّون رغم أنّهم يمتلكون آلة إعلامية فتّاكة إلاّ أنّ فكرهم معرّض للاختراق، ولا يستطيع الصمود أمام الفكر الإسلامي، وفي المقابل فإنّ الفكر الإسلامي رغم أنّه يفتقد الوسائل الإعلامية المناسبة لوسائل العدو إلاّ أنّه يتمتّع بقوّة وقدرة على معالجة المشاكل الاجتماعية والثقافية والفكرية والاقتصادية وفي شتّى الجوانب والمجالات.

الغزو الثقافي وليس الحوار الثقافي
وفي الجانب التطبيقي لا يوجد حوار بين الأُمم وأمّا في الجانب الثقافي الموجود هو الغزو الثقافي، والإمام الحسينعليه السلام حينما حاول فتح حوار مع أعدائه إلاّ أنّ أعداءه كانوا يغلقون هذا الباب ويفتحون باب الحرب والسهام والسيوف; لأنّهم يعرفون أنّهم لن يصمدوا أمام حوار الحسينعليه السلام، وكما قال الشاعر في هذا الموقف:

لم أنسه إذ قام فيهم خاطبا         فإذا هم لايملكون خطابا

يدعو ألست أنا ابن بنت نبيكم     وملاذكم إن صرف الدهر نابا

هل جئتُ في دين النبي ببدعة     أم كنت في أحكامهِ مرتاباً

أم لم يوص بنا النبي وأودع الثـ    قلين فيكم عترة وكتابا

إن لم تدينوا بالمعاد فراجعوا      أحسابكم إن كنتم أعراباً

فغدوا حيارى لا يرونَ لوعظهِ      إلاّ الأسنّة والسهام جواباً
4

وهذا هو دين الأئمةعليهم السلام، فالإمام علي عليه السلام في صفين وفي باقي حروبه لم يبدأ بالحرب، بل بدأ الحرب الطرف المعادي له عليه السلام، وكان يقول عليه السلام: "أنا أكره قتالكم قبل الإعذار إليكم"5 ، وكانت جميع الحروب في زمانهعليه السلام حروب مفروضة عليه; لأنّ الطرف المعادي لا يمتلك قوّة الحوار والاقناع العلمي.

إذن ما يوجد الآن ليس حوارا; لأنّ الحوار يعتمد على أن تطرح رأيك ويطرح غيرك رأيه بالتساوي والتوازي، لا أن يفرض الطرف الآخر رأيه عليك باعتبار أنّه الطرف القوي وأنت الطرف الضعيف، وهذا يسمّى الغزو الثقافي باعتبار أنّ الأسلاميين لا يمتلكون الآليات الإعلامية الكافية لبيان آرائهم.

وهناك اعتراض على طرح العولمة الذي يسمح لأمريكا أن تفرض آراءها على الآخرين حتى من قبل الدول الأوروبية التي تخشى الغزو الثقافي الأمريكي، وذلك لعدم وجود قناعات وآليات متساوية بين الأطراف.
وتفتقد هذه العولمة العدالة والمساواة بين الأطراف.

دعوة لمواجهة الغزو الثقافي المتمثّل في الجنون الجنسي
ومن المعروف أنّ اليهود يمتلكون الكثير من النفوذ في أمريكا، ولهم يد في قضية العولمة، ولهم أهداف ومآرب.
ومن آثار هذه العولمة هو نشر جنون الجنس وجنون الإثارة والهستيريا الجنسية وليس الجنس فقط، وإنّ الآباء والأمهات والإخوان والأخوات مدعّوون لمواجهة هذه الهجمة الشرسة في ظلّ غياب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

آية الله الشيخ محمد سند


1- وسائل الشيعة 5: 228، للحديث 6407.
2- البقرة 2: 24: آل عمران 3: 131. وغيرهما كثير.
3 - كدعاء كميل، وغيره كثير.
4- أعيان الشيعة 7: 26، والشاعر هو السيد رضا الهندي.
5 - جواهر التاريخ 1: 287.

08-02-2013 | 06-55 د | 1601 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net