الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مسؤولي البلاد وسفراء الدول الإسلاميّةكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في خطبتَي صلاة عيد الفطركلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء جمع من الطلّاب الجامعيّينكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في اللقاء الرمضانيّ مع مسؤولي البلادبِهذا جُمِعَ الخَيرُ

العدد 1612 07 شوال 1445 هـ - الموافق 16 نيسان 2024 م

لَا تُطَوِّلْ فِي الدُّنْيَا أَمَلَكَ

العامل الأساس للنصر مراقباتالأيّامُ كلُّها للقدسِسُلوك المؤمِن
من نحن

 
 

 

التصنيفات

العدد 1171- 22 محرم 1437هـ - 05 تشرين الثاني 2015م
الإمام زين العابدين(عليه السلام) استمرار العزة والافتخار الحسيني

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

الهدف:
التعرّف على جانب من جهاد الإمام زين العابدين(عليه السلام) في منهجه الروحي والعبادي.

محاور الموضوع
- جهاد الإمام السجّاد(عليه السلام) استمرار للنهج الحسيني
- دعاء أهل الثغور والتكامل مع خط الجهاد والشهادة
- الهدف الحقيقي لحركة الإمام (عليه السلام)
- تكامل دور الإمام السجّاد(عليه السلام) مع دور الإمام الحسين(عليه السلام)

تصدير:
روي عن الإمام الباقر (عليه السلام) واصفاً عبادة أبيه أنّه قال: «لم يذكر أبي نعمة لله إلاّ سجد، ولا قرأ آية فيها سجدة إلاّ سجد، ولا دفع الله عنه سوء إلاّ سجد، ولا فرغ من صلاة إلاّ سجد، ولا وفّق لإصلاح بين اثنين إلاّ سجد..»[1].

مقدمة
من الواضح والمتفق عليه تاريخياً أنّ ظاهرتي العبادة والدعاء من السمات البارزة في سلوك ومنهج الإمام السجّاد(عليه السلام)، وقد اختُلف في تفسير هذا المنهج؛ إذ اقتصر بعضهم على تفسيرهما بكونهما حالة من الاعتزال والانكسار النفسي الذي يحلُّ عادة بالمصدومين والمفجوعين بسبب هول الصدمة أو الفجيعة التي مرّوا بها أو مرّت بهم... بينما يفسّرها آخرون بأنّها نوع من العزاء والسلوى والتصوّف، حيث ينكفئ أصحابها على أنفسهم في طقوس خاصة وانزواء واعتكاف لا علاقة له بالناس والمجتمع وهمومهم وآلامهم... أو أنّ دعاء الإمام وعبادته لا يتعدّيان مناقبية مثالية عظيمة، وفضيلة وكرامة من فضائل وكرامات أهل هذا البيت الطاهر(عليه السلام).

 وبين هذين التفسيرين اللذين يمران على الأمور بظواهرها ولا يغوصان في أعماقها، يأتي التفسير الثالث الذي يؤكّد أنّ الإمام السجاد(عليه السلام) هو أكبر من المناقبية والفضيلة والكرامة، وإنّما العمل والجهاد والكفاح لمواصلة مشروع تغييري يكون أهل البيت (عليه السلام) أجدر الناس وأولاهم بتبنّيه وتنفيذه في ظلمة ذلك الواقع الفاسد...
 
جهاد الإمام السجّاد(عليه السلام) استمرار للنهج الحسيني:
إنّ الإمام زين العابدين (عليه السلام) وإن لم تتوفّر له إمكانات التضحية بالقتال إلى حدّ الشهادة، كما فعل أبوه الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء، لكنّه لم يفقد فرصة المقاومة من طريق هذه الحربة التي تنفذ إلى أعماق الوجدان، والقابلة للتغلغُل في أوساط المجتمع، والسارية مع كلّ نسيم، والممكنة في كلّ الظروف، المتمثّلة بالدعاء. إذ النطق بالدعاء وسيلة للإعلان عن المعتقدات، وتبليغ الرسالات، وتنمية الشعور بالمسؤوليات في أحلك الظروف وأحرجها، وبثّ روح النضال والمقاومة، وتوثيق الرابطة الفكرية، وتأكيد التعهّدات الاجتماعية، وتثبيت العواطف الصالحة، حبّاً بالتولي والإعلان عنه، وبغضاً بالتبري وإبدائه، وتعميق الوعي العقائدي بين الأمّة، وتهيئة الأجواء روحياً وفكرياً وجسميّاً للجهاد والقتال العسكري. والدعاء في مدرسة الإمام زين العابدين في الوقت الذي يعدّ كنزاً لأعمق التوجهات، وأحرّ الأشواق، وأرفع الطلبات منهاج يتعلّم فيه المؤمن تخطيطاً متكاملاً للوجود والتفكير والعمل، على منهج الإمامة وبقيادة حكيمة تستلهم التعاليم من مصادر الوحي.

وهذا ما يجعلنا ندرك وقوف الإمام زين العابدين (عليه السلام) للدعاء لأهل الثغور بغض النظر عن الدولة القائمة على الظلم، فهو ينظر إلى ثغور المسلمين التي يشكّل حفظها حفظاً للمسلمين وحماية لأنفسهم وأعراضهم وأموالهم، التي يعتقد الإمام(عليه السلام) أنّها تدخل ضمن واجبات الإمامة؛ ومسؤوليات الإمام(عليه السلام). والإمام (عليه السلام) وإن كان معارضاً للنظام الأموي، ويجدّ في فضحه وتزييف عمله والكشف عن سوء إدارته، ويحكم على القائمين به بالخروج عن الحق والعدل، لكنه يدعو بصوت تخنقه العَبْرة لأهل الثغور الإسلامية، وباللهجة القوية القاطعة لكلّ عذر. وبالنبرة الحادة ذاتها التي يدعو بها لزوال حكم الظالمين، يدعو لاستتباب الأمن والعدل والصلاح على أرض الإسلام.
 
دعاء أهل الثغور والتكامل مع خط الجهاد والشهادة
يفتتح (عليه السلام) هذا الدعاء، بالدعاء لتحصين ثغور المسلمين، بقوله: (اللهمّ صلّ على محمّد وآله، وحصّن ثغور المسلمين بعزّتك، وأيّد حماتها بقوّتك، وأسبغ عطاياهم من جِدَتك). ثم يدعُ الله أن يمنحهم القوة بزيادة العدد والعدة، ما يؤدّي إلى نصرهم، بقوله (عليه السلام): (اللهمّ صلّ على محمّد وآله، وكثّر عدّتهم، واشحذ أسلحتهم، واحرس حوزتهم،... و اعضدهم بالنصر، وأعنهم بالصبر ).

لينتقل بعد ذلك إلى الدعاء لهم بالمعرفة والبصيرة كأهم عنصرين يحتاجهما المجاهدون، فيقول: (اللهمّ صلّ على محمّد وآله، وعرّفهم ما يجهلون، وعلّمهم ما لا يعلمون، وبصّرهم ما لا يبصرون).

ثم إنّ ترك التعلّق بالدنيا وزخارفها هو الآخر ثمرة جميلة لذكر الله في الحرب، حيث يؤدّي التعلّق بها إلى ضعف المقاتلين. ولذا، يطلب الإمام السجّاد(عليه السلام) من الله في دعائه أن يُنسي حماةَ الثغورِ هذه الزينة الدنيوية، وربطها بالزينة الأخروية، فيقول: (اللهم صلّ على محمد وآله وأَنسِهم عند لقائهم العدوَّ ذكر دنياهم الخدّاعة الغرور، وامحُ عن قلوبهم خطراتِ المال الفَتُون، واجعلِ الجنَّةَ نُصبَ أعينِهِم ولوِّحْ منها لأبصارهمْ ما أعدَدتَ فيها من مساكنِ الخُلدِ ومنازلِ الكرامةِ والحورِ الحسانِ والأنهارِ المطّردةِ بأنواعِ الأشربةِ والأشجارِ المتدلّيةِ بصفوفِ الثّمرِ، حتى لا يَهُمَّ أحدٌ منهم بالإدبارِ ولا يُحدِّثَ نفسَهُ عن قِرْنِهِ بفرار)[2]. ونجد الإمام السجّاد (عليه السلام) يطلب في دعائه الوحدة للمجاهدين من الله، حيث يقول: (...وألّف جمعهم ودبِّر أمرهم)[3].

ثم ينتقل وبعبارات جامعة إلى الدعاء على عدوّهم، لتتحقّق الغاية من الجهاد بإضعاف العدو وتحقيق النصر عليه. فيقول(عليه السلام): (اللهمّ افلل بذلك عدوّهم، واقلم عنهم أظفارهم، وفرّق بينهم وبين أسلحتهم، واخلع وثائق أفئدتهم، وباعد بينهم وبين أزودتهم، وحيّرهم في سبلهم، وضلّلهم عن وجههم، واقطع عنهم المدد، وانقص منهم العدد، واملأ أفئدتهم الرعب...)، ثم الدعاء بأن يشغل المشركين بعضهم ببعض، بقوله(عليه السلام): اللهمّ أشغل المشركين بالمشركين عن تناول أطراف المسلمين. ..)

لينتقل بعد ذلك إلى تحفيز كل أفراد المجتمع على مساعدة المجاهدين وتقديم العون لهم، كون عدم قدرة الجميع على الحضور في الثغور لا يعفيهم من واجباتهم في الدعم والعون والنصرة من بعيد، بالمال والعتاد ومختلف أنواع المساعدة، حتى الدعاء. فقال (عليه السلام): (اللّهمّ وأيّما مسلم خَلَفَ غازياً، أو مرابطاً، في داره، أو تعهّد خالفيه في غيبته، أو أعانه بطائفة من ماله أو أمدّه بعتاد، أو شحذه على جهاد، أو أتبعه في وجهه دعوةً، أو رعى له من ورائه حرمةً، فأجْرِ له مثل أجره، وزناً بوزن، ومثلاً بمثل، وعوّضه من فعله عوضاً حاضراً يتعجّل به نفع ما قدّم، وسرور ما أتى به...) [4].
 
الهدف الحقيقي لحركة الإمام (عليه السلام):
يتّضح من منهج الإمام السجاد أنّه استطاع تحقيق الأهداف التالية:

1 ـ إشعار الناس والمجتمع أن العمل السياسي ليس هو وحده الكفيل بتشكيل النخبة المغيّرة القادرة على قيادة المشروع الإسلامي المغيّب من قبل السلطات الظالمة، وخاصة في زمن ارتجاج المقاييس واهتزاز الثوابت لدى القاعدة الجماهيرية الشعبية التي يعوّل عليها تنفيذ عملية التغيير المطلوبة هذه...

 2 ـ ترسيخ أو بناء مفهوم جديد للعلاقة مع الله تعالى عبر الدعاء والمناجاة، وإملاء الفراغ الروحي في المجتمع الناشئ عن حالات الإحباط وخيبة الأمل التي خلّفتها سياسة دموية عابثة تلفّعت بشعارات الإسلام.

3 ـ تذكير الناس بالله تعالى واليوم الآخر، وإيجاد بدائل لسعادة روحية غيّبها الصراع المادي والسياسي للسلطة الحاكمة، وخلق أجواء حميمة لعلاقات صادقة وصفاء روحي قائم على الحبّ في الله والبغض في الله... فنجده يجسّد ذلك الشعور في دعائه لجيرانه ومواليه، وإخوانه العارفين.

4 ـ تسفيه أحلام الحكام الأمويين والتنديد بتكالبهم وتسابقهم على ملذّات الدنيا، عبر إشعارهم بأن السعادة والكرامة لا يتأتّيان دائماً عبر المال والجاه والسلطة، وإنّما عبر الزهد والسموّ والترفّع على الدنيا وحطامها، بل إنّ السعادة الروحية أركز وأمتن، وأجلّ في نفوس أهلها من السعادة المادية المعروفة.
 
تكامل دور الإمام السجّاد(عليه السلام) مع دور الإمام الحسين(عليه السلام)

عندما ننظر إلى البعد الروحي عند الإمام الحسين(عليه السلام) نجد بأنّ صفة الإباء من أروع الصفات الروحية التي تجسّدت بأروع صورها وأجلى معانيها في كربلاء، وصفة الإباء لها عدة مظاهر في شخصية الحسين:

المظهر الأول: العزة: التي عبر عنها الإمام الحسين(عليه السلام) بقوله: ”ألا وإن الدعيّ ابن الدعيّ قد ركز بين اثنتين: بين السلّة والذلّة، وهيهات منا الذلّة“ والعزة التي نشدها عند الإمام الحسين هي عزة روحية طبعاً، فربما يفتقد أهل البيت العزة المادية الإمام زين العابدين اقتيد إلى الشام وهذه ليست عزة مادية جسديه ولكنها ليست ذلة روحية، ربما يفتقد المعصوم العزة المادية لكنه دائماً يتحلّى بالعزة الروحية، فالمطلوب لدى أهل البيت العزة الروحية وليست العزة المادية.

المظهر الثاني: لصفة الإباء عند الإمام الحسين(عليه السلام): قوة الإرادة: كانت إرادة الإمام الحسين(عليه السلام) إرادة حديدية، إرادة صلبة، صمود لا يتراجع، صمود لا يهتز، وقد عبر عن صلابة الإرادة عندما قال: «والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر إقرار العبيد»، هُدد في المدينة ولم يستجيب لتهديد، قال: «مثلي لا يبايع مثله» ضُيق عليه في مكة، قال: «إنّي ماض إلى ما أمرت به»، حوصر في كربلاء قال: «لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر أقرار العبيد».

المظهر الثالث من مظاهر صفة الإباء: الاعتزاز بالشهادة والافتخار بالموت: وهل رأيت شخصاً يفتخر بالموت؟! «إني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما» الإمام الحسين(عليه السلام) يفخر بالموت وهذا ما تجسّد في حركة الإمام زين العابدين ومواجهته للظلم والظالمين.


1- معاني الأخبار، الصدوق: 24.
2- الصحيفة السجادية، دعاء أهل الثغور.
3- الصحيفة السجادية، دعاء أهل الثغور.
4- الصحيفة السجادية، الدعاء السابع والعشرون

06-11-2015 | 14-38 د | 2413 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net