الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات
البناء النفسي والطمأنينة
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

إنَّ لكلِّ عقيدة أثرا في نفس صاحبها، يدفعه إلى نوع من الأعمال والتصرفات، ولقد كانت لعقيدة الإيمان باللّه في المسلمين آثار في النفس عميقة، كان لها نتائجها العملية في الحياة العامة، يمكن الإشارة إليها - إجمالاً - في النقاط التالية:
 
إنّ الإنسان المتدين يجد في العقيدة اطمئنانا على الرغم من عواصف الأحداث من حوله، فهي تدفع عنه القلق والتوتر، وتخلق له أجواء نفسية مفعمة بالطمأنينة والأمل، حتى ولو كان يعيش في بيئة غير مستقرة أو خطرة.

وتاريخ الإسلام يحدثنا بما لا يحصى من مصاديق ذلك، فعلى الرغم من ان المسلمين الأوائل كانوا يعيشون ظروفا صعبة، حيثُ الحروب المتوالية التي أثارتها قريش وحلفاؤها، وما صاحبها من مقاطعة اقتصادية وعزلة اجتماعية وضغوط نفسية، إلاّ أنّهم كانوا يتمتعون بمعنوية عالية، ويندفعون للقتال بنفس مطمئنة إلى ثواب اللّه ورحمته.

عن أنس أنّ رسول اللّه (ص) قال يوم بدر: «قوموا إلى جنّة عرضها السّماوات والأرض، فقال عمير بن الحمام الأنصاري: يا رسول اللّه، جنّة عرضها السّماوات والأرض؟! قال: نعم، قال: بخ بخ! لا واللّه يا رسول اللّه، لا بدَّ أن أكون من أهلها، قال: فإنّك من أهلها»، فأخرج تميرات من قرنه فجعل يأكل منهنَّ، ثم قال: لئن حييت حتّى آكل تمراتي هذه إنّها حياة طويلة، فرمى بما كان معه من التمر، ثمّ قاتل حتى قتل[1].

فالبيئة التي يتواجد فيها هذا المجاهد كانت خطرة، فهو يعيش أجواء حرب بدر، ولكن بيئته النفسية كانت سعيدة، حيثُ يأمل العيش في جنّة عرضها السماوات والأرض فالمسلم بفضل عقيدة الإيمان باللّه تعالى يشعر بالرضا والاطمئنان بما يقع في محيطه من أحداث، ويوطّن نفسه على قضاء اللّه وقدره، فالمصيبة التي تصيبه في حاضره، قد تتحول إلى بَرَكة، والقرآن الكريم يُنمّي هذا الاحساس في نفس المؤمن قال تعالى: (..وعَسى أن تكرهُوا شيئا وهو خيرٌ لكُم وعسى أن تُحبُّوا شيئا وهو شرٌّ لكُم واللّه يعلمُ وأنتم لا تعلمونَ)[2].
 
وأحاديث أهل البيت: تعمّق هذا الشعور في نفوس المسلمين، فقد بعث أمير المؤمنين (ع) كتابا إلى ابن عباس، وكان ابن عباس يقول: ما انتفعت بكلام بعد كلام رسول اللّه (ص) كانتفاعي بهذا الكلام: «أمّا بعد، فإنّ المرء قد يسرّه درك ما لم يكن ليفوته، ويسوءه فوت ما لم يكن ليدركه، فليكن سرورك بما نلت من آخرتك، وليكن أسفك على ما فاتك منها»[3].
 
صحيح أنّ الإنسان العادي بطبعه يمتلكه اليأس والقنوط عند المصائب، كما أشار القرآن صراحة لذلك بقوله: (...وإن مسَّهُ الشرُّ فيئُوسٌ قنُوطٌ )[4].. (ولئن أذقنا الإنسانَ مِنَّا رحمةً ثمَّ نزعناها منهُ إنَّهُ ليئوسٌ كفورٌ)[5]، ولكن الإنسان المؤمن المتسلح بالعقيدة وقور عند الشدائد، صبور عند النوازل، لا يتسرب الشك إلى نفسه: (..لا ييئسُ من رَوحِ اللّه إلاّ القومُ الكافِرُونَ)[6].

يصف مولى الموحدين (ع) أولياء اللّه فيقول: «..وإن صُبّت عليهم المصائب لجؤوا إلى الاستجارة بك، علما بأنّ أزمّة الاُمور بيدك، ومصادرها عن قضائك»[7].

والملاحظ أنّه في الوقت الذي يركّز فيه أمير المؤمنين (ع) في توصياته على عدم اليأس من رَوح اللّه، فإنّه يؤكد في تعاليمه التربوية العالية على اليأس عما في أيدي الناس، لكي يكون الإنسان متكلاً على ربِّه، ولا يكون كلاًّ على غيره، يقول (ع): «الغنى الأكبر اليأس عمّا في أيدي الناس»[8].
 
* الأستاذ عباس ذهبيات - بتصرف


[1] السيرة النبوية، لابي الفداء 2: 420 ـ دار الرائد العربي ط3.
[2] البقرة 2: 216.
[3] نهج البلاغة، صبحي الصالح: 378 ـ كتاب 22.
[4] فصلت 41: 49.
[5] هود 11: 9.
[6] يوسف 12: 87.
[7] نهج البلاغة، صبحي الصالح: 349.
[8] نهج البلاغة، صبحي الصالح: 534.

24-01-2017 | 12-56 د | 2076 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net