الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات

العدد 1532 09 ربيع الأول 1444 هـ - الموافق 06 تشرين الأول2022م

الإمام العسكريّ (عليه السلام) والوحدة الإسلاميّة

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيّد الأنبياء والمرسلين وآله الطيّبين الطاهرين.

إلى مولانا صاحب العصر والزمان (أرواحنا لتراب مَقْدمه الفداء)، وإلى نائبه الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، وإلى الأمّة الإسلاميّة جمعاء، نرفع أسمى آيات العزاء بذكرى شهادة الإمام الحسن العسكريّ (عليه السلام).

تمرّ علينا في هذه الأيّام مناسبات مهمّة، كاستشهاد الإمام الحسن العسكريّ (عليه السلام) في الثامن من ربيع الأوّل سنة 260 للهجرة، وتَسلُّم الحجّة القائم (عجّل الله فرجه) منصب الإمامة من بعده. كما أنّنا نقف على أعتاب أسبوع الوحدة الإسلاميّة الذي أعلنه الإمام الخمينيّ (قُدِّس سرّه)، مناسبةً للجمع بين المسلمين وتوحيد كلمتهم، وهو الأسبوع الذي يتضمّن مناسبة ولادة الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله)، التي كانت في 12 ربيع الأوّل بحسب أهل السنّة والجماعة، وفي 17 ربيع الأوّل بحسب مشهور علماء شيعة أهل البيت (عليهم السلام).

لذا، نتوقّف عند شيء من سيرة إمامنا العسكريّ (عليه السلام)، ولا سيّما في ما يتعلّق منها بأحواله وتعامله مع المخالفين لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) من المسلمين، ودعوته إلى توحيد الكلمة ورصّ الصفوف.

سيرة الإمام (عليه السلام) المختصرة
هو الإمام الحادي عشر من الأئمّة الاثني عشر عند الشيعة الإماميّة، وقد لُقِّب بالعسكريّ لفرض الإقامة الجبريّة عليه وعلى أبيه (عليهما السلام) من قِبل السلطة العبّاسيّة في سامرّاء، التي كانت يومها معسكراً للجند، وكان الهدفُ من ذلك تشديدَ المراقبة على الإمام (عليه السلام)، وعدم السماح له بالاتّصال بأتباعه والمقرّبين منه.

إنّ المضايقات التي كان يعانيها الإمام العسكريّ (عليه السلام) في زمانه، أدّت إلى اعتماده نظامَ الوكالة، بأن يكون له وكلاء في المناطق الشيعيّة المختلفة، يتصرّفون وينشرون الفتاوى باسمه. وكان زمانه من أخطر الأزمنة على شيعة أهل البيت (عليهم السلام)، سواءٌ من جهة مضايقتهم وملاحقتهم، أم من جهة كونها مرحلة تمهيدٍ لانتقال الشيعة من الاتّصال المباشر بالإمام المعصوم إلى الاتّصال غير المباشر، ثمّ الغيبة مع الإمام القائم (عجّل الله فرجه).

عاصر الإمام (عليه السلام) مدّةَ إمامته القصيرة، التي لم تتجاوز ستّ سنوات، حكومةَ ثلاثة خلفاء؛ المعتزّ والمهتدي والمعتمِد، الذين لم يألوا جهداً في ملاحقة أتباع الإمام (عليه السلام) والتنكيل بهم، فكانت مرحلةً عصيبة جدّاً على شيعة أهل البيت (عليهم السلام).

دوره الرياديّ في سامراء
يتحدّث الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) عن الدور الرياديّ العظيم الذي شغله الإمامان العسكريّان في مخاطبة العالم الإسلامّي، ومدّ جذور التواصل مع أقطار العالم الإسلاميّ كافّة، وذلك كلّه من منفاهم القسريّ في سامرّاء، متجاوزين بذلك كلّ الرقابة والضغوطات التي فرضتها عليهم الخلافة العبّاسيّة الظالمة آنذاك، بأساليب متعدّدة، فيقول (دام ظلّه): «استطاع الإمام الهادي والإمام العسكريّ (عليهما السلام) في مدينة سامرّاء، تلك الّتي كانت في الواقع بمثابة معسكر كبير، أن يُنظِّما كلّ هذه الروابط بين جميع أقطار العالم الإسلاميّ. فعندما ننظر إلى أبعاد حياة الأئمّة، نفهم ماذا كانوا يفعلون. لهذا، لم تنحصر القضيّة في تلك الفتاوى الّتي كانوا يُجيبون بها عن أسئلة الناس حول الصلاة والصوم والطهارة والنجاسة. بل كانوا ينطلقون من موقعيّة الإمام بذلك المعنى الإسلاميّ الخاصّ، ويتحدّثون وفقه مع الناس. وبرأيي يمكن الالتفات إلى هذا البعد إلى جانب غيره من الأبعاد. أنتم ترَون أنّهم عندما أحضروا الإمام الهادي (عليه السلام) من المدينة إلى سامرّاء، وقتلوه في سنّ الشباب، عن عمرٍ يناهز 42 سنة، أو عندما يقتلون الإمام العسكريّ في سنّ الـ 28 سنة، فذلك كلّه دليلٌ على هذه الحركة العظيمة للأئمّة والشيعة وأصحابهم الكبار، عبر التاريخ. ومع أنّ جهاز الحكم كان نظاماً بوليسيّاً ويعمل بشدّة، فقد استطاع الأئمّة في مثل هذا الوضع أن يُحقِّقوا مثل هذه النجاحات. مقصودنا أنّه ينبغي مشاهدة هذه العزّة والعظمة إلى جانب تلك الغربة»[1].

وصيّته بخصوص الوحدة الإسلاميّة
حرص الإمام (عليه السلام) على مدّ أواصر التعاون والوحدة بين المسلمين، ونرى ذلك حاضراً في وصيّته لشيعته بحسن الجوار والمشاركة في صلواتهم وجنائزهم، إلى غير ذلك من الآداب التي تؤدّي إلى وجود مجتمع إسلاميّ متلاحم وقويّ.

فمن وصيّته لشيعته: «أوصيكم بتقوى الله، والورع في دينكم، والاجتهاد لله، وصدق الحديث، وأداء الأمانة إلى من ائتمنكم من برٍّ أو فاجر، وطول السجود، وحسن الجوار؛ فبهذا جاء محمّد (صلّى الله عليه وآله). صلّوا في عشائرهم، واشهدوا جنائزهم، وعودوا مرضاهم، وأدّوا حقوقهم؛ فإنّ الرجل منكم إذا ورع في دينه، وصدق في حديثه، وأدّى الأمانة، وحسَّن خُلقَه مع الناس، قيل: هذا شيعيّ، فيسرني ذلك! اتّقوا الله، وكونوا زيناً ولا تكونوا شيناً، جرّوا إلينا كلَّ مودّة، وادفعوا عنّا كلَّ قبيح؛ فإنّه ما قيل فينا من حُسنٍ فنحن أهله، وما قيل فينا من سوءٍ فما نحن كذلك... احفظوا ما وصّيتكم به، وأستودعكم الله، وأقرأ عليكم السلام»[2].

مكانته عند المخالفين
إنّ هذه الأخلاق التي كان يتعامل بها الإمام (عليه السلام) مع المخالفين، ظهر أثرها في تبجيل كثيرٍ منهم له (عليه السلام)، وما ظهر على فلتات لسانهم وأقوالهم، في الحين الذي كانت فيه أنفسهم مذعنةً للحقّ.

ومن شواهد ذلك ما ورد في ردّ الخليفة المعتمد على جعفر الكذّاب، حينما جاء بعد وفاة أخيه الإمام العسكريّ (عليه‌ السلام) يطلب مرتبتَه، قوله: «إنّ منزلة أخيك لم تكن بنا، إنّما كانت بالله، ونحن كنّا نجتهد في حطّ منزلته والوضع منه، وكان الله يأبى إلّا أن يزيده كلّ يوم رفعة؛ لما كان فيه من الصيانة وحسن السمت والعلم والعبادة»[3].

وكما يقال: «الفضل ما شهدت به الأعداءُ»، فعن أحد أهمّ رجالات الدولة العبّاسيّة آنذاك، وهو أحمد بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان، عامل السلطان على الضياع والخراج في قمّ، وكان أبوه وزيرَ المعتمِد، وكان شديدَ النصب والانحراف عن أهل البيت (عليهم السلام): «ما رأيتُ ولا عرفتُ بسُرَّ من رأى من العلويّة مثل الحسن بن عليّ بن محمّد بن الرضا، في هَديه وسكونه وعفافه ونبله وكبرته عند أهل بيته وبني هاشم كافّة، وتقديمهم إيّاه على ذوي السنّ منهم والخطر، وكذلك كانت حاله عند القوّاد والوزراء وعامّة الناس... فما سألتُ أحداً من بني هاشم والقوّاد والكتّاب والقضاة والفقهاء وسائر الناس، إلّا وجدتُه عنده في غاية الإجلال والإعظام والمحلّ الرفيع والقول الجميل والتقديم له على جميع أهل بيته ومشايخه، فعظُم قدرُه عندي، إذ لم أرَ له وليّاً ولا عدوّاً إلّا وهو يُحسن القول فيه والثناء عليه»[4].

شهادته (عليه السلام)
ولعلّ أبرز مظاهر التبجيل والتعظيم التي تعبّر عن مكانة الإمام (عليه السلام) عند سائر الناس، هو ازدحام الناس على جنازته، إلى حدِّ وصفِ بعض الرواة لذلك بالقيامة، فقد قال أحمد بن عبيد الله بن خاقان في حديثه الذي قدّمناه: «لمّا ذاع خبر وفاته، صارت سُرَّ من رأى ضجّةً واحدة (مات ابن الرضا!)، وعُطّلت الأسواق، وركب بنو هاشم والقوّاد والكتّاب وسائر الناس إلى جنازته، فكانت سُرَّ من رأى يومئذٍ شبيهاً بالقيامة»[5].

وكما يذكر الرواة، فقد تقدّم جعفر الكذّاب ليصلّي على أخيه، فلمّا همّ بالتكبير، خرج صبيٌّ، فجذبه برداءه، ونحّاه قائلاً: «تأخر يا عمّ، أنا أحقّ بالصلاة على أبي»؛ فتأخّر جعفر، وقد اربدّ وجهه واصفرّ. فتقدّم الصبيّ، وصلّى عليه، ودُفن إلى جانب قبر أبيه[6].


[1] الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه)، إنسان بعمر 250 سنة، ص449.
[2]  الشيخ الحرّانيّ، تحف العقول عن آل الرسول (ص)، ص487 – 488.
[3]  الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ص479.
[4]  الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج1، ص503 - 504.
[5]  المصدر نفسه، ج1، ص505.
[6]  الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ص475.

06-10-2022 | 10-24 د | 636 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net