الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مسؤولي البلاد وسفراء الدول الإسلاميّةكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في خطبتَي صلاة عيد الفطركلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء جمع من الطلّاب الجامعيّينكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في اللقاء الرمضانيّ مع مسؤولي البلادبِهذا جُمِعَ الخَيرُ

العدد 1612 07 شوال 1445 هـ - الموافق 16 نيسان 2024 م

لَا تُطَوِّلْ فِي الدُّنْيَا أَمَلَكَ

العامل الأساس للنصر مراقباتالأيّامُ كلُّها للقدسِسُلوك المؤمِن
من نحن

 
 

 

التصنيفات
صفوة المبلغين
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

                                                   بسم الله الرحمن الرحيم

إن توأمة القول مع العمل واحد من أركان التبليغ والوعظ؛ وهذا يعني أولاً أن الواعظ والمبلغ عليه أن يعمل بأقواله قبل الآخرين، وإذا لم يكن عاملاً فمن الخطأ أن يطلب ذلك من الآخرين.
ثانياً: إن أفضل أساليب التبليغ وأكثرها موفقية، هي عمل وسلوك الشخص الواعظ والمبلغ.

ثالثاً: إن المواعظ التي تستقر في القلب هي التي تخرج من القلب والتي يكون المتحدث بها مهذباً وصاحب قلب.
وللعلامة راغب الأصفهاني (صاحب كتاب الذريعة إلى مكارم الشريعة) كلام، يعتبر فيه أن على الواعظ بداية وقبل كل شي‏ء أن يجعل من نفسه محلاً للمواعظ فيوجه الوعظ إليها ثم يعمد بعد ذلك إلى وعظ الآخرين، وعلى الواعظ أن يكون بصيراً ثم يعمل على تقديم البصيرة للآخرين وعليه أن يهتدي بداية ثم يدعو الآخرين إلى الهداية ولا ينبغي أن يكون كالكتاب الذي يستفيد منه الآخرون إلا هو فلا يحصل على أي نفع أو فائدة، أو كالسكين التي تقطع كل شي‏ء إلا نفسها.

على الواعظ أن يكون كالشمس التي تعطي النور للقمر، وقبل أن تعطي النور هي منورة بحد ذاتها. وينبغي أن يكون كالنار التي ترفع درجة حرارة الحديدة وهي حارة بذاتها. وينبغي على الواعظ أن لا تخالف أعماله أقواله وأن لا تكذب حالاته لسانه.

إذا لم يتوافق فعل الواعظ وقوله فلا فائدة مرجوة منه. الواعظ بالنسبة إلى المتعظ كالطبيب بالنسبة إلى المريض. فإذا أمر الطبيب الناس بعدم تناول طعام لأنه مسموم ثم تناوله هو فإن الناس سيستهزؤون به وهكذا يكون حال الواعظ الذي لا يعمل بموعظته سيرفضه الناس 1.

الوعاظ العارفون‏:
ألف - الحاج الميرزا علي آغا الشيرازي رحمه الله
هو واحد من العلماء العاملين والوعاظ المنوري القلب. إن هذا الإنسان التقي والحسن المنطق كان يسبح في بحر نهج البلاغة فكان يرى أن هذا الكتاب الشريف ملي‏ء بالمواعظ. وكان يعتبر أن الموعظة التي تحيي القلب هي التي تخرج من نفس وفم يستحقها. لذلك كان الله تعالى يتوجه إلى الأنبياء بأن عليهم أن يعظوا أنفسهم بداية فإذا اتعظوا عندها يمكنهم وعظ الناس وهذا ما نشاهده في كلام الحق تعالى إلى عيسى عليه السلام.

كان هذا العالم الجليل يعتبر نفسه محتاجاً إلى الموعظة. وحيث إن كلام هذا العارف العابد يحظى بالحالات المعنوية، فكان يضفي على المخاطبين شيئاً من حرارة الإيمان والتقوى ويلقي في قلوبهم نوعاً من النور، فالكلام الذي يخرج من القلب لا بد أن يستقر في القلب2.

ويتحدث الأستاذ الشهيد مطهري حول هذا العالم الجليل ويقول:"... إن مواعظه وحكمه تخرج من الروح وتستقر بلا شك في القلب. كلما كان يأتي قم كان يلح عليه العلماء (من الطراز الأول) في طلب الموعظة فكان منبره مكاناً للحال وليس للقال"3.

يقول الأستاذ فولادكر: عندما يجلس الميرزا علي آغا على كرسي الوعظ، عندها يشاهد الإنسان أقواله في سيماه... أذكر جيداً أنه عندما كان يبدأ الكلام كان يظهر مقداراً كبيراً من الخشوع والخضوع مقابل كلام الله تعالى وكلام الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وكان هذا الأمر يترك آثاراً عجيبة على المخاطبين 4.

وقيل أن خطاباته كانت تتمركز حول محورين:
الأول حول إمامة الأئمة الاثني عشر والثاني حول نهج البلاغة. كان يتلو عبارات الإمام علي وباقي الأئمة عليهم السلام بقلب خاشع وأعين دامعة. كان كلامه ينزل على قلب المستمعين وكان يمتلك قدرة عالية على توضيح أحداث كربلاء، كان يرتجف عندما يتلو المقتل بحيث لا يمكن لأي شخص إلا وأن يقع تحت تأثير موعظته حتى وإن كان من مرتكبي الذنوب والأخطاء 5.

يقول الأستاذ حيدر علي برومند: في يوم من الأيام شاركت في مجلس في أصفهان حيث اجتمع بعض الأشخاص الذين كانوا يدّعون العرفان والطريقة الصوفية. تحدثوا حول المعارف الإلهية ولكن كلامهم لم يترك أي أثر في وجودي حتى أن أحدهم كان يتلفظ بالعبارات بشكل خاطى‏ء من الناحية اللغوية. تركت هذا المجلس وتوجهت نحو مدرسة "صدر"، هناك مجلس عزاء، ثم جاء الميرزا علي آغا الشيرازي رحمه الله واعتلى المنبر. بدأ موعظته فتبدل حالنا نحن الجالسون بحيث إن هذه الحال لم تحصل لي من قبل. ومع أن هذه الحادثة قد مضى عليها أكثر من ستين عاماً إلا أن جاذبيتها لم تغب عن ذهني، لا بل ما زلت أعيش تحت تأثيرها 6.

ب - آية الله الملا علي المعصومي الهمداني رحمه الله
قيل حوله:كان في الموعظة شبيهاً بالمرحوم الشيخ جعفر الشوشتري من حيث امتلاكه خطاباً وكلاماً مليئاً بالحكمة والموعظة فكان يلقي بتأثيره على جميع الحاضرين.

كان يجلس ليالي الجمعة في محراب مسجده يفسر آيات القرآن الكريم وكان يفسر ويوضح عبارات نهج البلاغة في شهر رمضان. وعندما كان يتلو خطبة همام كانت تأخذه حال عجيبة فتراه يبكي وهو على المنبر وكانت الكلمات تخرج من أعماق قلبه وهكذا كان التأثير يطال الحاضرين في المسجد 7.

ج - العلامة السيد علي القاضي التبريزي رحمه الله
يقول أحد علماء النجف الكبار حول خطابات هذا العارف الكبير: تمكنت في أحد الأيام من حضور مجلسه الخاص، عندما خرجت وضعت العباءة على رأسي ووجهي حيث لم أكن أتمالك نفسي من البكاء، فكنت أبكي بشكل غير إرادي. شعرت بحالة من الانقطاع المؤقت تنتابني فكنت لا أطيق البقاء في الدنيا لا بل سلبت مني قدرة الحياة مع الناس..."8.

د - الشهيد آية الله دستغيب رحمه الله:
قيل حول جلسات الوعظ والخطابة التي كان يتحدث فيها آية الله الشهيد دستغيب: "... كان الجميع يتبدلون عند سماع كلماته حتى أن البعض كان يبدأ بالبكاء منذ بداية الموعظة، هناك الكثير من الشبان الذين أصبحوا متدينين ومتهجدين ومهتدين بعد سماع كلماته، وهنا الكثير من الشبان الذين تابوا بعد فترة من الضياع.

كان بيانه ساحراً لذلك كان يحدث انقلاباً، لا بل يجب القول إن ما يحدثه كان بسبب الروح الصافية التي كان يتلو بها والتي تظهر في مطويات عباراته
".

وقيل أيضاً حول هذا العارف العظيم: "... كان نفَسه المبارك يلقي نوعاً من الحال على الأفراد بحيث كان البعض يقع تحت تأثيره فيتأثر وينقلب حاله.. كان الشهيد دستغيب مثال الإخلاص والتقوى والفضيلة ومظهر الزهد والعبادة.. في الواقع كان صاحب استعاذة حقيقية.. وقد حارب الشيطان من خلال الرياضات الطويلة والشرعية فانتصر عليه. من هنا كانت عباراته تدخل القلب لأنها كانت تخرج من قلب صافٍ لا كدورة فيه.. وبهذا الأسلوب كان يعلم الآخرين طريق تهذيب النفس وتحصيل الأخلاق الفاضلة"9.

هـ - الحاج الشيخ عباس الطهراني رحمه الله:
قيل حول الشيخ عباس الطهراني: إن تألمه وحزنه على مصائب أهل البيت عليه السلام كانت من الأمور البارزة والواضحة عنده والتي كانت تحمل العبرة للآخرين. وكانت مجالسه لا تخلو من تلك الحالات المعنوية الكبيرة.

يقول آية الله خسروشاهي حوله: أقيم مجلس دعاء الندبة في منزل أحد الأصدقاء وكنت أتردد إلى ذاك المجلس وكان عددنا قليل جداً، كان الشيخ عباس يقرأ الدعاء ويبكي. وكانت مواعظه مؤثرة إلى حدود بعيدة لا بل يجب القول إن تلك المجالس هي التي دفعتنا لطلب العلم في الحوزة 10.

رحيم كاركر


1-الذريعة إلى مكارم الشريعة، ص‏138 - 140.
2- الناصح الصالح (حياة الميرزا علي آغا الشيرازي)، غلام رضا كلى زواره، ص‏181 و182، انتشارات حضور 1378هـ.ش‏
3-جولة في نهج البلاغة، المقدمة.
4-الناصح الصالح، ص‏188.
5-المصدر نفسه، ص 188 - 189.
6-طبيب الجسم والروح، ص‏75.
7- حياة الآخوند معصومي الهمداني، محمد قنبري، قم، ص‏79، انتشارات نهاوندي.
8- قدوة العارفين (السيد علي القاضي)، ص‏168.
9-ذكرى الشهيد آية الله دستغيب، ص‏13 - 15.
10-عارفان سالكان، ص‏78.

17-10-2012 | 05-53 د | 1935 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net