الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات

العدد 1156- 03 شوال 1436هـ - 20 حزيران 2015م
كف الأذى عن الناس

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق


الهدف:
التعرف على قيم الإسلام فيما يتعلق بكف الأذى عن الناس، ومحاذير الإيذاء وموارده.
 
المحاور:
- مقدمة
- كف الأذى وحرمة الإنسان
- ما هو الأذى وما هي موارد الإيذاء التي يجب تجنبها ؟
- ما هي الآثار المترتبة على إيقاع الأذى بالناس؟
- خاتمة
 
تصدير: قال تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا)1.
 
مقدمة:
لم يول دين اهتماماً بما يمكن أن يطلق عليه بأخلاقيات وقيم المجتمع والعلاقات الاجتماعية كما فعل الإسلام. لقد دفع الإسلام بقوة باتجاه تحصين المجتمع وتمتين العلاقات بين أفراده بشتى الوسائل والسبل المتاحة. ودعى إلى إعطاء الاولوية للوقاية الاجتماعية، على قاعدة أن الوقاية خير من العلاج. ولذلك نجد في منظومة الأخلاق والأسس الاجتماعية في الإسلام تقدماً لقيم منع وقوع الضرر واشتعال الحرائق الاجتماعية على قيم العلاج، فنرى حديثاً من قبيل: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)2  يحفظه أغلب المسلمين، ويتردد على كل لسان، وسيال عند جميع المذاهب الإسلامية على اختلاف مشاربها وأسسها الاعتقادية والفكرية.
 
كف الأذى وحرمة الإنسان:
ومن أهم مفردات قيم المجتمع والعلاقات الاجتماعية في الإسلام مسألة كف الأذى عن الناس. فالإسلام اعتنى بشدة بهذه القيمة الوقائية، واعتبرها أساساً في تحصين المجتمع والعلاقات الإجتماعية. فالأذية لها انعكاسات خطيرة لا يمكن التنبؤ بها دائماً، فأراد المولى حمايتنا منها. وحذرنا أشد التحذير لأنه محيط ومطلع على كل ما يمكن ان يترتب عنها. ويكفي لمعرفة مدى اهتمام الإسلام بذلك الاطلاع على الروايات التي وردت في حقوق الجيرة وحرمة أذية الجيران مهما اختلفت معتقداتهم وطوائفهم لندرك عظمة الإسلام الذي سن هذه الآداب والتشريعات الراقية منذ ألف وأربعماءة سنة.

ثم إن حرمة الأذية مبنية في الإسلام على أساس مهم جداً تعود إلى الذات الإنسانية. فالإنسان بوجه عام والمؤمن بوجه خاص لهما حرمة في الإسلام. وكل تحريم للأذية يعود بشكل أساسي إلى هذه الحرمة التي كرسها الإسلام لمصلحة الإنسان.

فالإسلام حرم سفك دم الإنسان كإنسان، وحرم هتك عرضه وأخذ ماله وإهانته، ودعى إلى إعطائه كل الحقوق التي يستحقها. ويكفينا قول أمير المؤمنين (ع) في وصيته لمالك الأشتر: (فإنهم صنفان إما أخ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق...) إلى أن يقول:  (فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب أن يعطيك الله من عفوه وصفحه، فإنك فوقهم، ووالي الأمر عليك فوقك ، والله فوق من ولاك)3.

أما فيما يتعلق بحرمة المؤمن، فعن أبي عبد الله عليه السلام (ع) قال: (المؤمن أعظم حرمة من الكعبة)4.

وعن رسول الله (ص) أنه نظر إلى الكعبة فقال: (مرحبا بالبيت ما أعظمك وأعظم حرمتك على الله، والله للمؤمن أعظم حرمة منك، لأن الله حرم منك واحدة ومن المؤمن ثلاثة، ماله ودمه وأن يظن به ظن السوء)5.
 
ما هو الأذى وما هي موارد الإيذاء التي يجب تجنبها:
أولاً: الأذى بمعناه اللغوي هو: (ما يكره ويغتم به)6 أو هو الضرر، كما في بعض المعاجم اللغوية الأخرى.  ونريد به هنا فيما يتعلق بالإنسان: كل فعل أو قول أو موقف بغير حق يترتب عنه جرح مشاعر الطرف الآخر المحترم بحيث يجعله يعاني من الألم النفسي.

ثانيا: من الموارد التي يترتب عنها الأذى والتي يجب تجنبها:
1- الإهانة والاستخفاف: فعن أبي عبد الله (ع) قال: قال رسول الله (ص): قال الله عز وجل: (من أهان لي ولياً فقد أرصد لمحاربتي)7.
2- الإذلال: فعن معلى بن خنيس، عن أبي عبد الله (ع) قال: سمعته يقول: قال الله عز وجل: (ليأذن بحرب مني من أذل عبدي المؤمن)8.
3- إحصاء العثرات: فعن أبي جعفر (ع) قال: (إن أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أن يواخي الرجل على الدين فيحصي عليه زلاته ليعنفه بها يوماً ما)9.
4- التعيير: فعن أبي عبد الله (ع) قال: (من عير مؤمناً بذنب لم يمت حتى يركبه)10.
5- الاغتياب: فعن رسول الله (ص) قال: (من اغتاب مؤمناً بما فيه لم يجمع الله بينهما في الجنة أبداً، ومن اغتاب مؤمناً بما ليس فيه فقد انقطعت العصمة بينهما، وكان المغتاب في النار خالداً فيها وبئس المصير)11.
6- إذاعة السر: فعن مفضل بن عمر قال: قال لي أبو عبد الله (ع): (من روى على مؤمن رواية يريد بها شينه وهدم مروته ليسقط من أعين الناس أخرجه الله من ولايته إلى ولاية الشيطان فلا يقبله الشيطان)12.
7- السباب: فعن أبي عـــبد الله (ع) قال: قال رســـول الله (ص): (سباب المؤمن كالمشرف على الهلكة)13.
8- الإخافة: فعن أبي عبد الله (ع) قال: قال رسول الله (ص): (من نظر إلى مؤمن نظرة ليخيفه بها أخافه الله عز وجل يوم لا ظل إلا ظله)14.
 9- الإتهام: فعن أبي عبد الله (ع) قال: (إذا اتّهم المؤمن أخاه انماث الإيمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء)15.

وغير ذلك، حيث إن هذه الموارد لم نذكرها على نحو الحصر.

وكل ما ذكر من موارد حرمة الإيذاء بحق المؤمنين ينسحب أيضاً على عامة الناس.. لماذا؟

لأن الإيذاء من أبرز مصاديق الظلم. والظلم حرام في الإسلام، والموالي الحقيقي لا يؤذي حتى الذر – أي النمل – التي هي صنائع الباري تعالى. قال الإمام الصادق (ع): فازوا والله الأبرار، أتدري من هم؟ هم الذين لا يؤذون الذر)16.
 
ما هي الآثار المترتبة على إيقاع الأذى بالناس:
1- العقاب الإلهي: قال الإمام الصادق (ع) : قال الله عز وجل: (ليأذن بحرب مني من آذى عبدي المؤمن)17.
2- إحباط الأعمال: يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ)18.
3- الوقوع في الظلم: فالإيذاء من أهم مصاديق الظلم. والظالم له عذاب عظيم والله له بالمرصاد، يقول تعالى: (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ)19. قال رسول الله (ص): (إن الله يمهل الظالم حتى يقول قد أهملني، ثم يأخذه أخذة رابية، إن الله حمد نفسه عند هلاك الظالمين فقال: فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين)20.
4- أذية الرسول (ص): قال رسول الله (ص): (من آذى مؤمنا فقد آذاني)21.
5- الاتصاف بالذل: قال رسول الله (ص): (أذل الناس من أهان الناس)22.
6- أكل لحم الميت: وذلك بالأذى من خلال الغيبة، يقول تعالى: (وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ)23.
7- تفشي الشحناء والبغضاء والقطيعة: فالإيذاء عادة ما يترتب عنه ردة فعل كحصول المشاحنة وتفشي القطيعة. وكلما كانت الدائرة التي تقع فيها الأذية أقرب كالأرحام مثلاً كلما كان الأثر الذي يترتب عنها أخطر، قال الإمام الصادق (ع): (وأفضل ما يوصل به الرحم كف الأذى عنها)24.
8- إضعاف روح التعاون والترابط: وهذا يعني تغلغل الوهن والضعف إلى المجتمع الذي تسود فيه قيم الإيذاء بمختلف أشكالها.
 
خاتمة:
يجب أن تشيع في المجتمع الإسلامي والإيماني قيم كف الأذى عن الناس وعن أعراضهم. فالصلاة والصوم والحج والصدقة وغير ذلك إذا كانت مقرونة بالأذى فلا قيمة لها. وللأسف كم منا يحسب نفسه في عداد العبّاد والمطيعين لله عز وجل، وهو واقعاً مبغوض من الله، وذلك بسبب إيذائه للناس بشكل أو بآخر. والأذية التي يتسبب بها قد تقع على زوجته، أو أولاده، أو خادمته، او جاره، أو أحد أرحامه، او أحد عماله.. إلخ.
ولأن الأذية يترتب عنها مفاسد عظيمة، ولكون كف الأذى من أهم الأعمال التي يمكن أن يقدمها الفرد في مجتمع من المجتمعات فقد قرن أهل البيت (ع) هذا الفعل بصلاة الليل تلك العبادة العظيمة، ضمن جدلية تحقق الشرف والعزة للإنسان الذي يكف آذاه عن الناس ويقوم الليل أيضاً، قال الإمام الصادق (ع): (شرف المؤمن صلاته بالليل، وعزه كف الأذى عن الناس)25. بل هو أفضل الشرف، قال أمير المؤمنين (ع): (أفضل الشرف كف الأذى)26
 وينبغي على كل مسلم أن يتأمل في قيم الإسلام الشامخة والراقية والتي تتمثل في التقوى بأعلى مستوياتها حيث يصل الإنسان إلى درجة لا يؤذي فيها حتى المخلوقات الصغيرة من غير الإنسان، قال أمير المؤمنين (ع): (والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت)27.


1- الأحزاب 58.
2- راجع: معاني الأخبار : 239 / 1، و كنز العمال: 738.
3- نهج البلاغة، ج 3، ص 84.
4- الخصال / 27 .
5- مشكاة الأنوار / 78 ونقل عنه في بحار الأنوار 64 / 71 ح 39.
6- مجمع البحرين، الطريحي، ج 1، ص 24
7- الوسائل ج/8 ص588.
8- الوسائل ج/8 ص591.
9- الوسائل ج/8 ص594.
10- الوسائل ج/8 ص596.
11- الوسائل ج/8 ص602.
12- الوسائل ج/8 ص608.
13- الوسائل ج/8 ص611.
14- الوسائل ج/8 ص614.
15- الوسائل ج/8 ص613.
16- البحار: 78 / 193 / 7.
17- الكافي: 2 / 350 / 1 .
18- البقرة 264.
19- غافر 52.
20- البحار: 75 / 322 / 51.
21- البحار : 67 / 72 / 40 .
22- أمالي الصدوق : 28
23- الحجرات 12.
24- الكافي: 2 / 151 / 9.
25- ميزان الحكمة، ج 2، ص 1432 – 1433.
26- ميزان الحكمة، ج 2، ص 1432.
27- نهج البلاغة، ج 2، ص 218.

24-07-2015 | 18-21 د | 2482 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net