الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات
صلح الحديبية
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

صلح الحديبية

عن الإمام الصادق عليه السلام: إن الله عز وجل أرى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في النوم انه دخل بأصحابه المسجد الحرام مع الداخلين, وطاف مع الطائفين وحلق مع المحلقين, وكان ذلك أمرا له بذلك.

فاخبر أصحابه بذلك وأمرهم فخرجوا وكانت قد عززت الأحداث والمعارك التي وقعت بين رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأعداء الإسلام من المشركين واليهود موقف المسلمين, وغرست هيبتهم في النفوس, فقرر الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يسير بأصحابه إلى مكة ليزور البيت الحرام ويعتمر بعد أن رأى في المنام انه يدخله هو وأصحابه آمنين من غير قتال كما يشير قوله تعالى: "لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا".

توجه الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم ومعه ما يقرب من ألف وأربع مائة من المهاجرين والأنصار نحو مكة يوم الاثنين لهلال ذي القعدة في السنة السادسة من الهجرة,وهم يحملون السلاح, وقد ساقوا معهم سبعين بدنة هديا لتنحر في مكة.

تناهى الخبر إلى قريش ففزعت وظنت أن محمدا صلّى الله عليه وآله وسلّم يريد الهجوم عليها, فراحت تتدارس الموقف وتجهز نفسها لصد المسلمين وأرسلت سرية بقيادة خالد بن الوليد كمقدمة لجيشها, فبلغ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم خبر قريش واستعدادها لقتاله, ولكي يتجنب المواجهة – حيث لم يكن هدفه الحرب – غير مسيره وسلك طريقا غير الطريق الذي سلكته قريش, حتى استقر في وادي الحديبية(وهو مكان بعيد عن مكة حوالي عشرين كيلو متر), فشكا أصحابه جفاف الوادي وانعدام الماء فها, فأجرى الله سبحانه معجزة خالدة على يده المباركة, تجلت عندما توضأ صلّى الله عليه وآله وسلّم وألقى ماء المضمضة في البئر التي كان قد نضب ماؤها, فانفجر الماء وارتوى الجمع.

بعدما حط جيش المسلمين في الحديبية بدأت رحلة التفاوض بين النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وقريش, فبعثت قريش عدة مندوبين على التوالي للتفاوض مع الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم واستيضاح أهدافه, فابلغهم النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بجواب واحد: "إنا لم نجيء لقتال ولكنا جئنا معتمرين". ولكن قريشا لم تقتنع بذلك واتهمت بعض مبعوثيها بالجبن والكذب, فقرر النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يبعث من جهته سفيرا إلى قريش ليوضح لها الهدف الذي جاء المسلمون من اجله, فاختار خراش بن أمية من خزاعة لأداء المهمة, إلا أن خراشا ما أن بلغ مكة حتى عقروا بعيره وأرادوا الفتك به لولا أن منعته الأحابيش, فرجع إلى معسكر النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم واخبره بما جرى معه.

لم ييأس رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم رغم التصلب الذي أبدته قيادة قريش ضد محاولاته السلمية, فأرسل عثمان بن عفان إلى مكة فاعتقلته قريش ثلاثة أيام حتى ظن المسلمون انه قتل.

لم يجد النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بدا من التهيؤ للقتال. بعد أن فشل كل محاولاته الودية لدخول مكة. وبعد الموقف السيئ الذي وقفته قريش من سفرائه إليها, فدعا الناس إلى البيعة على الصمود بوجه قريش, فانهال عليه المسلمون يبايعونه وهو واقف تحت شجرة سميت فيما بعد شجرة الرضوان نسبة إلى البيعة التي تمت تحتها.

تخوفت قريش من استعداد المسلمين للقتال ومبايعتهم الرسول على الصمود بعدما بلغتهم إنباء بيعة الرضوان, فقررت استئناف المفاوضات, وأرسلت سهيل بن عمرو سفيرا إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم, وكلفته أن يسعى لمصالحة محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم, وعندما وصل سهيل إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال:"إن قومك يناشدونك الله والرحمة أن تدخل عليهم بلادهم بغير إذنهم وتقطع أرحامهم وتجرئ عليهم عدوهم". فأجابه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى ذلك, وقال له سهيل:"وترد إلينا كل من جاءك من رجالنا, ونرد إليك كل من جاءنا من رجالك؟ " فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: من جاءكم من رجالنا فلا حاجة لنا فيه, ولكن: على أن المسلمين بمكة لا يؤذون في إظهارهم الإسلام, ولا يكرهون ولا ينكر عليهم شيء يفعلونه من شرائع الإسلام, فقبل سهيل ذلك, ورجع إلى قريش فأخبرهم بالصلح.

ورجع سهيل إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وقال:"يا محمد, قد أجابت قريش إلى ما اشترطت... ثم قال: يا أبا القاسم, إن مكة حرمنا وعزنا, وقد شايعت العرب بك انك قد غزوتنا, ومتى تدخل علينا مكة عنوة تطمع فينا فتنخطف وإنا نذكرك الرحم, فان مكة بغيتك التي تفلقت عن رأسك".

فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: فما تريد؟
قال: أريد أن اكتب بيني وبينك هدنة على أن أخليها لك في قابل, فتدخلها, ولا تدخلها بخوف ولا فزع ولا سلاح إلا سلاح الراكب, القسي والسيوف في القراب.
فأجابه النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى ذلك.

بنود صلح الحديبية:

دعا النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم الإمام علي عليه السلام فكتب الوثيقة, ومما جاء فيها:

محمد بن عبد الله والملأ من قريش وسهيل بن عمرو, اصطلحوا على:
وضع الحرب بينهم عشر سنين على أن يكف بعض عن بعض, وعلى انه لا اسلال ولا أغلال, وان بينهم غيبة مكفوفة, وانه من أحب أن يدخل في عهد محمد وعقده فعل, وان من أحب أن يدخل في عهد قريش وعقدها فعل, وانه من أتى من قريش إلى أصحاب محمد بغير إذن وليه يردوه إليه, وانه من أتى قريشا من أصحاب محمد لم يردوه إليه.

وان يكون الإسلام ظاهر بمكة, لا يكره احد على دينه ولا يؤذى ولا يعير, وان محمدا يرجع عنهم عامه هذا وأصحابه, ثم يدخل في العام القابل مكة فيقيم فيها ثلاثة أيام ولا يدخل عليها بسلاح إلا سلاح الراكب أو سلاح المسافر: والسيوف في القرب.

نتائج صلح الحديبية:

لقد كانت هذه المعاهدة من الأحداث السياسية الهامة في تاريخ الإسلام التي مهدت لنتائج عقائدية وعسكرية وسياسية كبرى في مصلحة الإسلام والمسلمين وجعلت انتصار الإسلام أمرا محسوما وحتميا, ومن نتائجها:

1- إن الهجمات والمؤامرات المتوالية التي قامت بها قريش على امتداد السنوات الست الماضية ضد الإسلام ودولته الفتية لم تترك للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فرصة لنشر الإسلام على نطاق واسع في شبه الجزيرة وخارجها, فقد كان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يصرف معظم أوقاته في الدفاع عن الإسلام, ولكن بعد صلح الحديبية وتجميد الصراع مع قريش, عاشت المنطقة فترة من الهدوء والاستقرار أتاحت للرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم القيام بنشاط تبليغي واسع في المناطق كافة, فقد نشط منذ أواخر السنة السادسة, وحتى فتح مكة, في توجيه سفرائه إلى كبار أمراء العرب المشركين وزعمائهم, يدعوهم إلى الإسلام, في نفس الفترة التي كان قد وجه فيها سفراءه ومبعوثيه إلى أباطرة العالم وملوكه يعرض عليهم الدعوة التي بعث بها إلى الناس جميعا.

2- أزال صلح الحديبية الموانع المادية والنفسية التي كانت قد وضعتها قريش بين الناس وبين الإسلام, وسمح لمختلف القبائل المشركة المنتشرة في الجزيرة الاتصال بالمسلمين والتعرف عن قرب على مبادئ الإسلام ومفاهيمه وأحكامه, بعد أن منح الصلح تلك القبائل الحرية المطلقة في أن تختار المعسكر التي تراه مناسبا لتدخل في دينه أو في تحالف معه, كما فتح الصلح المجال أمام المسلمين لينطلقوا بحرية في الدعوة إلى الإسلام داخل مكة وخارجها, فدخل الكثير من الناس في الإسلام, بل لقد دخل فيه خلال سنتين أكثر مما دخل فيه على امتداد السنوات الماضية, بدليل أن الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم خرج إلى الحديبية في ألف وأربع مائة, بينما خرج في فتح مكة بعد سنتين على رأس عشرة آلاف مقاتل.

3- فسح الاتفاق المجال أمام خزاعة للانضمام إلى معسكر المسلمين, وكان انضمامها إلى معسكر الإسلام نصرا كبيرا للرسول وللإسلام والمسلمين, وذلك لأن جزءا كبيرا من الاحابيش الذين كانت قريش تعتمد عليهم في حروبها ويعدون من بطونها قد انضم إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وأصبح إلى جانبه, وبذلك اضعف مركز قريش الحربي, ومهد بهذا لفتح مكة والقضاء على قاعدة الوثنية في المنطقة.

4- أتاح صلح الحديبية فرصة للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ليخوض بهدوء صراعا ضد القوى الأخرى المضادة للإسلام كاليهود الذين تم القضاء عليهم في خيبر والمواقع المجاورة له, والبيزنطيين وحلفائهم العرب الذين ازداد تكالبهم في الجهات الشمالية بازدياد نشاط الإسلام هناك فضلا عن التجمعات القبلية البدوية المشركة المنتشرة في الصحراء والتي كانت تنتظر الفرصة لإنزال الضربات بالمسلمين.

09-10-2010 | 11-48 د | 1657 قراءة

الإسم
البريد
عنوان التعليق
التعليق
لوحة المفاتيح العربية
رمز التأكيد


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net