الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات
إفحص قلبك
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

مقدمة:

إن تعلقاتنا القلبية بالدنيا ومتعها واستغراقنا فيها أحد أهم أسباب خمود الذائقة المعنوية والروحية، التي مجال عملها في العبادات والمعارف الدينية، ذلك أن للإنسان قلب واحد، إذا جعل الإنسان وجهته إلى اللذائذ المادية والتفت إليها واعتادها يصير دائم الطلب للمزيد منها وهذا ما يصرفه عن المعنويات والأبعاد الروحية، فتصاب ذائقة روحه بالجفاف أو بالعمى.

والله تحدث عن هذا القانون قائلاً:﴿مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ.1

فاذا استهلك قلبه في الدنيا ومتعها عمى عن الآخرة.

قال تعالى: ﴿وَمَن كَانَ فِي هَـذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيل.2

وحتى لا نبقى في إطار التنظير نضرب مثالاً من واقع الحياة؛ فبعضنا عندما يفقد مبلغاً من المال، أو تنكسر شاشة جهاز التلفون الخاص به، أو حين ينقطع الإتصال، أو عندما يرى بعضنا خدشاً في سيارته أو غير ذلك فإنه حينها يركبنا الهم، ولا ننام الليل من شدة التألم من ذلك... أما عندما نصاب في ديننا فنرتكب حراماً ما، أو نقصر في واجب ما، كأن نبخل عن مساعدة ذوي الحاجة ونتهرب منهم مع قدرتنا على مساعدتهم، فإنه لا يرف لنا جفن وننام ملء جفوننا كأن لم نفعل شيئاً... فهذا كاشف عن حقيقة ما في قلوبنا، بل كاشف عن مكنونها وحقيقتها، هل هي مجرد مادة عضلية عملها وشغلها ضخ الدم إلى البدن المادي فقط، أو أن فيها بعداً غيبياً يضخ الحياة إلى الروح والنفس، ويغذي وينشىء قواها الباطنية! ولذا فإن هذا النوع من القلوب الذي لا التفات له إلى الجوانب المعنوية، هو قلب ميت، وهو الموت الأعظم...
 
كيف نفحص قلوبنا؟

إذا أراد أحدنا أن يعرف هل إن شخصاً ما لا يزال حياً أم لا فإنه يتفحص قلبه هل لا زال يقوم بعمله من خلال نبضه، فيا ترى كيف نتفحص قلوبنا من جهة حياتها المعنوية؟ وبعبارة أخرى هل هناك طرق نختبر بها حياة قلوبنا معنوياً كما نختبر حياتها المادية بجس النبض؟

والجواب نعم ثمة طرق كثيرة نتفحص فيها حياة قلوبنا روحياً ومعنوياً ومن هذه الطرق:

1- العلاقة بالعبادات:
فقد قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ.3

فمعنى كون القلب حياً يعني أنه يفعل وينفعل، فالقلب الحي السليم يرغب بالعبادة، ويتشوق إليها ويغتنم أوقاتها فإن شعر إنسان ما أن في العبادة ثقلاً ما على نفسه فليعلم أن قلبه أصابه شيء ما؛ فإن نفس أنس القلب بالعبادة ورغبته بها، علامة على حياة القلب وسلامته فقد قال الإمام زين العابدين (عليه السلام) مناجياً ربه: " بِذِكْرِكَ عاشَ قَلْبِي".4

وكذلك فإن تفاعل القلب مع العبادة، مع ذكر الله تعالى من خلال الصلاة، والدعاء والمناجاة خصوصاً في حالات الخلوة معه تعالى لا سيما في جوف الليل، هذا التفاعل المبرَّز من خلال الخشوع، فالبكاء دليل على حياة القلب وسلامته؛ فمن لا يخشع في ذلك الموقف لديه مشكلة انسداد في الوسائط الموصلة بين العقل واللسان والسمع والبصر... والقلب؛ فكما تنسد وتتصلب الشرايين فتمنع أو تعيق وصول الدم إلى سائر الأعضاء فكذلك ثمة أمور تؤدي إلى ما يشبه ذلك وهي آثار الذنوب: ﴿كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ.5

فالسمع مثلا واسطة وصول المسموعات إلى آلة تدبرها وتعقلها وهو العقل، والعقل بتفكره بها يوصلها إلى القلب ليفهمها ويعيها. وقد ينسد الطريق بين السمع العقل وقد ينسد الطريق بين العقل والقلب: ﴿ وجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرً6، ولذا فالمحصلة هي: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيم7، فرين الذنوب لا يلوث فقط صفحة القلوب بل يتراكم ليسد منافذ النور والرحمة إلى داخل القلوب؛ لتصبح كالحجارة أو أشد قسوة...
 
2- العلاقة مع إمام الزمان (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف):
إن الإمام (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف)، يمثل بالنسبة إلى شيعته والمؤتمين به، والمؤمنين بولايته، القائد الذي يحمل آمال الأمة بل الإنسانية، وهو الذي يقودها في طريق تحقيق إنسانيتها وبلوغ كمالها المنشود، وهو حي ينتظر جهوزيتها ليمارس قيادتها مباشرة لا من وراء سحاب الغيبة.

هذا إضافة أنه على المستوى الشخصي وبسبب إيمانه بحياته (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف) وبكونه وكل الموالين له (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف) تحت عين رقابة صاحب العصر والزمان فحياة القلب وسلامته هنا أن ينضبط في سلوكه ويستقيم في سيره من جهة ومن جهة أخرى أن يكون دائم الذكر لإمامه (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف) بالدعاء لا سيما دعاء الندبة ودعاء العهد، والزيارة، والأهم أن يشعر بالتأثر عندما يذكر إمامه ويطرق باب سمعه ذكر الإمام المهدي (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف) ويشعر بالحرقة على غيبته، والشوق لرؤيته وهذا ما جاء كثير منه في دعاء الندبة ومن ذلك: "... هل من معين فأطيل معه العويل والبكاء هل من جزوع فأساعد جزعه إذا خلا، هل قذيت عين فساعدتها عيني على القذى...".8
 
3- التفاعل مع مصاب أبي عبد الله الحسين (عليه السلام):
إن لمصاب سيد الشهداء خصوصية ألفتت إليها الروايات الواردة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته (عليهم السلام) ومما يلفت إليها ما روى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "إن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً".9

فهذه الحرارة علامة حياة القلوب لأنها تكون في قلوب صفتها أنها قلوب مؤمنين، ولا شك أن الإيمان أبرز علامات حياة وسلامة القلوب.

فباستطاعتنا معرفة حياة قلوبنا وسلامتها من خلال تفاعل قلوبنا مع ذكر سيد الشهداء، فالذي لا يلين قلبه، ولا يرق قلبه لمصاب الحسين (عليه السلام) خصوصاً في عاشوراء ليعلم أن ثمة خللاً ما في دينه وقلبه.
 
خاتمة: لا تهمل قلبك

بعد الذي ذكرنا فإن ما يفترض أن ننتبه إليه هو أن لا نهمل قلوبنا بل علينا دائماً أن نتفقد هذه القلوب ونختبرها ونتفحص حياتها، ونسعى إلى أطباء القلوب محمد وآله صلوات الله عليهم لعلاجها.


1- سورة الأحزاب - الآية : 4.
2- سورة الإسراء - الآية : 72.
3- سورة الرعد - الآية : 28.
4- دعاء أبي حمزة الثمالي للإمام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام).
5- سورة المطففين – الآية: 14.
6- سورة الأنعام – الاية 25.
7- سورة لقمان – الآية 7.
8- دعاء الندبة.
9- مستدرك الوسائل، ج10، ص318.

23-10-2015 | 14-46 د | 1500 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net