الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات

العدد 1232 - 06 ربيع الثاني 1438 هـ - الموافق 05 كانون الثاني 2017م
صلاة الليل وصية الإمام العسكري (عليه السلام)

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

تصدير:
في وصية الإمام أبي محمد الحسن بن علي العسكري إلى شيعته وأصحابه أرسلها إلى علي بن بابويه والد الشيخ الصدوق جاء فيها: "... وعليك بصلاة الليل فإن النبي (صلى الله عليه وآله) أوصى علياً (عليه السلام) فقال: "يا علي عليك بصلاة الليل، عليك بصلاة الليل، عليك بصلاة الليل" ومن استخف بصلاة الليل فليس منا، فاعمل بوصيتي وآمر جميع شيعتي بما أمرتك به...".[1]
 
المحاور:
- الأولوية للواجبات
- أهمية النوافل
- صلاة الليل وأهميتها
- صلاة الليل والوصول إلى الله
- خاتمة: لماذا لا نوفق لصلاة الليل؟
 
مقدمة: الأولوية للواجبات:
مما لا شك فيه أن أفضل ما يتقرب به العبد إلى ربه هي الفرائض والواجبات ولذا فقد جاء في المأثور عن أهل بيت العصمة ما يدل على ذلك بل ما صريحه ذلك، ففي رواية عن حماد بن بشير قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: "قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله عز وجل: ... وما يتقرب إلي عبد بشيء أحب إلي مما افترضت عليه..".[2]

وهذا يعني أن  الإنسان عليه دائماً أن يجعل الأولوية للواجبات فيقدمها على كل شيء بل عليه أن لا يجعل شيئاً يزاحمها أو يضعف مقربيتها من الله من الأمور التي تفقد الخشوع أو تشوش الذهن أو تضيق وقتها أو غير ذلك. وهذه المعاني مستفادة من الأحاديث المروية عن أهل بيت النبوة ومنها: "لا قربة بالنوافل إذا أضرت بالفرائض".[3] ومثلها غيرها.

صحيح أن بعض علمائنا حمل إضرار النوافل بالفرائض على نوع الضرر المؤدي إلى فوت الفرائض. إلا أن معنى الإضرار أعم بما يشمل كل ما له مدخلية في صحتها ومقبوليتها ودرجة مقربيتها التي هي محل الرواية الآنفة.
 
أهمية النوافل:
لقد تقرر مما سلف أن الواجب من الطاعات سواء كانت صلاة، أو صوماً، أو زكاة أو أذكاراً مقدم رتبة وأهمية على المستحب منها.

ولكن الله بفضله وكرمه وعظيم نعمه وجم ألطافه فتح للسالكين إليه أبواباً تفضي إلى الوصول إلى الغايات، وأعظمها الوصول إليه وهو كما قال الإمام علي (عليه السلام) في دعاء كميل: "غاية آمال العارفين".

وجعل سبلاً أقصر ومراكب أسرع توصل إلى الكرامات والمقامات، وهذه السبل والطرق والوسائل هي المستحبات، التي جوزتها الشريعة الغراء بعد إتمام الفرائض لكن مع ذلك فهي على درجة عالية بل عظمى من الأهمية لإيجابها القرب منه تعالى والحصول على محبته. من هنا جاء في الحديث القدسي: "... وإنه ليتقرب إلي بالنافلة حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ولسانه الذي ينطق به ويده التي يبطش بها، إن دعاني أجبته وإن سألني أعطيته،...".[4]

فالنوافل على هذا الحديث توجب المحبة من الله والعناية منه والرعاية حيث عبرت بما يعني ذلك من تولي الله تعالى شؤون العبد المتقرب بالنوافل سواء ما يحتاج منها إلى سمع أو بصر أو لسان أو يد أو رجل. وليتأمل أحدنا ما هي المصالح التي تستطيعها القدرة الإلهية والعناية الربانية في نواحي وجود الإنسان أمام ما يستطيعه الإنسان ويقدر عليه من ذلك كله ولو اجتمع معه الخلق أجمعين.
 
صلاة الليل وأهميتها:
إن المؤكد عند اهل البصائر ومن كان له قلب بل من المتيقن لديهم ان الناس الضعفاء غير قادرين على إستكشاف حقيقة العبادات وآثارها وثوابها بل حتى فضلها وأهميتها ولذا فهم مضطرون أن يردوا مناهل العلوم الربانية من ذوي البيوت التي أذن لها أن ترفع ويذكر فيها اسمه ويشرق منها نوره، وهم الأنبياء والأولياء. فهذا الإمام الصادق (عليه السلام) يحدثنا عن أهمية فضل صلاة الليل قائلاً: "ما من عمل حسن يعمله العبد إلا وله ثواب في القرآن إلا صلاة الليل فإن الله عز وجل لم يبين ثوابها لعظيم خطره عنده فقال جل ذكره: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ* فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[5].[6]

ومن الأمور التي تظهر أهمية صلاة الليل أنها تكليف إلهي خص الله بها رسوله (صلى الله عليه وآله) قائلاً له: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودً[7].

فهي وصية الله لرسوله كلفه بها ووعده عليها المقام المحمود، خصه بها وهو أحب الخلق إليه وأكملهم معرفة وطاعة وعبادة وأقربهم منزلة ومقاماً والأعلى درجة ولأن الرسول محمداً (صلى الله عليه وآله) هو أفضل من يقوم بهذ التكليف ولذا كان يقوم به حتى تتورم قدماه.

وجعل المولى خطابه علناً في كتابه المنزل إلى خلقه ليكون الخطاب أولاً له (صلى الله عليه وآله) لأنه أفضل من يقوم بأداء هذه العبادة وللمخاطبين بالقرآن بالتبع أو على طريقة : "إياك أعني واسمعي يا جارة".

ومن ما يلفت ولعله يكون منهجاً لما انكشف آنفاً أن النبي (صلى الله عليه وآله) خص أحب الناس إليه وإلى الله بعده (صلى الله عليه وآله) وهو الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) فأوصاه بصلاة الليل وكرر عبارة: "وعليك بصلاة الليل" ثلاثاً كما جاء في وصية الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) ثم إن الإمام العسكري (عليه السلام) خص بها خيرة أصحابه وشيعته بها فقال في وصيته لعلي بن بابويه القمي والد الشيخ الصدوق وذكر في الوصية بصلاة الليل لشيعته بوصية رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي بها.

فالله أوصى أخص خلقه وأحبهم عنده بصلاة الليل وإمامنا العسكري خصنا بالوصية بصلاة الليل  لعله لنكون أخص الناس عند أئمتنا وأحبهم عند الله.
 
صلاة الليل والوصول إلى الله:
سبقت الإشارة إلى أن غاية الغايات هي الوصول إلى الله تعالى وصلاة الليل من أهم وسائل الوصول إليه تعالى ولذا فقد جاء عن الإمام العسكري (عليه السلام) في ذلك قوله: "إن الوصول إلى الله – عز وجل- سفر لا يدرك إلا بامتطاء الليل..".[8]

فالإمام العسكري (عليه السلام) يكشف عن حقيقة العبادات والنوافل خصوصاً وصلاة الليل بالتحديد، إذ إن التقرب إلى الله يكون سفراً، لكن الفارق أن السفر المادي للجسد المادي يقطع فيه الإنسان المسافات المادية وله دابته المادية التي تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة، ولكن التقرب إلى الله هو سفر معنوي وروحي والمسافات المقطوعة معنوية وروحية ودابة السفر التي تناسب ذلك هي النوافل ولا سيما صلاة الليل، وميزة صلاة الليل الواردة في الرواية أنها ليست دابة في الرحلة إلى الله بل هي دابة الوصول فيها إلى الغاية مضمون وقد عبر ذلك بحصر الوصول بها كأنها هي الوحيدة الموصلة إلى الله. ولكن مع صلاة الليل ثمة شروط أخرى منها الخشوع والإخلاص وعدم الرياء وهذا ما يلفت إليه الإمام السجاد (عليه السلام) إذ يقول في دعائه: "وأن الراحل إليك قريب المسافة وأنك لا تحتجب عن قلوب عارفيك إلا أن تحجبهم الآمال دونك".[9]
 
خاتمة: لماذا لا نوفق لصلاة الليل؟
عندما يسمع أحدنا بصلاة الليل واستحبابها، ويقرأ أو يسمع ما لها من بركات وثواب ودرجات يشتعل فيه الحماس للالتزام بها، إلا أنه قد يتوانى متصوراً أنها تحتاج مشقة لا يستطيع أن يتحملها، ولكن الله تعالى يعدنا باليسر في كل أمر لله ظاهره العسر والمشقة قائلاً ومؤكداً: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا* إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرً.[10]

فمن يستثقل قيامه بالليل، ويعز عليه هجران فراشه، وهنيء منامه ما عليه إلا أن يجرب وليشدد حزام الجد ويشحذ سيف الهمة ليطرد الكسل.

والأمر الآخر أن الحديث القائل عن أبي عبد الله(عليه السلام): "شرف المؤمن صلاته بالليل..."،[11] له مداليل أخرى منها أن ثمة أناساً يطردون من مقام الشرف هذا، فمن نهاره للمعصية والأذية واتباع الشياطين لا يتوقعن أن يكون ليله زمناً للتشرف بالاختلاء بالله تعالى.

ونختم بما جاء في رواية عن ذلك: جاء رجل إلى أمير المؤمنين فقال: "إني حرمت الصلاة بالليل؟ فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أنت رجل قيدتك ذنوبك".[12]


[1]  مستدرك الوسائل ج3 ص64.
[2] الكافي، الشيخ الكليني –ج2.
[3] وسائل الشيعة(آل البيت)، الحر العاملي،ج4.
[4]  الكافي (الكليني)، ج2، ص:357.
[5] سورة السجدة،  الآيتان :16- 17 .
[6] تفسير الصافي (الفيض الكاشاني) ج4 ص.165
[7]  سورة الإسراء، الآية : 79.
[8] بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج75، ص380.
[9]
[10] الشرح - الآية 5 - 6 
[11] الكافي، الكليني، ج3، ص:488.
[12] وسائل الشيعة(آل البيت) –الحر العاملي-ج8، ص161.

05-01-2017 | 12-16 د | 2388 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net