الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
مراقباتمن التبيين إلى الثورةكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع نواب الدورة الثانية عشرة لمجلس الشورى الإسلاميالاستجابةُ لدعوةِ الحقِّ

العدد 1676 13 محرم 1447هـ - الموافق 09 تموز 2025م

كلمةُ زينب سلاحٌ لا يُنتزَع

العدد 1675 06 محرم 1447هـ - الموافق 02 تموز 2025م

الثبات الحسينيّ في وجه التشكيك

وَبَذَلْتُمْ أَنْفُسَكُمْ فِي مَرْضَاتِهِكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) المتلفزة الثالثة عقب عدوان الكيان الصهيونيّ الخبيث على البلاد وانتصار الشعب الإيرانيّكربلاء ساحة للتبيينمراقبات
من نحن

 
 

 

التصنيفات

العدد 1676 13 محرم 1447هـ - الموافق 09 تموز 2025م

كلمةُ زينب سلاحٌ لا يُنتزَع

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

الحمد لله ربّ العالمين، نحمده على نعمائه التي لا تُحصى، ونشكره على بلائه الذي فيه نِعَمٌ خفيّة، ونستعين به في الشدائد، ونستهدِيه إذا ضلّت السُبُل، ونعوذ به من الغفلة والانهزام، ومن التخاذل في مواطن النصرة.

ونشهد أن لا إله إلّا الله، وحده لا شريك له، وأنّ محمّداً عبده ورسوله، بلّغ الرسالة، وأدّى الأمانة، ونصح الأمّة، وجاهد في الله حقّ جهاده، فصلّى الله عليه وعلى آله الطاهرين، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.

قال تعالى في كتابه العزيز: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ، فَزَادَهُمْ إِيمَانًا، وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾[1].

ما بعد كربلاء: لم تنتهِ المعركة
إنّ معركة كربلاء يوم العاشر من المحرّم، لم تكن آخر فصول المعركة بين الحقّ والباطل، بل كانت بدايتها؛ فحين ظنّ الأمويّون أنّهم انتهَوا من الإمام الحسين (عليه السلام)، خرجت إليهم زينب (عليها السلام) بكلمةٍ لا تقلّ عن السيف إمضاءً، وبموقفٍ أقضّ مضاجع الطغاة، وفضح زيف (النصر) الذي أعلنوه.

لقد ظنّ عبيد الله بن زياد أنّه قضى على المشروع الحسينيّ، فإذا به أمام امرأة تقف في مجلسه، وتقول له بكلّ عزمٍ وثبات: «ما رَأَيْتُ إِلّا جَمِيلاً، هؤُلاَءِ القَوْمُ كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْقَتَلَ، فَبَرَزُوا إِلى مَضَاجِعِهِمْ، وَسَيَجْمعُ اللهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ، فَتُحَاجُّون وَتُخَاصَمُون، فَانْظُرْ لِمَنِ الْفَلَجُ يَومَئِذٍ»[2].

فأيّ وعيٍ هذا، وأيّ استعلاءٍ على الألم، وأيّ انتصارٍ بعد القتل!

كلمة زينب: سلاحٌ في وجه نزع السلاح
إنّ زينب (عليها السلام) لم تكن تمتلك سيفاً ولا جيشاً، ولكنّها كانت تملك الكلمة الصادقة، والموقف الثابت، والجرأة على فضح يزيد في قصره وبين حاشيته.

وهذا الأمر ينبغي أن يكون من أسلحتنا اليوم، فحين يُعمَل على محاولة نزع سلاحنا العسكريّ، لا ينبغي أن يُنتزَع منّا سلاح الموقف، وسلاح الكلمة، وسلاح الثبات، فعن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «أفضل الجهاد كلمة حقٍّ عند سلطان جائر»[3].

لم يكن السبي نزهة، ولا الانتقال من كربلاء إلى الكوفة، ثمّ إلى الشام، مجرّد ترحال؛ كان الهدف كسر إرادة أهل الحقّ، وإلحاق الهزيمة النفسيّة بهم.

ألم يوصِ الإمام الحسين (عليه السلام) أخته زينب يوم العاشر: «يا أخيّة، إنّي أقسمتُ فأبرِّي قسمي، لا تشقّي عليَّ جيباً، ولا تخمشي عليَّ وجهاً، ولا تدعي عليَّ بالويل والثبور، إذا أنا هلكت»[4].

لقد كان (عليه السلام) يبيّن لها الموقف في مواجهة الآتي من الأحداث، وكانت على قدر هذا الموقف: أن تُبقي الراية مرفوعة، لا بالكلام فقط، بل بالموقف، بالتحدّي، بالعزّة.

واليوم، يُراد لنا أن نعيش الضعف، أن نقتنع بأنّ المقاومة عبء، وأنّ السلاح خطر، وأنّ السيادة كذبة، وأنّ العزّة لا حاجة لها في زمن الاقتصاد والسياسة.

لكنّ الإمام زين العابدين (عليه السلام) علّمنا في مواجهة الطغاة: «أنّ القتلَ لنا عادة، وكرامتَنا من الله الشهادة»[5].

زينب (عليها السلام) تقودنا
أيّها المؤمنون، لم تكن كربلاء شهادة رجالٍ فقط، بل كانت قيادة امرأةٍ ثبتَتْ حيث زاغ الرجال، وواجهَتْ حيث خاف الشجعان، وتكلّمَتْ حيث سكت الجميع.

إنّ زينب (عليها السلام) حوّلت الهزيمة العسكريّة الظاهريّة في كربلاء إلى نصرٍ حضاريّ وأخلاقيّ وتاريخيّ. ولو سكتَت زينب، لما بقيت كربلاء، ولما بقيَ الحسين، ولما بقيَ الدين.

يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه): «عندما يُقال: إنّ الدم انتصر على السيف في عاشوراء وفي واقعة كربلاء، وهو كذلك، فإنّ عامل هذا الانتصار هو زينب (عليها السلام)، وإلّا فإنّ الدم في كربلاء قد انتهى.
واقعة عسكريّة تنتهي بهزيمة ظاهريّة لقوى الحقّ في ميدان عاشوراء؛ أمّا ذلك الشيء الذي أدّى إلى تبديل هذه الهزيمة العسكريّة الظاهريّة إلى انتصارٍ قطعيّ دائم، فهو زينب الكبرى (عليها السلام)»[6].
وهي التي قال لها الإمام زين العابدين (عليه السلام): «وأنتِ -بحمدِ اللهِ- عالمةٌ غيرُ معلَّمة، فهِمةٌ غيرُ مفهَّمة»[7].

بهذا العلم، وقفَت زينب (عليها السلام)، وقالت ليزيد في مجلسه، وهو على عرش السلطة: «فواللهِ، لا تمحو ذِكرَنا، ولا تُميتُ وحينا...»[8].

واليوم، حين يريدون نزع سلاحنا، وتشويه صورتنا، وقطع صلتنا بالإمام الحسين (عليه السلام)، نقول: لن تُمحى رايتُنا؛ لأنّ رايةَ الحسين (عليه السلام) لا تزال في يد زينب (عليها السلام).

المقاومة لا تنتهي باستشهاد القائد
أيّها المؤمنون، إنّ مشروع الإمام الحسين (عليه السلام) لم يكن مشروع معركةٍ عسكريّةٍ عابرة، بل هو مسار مقاومةٍ مستمرّةٍ ضدّ الباطل والانحراف، يبدأ بالدم ولا ينتهي بالسيف.

ولذلك، فإنّ كربلاء لم تنتهِ يوم العاشر، بل بدأت يوم العاشر، حين تحوّل الدم إلى وعي، وتحوّل الوجع إلى إرادة، وتحوّلت الشهادة إلى نهجٍ ممتدّ، قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «إنّ لقتل الحسين حرارةً في قلوب المؤمنين، لا تبرد أبداً»[9].

وهذه الحرارة هي الوعي، وهي الضمانة الأولى لبقاء مشروع المقاومة.

وإذا أردنا أن نحمي مشروع المقاومة اليوم، فلا يكفي أن نرفع السلاح فحسب، بل يجب أن نرفع الوعي والبصيرة.

لقد كان الحسين (عليه السلام) يعلّق الشهادة على بصيرة، لا على عاطفةٍ عمياء؛ ولذلك قال: «ألا وإنّ الدعيّ بنَ الدعيّ قد ركز بين اثنتين: بين السلّة والذلّة، وهيهات منّا الذلّة»[10].

هو لم يختَر القتال إلّا بعد أن استنفد الحجّة، وشرح القضيّة، وأكمل البيان؛ فمشروع المقاومة لا يقوم على الغضب، بل على البصيرة.

واليوم، أمام كلّ حصارٍ إعلاميّ، وكلّ تضليلٍ سياسيّ، وكلّ خطابٍ استسلاميّ، نحن بحاجةٍ إلى أن نفهم ونحلّل ونكشف، ونعرف مَن معنا ومَن ضدّنا، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام): «إِنَّمَا بَدْءُ وُقُوعِ الْفِتَنِ أَهْوَاءٌ تُتَّبَعُ، وأَحْكَامٌ تُبْتَدَعُ، يُخَالَفُ فِيهَا كِتَابُ اللَّه»[11].

حماية مشروع المقاومة بالثبات على خطّ الشهداء
منذ كربلاء، إلى السيّدة زينب (عليها السلام)، إلى الإمام زين العابدين (عليه السلام)، وإلى شهدائنا في هذا العصر، ثمّة خطّ واحد: لا تنازل عن الحقّ، ولا مساومة على الكرامة، ولا حياد في معركة العزّة.
عن الإمام الصادق (عليه السلام): «قيلَ للنبيِّ (صلّى الله عليه وآله): ما بالُ الشهيدِ لا يُفتنُ في قبره؟ فقال (صلّى الله عليه وآله): كفى بالبارقةِ فوقَ رأسِه فتنة»[12].

هكذا نحمي المقاومة؛ بالثبات في زمن التهديد، وبالصدق في زمن التشويش، وبالصبر في زمن التخويف.

لا مساومة على السلاح
يُراد لنا اليوم أن نتخلّى عن سلاحنا. لكن مَن يعرف كربلاء، يعرف أنّ السلاح هو الوسيلة؛ أمّا جوهر المسألة فهو: هل نُذلّ؟ هل نُحاصر؟ هل نخضع لشروط الطغاة؟

لقد خاض الإمام الحسين (عليه السلام) المعركة، وهو يعلم أنّه سيُقتل، لكنّه لم يقبل أن يُبايع يزيد، وقال مقولته المشهورة: «مثلي لا يبايع مثلَه»[13].

ونحن اليوم، نقول: إنّ مَن يطلب نزع السلاح، لا يريد الأمن، بل يريد نزع الإرادة، يريد أن نخضع ونسلّم للمشروع الأمريكيّ الصهيونيّ بأيدينا.

نحفظ العهد
أيّها المؤمنون، كما حفظت زينب (عليها السلام) دم الحسين بالكلمة، نحن نحفظ دم الشهداء اليوم بالفعل والموقف.

قد لا نُشهر السيف دائماً، ولكن نُشهر الوعي دائماً.

قد لا نقاتل في كلّ لحظة، ولكن لا نستسلم في أيّ لحظة.

وإذا كانت كربلاء قد أعطتنا شهداء، فإنّ السيّدة زينب قد أعطتنا الثبات بعد الشهادة، والكلمة بعد الذبح، والراية بعد الفقد.

يقول شهيد الأمّة سماحة السيّد حسن نصر الله (رضوان الله عليه): «تعلّمنا من الحسين في كربلاء أن نتمسّك بالحقّ ولا نتخلّى عنه؛ والحقّ حقّان: نوعٌ يمكن لصاحبه أن يتنازل عنه، وهو ما يرتبط بالحقوق الشخصيّة، ونوعٌ آخر لا يملك أحد أن يتنازل عنه، وهو ما يرتبط بالأمّة؛ بأرضها، بخيراتها، بمقدّراتها، بمقدّساتها، بكراماتها. فليس ثمّة أحدٍ مخوّلٌ أن يتنازل عن حبّة ترابٍ من أرض، ولا قطرة ماء، ولا قطعة من مقدّساتنا الغالية، ولا عن كرامة هذه الأمّة»[14].


[1]سورة آل عمران، الآية 173.
[2] ابن أعثم الكوفيّ، الفتوح، ج5، ص122.
[3] ابن أي جمهور الأحسائيّ، عوالي اللئالي، ج1، ص432.
[4] الشيخ المفيد، الإرشاد، ج2، ص94.
[5] ابن أعثم الكوفيّ، الفتوح، ج5، ص123.
 [6]من كلامٍ له (دام ظلّه)، بتاريخ 21/04/2010م.
[7] الشيخ الطبرسيّ، الاحتجاج، ج2، ص31.
[8] ابن نما الحلّيّ، مثير الأحزان، ص81.
[9] الميرزا النوريّ، مستدرك الوسائل، ج10، ص318.
 [10]السيّد ابن طاووس، اللهوف في قتلى الطفوف، ص59.
 [11]السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، ص88، الخطبة 50.
[12] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج5، ص54.
[13] ابن أعثم الكوفيّ، الفتوح، ج5، ص14.
 [14]من كلامٍ له (رضوان الله عليه)، في العاشر من المحرّم 1432م.

09-07-2025 | 13-53 د | 19 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net