المحاضرة الثانية: من وظائف المؤمنين في غيبة الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف

الهدف:
الإطلالة على أهمّ الوظائف الملقاة على الشيعة في غيبة الإمام المهديّ عجّل الله تعالى فرجه الشريف, وكيفيّة الارتباط به من خلال ما ورد عنهم عليهم السلام من الأخبار والروايات.

تصدير الموضوع:

عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال: "من عرف هذا الأمر ثمّ مات قبل أن يقوم القائم، كان له مثل أجر من قتل معه"1.


175


المقدّمة:
إنّ العلاقة بالإمام الحجّة عجل الله تعالى فرجه الشريف, هي امتداد عقائديّ للعلاقة بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم, والابتعاد عنها يؤدّي بصاحبها إلى الانحراف والهلاك, والميتة الجاهليّة التي ورد التحذير منها في الروايات عن النبيّ وآله عليهم السلام . ومن هنا كان لا بدّ من المحافظة على هذه العلاقة من خلال القنوات العديدة التي ورد التأكيد عليها في الروايات الشريفة, والتي نوردها ضمن المحاور الآتية:

محاور الموضوع
1- انتظار الفرج وتوقّعه:

عن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال: حدّثني أبي عن جدّي، عن آبائه عليهم السلام : "أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قال:... وانتظروا الفرج ولا تيأسوا من روح الله، فإنّ أحبّ الأعمال إلى الله عزَّ وجلّ انتظار الفرج ما دام عليه العبد المؤمن..."2.

وعن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أفضل العبادة انتظار الفرج"3.
عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام : جعلت فداك متى الفرج؟ فقال: "يا أبا بصير, وأنت ممّن يريد الدنيا؟ من عرف


176


هذا الأمر فقد فرّج عنه لانتظاره"4.

عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "أقرب ما يكون العباد من الله جلّ ذكره أرضى ما يكون عنهم إذا افتقدوا حجّة الله جلَّ وعزَّ ولم يظهر لهم ولم يعلموا مكانه وهم في ذلك يعلمون أنّه لم تبطل حجّة الله جلَّ ذكره ولا ميثاقه، فعندها فتوقّعوا الفرج صباحاً ومساء، فإنّ أشدّ ما يكون غضب الله على أعدائه إذا افتقدوا حجّته ولم يظهر لهم، وقد علم أنّ أولياءه لا يرتابون ولو علم أنّهم يرتابون ما غيّب حجّته عنهم طرفة عين، ولا يكون ذلك إلّا على رأس شرار الناس"5.

2- الدعاء في غيبته:

في التوقيع الصادر عن صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف : "وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج، فإنّ ذلك فرجكم"6.
وورد عن الأئمّة عليهم السلام أنّه: "كرّر في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان هذا الدعاء ساجداً وقائماً وقاعداً وعلى كلّ حال، وفي الشهر كلّه، وكيف أمكنك، ومتى حضرك من دهرك, تقول بعد تمجيد الله تعالى والصلاة على النبيّ عليه وآله السلام : "اللهمّ كن لوليّك فلان بن فلان (أي الحجّة بن الحسن عجل الله تعالى فرجه الشريف)


177


في هذه الساعة وفي كلّ ساعة وليّاً وحافظاً وقائداً وناصراً ودليلاً وعيناً حتّى تسكنه أرضك طوعاً وتمكّنه (تمتعه)7 فيها طويلاً"8.

عن زرارة أنّه قال: سمعت أبا عبد الله يقول: "إنّ للغلام غيبة قبل أن يقوم"، قال: قلت: ولم؟ قال: "يخاف" - وأومأ بيده إلى بطنه- ثمّ قال: "يا زرارة, وهو المنتظر, وهو الذي يشكّ في ولادته, منهم من يقول: مات أبوه بلا خلف، ومنهم من يقول: حمل, ومنهم من يقول: إنّه ولد قبل موت أبيه بسنتين, وهو المنتظر غير أنّ الله عزَّ وجلّ يحبّ أن يمتحن الشيعة، فعند ذلك يرتاب المبطلون يا زرارة". (قال: قلت: جعلت فداك إن أدركت ذلك الزمان أيّ شيء أعمل؟ قال: "يا زرارة) إذا أدركت هذا الزمان فادع بهذا الدعاء: اللهمّ عرّفني نفسك فإنّك إن لم تعرّفني نفسك لم أعرف نبيّك، اللهمّ عرّفني رسولك فإنّك إن لم تعرّفني رسولك لم أعرف حجّتك، اللهمّ عرّفني حجّتك فإنّك إن لم تعرّفني حجّتك ضللت عن ديني.."9.

عن عبد الله بن سنان قال: قال أبو عبد الله عليه السلام : "ستصيبكم شبهة فتبقون بلا عَلَمٍ يُرى، ولا إمام هدى ولا ينجو منها إلّا من دعا بدعاء الغريق"، قلت: كيف دعاء الغريق؟ قال: "يقول: "يا


178


الله يا رحمن يا رحيم يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك", فقلت: "يا الله يا رحمن يا رحيم يا مقلّب القلوب والأبصار ثبّت قلبي على دينك", قال: "إنّ الله عزَّ وجلّ مقلّب القلوب والأبصار ولكن قل كما أقول لك: يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك"10.

3- الثبات على الدّين والولاية لمحمّد وآل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم:

عن الفضيل بن يسار قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: "من مات وليس له إمام فموته ميتة جاهليّة، ولا يعذر الناس حتّى يعرفوا إمامهم، ومن مات وهو عارف لإمامه لا يضرّه تقدّم هذا الأمر أو تأخُّره، ومن مات عارفاً لإمامه كان كمن هو مع القائم في فسطاطه"11.

عن السنديّ، عن جدّه، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام : ما تقول فيمن مات على هذا الأمر منتظراً له؟ قال: "هو بمنزلة من كان مع القائم عليه السلام في فسطاطه"، ثمّ سكت هنيئة ثمّ قال: "هو كمن كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم"12.

قال أبو عبد الله عليه السلام: "من مات منكم على أمرنا هذا، فهو بمنزلة من


179


ضرب فسطاطه إلى رواق القائم عليه السلام ، بل بمنزلة من يضرب معه بسيفه، بل بمنزلة من استشهد معه، بل بمنزلة من استشهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم"13.

عن عمرو بن ثابت، قال: قال عليّ بن الحسين سيّد العابدين عليهما السلام: "من ثبت على موالاتنا في غيبة قائمنا أعطاه الله عزَّ وجلّ أجر ألف شهيد من شهداء بدر وأحد"14.

4- الإعداد للظهور:

أ- الإعداد المعنويّ: عن أبي عبد الله عليه السلام : "..من سرّه أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر, وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر، فإن مات وقام القائم بعده كان له من الأجر مثل أجر من أدركه، فجدوا وانتظروا، هنيئاً لكم أيّتها العصابة المرحومة"15.

ب- الإعداد الماديّ والعسكريّ: عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام : "ليعدّن أحدكم لخروج القائم ولو سهماً، فإنّ الله تعالى إذا علم ذلك من نيّته رجوت لأن ينسّئ في عمره حتّى يدركه، فيكون من أعوانه وأنصاره"16.


180


5- المرجعيّة والولاية في غيبته عليه السلام:
عن إسحاق بن يعقوب، قال: سألت محمّد بن عثمان العمريّ رضي الله عنه، أن يوصل لي كتاباً قد سألت فيه عن مسائل أشكلت عليّ فوردت في التوقيع بخطّ مولانا صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف : ".. وأمّا ظهور الفرج فإنّه إلى الله تعالى ذكره وكذب الوقّاتون.., وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنّهم حجّتي عليكم وأنا حجّة الله عليهم"17.


181


هوامش

1- الغيبة للنعماني ص 460.
2- الخصال ص 610.
3- كمال الدّين وتمام النعمة ص 287.
4- أصول الكافي ج 1 ص 371.
5- أصول الكافي ج 1 ص 333.
6- كمال الدّين وتمام النعمة ص 485.
7- كذا في رواية الكافي.
8- تهذيب الأحكام ج 3 ص 102.
9- أصول الكافي ج 1 ص 337.
10- كمال الدّين وتمام النعمة ص 351.
11- المحاسن ج 1 ص 155.
12- المحاسن ج 1 ص 173.
13- المحاسن ج 1 ص 277.
14- كمال الدّين وتمام النعمة ص 323.
15- الغيبة للنعمانيّ ص 207.
16- الغيبة للنعمانيّ ص 320.
17- كمال الدّين وتمام النعمة ص 482.