الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1692 07 جمادى الأولى 1447هـ - الموافق 29 تشرين الأول 2025م

علاج القلق ذكر الله

السيّدةُ زينبُ (عليها السلام) عظمةٌ في الصبرِ وريادةٌ في النصرِكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء الأبطال والحائزين الميداليات في مجال الرياضة والأولمبيادات العلميّة العالميّةكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء القائمين على المؤتمر الدولي لإحياء ذكرى الميرزا النائينيالحضور في ميدان المجاهدة مراقباتمراقباتالحِلمُ زينةُ الأخلاقِمراقباتحقُّ النعمةِ
من نحن

 
 

 

التصنيفات
السيّدةُ زينبُ (عليها السلام) عظمةٌ في الصبرِ وريادةٌ في النصرِ
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

تُعدُّ السيّدةُ زينبُ (عليها السلام) إحدى أعظمِ الشخصيّاتِ في ملحمةِ كربلاءَ؛ إذ لم تتجلَّ عظمتُها في صبرِها أمامَ المصابِ فحسبْ، بل في دورِها الرساليِّ الذي حوَّلَ الهزيمةَ الظاهريّةَ إلى نصرٍ خالدٍ في الوجدانِ والتاريخِ. وقد أضاءَ الإمامُ الخامنئيُّ (دام ظلّه) على هذهِ الحقيقةِ في حديثِهِ عن مقامِها، مبيِّناً أنّ صبرَها وبلاغتَها وشجاعتَها كانتِ الامتدادَ الحيَّ لنهضةِ الإمامِ الحسينِ (عليه السلام)، وأنّها بشموخِها حفظتْ روحَ الثورةِ، وجعلتْ منَ الأسرِ منبراً لنشرِ الوعيِ وإحياءِ الحقِّ.

1. زينبُ من صبرِ المأساةِ إلى بلاغةِ الرسالةِ
يُبيّنُ الإمامُ الخامنئيُّ (دام ظلّه) أنّ النهضةَ الحسينيّةَ لم تكنِ اندفاعاً نحوَ الموتِ، بل كانتْ حركةً إلهيّةً واعيةً، قدّمَ فيها الإمامُ الحسينُ (عليه السلام) نفسَهُ وأصحابَهُ فداءً للإسلامِ. ولم يرَ في ما أصابَهُ وأصحابَهُ وعيالَهُ ثمناً باهِظاً؛ لأنَّ ما يُقدَّمُ للهِ لا يُعَدُّ خسارةً، بل هوَ استثمارٌ في بقاءِ الدينِ وخلودِ الرسالةِ.[1]

وفي هذا الامتدادِ تتجلّى عظمةُ السيّدةِ زينبَ (عليها السلام)، التي حملتِ الرسالةَ بعدَ الفاجعةِ، فحوّلتِ الأسرَ إلى منبرٍ، والدموعَ إلى بيانٍ، والمأساةَ إلى نهضةٍ فكريّةٍ وروحيّةٍ غيّرتِ الوعيَ العامَّ، وخلّدتْ أهدافَ كربلاءَ في ضميرِ الأمّةِ، يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ (دام ظلّه): «كان على خُطبِ السيّدةِ زينبَ الكبرى… أن تعملَ كوسيلةٍ إعلاميّةٍ قويّةٍ لنشرِ الأفكارِ… وهذا ما حصلَ»[2].

لقد بلغتْ (عليها السلام) قمّةَ الصبرِ واليقينِ، فلم تئنَّ تحتَ وطأةِ البلاءِ، ولم تقلْ «ربِّ نجِّني»، بل قالتْ بثقةِ الموقنينَ: «اللهمَّ تقبّلْ منّا»[3]، راضيةً بقضاءِ اللهِ، شاكرةً في قلبِ العاصفةِ. وبرغمِ ما شهدتْهُ منَ انتهاكٍ لحرمةِ الإمامِ الحسينِ (عليه السلام) وذويهِ، وقفتْ شامخةً تخاطبُ أهلَ الكوفةِ بلهجةٍ تشبهُ لهجةَ أبيها أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام) على منبرِ الخلافةِ، تكشفُ زيفَ الباطلِ، وتوبّخُ المتخاذلينَ، وتعيدُ تعريفَ النصرِ ببلاغتِها الإلهيّةِ.

وهكذا جمعتْ زينبُ (عليها السلام) بينَ الإيمانِ الراسخِ والجرأةِ في قولِ الحقِّ، فحوّلتِ الكلمةَ إلى سيفٍ، والبيانَ إلى جهادٍ خالدٍ، لتصبحَ صوتَ الحسينِ بعدَ صمتِه، ورايةَ النهضةِ بعدَ نزفِها، ووجهَ النصرِ في قلبِ المأساةِ.

2. تحويلُ الهزيمةِ الظاهريّةِ إلى انتصارٍ دائمٍ
يقولُ الإمامُ الخامنئيُّ: «عندما يُقالُ إنَّ الدمَ انتصرَ على السيفِ في عاشوراءَ… فإنَّ عاملَ هذا الانتصارِ هوَ زينبُ (عليها السلام)»[4]، بهذا القولِ يحدّدُ الإمامُ دورَها المفصليَّ في حفظِ جوهرِ الثورةِ الحسينيّةِ؛ فالهزيمةُ العسكريّةُ التي انتهتْ بقتلِ الإمامِ الحسينِ (عليه السلام)، ما كانتْ لتتحوّلَ بعدَ ذلكَ إلى انتصارٍ خالدٍ لولا جهادُ زينبَ (عليها السلام) بالكلمةِ والتبليغِ؛ إذ هيَ التي أعادتْ توجيهَ الرأيِ العامِّ من صدمةِ المأساةِ إلى وعيِ الرسالةِ. لقد منحتِ الدمَ معنىً، وجعلتْ من التضحيةِ مبدأً خالداً، فنقلتِ الواقعةَ من ميدانٍ محلّيٍّ إلى تيّارٍ حضاريٍّ ممتدٍّ في وجدانِ الأمّةِ.

3. جهادُ التبيينِ امتدادُ النهضةِ
يدعو الإمامُ الخامنئيُّ (دام ظلّه) إلى السيرِ على نهجِها (عليها السلام) في «جهادِ التبيينِ»؛ أي في حفظِ الروايةِ وكشفِ الحقائقِ والدفاعِ عن الوعيِ في وجهِ التضليلِ، يقولُ (دام ظلّه): «أطلقتْ هذهِ العظيمةُ (عليها السلام) جهادَ التبيينِ وجهادَ الروايةِ. لم تسمحْ لروايةِ العدوِّ عنِ الحادثِ أن تغلبَ»[5]. وهنا يقدّمُ الإمامُ درساً معاصراً: إنَّ الذي لا يروي قصّتَهُ بنفسِهِ، سيُروى لهُ من قِبَلِ العدوِّ، والذي لا يُبيّنُ حقَّهُ، سيُغلَبُ بالروايةِ المزوّرةِ. إنَّ زينبَ (عليها السلام) علّمتْنا أنَّ الكلمةَ الصادقةَ قادرةٌ على إحياءِ الأمّةِ، وأنَّ جهادَ التبيينِ امتدادٌ لجهادِ الدمِ.

ختاماً، من كلامِ الإمامِ الخامنئيِّ (دام ظلّه) تتجلّى ثلاثُ فضائلَ كبرى في شخصيّةِ السيّدةِ زينبَ (عليها السلام): إيمانٌ عميقٌ، وحكمةٌ تدبيريّةٌ، وشجاعةٌ بيانيّةٌ. فهيَ لم تغبْ عنِ الساحةِ بعدَ المأساةِ، بل واجهتِ الطغيانَ بالكلمةِ كما واجهَهُ الإمامُ الحسينُ (عليه السلام) بالسيفِ. وبصبرِها وبيانِها أبقتْ رايةَ كربلاءَ خفّاقةً، ورسالةَ الحسينِ (عليه السلام) نابضةً في التاريخِ. وهيَ اليومَ قدوةٌ لكلِّ مَن يسعى إلى أن يكونَ صوتُهُ في خدمةِ الحقِّ، وروايتُهُ في وجهِ الباطلِ، وجهادُهُ في سبيلِ اللهِ لا يلينُ.

نُباركُ لصاحبِ العصرِ والزمانِ (عجَّلَ اللهُ تعالى فرَجَهُ)، ولِوليِّ أمرِ المسلمينَ، وللمجاهدينَ جميعاً، ذِكرى الوِلادةِ العطرةِ لعقيلةِ بني هاشم، الحوراءِ زينبَ (صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عليها).

وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين


[1] راجع: كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، بتاريخ 08/01/2009م.
[2] من كلامٍ له (دام ظلّه)، بتاريخ 16/02/2009م.
[3] راجع: كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، بتاريخ 08/02/2010م.
[4] من كلامٍ له (دام ظلّه)، بتاريخ 21/04/2010م.
[5] من كلامٍ له (دام ظلّه)، بتاريخ 12/12/2021م.

29-10-2025 | 11-58 د | 23 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net