الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
السياسة الأخلاقيّةمراقباتالحِلمُ زينةُ الأخلاقِ

العدد 1691 29 ربيع الثاني 1447هـ - الموافق 22 تشرين الأول 2025م

اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ

مراقباتحقُّ النعمةِمراقباتوَخُضِ الْغَمَرَاتِ لِلْحَقِّأُسوةُ العبادةِمراقبات
من نحن

 
 

 

التصنيفات
الحِلمُ زينةُ الأخلاقِ
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

عنْ أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلامُ): «إِنْ لَمْ تَكُنْ حَلِيماً فَتَحَلَّمْ، فَإِنَّهُ قَلَّ مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ إِلَّا أَوْشَكَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ»[1].

منَ الصفاتِ الكريمةِ التي يدعو الإسلامُ إلى التحلّي بها صفةُ الحِلمِ. وهوَ في الأساسِ بمعنى التعقُّلِ وعدمِ الاستعجالِ والتروِّي، والذي يتحوَّلُ إلى الصبرِ على الأذيَّةِ ومقابلتِها بالتسامحِ. والإمامُ (عليهِ السلامُ) يَحثُّ في هذهِ الحكمةِ على التحلُّمِ، مُبيِّناً أنَّ منَ الناسِ مَنْ يكونُ الحِلمُ طبعاً منْ طباعِهِ، وملكةً منَ الملكاتِ النفسانيّةِ الحميدةِ لديهِ، ومنهُم مَنْ لا يكونُ كذلكَ، وعلى مَنْ هوَ منَ الصنفِ الثاني أن يُظهِرَ التحلُّمَ ويتعوَّدَ عليهِ تدريجيّاً، وذلكَ عبرَ التشبُّهِ بالحُلماءِ أصحابِ الصنفِ الأوّلِ، بتقليدِهِم في أفعالِهِم.

ومنْ ثَمَّ يُبيِّنُ الإمامُ قاعدةً كبرى، وهيَ أنَّ السعيَ لمحاكاةِ أفعالِ الآخرينَ والتشبُّهَ بهِم، يُقرِّبُ الإنسانَ منْ أنْ يُصبحَ مثلَهُم، وأن تتحوَّلَ الصفةُ التي يتشبَّهُ بها إلى ملكةٍ راسخةٍ في النفسِ، فيُصبحَ منْ أهلِها. والعملُ بهذهِ القاعدةِ وتطبيقُها على سائرِ الملكاتِ الأخلاقيّةِ الحميدةِ، يُقرِّبُ الإنسانَ منْ أهلِ مكارمِ الأخلاقِ حتّى يَغدوَ كأحدِهِم.

وهذا يُؤكِّدُ أنَّ الصفاتِ الحميدةَ لها باطنٌ، وهوَ الملكاتُ الراسخةُ في النفسِ، وهيَ حقيقتُها، ولها ظاهرٌ، وهوَ الفعلُ الخارجيُّ الذي يَصدرُ منْ صاحبِ الملكةِ ومنْ غيرِهِ.

وكُلَّما ازدادَ الإنسانُ علماً ومعرفةً، عليهِ أن يزدادَ حِلماً؛ لأنَّهُ أعرَفُ بفائدةِ هذهِ الصفةِ ونتائجِها؛ فعنْ رسولِ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ): «والَّذي نَفْسي بِيَدِهِ، ما جُمِعَ شَيءٌ إلى شَيءٍ أفضَلَ مِنْ حِلمٍ إلى عِلمٍ»[2].

والاختبارُ الذي يُواجهُهُ الإنسانُ لتظهرَ فيهِ هذهِ الملكةُ الأخلاقيّةُ هوَ عندَ الغَضبِ؛ أيْ عندما تَحدُثُ أمورٌ خِلافاً لرغبتِهِ وإرادتِهِ، فعنْ لُقمانَ الحكيمِ: «لا يُعرَفُ الحَليمُ إلّا عندَ الغَضَبِ»[3].

كما أنَّ هذهِ الصفةَ تَظهرُ بوضوحٍ عندَ امتلاكِ القدرةِ والقوّةِ على الانتقامِ والردِّ، فيتجاوزُ ذلكَ، وقد سُئلَ الإمامُ الحسنُ العسكريُّ (عليهِ السلامُ) عنِ الحِلمِ، فقالَ: «هُوَ أَنْ تَمْلِكَ نَفْسَكَ وَتَكْظِمَ غَيْظَكَ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا مَعَ الْقُدْرَةِ»[4].

وللحِلمِ ثَمراتٌ متعدِّدةٌ وردَت في الرواياتِ، نذكرُ منها:
1. كثرةُ الأنصارِ:
فعنْ أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلامُ): «إنّ أوّلَ عِوَضِ الحَليمِ مِنْ خَصْلَتِهِ، أنّ الناسَ أعْوانُهُ على‏ الجاهِلِ»[5]. بلْ إنَّ صفةَ الحلمِ تقلبُ الخصمَ صديقاً ومُوالياً، قالَ تعالى: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾[6].

2. الأمانُ منْ غضبِ اللهِ عزَّ وجلَّ: فعنْ أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلامُ): «الحِلمُ عِندَ شِدَّةِ الغَضَبِ يُؤمِنُ غَضَبَ الجَبّارِ»[7].

3. رفعةُ المكانةِ والمنزلةِ عندَ الناسِ: فعنْ أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلامُ): «لا عِزَّ أنفَعُ مِنَ الحِلمِ»[8].

4. عقوبةٌ لمَنْ أغضبَكَ وآذاكَ: فعنْ أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلامُ): «مَنْ غاظَكَ بقُبْحِ السَّفَهِ علَيكَ، فَغِظْهُ بحُسنِ الحِلمِ عَنهُ»[9].

وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين


[1] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، ص506، الحكمة 207.
[2] الشيخ الصدوق، الأمالي، ص295.
[3] الشيخ المفيد، الاختصاص، ص246.
[4] الحلوانيّ، نزهة الناظر وتنبيه الخاطر، ص138.
[5] الشعيريّ، جامع الأخبار، ص117.
[6] سورة فُصِّلت، الآية 34.
[7] الآمديّ، غرر الحكم ودرر الكلم، ص95.
[8] ابن شعبة الحرّانيّ، تحف العقول، ص93.
[9] الليثيّ الواسطيّ، عيون الحكم والمواعظ، ص460.

22-10-2025 | 10-53 د | 24 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net