الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1613 14 شوال 1445 هـ - الموافق 23 نيسان 2024 م

غزوةُ أُحد يومُ بلاءٍ وتمحيص

خيرُ القلوبِللحرّيّة قيودٌ من القِيَممراقباتالأيّامُ كلُّها للقدسِسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات
كربلاء والنماذج السلوكية
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

باسمه تعالى‏

 مقدمة:      
مما لا شك فيه أن حادثة عاشوراء واحدة من الحوادث التاريخية المنقطعة النظير والتي يمكن دراستها من جوانب متعددة. إن هذه الحادثة التي وقعت في زمان قصير بوجود أشخاص محدودين، وما زالت تعتبر أعظم ثورة حفرت اسمها في التاريخ البشري مما أدهش كافة المحللين.وبما لهذه الحادثة من أهمية خاصة، يجب النظر إليها من هذه الزاوية الهامة أيضاً والبحث عن فائدتها العملية للبشر. ومن هنا نبدأ الحديث حول عنوان «كربلاء والنماذج السلوكية».

يبحث الإنسان ومنذ اللحظة الأولى لولادته عن نماذج تكون قدوة له ليطابق بين ذاته وتلك النماذج. والسبب في ذلك أن البحث عن القدوة والاقتداء بها مسألة تنبع من فطرة البحث عن الكمال والجمال.فالإنسان يرغب في حياته باختيار الأفضل، والوصول إلى الكمالات، مع العلم أن المجال واسع للحديث عن النماذج الواقعية ومواصفاتها وكيف يمكن الوصول إليها. ومع ذلك فإن المسألة الهامة التي يجب ذكرها حول القدوة، هي الاتباع العملي.يقول الإمام السجاد(عليه السلام): «إن أبغض الناس إلى الله عزَّ وجلَّ من يقتدي بسنة إمام ولا يقتدي بأعماله»[1].

ويتحدث القرآن الكريم راسماً الصورة الواقعية للأشخاص أصحاب الحق وأصحاب الباطل ويبين خصائص ومعايير النماذج العينية. يتحدث القرآن الكريم حول الرسول الأكرم(ص) موضحاً أنه القدوة الحسنة للأشخاص الذين يرغبون في الله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرً[2].

طبعاً لم يحصر القرآن الكريم الأسوة الحسنة بالوجود المبارك لرسول الله(ص) الذي هو أشرف المخلوقات لامتلاكه ملكة العصمة. بل تشتمل الأشخاص غير المعصومين أيضاً بالأخص أولئك الذين تحركوا في أصعب الظروف من وادي الضلال نحو شاطى‏ء السعادة فكانوا قدورة للمؤمنين. ﴿وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ...[3].

في الجهة المقابلة هناك العديد من النماذج السلبية لأشخاص اختاروا الكفر على الرغم من وجود كافة أسباب الإيمان: ﴿ضَرَبَ اللهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئًا...[4]

* دائرة معارف القدوة الصالحة
لعل من أبرز الخصائص  التي امتازت بها عاشوراء، تقديم أعلى مراتب القدوة. وتبدو هذه الخاصية بارزة للعيان حيث احتار فيها المسلمين وغير المسلمين. يقول الزعيم الهندي المشهور المهاتماغانذي: «طالعت بدقة حياة الإمام الحسين، شهيد الإسلام العظيم، وتأملت ملياً في صفحات كربلاء وأدركت أن الهند إذا رغبت في أن تكون بلداً منتصراً، يجب عليها أن تتبع طريقة الحسين»[5].

ويقول المسيحي انطوان باران: «لو كان الحسين لنا، لرفعنا له في كل مكان من الأرض لواءً ولوضعنا له في كل قرية منبراً ولدعونا الناس إلى المسيحية باسم الحسين»[6].

ويقول الكاتب المصري عبد الرحمن الشرقاوي: «الحسين هو شهيد طريق الدين والحرية؛ ولا ينبغي أن تفتخر الشيعة باسم الحسين بل يجب أن يفتخر به كافة أحرار العالم»[7].

وعلى هذا الأساس فليس من الجزاف القول أن عاشوراء دائرة معارف اجتمعت فيه أفكار وأعمال جبهتي الحق والباطل.

* الإمام الحسين(عليه السلام) القدوة
تقودنا دراسة واقعة كربلاء إلى أن الإمام الحسين(عليه السلام) خطط وبناءً على أوضاع العالم الإسلامي وما احتوت عليه قافلته، لحركة تحمل النصر ليس في زمان ومكان خاصيين بل على امتداد التاريخ: «كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء». ويمكن    ملاحظة  هذه الحقيقة بوضوح في كلام وسلوك الإمام الحسين(عليه السلام)، لأن الإمام(عليه السلام) قد وضع الحق والباطل مقابل بعضهما في ساحة المعركة، وهذا يعني أن الإمام الحسين(عليه السلام) لم يقابل يزيد فقط في تلك الساحة. ومن هنا نراه(عليه السلام) يستعمل عبارة مثل في خطاباته. يقول الإمام(عليه السلام) مخاطباً الوليد بن عتبة: «إن مثلي لا يعطي بيعته سراً»[8]. «مثلي لا يبايع مثله»[9]. ويقول الإمام الحسين(عليه السلام) أيضاً في الإجابة على مروان بن الحكم: «إنا لله وإنا إليه راجعون وعلى الإسلام السلام إذ قد بليت الأمة براع مثل يزيد»[10].

تشير هذه العبارات إلى أن الإمام الحسين(عليه السلام) كان يخطط لتقديم نموذج واقعي وحقيقي للقدوة، وهذا يعني أن المسألة ليست مواجهة لشخص يزيد بل تقديم نموذج صالح لكل زمان ومكان.يتحدث الإمام(عليه السلام) أثناء الطريق وفي منطقة تعرف بـ«البيضة» مخاطباً أصحابه وموضحاً الأسوة الحسنة، ويقول: «فأنا الحسين بن علي بن فاطمة بنت رسول الله(ص) نفسي من أنفسكم وأهلي مع أهلكم ولكم فيَّ أسوة»[11].وبما أن النماذح والقدوة على مستوى كربلاء وعاشوراء كانوا يختلفون من حيث الجنس والعمر والفكر، ولذلك نقسم تلك النماذج إلى قسمين: الإيجابية والسلبية، وندرس في كل مجموعة خصائص بعض الرجال والنساء من أعمار متعددة لنتمكن وبسهولة من التعرف على أمثالها في حياتنا العملية.


[1] ميزان الحكمة، ج‏1، ص‏101.
[2] سورة الأحزاب، الآية: 21.
[3] سورة التحريم، الآية: 11.
[4] سورة التحريم، الآية: 10.
[5] جواد محدثي، فرهنك عاشورا، 279.
[6] المصدر نفسه، 282.
[7] المصدر نفسه، 283.
[8] موسوعة كلمات الإمام الحسين(عليه السلام)، ص‏218.
[9] المصدر نفسه، 283.
[10] المصدر نفسه، ص‏284.
[11] المصدر نفسه، ص‏361.

20-10-2015 | 09-23 د | 1667 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net