الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مسؤولي البلاد وسفراء الدول الإسلاميّةكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في خطبتَي صلاة عيد الفطركلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء جمع من الطلّاب الجامعيّينكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في اللقاء الرمضانيّ مع مسؤولي البلادبِهذا جُمِعَ الخَيرُ

العدد 1612 07 شوال 1445 هـ - الموافق 16 نيسان 2024 م

لَا تُطَوِّلْ فِي الدُّنْيَا أَمَلَكَ

العامل الأساس للنصر مراقباتالأيّامُ كلُّها للقدسِسُلوك المؤمِن
من نحن

 
 

 

التصنيفات

العدد 1547 26 جمادى الثانية 1444 هـ - الموافق 19 كانون الثاني 2023م

رجب النور

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه محمّد، وعلى آله الطيّبين الطاهرين.

أيّامٌ قلائل تفصلنا عن بداية أشهر النور، أشهر الدعاء والاستغفار والتوبة، إنّه رجب الأصبّ، شهر الولادة المباركة لأمير المؤمنين (عليه السلام)، وشهر المبعث النبويّ الشريف.

إنّها أيّام عظيمة، يستعدّ فيها المؤمن لأيّام الله في شهر رمضان المبارك، وهي أيّام حُرِّم فيها القتال، إذ إنّه أحد الأشهر الحُرُم الأربعة، الّتي يقول فيها جلّ وعلا: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ﴾[1]، وهي رجب وذو القعدة وذو الحجّة ومحرّم.

تسميته
وقد سُمّي هذ الشهر بـ (رَجَب) «لتعظيمهم إيّاه في الجاهليّة، فلا يَسْتَحِلُّون القتالَ فيه؛ والتَّرْجِيبُ التعظيمُ، والرَّاجِبُ المُعَظِّم لسيّده»[2].

خصائصه وأعماله
لقد أكّد الإسلام عظمة هذه الأيّام وأمضاها، وحثّ على اغتنامها والاستفادة منها، يقول رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «إنّ لربّكم في أيّام دهركم نفحات، ألا فتعرّضوا لها»[3]، والتعرّض لها إنّما يكون بالإقبال على الطاعة والإعراض عن المعصية، والاستفادة من فيوضات هذه الأيّام وخصائصها عند الله تعالى. وممّا ورد في أعمال هذا الشهر العظيم:

1. الاستغفار، عن الإمام الصادق (عليه السلام): «قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): رجب شهر الاستغفار لأمّتي؛ أكثروا فيه الاستغفار، فإنّه غفور رحيم»[4].

2. الصوم، عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «من صام يوماً من رجب إيماناً واحتساباً، جعل الله تبارك وتعالى بينه وبين النار سبعين خندقاً، عرض كلّ خندق ما بين السماء والأرض»[5].

2. شهر الذكر والطاعة، فعن ثواب العبادة فيه يقول رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «إنّ الله تعالى نصب في السماء السابعة ملكاً، يُقال له: الداعي، فإذا دخل شهر رجب، ينادي ذلك الملك كلّ ليلة منه إلى الصباح: طوبى للذاكرين، طوبى للطائعين، ويقول الله تعالى: أنا جليس من جالسني، ومطيع من أطاعني، وغافر من استغفرني، الشهر شهري، والعبد عبدي، والرحمة رحمتي، فمن دعاني في هذا الشهر أجبته، ومن سألني أعطيته، ومن استهداني هديته، وجعلت هذا الشهر حبلاً بيني وبين عبادي، فمن اعتصم به وصل إليّ»[6].

من مناسبات شهر رجب
1. ولادة الإمام الباقر (عليه السلام) في الأوّل منه

مضافاً إلى هذه الخصائص والمزايا النورانيّة، يُزيّن بدايةَ أيّام شهر رجب نورُ ولادة الإمام محمّد بن عليّ (عليهما السلام) سنة 57 للهجرة، وهو الإمام الخامس من أئمّة أهل البيت (عليهم السلام)، المُلقَّب بالباقر؛ وذلك لأنّه بقر العلم وعرف أَصله واستنبط فرعه[7]، وهو الذي بلّغه جابر بن عبد الله الأنصاريّ السلام من رسول الله (صلّى الله عليه وآله)؛ إذ يقول الإمام الصادق (عليه السلام): «إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال ذات يوم لجابر بن عبد الله الأنصاريّ: يا جابر، إنّك ستبقى حتّى تلقى ولدي محمّداً بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، المعروف في التوراة بالباقر، فإذا لقيته فأقرئه منّي السلام. فدخل جابر إلى عليّ بن الحسين (عليهما السلام)، فوجد محمّداً بن عليّ (عليهما السلام) عنده، غلاماً، فقال له: يا غلام، أقبِل، فأقبَل، ثمّ قال له: أدبِر، فأدبَر، فقال جابر: شمائلُ رسول الله وربِّ الكعبة، ثمّ أقبَل على عليّ بن الحسين (عليهما السلام)، فقال له، مَن هذا؟ قال: هذا ابني، وصاحب الأمر بعدي محمّد الباقر؛ فقام جابر فوقع على قدميه يقبّلهما، ويقول: نفسي لنفسك الفداء يابن رسول الله! اقبل سلام أبيك، إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقرأ عليك السلام»، قال: «فدمَعَت عينا أبي جعفر (عليه السلام)، ثمّ قال: يا جابر، على أبي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) السلام ما دامت السماوات والأرض، وعليك يا جابر بما بلّغتَ السلام»[8].

2. ولادة الإمام الهادي (عليه السلام) في الثاني منه
وكذا الأمر في اليوم الثاني من شهر رجب، إذ يزداد النور نوراً بولادة الإمام العاشر من أئمّة أهل البيت (عليهم السلام)، الإمام عليّ الهادي (عليه السلام)، سنة 212 للهجرة، والذي تسلّم الإمامةَ بعد شهادة أبيه الإمام الجواد (عليه السلام) سنة 220 للهجرة، وقد كانت إمامته (عليه السلام) المصداق الثاني للإمامة المبكّرة الّتي ظهرت في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)؛ إذ إنّ الإمامةَ اختيارٌ من الله تعالى، وعدد السنين أمرٌ اعتباريٌّ غير جوهريّ، وثمّة حادثةٌ حول طفولة الإمام الهادي (عليه السلام) تشير إلى علمهم (عليهم السلام) وكمالهم، وتبيّن عدم ارتباط هذا الأمر بالعمر، وذلك عندما أحضر المعتصمُ الإمامَ الجواد (عليه السلام) من المدينة إلى بغداد، سنة 218 هجريّة؛ أي قبل شهادته بسنتين، وبقي الإمام الهادي (عليه السلام) حينها مع أهله في المدينة، وكان له من العمر ستّ سنوات؛ فقد أمر المعتصم الوزير عمر بن الفرج المرخجيّ -وكان ناصبيّاً معادياً لأهل البيت (عليهم السلام)- أن يذهب من بغداد إلى المدينة، يقول الراوي: «فأحضرَ جماعةً من أهل المدينة، والمخالفين، والمعاندين لأهل بيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فقال لهم: ابغوا لي رجلاً من أهل الأدب، والقرآن، والعلم، لا يوالي أهل هذا البيت، لأضمّه إلى هذا الغلام، وأوكله بتعليمه، وأتقدّم إليه بأن يمنع منه الرافضة، الذين يقصدونه ويمسّونه.

فسمّوا له رجلاً من أهل الأدب يُكنّى أبا عبد الله، ويُعرف بالجنيديّ، متقدّماً عند أهل المدينة في الأدب والفهم، ظاهر الغضب والعداوة، فأحضره عمر بن الفرج، وأسنى له الجاري من مال السلطان، وتقدّم إليه بما أراد، وعرّفه أنّ السلطان أمره باختيار مثله وتوكيله بهذا الغلام.

قال: فكان الجنيديّ يلزم أبا الحسن في القصر بِصَرْيا[9]، فإذا كان الليل، أغلق الباب وأقفله وأخذ المفاتيح إليه.

فمكث على هذا مدّة، وانقطعت الشيعة عنه، وعن الاستماع منه، والقراءة عليه. ثمّ إنّي لقيته في يوم جمعة، فسلّمتُ عليه، وقلت له: ما حال هذا الغلام الهاشميّ الذي تؤدِّبه؟

فقال منكراً عليّ: تقول الغلام، ولا تقول الشيخ الهاشميّ؟! أُنشدك الله هل تعلم بالمدينة أعلم منّي؟ قلت: لا، قال: فإنّي والله أذكر له الحزب من الأدب، أظنّ أنّي قد بالغتُ فيه، فيُملي عليّ باباً فيه أستفيده منه، ويظنّ الناس أنّي أُعلّمه، وأنا والله أتعلّم منه.
قال: فتجاوزتُ عن كلامه هذا، كأنّي ما سمعتُه منه، ثمّ لقيتُه بعد ذلك فسلّمتُ عليه، وسألتُه عن خبره وحاله، ثمّ قلت: ما حال الفتى الهاشميّ؟

فقال لي: دع هذا القول عنك، هذا والله خير أهل الأرض، وأفضل من خلق الله، إنّه لربما همّ بالدخول، فأقول له: تنظر حتّى تقرأ عشرك.

فيقول لي: أيّ السور تحبّ أن أقرأها؟ أنا أذكر له من السور الطوال ما لم تبلغ إليه، فيهذّها[10] بقراءةٍ لم أسمع أصحَّ منها من أحد قطّ، وجزمٍ[11] أطيب من مزامير داوود النبيّ (عليه السلام) الذي إليها من قراءته يضرب المثل.

قال: ثمّ قال: هذا مات أبوه بالعراق، وهو صغير بالمدينة، ونشأ بين هذه الجواري السود، فمن أين علم هذا؟!

قال: ثمّ ما مرّت به الأيّام والليالي حتّى لقيتُه فوجدتُه قد قال بإمامته، وعرف الحقّ وقال به»[12].

حُفِظ الإسلامُ بجهادهم (عليهم السلام)
في الختام، إنّ هذا الدين، وما يمثّله من سبيلٍ إلى الله تعالى، وما يحويه من تعاليم ووظائف، وبيانٍ للتكاليف والأعمال في أيّام رجب وغيره من الأيّام والساعات والأحوال، إنّما بقي واستمرّ ووصل إلينا بفضل هؤلاء الأئمّة (عليهم السلام) وجهادهم وتضحياتهم، يقول الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه): «إنّ يوماً من جهاد هؤلاء العظماء يؤثّر بمقدار سنوات. ويومٌ واحدٌ من حياتهم المباركة يساوي سنواتٍ من حياة جماعةٍ تعمل ليل نهار على مستوى التأثير في المجتمع. هؤلاء العظماء قد حفظوا الدين بهذه الطريقة... بل القرآن والإسلام والمعارف الدينيّة، وهذه هي خاصّيّة العباد الخالصين والمخلصين وأولياء الله. فلو لم يكن للإسلام أمثال هؤلاء من أولي العزم، لما استطاع أن يعود غضّاً طريّاً ويوجد هذه الصّحوة الإسلاميّة... لو لم يكن للإسلام، هؤلاء الّذين جذّروا هذه المعارف العظيمة بعد النبيّ (صلّى الله عليه وآله) في الأذهان على مرّ التاريخ الإنسانيّ والإسلاميّ، لكان ينبغي أن يزول من الوجود وينتهي كلّ شيء، ولا يبقى منه أيّ شيء»[13].

مُبارَكٌ لكم قدوم هذه الأيّام النورانيّة، وهذه الولادات الميمونة، وغيرها من المناسبات الجليلة في هذا الشهر العظيم، والّتي نتكلّم عليها في أوقاتها إن شاء الله، والحمد لله ربّ العالمين.


[1] سورة التوبة، الآية 36.
[2] ابن منظور، لسان العرب، ج1، ص411.
[3] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج68، ص221.
[4] الأشعريّ القمّيّ، النوادر، ص17.
[5] الشيخ الصدوق، الأمالي، ص59.
[6] السيّد ابن طاووس، إقبال الأعمال، ج3، ص147.
[7] ابن منظور، لسان العرب، ج4، ص74.
[8] الشيخ الصدوق، الأمالي، ص435.
[9] صَرْيا: اسم قرية قرب المدينة، تقع على بعد ثلاثة أميالٍ منها، أنشأها الإمام الكاظم (عليه السلام).
[10] الهذّ والهَذَذ: سرعة القطع وسرعة القراءة.
[11] جزم القراءة جزماً: وضع الحروف مواضعها في بيان ومهل.
[12] المسعوديّ، إثبات الوصيّة، ص230.
[13] الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، إنسان بعمر 250 سنة، ص438.

19-01-2023 | 22-30 د | 736 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net