الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات

العدد 1177- 05 ربيع الأول 1437هـ - 17 كانون الأول 2015م
الإمام الحسن بن عليّ العسكريّ (عليه السلام)

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

الإمام الحسن بن عليّ العسكريّ (عليه السلام)
 
الهدف:
 التعرّف على الجهاد العلميّ للإمام وكيفية تصدّيه للحصار عليه.
 
المحاور الرئيسة:
- سيرة مشرقة
- الظروف السياسية في عصره (عليه السلام)
- الجهاد العلميّ للإمام العسكريّ(عليه السلام)
- شهادة الإمام العسكري (عليه السلام)
 
تصدير:
 روى محمّد بن القاسم أبو العيناء الهاشميّ مولى عبد الصمد ابن عليّ عتاقة قال: كنت أدخل على أبي محمد (عليه السلام) فأعطش وأنا عنده فأجلّه أن أدعو بالماء فيقول: يا غلام اسقه، وربّما حدّثت نفسي بالنهوض فأفكر في ذلك فيقول يا غلام دابته[1].
 
سيرة مشرقة

ولد الإمام الحسن بن عليّ العسكريّ(عليه السلام) في المدينة في الثامن من ربيع الآخر سنة 232. أبوه الإمام علي الهادي(عليه السلام)، ويقال له ولأبيه وجدّه(عليه السلام) ابن الرضا، ووالدته اسمها حُديث أو سليل، وكانت في غاية الصلاح والتقى، وكانت في بلدها في مصافّ الملوك. ويكفي في فضلها، أنّها كانت مفزعاً وملجأً للشيعة بعدة شهادة الإمام العسكريّ[2].

وكان من ألقابه: التقيّ، المرضيّ، النقيّ، الرفيق، الزكيّ، الصامت، الهادي، السراج، العسكريّ[3]، الخالص، وأما كنيته: فأبو محمّد.

وقد تسلّم الإمامة بعد شهادة أبيه الإمام الهادي(عليه السلام) في سنة 254هـ، إلى سنة 260هـ، فاستمرّت إمامته ست سنوات، وكان(عليه السلام) قبل شهادته قد أوصى إلى ابنه الإمام المهديّ(عج) بالإمامة من بعده.

وكانت شهادته يوم الجمعة الثامن من ربيع الأوّل سنة 260 وعمره 28 عاماً، ودفن مع أبيه الهادي (عليه السلام) في سامرّاء.
 
من مكارم أخلاقه وعبادته

لقد برز في حياة الإمام العسكريّ(عليه السلام) رغم المراقبة الشديدة والقاسية من قبل حكّام عصره خدمته للناس، واهتمامه بهم، كما في الرواية التي مرت في التصدير.

وكان الإمام(عليه السلام) كثير العبادة لله سبحانه وتعالى، يقوم الليل ويصوم النهار، وقد كان الإمام موضوعاً تحت المراقبة الشديدة، وقد تأثّر به الكثير من الناس. يروى أنّه دخل العبّاسيون على صالح بن وصيف عندما حبس أبا محمد(عليه السلام)، فقالوا له: ضيّق عليه ولا توسّع، فقال لهم صالح: ما أصنع به وقد وكّلت به رجلين شرّ من قدرت عليه، فقد صارا من العبادة والصلاة والصيام إلى أمر عظيم.
 
ثمّ أمر بإحضار الموكّلين، فقال لهما: ويحكما ما شأنكما في أمر هذا الرجل؟ فقالا: ما نقول في رجل يصوم النهار، ويقوم الليل كلّه لا يتكلّم ولا يتشاغل بغير العبادة، فإذا نظر إلينا ارتعدت فرائصنا وداخلنا ما لا نملكه من أنفسنا؟ فلمّا سمع ذلك العبّاسيّون انصرفوا خائبين[4].

وكان المعتمد يسأل عليّ بين جرين عن الإمام(عليه السلام) بشكل دائم، ويتقصّى أخباره، فكان يأتيه الجواب: "إنّه يصوم النهار، ويصلّي الليل"[5]. وكان كثير الوعظ والتذكير بالله سبحانه وتعالى، ومن مواعظه قوله: "أورع الناس من وقف عند الشبهة، أعبد الناس من أقام على الفرائض، أزهد الناس من ترك الحرام، أشدّ الناس اجتهاداً من ترك الذنوب"[6].
 
الظروف السياسية في عصره (عليه السلام)

واصل الإمام الحسن العسكريّ (عليه السلام) مهامّ الإمامة بعد والده الإمام الهادي (عليه السلام). وعاصر في فترة إمامته القصيرة (ست سنوات) حكومة ثلاثة حكّام من العباسيين هم المعتزّ والمهتدي والمعتمد. وكانت المعاناة مع الدولة العبّاسية ما زالت شديدة؛ ففي غضون حكم المعتزّ قُتل الكثير من الأبرياء وسُجن من العلويّين أكثر من سبعين شخصاً من آل جعفر وآل عقيل. وبعد المعتزّ تسلَّم المهتدي الخلافة، وسجن الإمام (عليه السلام)، بل وحتّى اتّخذ قراراً بقتله إلّا أنّ الأجل لم يمهله فمات.

وحدّث عليّ بن جعفر عن الحلبيّ: "اجتمعنا في العسكر وترصّدنا لأبي محمّد (عليه السلام) يوم ركوبه، فخرج توقيعه: "ألا لا يسلّمنّ عليّ أحد، ولا يُشر إليّ بيده، ولا يومئ، فإنّكم لا تؤمَنون على أنفسكم"[7].
 
يقول أحمد بن محمّد: "كتبت إلى أبي محمّد (الإمام العسكريّ) حين أخذ المهتدي في قتل الموالي: يا سيّدي الحمد لله الذي شغله عنّا، فقد بلغني أنّه يتهدّدك، ويقول والله لأجلينّهم عن جديد الأرض، فوقّع أبو محمّد (عليه السلام) بخطّه: "ذلك أقصر لعمره، عدّ من يومك هذا خمسة أيام ويُقتل في اليوم السادس بعد هوان واستخفاف يمرّ به"، فكان كما قال (عليه السلام)"[8].

ترصّد ظهور المهدي:  إنّ العباسيين وغيرهم كانوا يعلمون وطبقاً للروايات المتواترة أن المهديّ المنتظر الذي سيتحقّق على يديه العدل والحرية من جهة، ومن جهة أخرى سوف يبيد كلّ الحكومات الظالمة أنه من أبناء الحسن العسكريّ، ولهذا شدّدوا الرقابة على الإمام العسكريّ(عليه السلام) في كلّ صغيرة وكبيرة، فقد أخضعوه للمراقبة الشديدة، ووضعوه تحت أعينهم[9].    

وبعد خلافة المهتدي تسلَّم المعتزّ زمام السلطة، وفي عهده استشهد الإمام العسكريّ (عليه السلام)، وقُتِل مجموعة من العلويّين في هذه الأحداث. وتذكر بعض المصادر التاريخيّة أنّه قد تمّ قتل بعضهم بأفجع صورة وحتّى بعد القتل مثّلوا بأجسادهم[10].
 
الجهاد العلميّ للإمام العسكريّ(عليه السلام)

اتّسم عصر الإمام العسكريّ (عليه السلام) ومن قبله عصر الإمامين الهادي والرضا عليهما السلام باتّساع رقعة التشيّع، واتّضاح معالم المدرسة الشيعيّة. وراح الإمام العسكريّ يمارس نشاطاته السياسية والاجتماعية والعلمية للدفاع عن الإسلام ومواجهة الأفكار اللاإسلامية، ويمكن رصد نشاطات الإمام في:

1- التواصل بينه وبين شيعته
بعد اتّساع رقعة التشيّع في عهد الإمام العسكريّ(عليه السلام)، ووجود الشيعة بأكثر من بلد في العالم، كان لا بدّ من إيجاد وسيلة للتواصل فيما بينهم، وكان ذلك سبباً في إيجاد وسيلة للتواصل المنظّم تؤمّن اتّصال الشيعة بالإمامة من جهة، واتّصالهم ببعضهم بعضاً من جهة أخرى، ويتمّ من خلال ذلك توجيههم دينياً وسياسياً وتعبوياً، فقام الإمام(عليه السلام) بتعيين بعض الأشخاص في مناطق متعدّدة ليكونوا حلقة الوصل بين الإمام وشيعته وبين الشيعة أنفسهم، منها على سبيل المثال ما فعله مع إبراهيم بن عبده، حيث أرسل رسالة إلى عبد الله بن حمدويه البيهقي: "فقد نصبت لكم إبراهيم بن عبدة ليدفع النواحي وأهل ناحيتك حقوقي الواجبة عليكم إليه، وجعلته ثقتي وأميني عند مواليّ هناك، فليتقوا الله وليراقبوا، وليؤدّوا الحقوق، فليس لهم عذر في ترك ذلك، ولا تأخيره"[11].
 
2- النصّ على الإمام من بعده وتعريف شيعته به:
عن محمّد بن عبد الجبّار قال: قلت لسيّدي الحسن بن عليّ (عليه السلام): يا بن رسول الله، جعلني الله فداك، أحبّ أن أعلم من الإمام وحجّة الله على عباده من بعدك.
قال (عليه السلام): "إنّ الإمام من بعدي ابني، سَميّ رسول الله (ص) وكنيُّه، الّذي هو خاتم
 
 3. التأكيد على الصبر وانتظار الفرج:
إنّ انتظار فرج الإمام (عليه السلام) من العبادات بل من أفضل الأعمال كما في الأحاديث المباركة. فإنّ أوّل ما يتوجّب على الإنسان هو الصبر عند طول الغيبة. وما يؤكّد على ذلك الرسالة التي أرسلها الإمام (عليه السلام) إلى عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي، الّتي جاء فيها: "عليك بالصبر وانتظار الفرج"[12]، وهذا ما كان يؤكّده رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في أحاديثه، منها ما روي عنه (ص): "أفضل أعمال أمّتي انتظار الفرج من الله عزّ وجلّ"[13].
 
4. إرجاع الناس إلى الفقهاء والعلماء:
 الرجوع إلى الفقهاء الثقات حيث لا يمكن أو يتعسّر الرجوع إلى الإمام المعصوم، وقد أيّد الإمام العسكريّ (عليه السلام) جملة من الكتب الفقهية والأصول في عصره أو قبل عصره. وقد بلغ أسماء أصحاب الإمام (عليه السلام) ورواة حديثه 213 شخصاً، منهم:
1- أحمد بن إسحاق الأشعريّ القمّي: وهو من الأصحاب المقرّبين للإمام (عليه السلام)، ويعدّ كبير القمّيين وكان يحمل مسائل أهل قمّ إليه (عليه السلام).
2- أبو هاشم داود بن القاسم الجعفريّ: وهو من أحفاد جعفر الطيّار وكانت له منزلة رفيعة ومقام محمود عند الأئمّة (عليه السلام).
3- عبد الله بن جعفر الحميريّ: من أبرز رجال قمّ المقدّسة، له كتاب (قرب الإسناد).
4- أبو عمرو عثمان بن سعيد العمريّ: وهو النائب الأوّل للإمام القائم (عجّل الله تعالى فرجه الشريف). 
  
شهادة الإمام العسكريّ (عليه السلام)

قال أبو الأديان: "كنت أخدم الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام وأحمل كتبه إلى الأمصار فدخلت عليه في علّته التي توفّي فيها صلوات الله عليه فكتب معي كتباً وقال: امض بها إلى المدائن فإنّك ستغيب خمسة عشر يوماً وتدخل إلى سُرَّ مَنْ رأى يوم الخامس عشر وتسمع الواعية في داري وتجدني على المغتسل، قال أبو الأديان: فقلت: يا سيدي فإذا كان ذلك فمن؟ قال: من طالبك بجوابات كتبي فهو القائم من بعدي. فقلت: زدني، فقال: من يصلّي عليَّ فهو القائم بعدي".

فقلت: زدني، فقال: "من أخبر بما في الهميان فهو القائم بعدي".

ثمّ منعتني هيبته أن أسأله عمّا في الهميان.

وخرجت بالكتب إلى المدائن وأخذت جواباتها ودخلت سُرّ مَنْ رأى يوم الخامس عشر كما ذكر لي (عليه السلام) فإذا أنا بالواعية في داره وإذا به على المغتسل وإذا أنا بجعفر بن عليّ أخيه بباب الدار والشيعة من حوله يعزّونه ويهنّئونه فقلت في نفسي: إن يكن هذا الإمام فقد بطلت الإمامة،... تقدّم جعفر ليصلّي على أخيه فلمّا همّ بالتكبير خرج صبيّ بوجهه سمرة بشعره قطط بأسنانه تفليج فجذب برداء جعفر بن عليّ وقال: "تأخّر يا عمّ أنا أحقّ بالصلاة على أبي فتأخّر جعفر وقد اربدّ وجهه واصفرّ. فتقدّم الصبيّ وصلّى عليه ودُفن إلى جانب قبر أبيه، ثمّ قال: يا بصريّ هات جوابات الكتب التي معك فدفعتها إليه، فقلت في نفسي: هذه بيّنتان،... الخ"[14].


[1] الشيخ الكليني، الكافي، ج1، ص512.
[2] الشيخ عباس القمي، منتهى الأمال، ج2، ص649.
[4]  الكافي، ج1، ص512.
[5] السيد ابن طاووس، مهج الدعوات، ص275.
[6] ابن شعبة الحراني، تحف العقول، ص489.
[7] بحار الأنوار، ج 50، ص 269.
[8] المفيد، الإرشاد، ص324.
[9] ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، ج4، ص434.
[10] أبو الفرج الأصفهاني، مقاتل الطالبيين، ص 685- 690.
[11] الشيخ الطوسي، اختيار معرفة الرجال، ص580.
[12] ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، ج3، ص527.
[13] الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ص644.
[14] الشيخ الصدوق،كمال الدين وتمام النعمة، ج2، ص475.

17-12-2015 | 15-50 د | 2462 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net