الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات

العدد 1364 - 15 ذو القعدة 1440 هـ - الموافق 18 تموز 2019م
المؤمن من أمِنَهُ الناس

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

محاور الخطبة
- صفات المجتمع الإسلاميّ
- حرمة المؤمن
- أذيّة المؤمن وقبحها بعين الله
- الأذيّة المعنويّة والجسديّة
- أذيّة المؤمن أذيّة لرسول الله (صلّى الله عليه وآله)
- من مصاديق أذيّة المؤمن

مطلع الخطبة
الصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين.
عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: "ألا أنبّئكم لِمَ سُمّي المؤمن مؤمناً؟ لائتمان الناس إيّاه على أنفسهم وأموالهم، ألا أنبّئكم مَنِ المسلم؟ المسلم من سلم الناس من يده ولسانه، ألا أنبّئكم بالمهاجر؟ من هجر السيّئات وما حرّم -عزّ وجلّ-"[1].

أيّها الأحبّة،
إنّنا، ومن خلال هذا الحديث المتقدّم، ندرك أنّ مفهوم الإيمان، ليس مجرّد اعتقاد في القلب، كما يحسب بعض الناس، إنّما هو اعتقاد وعمل يتجسّدان في سلوك الإنسان وأفعاله، سواء أكان في علاقته مع الباري -سبحانه وتعالى- أم في علاقته بعباد الله وخلقه.

وإنّنا نجد في الإسلام كمًّا كبيراً من المفردات التي تنبِئنا عن شخصيّة الإنسان المؤمن والملتزم بدين الله، والملتزم بالمبادئ الإنسانيّة، التي يحبّها الله ويرضاها.

صفات المجتمع الإسلاميّ
لنلقِ نظرةً على الصفات والمفاهيم الأساسيّة التي دعا إليها الإسلام، والتي ينبغي أن يتّصف بها أفراد المجتمع الإسلاميّ عامّة. وسوف نشير إلى ثلاثةٍ من تلك الصفات، وهي:

1- التراحم فيما بينهم: قال -سبحانه وتعالى- في محكم كتابه: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُم} [2].

2- التكاتف والتعاضد: كما عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: "مَثَل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم كمَثَل الجسد؛ إذا اشتكى بعضه تداعى سائره بالسهر والحمّى"[3].
ورُوي عن أبي إسماعيل قال: قلت لأبي جعفر الكاظم (عليه السلام): جُعلت فداك! إنّ الشيعة عندنا كثير.
فقال (عليه السلام): "فهل يعطف الغنيّ على الفقير؟ وهل يتجاوز المحسن عن المسيء، ويتواسون؟".
فقلت: لا.
فقال (عليه السلام): "ليس هؤلاء شيعة، الشيعة من يفعل هذا"[4].

3- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: كما في قوله -تعالى-: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}[5].

فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من قبل المؤمنين بعضهم لبعض، هما شكل آخر من أشكال الحرص والاهتمام الذي ينبغي أن يتحلَّوا به، حفظاً لدينهم وبيئتهم وتماسكهم.

وإن دلّ هذا على شيء، فإنّما يدلّ على حرص هذا الدين القويم في أن يعيش المؤمنون فيما بينهم حياة الأمن والسلام والطمأنينة؛ ذلك أنّ السلام والأمن مدعاة للتقدّم والارتقاء في سلّم الحياة الدنيا والحياة الآخرة على حدّ سواء.

ماذا تعني لنا هذه التوصيفات؟
إنّ هذه التوصيفات لمجتمع المؤمنين يدلّنا بشكل مباشر على أنّ أفراد هذا المجتمع ينبغي أن يتحلَّوا بتقوى الله فيما بينهم، فلا يكونوا مصدر أذيّة وسوء لبعضهم بعضاً.

حرمة المؤمن
وفي سياق بيان أوصاف المجتمع المسلم، فإنّه لا بدّ من التعرّض لمكانة الإنسان المؤمن عند الله -تعالى-، فإنّ له حرمةً تعلو -كما في بعض الأحاديث- حتّى على حرمة الكعبة المطهَّرة، كما رُوي ذلك في حديث عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه نظر إلى الكعبة مرّةً، فقال: "مرحباً بالبيت، ما أعظمك وأعظم حرمتك على الله! واللهِ، لَلمؤمن أعظم حرمةً منك"[6].

بل هو أعظم من الملائكة حرمةً، كما ورد عنه (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: "مَثَل المؤمن كمَثَل ملك مقرَّب، وإنّ المؤمن أعظم حرمةً عند الله من ملك مقرَّب"[7].

أذيّة المؤمن وقبحها بعين الله
أيّها الأحبّة،
إذا كان للمؤمن هذه الكرامة بعين الله -تعالى-، فإنّ أذيّته في المقابل ستكون شديدة القبح بعينه هو -سبحانه-، وبعين رسوله الأكرم (صلّى الله عليه وآله)، فعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: "قال الله -عزَّ وجلَّ-: لِيأذن بحرب منّي من آذى عبدي المؤمن، وليأمن غضبي من أكرم عبدي المؤمن...ِ[8].

وعنه (عليه السلام) أيضاً أنّه قال: "إذا كان يوم القيامة، نادى منادٍ: أين الصدود لأوليائي؟ فيقوم قوم ليس على وجوههم لحم، فيُقال: هؤلاء الذين آذوا المؤمنين، ونصبوا لهم، وعاندوهم، وعنّفوهم في دينهم، ثمّ يُؤمر بهم إلى جهنّم"[9].

أذيّة المؤمن أذيّة لرسول الله (صلّى الله عليه وآله):
وإنّ أذيّة المؤمن تساوق أذيّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وهو القائل -كما ورد عنه (صلّى الله عليه وآله)-: "من آذى مؤمناً فقد آذاني"[10].

الأذيّة المعنويّة والجسديّة
أيّها الأحبّة،
يحسب بعض الناس أنّ الأذيّة تتمثّل بالأمور المادّيّة أو الجسديّة فحسب، وإنّ هذا لمن الأخطاء الجسيمة التي يقع فيها الكثيرون الذين ينظرون إلى الأمور نظرة سطحيّة؛ ذلك أنّ أذيّة الروح والنفس، في كثير من الأحيان تكون أشدّ قبحاً وتأثيراً على الإنسان، كالاستهزاء والسخرية والشتم وغير ذلك من مصاديق الأذيّة المعنويّة.

وقد راعى الإسلام في إرشاداته التربويّة هذا الجانب بشكل كبير؛ لما له من آثار مدمِّرة على صعيد الشخصيّة الإنسانيّة، سواء أكان على المدى القريب أم على المدى البعيد.

فكم من كلمة سيّئة تقع في قلب الإنسان كأشدّ من السيف، حتّى كأنّها تركُز في ذهنه طوال حياته، فتجعله في حالة من الحزن؟!

ومن هذا المنطلق، فقد حرّم الله -تعالى- تلك المفردات القبيحة، التي يطلقها صاحب اللسان السليط، من بذاءة وفحش وإهانة.

من مصاديق أذيّة المؤمن
إنّ للأذيّة أشكالاً مختلفةً ومتنوعةً، تبدأ بالنظرة، لتنتهي بإطلاق النار وسفك الدماء، وإليكم بعضاً من أشكال ومصاديق الأذيّة التي لا يتنبّه إليها كثيرون، وهم يقدمون عليها دون تقوى الله في عباده المؤمنين:

1- النظرة المخيفة: عن الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه قال: "من نظر إلى مؤمن نظرةً ليخيفه بها، أخافه الله -عزّ وجلّ- يوم لا ظلّ إلا ظلّه"[11].

2-  المشاركة في أذيّة المؤمن بالكلمة: عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: "من أعان على مؤمن بشطر كلمة، لقي الله -عزّ وجل- يوم القيامة مكتوب بين عينيه: "آيسٌ من رحمتي""[12].

3- الضرب: عن الإمام عليّ (عليه السلام) أنّه قال: "من ضرب رجلاً سوطاً ظلماً، ضربه الله -تبارك وتعالى- بسوط من نار"[13].

4- إشهار السلاح: عن الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه قال: "من أشار إلى أخيه المسلم بسلاحه، لعنته الملائكة حتّى ينحّيه عنه"[14].

وإنّ في هذا الحديث إشارةً هامّةً، إلى أنّ شهر السلاح ولو كان على سبيل المزاح، فإنّه مع احتمال إخافة المؤمن، فهو محرّم شرعاً.

ورُوي أيضاً في هذا السياق عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنّه قال: "من شهر السلاح في مصر من الأمصار فعقر، اقتصّ منه ونُفي من تلك البلد. ومن شهر السلاح في غير الأمصار، وضرب وعقر وأخذ الأموال ولم يَقتُل، فهو محارِب، وجزاؤه جزاء المحارب، وأمره إلى الإمام، إن شاء قتله، وإن شاء صلبه، وإن شاء قطع يده ورجله. وإن ضرب وقتل وأخذ المال، فعلى الإمام أن يقطع يده اليمنى بالسرقة، ثمّ يدفعه إلى أولياء المقتول فَيَتْبَعُونَه بالمال، ثمّ يقتلونه"[15].

5- إطلاق النار: إنّها لطامّة كبرى، فما زال بعض الناس في مجتمعاتنا يطلقون النار دون وجه حقّ ودون وجه شرعيّ.

كما أولئك الذين يطلقون النار ابتهاجاً بنجاح أو فوز أو فرح أو حزن! فإنّ هذا الفعل لا يجوز شرعاً، ولا يتناغم مع شخصيّة الإنسان المؤمن والتقيّ؛ ذلك أنّ فيه أذيّة للناس، حيث يؤدّي إلى قتل أناس أبرياء لا شأن لهم بفرح هذا أو حزن ذاك، بل إنّه أيضاً ولو لم يؤدِّ إلى القتل، فإنّه يكفي في حرمته أنّه مصدر إزعاج للآخرين، إضافةً إلى كونه هدراً للمال.
 
[1] الشيخ الصدوق، صفات الشيعة، ص31.
[2] سورة الفتح، الآية 29.
[3] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج58، ص150.
[4] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج2، ص 173.
[5] سورة آل عمران، الآية 110.
[6] الفتّال النيسابوريّ، روضة الواعظين، ص293.
[7] المصدر نفسه.
[8] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج2، ص350.
[9] المصدر نفسه، ص351.
[10] الفتال النيسابوريّ، روضة الواعظين، ص293.
[11] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج2، ص 368.
[12] المصدر نفسه.
[13] القاضي النعمان المغربيّ، دعائم الإسلام، ج 2، ص 541.
[14] الطبرسيّ، مستدرك الوسائل، ج 9، ص 148.
[15] الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج 7، ص 248.

18-07-2019 | 13-29 د | 1337 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net