الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
مراقباتيجب أن نكون من أهل البصائر ومن الصابرين كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء القيّمين على مؤتمر إحياء ذكرى شهداء محافظة أصفهانفَمَا وَهَنُوا وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا

العدد 1646 08 جمادى الثانية 1446 هـ - الموافق 10 كانون الأول 2024 م

وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ

العدد 1645 01 جمادى الثانية 1446 هـ - الموافق 03 كانون الأول 2024 م

الجهاد ذروة سنام الإسلام

فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع التعبويّين، بمناسبة حلول أسبوع التعبئةإنَّ ‌اللهَ مَعَ الصّابِرينمراقبات
من نحن

 
 

 

التصنيفات
وفاة الحوراء زينب عليها السلام
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم


لم تمكث العقيلة بعد كارثة كربلاء إلاّ زمناً قليلاً حتى تناهبت الأمراض جسمها، وصارت شبحاً لا تقوى حتى على الكلام، ولازمت الفراش وهي تعاني آلام المرض، وما هو أشقّ منه وهو ما جرى عليها من الرزايا، وكانت ماثلة أمامها حتى الساعات الأخيرة من حياتها… وقد وافتها المنية ولسانها يلهج بذكر الله وتلاوة كتابه، وقد صعدت روحها الطاهرة إلى السماء كأسمى روح صعدت إلى الله تحفّها ملائكة الرحمن، وتستقبلها أنبياء الله وهي ترفع إلى الله شكواها، وما لاقته من المحن والخطوب التي لم تجر على أيّ إنسان منذ خلق الله الأرض.

الزمان:

انتقلت العقيلة إلى جوار الله تعالى على أرجح الأقوال يوم الأحد لخمسة عشر مضين من شهر رجب سنة (62هـ)1. وقد آن لقلبها الذي مزّقته الكوارث أن يسكن ولجسمها المعذّب أن يستريح.

الأقوال في مرقدها:

واختلف المؤرخون في البقعة التي حظيت بجثمانها المعظم وهذه بعض الأقوال:

1- في البقيع:
وذهب بعض المؤرخين إلى أنّها توفّيت في يثرب، ودفنت في بقيع الغرقد، ويواجه هذا القول إنّها لو دفنت هناك لكان لها مرقد خاص، كما هو الحال في غيرها من السادة المعظمين من أبناء الاًسرة النبوية، ومن المحتمل أنّها أوصت أن تدفن في غلس الليل البهيم، ويعفى موضع قبرها تأسّياً باُمّها زهراء الرسول (صلّى الله عليه وآله).

2- في الشام:
وأفاد فريق من المؤرخين أنّها توفّيت في إحدى قرى الشام، ويعزو بعضهم سبب سفرها إلى الشام أنّه حدثت في يثرب مجاعة عظيمة، فهرب منها عبد الله بن جعفر مصاحباً معه زوجته العقيلة وسائر عائلته، ولمّا انتهت العقيلة إلى ذلك المكان توفّيت فيه، وحدوث المجاعة فيما نعتقد لا أساس له من الصحة، لآنّ المؤرخين والرواة لم يذكروا أنّه حدثت مجاعة في يثرب في ذلك الوقت، مضافاً إلى أن عبد الله بن جعفر كان من الأثرياء المعدودين في المدينة، فهل ضاق نطاقه عن إعاشة عائلته حتى يذهب إلى الشام؟ كما أنّه كان من أندى الناس كفّاً، ومن أكثرهم إسعافاً وعطاءً إلى الفقراء والبؤساء، فكيف يتركهم ينهشهم الجوع وينهزم إلى الشام التي هي مقرّ السلطة الاُموية التي نكبته بسيّد اُسرته وابن عمّه الإمام الحسين عليه السلام وبولديه وغيرهما من أنباء الاُسرة النبوية.

وعلى أي حال، فإنّ المشهور في الأوساط الإسلامية أنّ قبر العقيلة في الشام حيث هو قائم الآن، وقد اُحيط بهالة من التقديس والتعظيم، وتؤمّه الملايين من الزائرين متبرّكين ومتوسّلين به إلى الله تعالى، شأنه شأن مرقد أخيها أبي الأحرار(عليه السّلام) الذي صار أعزّ مرقد في الأرض، والذي نذهب إليه هو أنّ قبرها الشريف في الشام وإليه ذهب الكثيرون من المحقّقين.

3- في مصر:
وذهب جمهرة من المؤرخين إلى أنّ قبر الصدِّيقة الطاهرة زينب (عليها السّلام) في مصر، وهذا هو المشهور عند كافّة المصريين، ولابدّ لنا من وقفة قصيرة للحديث عن سبب هجرتها لمصر، وما يتعلّق بمرقدها المعظّم.

سبب هجرتها لمصر:

وذكر المؤرخون أنّ العقيلة أخذت تلهب العواطف، وتستنهض المسلمين للأخذ بثأر أخيها، والانتفاض على السلطة الاُموية، والتي كان من نتائجها أنّ المدينة أخذت تغلي كالمرجل، وأعلنت العصيان المسلح على حكم الطاغية يزيد، فأرسل إليها جيشاً مكثّفاً بقيادة الإرهابي المجرم مسلم بن عقبة، فأنزل بالمدنيّين أقصى العقوبات، وأكثرها صرامة وقسوة، وأرغمهم على أنّهم خول وعبيد ليزيد، ومن أبى منهم نفّذ فيه حكم الإعدام.

وعلى أي حال فإنّ عمر بن سعيد الأشدق والي يثرب خشي من العقيلة، وكتب إلى يزيد بخطرها عليه، فأمره بإخراجها من المدينة إلى إي بلد شاءت، فامتنعت، وقالت: (قتل - أي يزيد- خيرنا، وساقنا كما تساق الأنعام، وحملنا على الأقتاب، فوالله لا أخرج، وإن اُهرقت دماؤنا).

وانبرت إليها السيّدة زينب بنت عقيل، فكلّمتها بلطف قائلة: (يا بنت عمّاه، قد صدقنا الله وعده، وأورثنا الأرض نتبوّء منها حيث نشاء، فطيبي نفساً، وقرّي عيناً، وسيجزي الله الظالمين، أتريدين بعد هذا هواناً، ارحلي إلى بلد آمن). واجتمعن السيّدات من نساء بني هاشم، وتلطّفن معها في الكلام فأجابت، واختارت الهجرة إلى مصر، وصحبنها في السفر السيّدة فاطمة بنت الإمام الحسين واُختها سكينة، وانتهت إلى مصر لأيام بقيت من ذي الحجّة، وقد استقبلها والي مصر مسلمة بن مخلد الأنصاري، فأنزلها في داره بالحمراء فأقامت فيه أحد عشر شهراً وخمسة عشر يوماً، وانتقلت إلى جوار الله عشية يوم الأحد لخمسة عشر يوماً مضت من رجب سنة (62هـ) ودفنت في دار مسلمة حيث مرقدها الآن في مصر، هكذا ذكر العبيدلي2 وغيره3.

زيارة المرقد:

ويؤمّ المصريون وغيرهم من المسلمين المرقد المعظّم خصوصاً في يوم الأحد المصادف لليوم الذي توفّيت فيه العقيلة، فإنهم يزدحمون على زيارته بما فيهم من العلماء والفقهاء، وقد زارها في هذا اليوم كافور الأخشيدي، وأحمد بن طولون، والظافر بنصر الله الفاطمي، وكان يأتي حاسر الرأس مترجّلاً ويتصدّق عند القبر الشريف على الفقراء، واقتدى به ملوك مصر واُمراؤها. وإذا حلّ شهر رجب، وهو الشهر الذي توفّيت فيه العقيلة، زحفت الجماهير إلى المرقد المعظّم، ويقيم الكثيرون فيه إلى النصف من رجب، وهم يتلون كتاب الله، والأدعية الشريفة، وقد ذكر ذلك العبيدلي4.

عمارة المرقد:

واُجريت على المرقد المعظّم في مصر عدة عمارات وإصلاحات من قبل بعض المحسنين من ملوك ووزراء وغيرهم، وكان منهم ما يلي:

1- أمير مصر، ونقيب الأشراف الزينبيّين، الشريف فخر الدين ثعلب الجعفري الزينبي، فقد أشاد عمارة مهمّة على المرقد الشريف.

2- الأمير علي باشا الوزير، والي مصر من قبل السلطان سليمان خان، فقد شيّد المرقد وأضاف إليه مسجداً يتّصل به وذلك في سنة (956هـ)

3- الأمير عبد الرحمن كتخدا، فقد عمّر المرقد، وأنشأ به ساقية وحوضاً وذلك في سنة (1174هـ)

4- وفي سنة (1212هـ) ظهر صدع في بعض حوائط المسجد فندبت حكومة عثمان المرادي لتجديده وإنشائه فابتدأ العمل إلاّ أنّه توقّف لدخول الفرنسيّين لمصر، وأكمله بعد ذلك الوزير يوسف باشا، وذلك في سنة (1326هـ)، وأرخ ذلك بأبيات خطّت على لوح من الرخام وهي:
نــــور بـــنت النبي زينب يعلو**مســــجداً فيــــه قبرها والمزار
قــــد بناه الوزير صدر المعـالي**يوســــف وهــــو للعلى مختار
زاد جــلاله كما قـــلت: ومسجد**مــــشـــرق بـــه أنـــوار


وحالت دون إتمام عمارته بعض الموانع فأكمله محمّد علي باشا الكبير جدّ الاُسرة العلوية.

5- سعيد باشا، أمر بتجديد الوجهة الغربية والبحرية من الضريح، وذلك في سنة (1276هـ) وبعد تمام العمارة كتب على لوح من الرخام التأريخ وهذا نصّه:
في ظلّ أيــام الـسعيد محمّـد**ربّ الــفخار مليك مصر الأفخم
من فائض الأوقاف أتحف زينباً عون** الـورى بنت النبيّ الأكرم
من يأت ينوي للوضوء مؤرخاً ويسعد **فـإنّ وضوءه من زمزم


6- الخديوي محمّد توفيق باشا، جدّد الباب المقابل لباب القبّة، جدّده بالمرمر المصري والتركي وذلك في سنة (1294هـ)، وفي سنة (1297هـ) أمر بتجديد القبّة والمسجد والمنارة، وتمّ البناء في سنة (1302هـ)، وكتب على أبواب القبّة الشريفة هذه الأبيات:
بـــاب الشفاعة عند قبة زينب**يلقــاه غــاد لـلمقام ورائـح
من يـــمن توفيق العزيز مؤرخ**نـــور على باب الشفاعة لأئح


وفي هذا التأريخ نقشت القبة والمشهد بنقوش رائعة وبديعة، وكان ذلك بأمر محمّد توفيق، وبهذا ينتهي بنا الحديث عن المرقد المعظم في مصر 5ويتشرف ويسمو كل قطر اُقيم فيه لسيّدة النساء العقيلة زينب مرقد أو مقام، فهي بحكم موارثيها وصفاتها أفضل سيّدة خلقها الله بعد اُمّها زهراء الرسول، وبهذا تنطوي الصفحات الأخيرة من هذا الكتاب.

* باقر شريف القرشي - بتصرّف


1- السيدة زينب وأخبار الزينبيات - العبيدلي: 9.
2- السيّدة زينب وأخبار الزينبيات: 21.
3- إسعاف الراغبين: 196. لواقح الأنوار - الشمراني: 23. الاتحاف بحبّ الأشراف: 93. مشارق الأنوار: 100.
4- السيّدة زينب وأخبار الزينبيات: 61:60.
5- زينب الكبرى: 125-126

06-06-2012 | 09-44 د | 2575 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net